إِذَا شِئْتَ أَنْ تَسْرِي بِكَافِرَةِ الصُّوَى

Wave Image
إِذَا شِـئْـتَ أَنْ تَـسْـرِي بِـكَـافِـرَةِ الـصُّوَى
يُــدَوِّي بِــقُــطْــرَيْـهَـا هَـزِيـمُ الـرَّوَاعِـدِ
وَتَــذْهَــبَ مِــحْـيَـارَ الـظَّـلَامِ تَـخَـبُّـطًـا
وَتَــعْــثُــرَ فِـي ظَـلْـمَـائِـهَـا بِـالْـجَـلَامِـدِ
وَتَــمْـشِـي فَـمَـا تَـدْرِي إِلَـى قَـعْـرِ هُـوَّةٍ
تَــرُوحُ بِــهَــا أَمْ لِــلْــمَــدَى الْـمُـتَـبَـاعِـدِ
فَــطَــالِــعْ أَرَاجِــيــفَ الْـجَـرَائِـدِ إِنَّـنِـي
أَرَى الْـوَيْـلَ كُـلَّ الْـوَيْـلِ بَـيْـنَ الْـجَـرَائِدِ
جَــرَائِــدُ فِـي دَارِ الْـخِـلَافَـةِ أَضْـرَمَـتْ
لَــهِــيــبَ خِـلَافٍ بَـيْـنَـهَـا غَـيْـرَ خَـامِـدِ
وَلَــمْ يَــكْــفِــهَــا هَـذَا الْـخِـلَافُ وَإِنَّـمَـا
أَطَــافَــتْ بِــنَــقْـصٍ لِـلْـحَـقِـيـقَـةِ زَائِـدِ
فَــمَــا بَــيْـنَ مَـكْـذُوبٍ عَـلَـيْـهِ وَكَـاذِبٍ
وَمَــا بَـيْـنَ مَـجْـحُـودٍ عَـلَـيْـهِ وَجَـاحِـدِ
تَـرَى فِـي فَـرُوقَ الْـيَـوْمَ قُـرَّاءَ صُـحْفِهَا
فَــرِيــقَــيْــنِ مِـنْ ذِي حُـجَّـةٍ وَمُـعَـانِـدِ
جِــدَالٌ عَــلَــى مَـرِّ الْـجَـدِيـدَيْـنِ دَائِـمٌ
بِــتَــفْــنِــيــدِ رَأْيٍ أَوْ بِــتَـزْيِـيـفِ نَـاقِـدِ
فَـــذَائِـــدُ سَـــهْـــمٍ عَـــنْ رَمِــيٍّ يَــرُدُّهُ
وَآخَـــرُ رَامٍ سَـــهْـــمَـــهُ نَـــحْـــوَ ذَائِــدِ
وَهَـــذَا إِلَـــى هَــذِي وَذَاكَ لِــغَــيْــرِهَــا
مِـنَ الـصُّـحْـفِ يَـدْعُـو آتِـيًـا بِـالـشَّوَاهِدِ
وَمَـــا هِــيَ إِلَّا ضَــجَّــةٌ كُــلُّ صَــائِــتٍ
بِــهَــا مَــدَّ لِــلــدُّنْــيَــا حِــبَــالَـةَ صَـائِـدِ
أَضَـاعُـوا عَـلَـيْـنَـا الْـحَـقَّ فِـيـهَـا تَـعَـمُّدًا
وَعُـقْـبَـى ضَـيَـاعِ الْـحَـقِّ سُـودُ الشَّدَائِدِ
وَلَــمْ أَرَ شَــيْــئًـا كَـالْـجَـرَائِـدِ عِـنْـدَهُـمْ
مَــبَــادِئُــهُ مَــنْــقُــوضَــةٌ بِـالْـمَـقَـاصِـدِ
يَـقُـولُـونَ نَـحْـنُ الْـمُـصْـلِحُونَ وَلَمْ أَجِدْ
لَـهُـمْ فِـي مَـجَـالِ الْـقَـوْلِ غَـيْرَ الْمَفَاسِدِ
وَكَـيْـفَ يَـبِـيـنُ الْـحَـقُّ مِـنْ نَـفَـثَـاتِـهِـمْ
وَكُــلٌّ لَــهُ فِــي الْــحَــقِّ نَــفْــثَـةُ مَـارِدِ
فَإِيَّــاكَ أَنْ تَــغْــتَــرَّ فِــيــهِــمْ فَـكُـلُّـهُـمْ
يَــجُــرُّ إِلَــى قُــرْصَــيْــهِ نَـارَ الْـمَـوَاقِـدِ
وَكُــنْ حَــائِـدًا عَـنْـهُـمْ جَـمِـيـعًـا فَإِنَّـمَـا
يَـضِـلُّ امْـرُؤٌ عَـنْ غَـيِّـهِـمْ غَـيْـرَ حَـائِـدِ
عَـلَـى رِسْـلِـكُـمْ يَـا قَـوْمِ كَـمْ تُـسْمِعُونَنَا
مَــقَــالَــةَ مَــحْــقُــودٍ عَــلَـيْـهِ وَحَـاقِـدِ
أَلَا فَـارْحَمُوا بِالصَّفْحِ عَنْ نَهْجِ صُحْفِكُمْ
فَــقَــدْ أَوْرَدَتْــنَــا الْــيَـوْمَ شَـرَّ الْـمَـوَارِدِ
وَمَـا الـصُّـحْـفُ إِلَّا أَنْ تَـدُورَ بِـنَـهْـجِـهَـا
مَــعَ الْــحَــقِّ أَنَّـى دَارَ بَـيْـنَ الْـمَـعَـاهِـدِ
وَأَنْ تَــنْــشُـرَ الْأَقْـوَالَ لَا عَـنْ طَـمَـاعَـةٍ
فَــتَأْتِــي بِــهَــا مَـشْـحُـونَـةً بِـالْـفَـوَائِـدِ
وَأَلَّا تُــعَــانِــي غَــيْــرَ نَــشْــرِ حَــقَـائِـقٍ
وَتَــنْــوِيــرِ أَفْــكَــارٍ وَإِنْــهَــاضِ قَــاعِـدِ
أَتَــبْـغُـونَ فِـي تَـلْـفِـيـقِـهَـا نَـفْـعَ وَاحِـدٍ
وَتُـغْـضُـونَ عَـنْ إِضْـرَارِهَـا أَلْـفَ وَاحِـدِ
أَلَا إِنَّ صُـحْـفَ الْـقَـوْمِ رَائِـدُ نُـجْـحِـهِـمْ
وَمَـا جَـازَ فِـي حُـكْـمِ الـنُّـهَى كِذْبُ رَائِدِ
لَــعَــمْــرِيَ إِنَّ الــصُّـحْـفَ مِـرْآةُ أَهْـلِـهَـا
بِــهَــا تَــتَــجَـلَّـى رُوحُـهُـمْ لِـلْـمُـشَـاهِـدِ
كَــمَــا هِــيَ مِــيــزَانٌ لِــوَزْنِ رُقِــيِّــهِـمْ
وَدِيـــوَانُ أَخْـــلَاقٍ لَـــهُـــمْ وَعَـــوَائِــدُ
أَلَا تَـنْـظُـرُونَ الْـغَـرْبَ كَـيْـفَ تَـسَـابَـقَتْ
بِـهِ الـصُّـحْفُ فِي طُرْقِ الْعُلَا وَالْمَحَامِدِ
بِـهَـا يَـهْـتَـدِي الْـقُـرَّاءُ لِـلْـحَـقِّ وَاضِـحًـا
كَـمَـا يَـهْـتَـدِي الـسَّـارِي بِـضَـوْءِ الْفَرَاقِدِ
وَلَـكِـنْ أَبَـى الـشَّـرْقُ الـتَّـعِـيـسُ تَـقَـدُّمًا
مَـعَ الْـغَـرْبِ حَـتَّـى فِـي شُئُونِ الْجَرَائِدِ
فَـلَا تَـحْـمِـلُـوا حِـقْـدًا عَـلَـى مَـا أَقُـولُـهُ
فَإِنِّــي عَــلَــيْـكُـمْ خَـائِـفٌ غَـيْـرُ حَـاقِـدِ
وَمَــــا هِـــيَ إِلَّا غَـــيْـــرَةٌ وَطَـــنِـــيَّـــةٌ
فَإِنْ تَــجِــدُوا مِــنْـهَـا فَـلَـسْـتُ بِـوَاجِـدِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الطويل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤