طَلَعْتَ فأَبْصَارُ الرَّعِيَّةِ خُشَّعُ

Wave Image
طَــلَــعْــتَ فأَبْــصَــارُ الــرَّعِـيَّـةِ خُـشَّـعُ
وَأَشْـرَقْـتَ مِـثْـلَ النَّجْمِ فِي الْأُفْقِ يَلْمَعُ
وَأَقْـبَـلْـتَ تَـبْـنِي الْمَجْدَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ
فَـلَـمْ يَـخْـلُ مِـنْ آثَـارِ مَـجْـدِكَ مَـوْضِـعُ
خَـــوَالِـــدُ آثَـــارٍ تَـــمَــنَّــى مِــثَــالَــهَــا
عَـلَـى الـدَّهْرِ رَمْسِيسُ الْعَظِيمُ وَخَفْرَعُ
بَــنَــوْهَـا لِـمَـا بَـعْـدَ الْـحَـيَـاةِ وَأَبْـدَعُـوا
وَإِنَّــكَ تَــبْــنِــي لِــلْــحَــيَــاةِ وَتُــبْــدِعُ
مَـعَـاهِـدُ عِـلْـمٍ تَـنْـشُـرُ الـنُّـورَ وَالْـهُـدَى
وَتَـطْوِي ظَلَامَ الْجَهْلِ مِنْ حَيْثُ تَسْطَعُ
وَآثَــارُ فَــضْــلٍ فِــي الْـبِـلَادِ رَفَـعْـتَـهَـا
كَـمَـا كَـانَ «إِسْـمَـاعِـيـلُ» لِـلْـبَيْتِ يَرْفَعُ
إِذَا تُـمِّـمَـتْ مِـنْ فَـيْـضِ جَـدْوَاكَ نِـعْـمَةٌ
فَأَنْــتَ بِأُخْـرَى سَـاهِـرُ الـطَّـرْفِ مُـولَـعُ
جَــرَيْــتَ عَــلَــى آثَــارِ آبَــائِــكَ الْأُلَــى
مَــضَـوْا ثُـمَّ أَبْـقَـوْا ذِكْـرَهَـمْ يَـتَـضَـوَّعُ
هُــمُ غَــرَسُــوا دَوْحَ الْـحَـضَـارَةِ وَارِفًـا
تُــظَــلِّــلُــنَــا مِــنْــهُ غُــصُــونٌ وَأَفْــرُعُ
أَفِــي كُــلِّ يَــوْمٍ مِــنْ نَـدَاكَ صَـنِـيـعَـةٌ
تُـعِـيـدُ إِلَـى مِـصْـرَ الـشَّـبَـابَ وَتَـرْجِـعُ؟
أَفِــي كُــلِّ يَــوْمٍ لِــلْــمَــلِـيـكِ عَـزِيـمَـةٌ
تَــخِــرُّ لَــهَـا شُـمُّ الْـجِـبَـالِ وَتَـخْـشَـعُ؟
مَـلَـكْـتَ زِمَـامَ الـنِّـيـلِ يَـا شِـبْـهَ فَـيْضِهِ
فَـلَـمْ يَـبْـقَ فِـي مِـصْـرٍ بِـيُـمْـنِـكَ بَـلْـقَعُ
وَعَــلَّــمْــتَــهُ مِــنْ جُـودِ كَـفَّـيْـكَ خَـلَّـةً
فَــمَــا سَــالَ إلَّا وَهْــوَ بِـالـتِّـبْـرِ مُـتْـرَعُ
عَــلَـوْتَ مَـطَـاهُ وَهْـوَ لِـلْأَرْضِ مَـشْـرَعٌ
وَأَنْـــتَ لِآمَـــالِ الـــرَّعِـــيَّــةِ مَــشْــرَعُ
فَــسَــالَ يَــجُـرُّ الـذَّيْـلَ تِـيـهًـا بِـمَـالِـكٍ
لَــهُ الْــمَــجْــدُ تَـاجٌ بِـالْـجَـلَالِ مُـرَصَّـعُ
وَأَشْــرَقَ إِقْــلِــيـمُ الـصَّـعِـيـدِ بِـطَـلْـعَـةٍ
تَـخِـرُّ لَـهَـا الْأَعْـنَـاقُ طَـوْعًـا وَتَـخْـضَـعُ
بَـدَتْ مِـثْـلَ مِـصْـبَـاحِ الـسَّـمَاءِ تَعَاوَنَتْ
عَــلَــى تِــمِّـهِ فِـي الْأُفْـقِ عَـشْـرٌ وَأَرْبَـعُ
لَـدَى مَـوْكِـبٍ مَـا سَـارَ فِـيـهِ ابْـنُ مُـنْذِرٍ
وَلَا نَــالَــه فِــي سَــالِــفِ الــدَّهْـرِ تُـبَّـعُ
يُـــحِـــيــطُ بِــهِ نُــورُ الْإِلَــهِ وَنَــصْــرُهُ
وَتَـــحْــرُسُــهُ عَــيْــنُ الْإِلَــهِ وَتَــمْــنَــعُ
سَــمِــعْــتُ بِــه حَــتَّــى إِذَا مَـا رَأَيْـتُـهُ
«رَأَيْـتُ بِـعَـيْـنِـي فَـوْقَ مَا كُنْتُ أَسْمَعُ»
وَلِـلـشَّـعْـبِ قَـلْـبٌ حَـوْلَ رَكْـبِـكَ خَافِقٌ
وَرَأْيٌ عَـلَـى الْإِخْـلَاصِ وَالْـوُدِّ مُـجْـمِـعُ
يُـزَاحِـمُ كَـيْ يَـحْـظَـى بِـنَـظْـرَةِ عَـاجِلٍ
فَــيَــبْـهَـرُهُ مِـنْ نُـورِ شَـمْـسِـكَ مَـطْـلَـعُ
هُـتَـافٌ مِـنَ الْـحُـبِّ الـصَّـمِـيـمِ انْبِعَاثُهُ
تُـــــــرَدِّدُهُ أَصْــــــدَاؤُهُ وَتُــــــرَجِّــــــعُ
مَـلَـكْـتَـهُـمُ مُـلْـكَ الْـكَـرِيـمِ فَأَخْـلَـصُـوا
وَقُــدْتَـهُـمُ نَـحْـوَ الْـمَـعَـالِـي فَأَسْـرَعُـوا
فَـخـارًا «سُـيُـوطٌ» فِـيـكِ خَـيْـرُ مُـمَلَّكٍ
تَـــحُـــجُّ لَـــهُ آمَــالُ مِــصْــرَ وَتُــهْــرَعُ
بَـدَا مِـثْـلَ مَـا يَـبْـدُو الـرَّبِـيـعُ بَـشَـاشَـةً
وَوَافَـى كَـمَـا وَافَـى الـرَّجَـاءُ الْـمُـمَـنَّـعُ
فَــمَــاؤُكِ سَــلْــسَـالٌ، وَطَـيْـرُكِ صَـادِحٌ
وَغُــصْــنُــكِ رَيَّــانٌ، وَوَادِيــكِ مُــمْـرِعُ
«فُـؤَادُ» ابْـقَ لِـلْقُطْرِ الْخَصِيبِ تَحُوطُهُ
وَتَــدْفَــعُــهُ نَــحْــوَ الْــحَـيَـاةِ فَـيُـدْفَـعُ
وَعَـاشَ بِـكَ «الْـفَـارُوقُ» فِي ظِلِّ نِعْمَةٍ
يَــلُــمُّ شَــتَـاتَ الْـمَـكْـرُمَـاتِ وَيَـجْـمَـعُ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أُنشِدَت أمام الملك فؤاد بمدينة أسيوط ٢١ من ديسمبر سنة ١٩٣٠م، حينما زار المدينة لزيارة معاهدها العلمية.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤