كلير أتشريللي: أليز أو الحياة الحقيقية

«كلير أتشريللي» روائية فرنسية معاصرة، مولودة عام ١٩٣٤م، وهي كاتبة مناضلة صاحبة موقف ورأي لمناصرة حركات التحرر في العالم.

***

والكاتبة عانت الكثير في حياتها الخاصة، لكن من المهم الإشارة إلى أن أباها كان مناضلًا ضد الاحتلال النازي لفرنسا أثناء الحرب العالمية.

وقد نشرت كلير أتشرللي ثلاث روايات هي «أليز أو الحياة الحقيقية» عام ١٩٦٧م، و«حكاية كليمانص» عام ١٩٧٣م، ثم «شجرة مسافرة» عام ١٩٧٨م.

وروايتها الأولى التي تتحدث عنها الآن حصلت على جائزة الأدب النسائي في نفس عام صدورها. وهي أقرب إلى تجربة ذاتية مرت بها حين كانت تعمل موظفة صغيرة بإحدى شركات السيارات، وتعرَّفت على شاب جزائري من المناضلين ضد الاحتلال الفرنسي لبلاده.

هذا الشاب العربي المسلم اسمه في الرواية «أرزقي»، وهي تلتقي به في المصنع الذي تعمل فيه مع أخيها «لوسيان».

تعيش أليز، بطلة الرواية في باريس، وهي مدينة تستهلك الكثير من الجهد والنقود؛ لذا عليها أن تعمل، وفي المصنع تلتقي بشاب جزائري في الثلاثين من العمر، ومن خلال تعاطفها مع قضية بلاده وسلوكه، يرتبطان ارتباطًا عاطفيًّا قويًّا؛ لكن الزمن يتربص بهما حين تندلع ثورة العمال، ويموت الأخ لوسيان في أثناء المظاهرة.

أما الشاب المسلم «أرزقي»؛ فإن الشرطة الفرنسية تلقي القبض عليه.

تتحدث أليز عن حبيبها «أرزقي» وتقول: «كان جميلًا صلدًا، يبدو أنه لا يعرف الخجل. لكنه يبدو أقل شبابًا من الآخرين.»

لقد دعاها إلى احتساء فنجان من القهوة بمناسبة عيد ميلاده الحادي والثلاثين، ترى أنه يحمل صفات الإنسان الحنون الذي يسعى نحو الكمال؛ حيث تتعلم منه بعض الكلمات العربية، حول ماذا يعني الواجب، وماذا تعني كلمة «أحبك».

أما هو فيتعلم منها الحب والحنان، إنها تحاول من خلاله أن تُفهِم زميلاتها مشكلة الجزائر التي تود الاستقلال عن فرنسا، كي تصبح دولة لها سيادتها واستقلالها بعد مائة وثلاثين سنة من الطغيان والاحتلال.

يقول لها «أرزقي»: «الفرنسي يحب الجزائر كما يحب الإنسان الجوَاد الذي يمتطيه، النضال هو أن ينتمي المرء إلى بلد مطحون.»

ترد عليه: «لو لم أعمل إلى جانب العرب أو الزنوج، وإذا لم أدافع عنهم؛ فماذا أفعل؟»

وهي تتحدث إلى إحدى صديقاتها قائلة: «كنت مع شاب عربي يكفي إلقاء نظرة إليه كي تفهمي كل شيء.»

وفي مكان آخر من الأحداث التي تشتدُّ بقوة تصرخ في وجوه الفرنسيين قائلة: «هل تريدون أن تنتشوا بمعاناة الجزائريين، يجب أن نحدثهم عما يهمهم. لقد سقط شاب جزائري.»

لقد خسرت أليز أقرب الناس إليها عندما سقط أخوها صريعًا، ثم بعد أن مات سندها الإنساني تجد الشاب المسلم «أرزقي» الذي يؤدي صلواته، ويبدو مسالمًا، لكنه لا يمكن أن يقف سلبيًّا إزاء الاحتلال الفرنسي لوطنه.

وفي النهاية فإن أليز تعود إلى مدينتها الصغيرة في الجنوب تنتظر أن يعود إليها حبيبها بعد خروجه من حيث قبضوا عليه.

هذه الرواية تحوَّلت إلى فيلم إنتاج مشترك بين الجزائر وفرنسا عام ١٩٧٢م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤