فِي حَفْلَةِ الْمِيلَادِ النَّبَوِي

Wave Image
وَضَـحَ الْـحَـقُّ وَاسْـتَـقَـامَ الـسَّبِيلُ
بِــعَــظِــيـمٍ هُـوَ الـنَّـبِـيُّ الـرَّسُـولُ
قَـامَ يَـدْعُـو إِلَـى الْـهُـدَى بِـكِـتَـابٍ
عَــــرَبِــــيٍّ قُــــرْآنُـــهُ تَـــرْتِـــيـــلُ
طَـالِـبًـا غَـايَـةً مِـنَ الْـمَـجْدِ قُصْوَى
صَـدُّهُ عَـنْ بُـلُـوغِـهَـا مُـسْـتَـحِـيـلُ
وَوُصُـــولًا إِلَـــى مَـــقَــامٍ رَفِــيــعٍ
عَــزَّ مِــنْ قَــبْــلِـهِ إِلَـيْـهِ الْـوُصُـولُ
هِــمَّــةٌ دُونَــهَــا الْــكَــوَاكِـبُ نُـورًا
وَاعْــتِــلَاءً يَــعْــلُــو بِــهِ وَيَـطُـولُ
•••
جَــرَّدَ الــلـهُ مِـنْـهُ لِـلْـحَـقِّ سَـيْـفًـا
كُــلُّ ضِــدَّيْــنِ وَحْــدَهُ وَالْــفُـلُـولُ
فِــيـهِ عَـزْمٌ لِـلْـمُـهْـلِـكَـاتِ قَـحُـومٌ
وَاصْــطِــبَــارٌ لِـلـنَّـائِـبَـاتِ حَـمُـولُ
وَدَهَــاءٌ لَــوْ مَـاكَـرَتْـهُ دَوَاهِـي الـدَّ
هْــرِ طُــرًّا لَاغْــتَـالَـهَـا مِـنْـهُ غُـولُ
تَــدْلَـهِـمُّ الْـخُـطُـوبُ وَالـرَّأْيُ مِـنْـهُ
فِـــي دُجَـــاهَـــا كَأَنَّــهُ قِــنْــدِيــلُ
كُــلُّ أَوْصَــافِــهِ الْــجَــلِـيـلَـةِ بِـدْعٌ
فَــهْــوَ مِــنْ عَــبْــقَـرِيَّـةٍ مَـجْـبُـولُ
•••
أَطْـلَـقَ الـنَّـاسَ مِـنْ تَـقَـالِـيـدِ جَهْلٍ
كُــلُّ فَــرْدٍ مِــنْــهُــمْ بِـهَـا مَـغْـلُـولُ
وَشَــفَــاهُــمْ بِــهَـدْيِـهِ مِـنْ ضَـلَالٍ
كُــلُّ فَــرْدٍ مِــنْــهُــمْ بِــهِ مَـعْـلُـولُ
أَنْــهَــضَ الْـقَـوْمَ لِـلْـعَـلَاءِ وَكَـانَـتْ
فِـي دُنَـى الْـقَـوْمِ رَقْـدَةٌ وَخُـمُـولُ
فَـاسْـتَـقَالَتْ بِهِ عَلَى الدَّهْرِ يَقْضِي
هِـــمَـــمٌ يَـــعْـــرُبِـــيَّــةٌ وَعُــقُــولُ
تِـلْـكَ فِـي الـدِّيـنِ نَـهْضَةٌ هِيَ لِلْعَقْـ
ـلِ انْــتِــبَــاهٌ وَلِــلْــهُــدَى تَأْثِــيــلُ
نَــهْــضَــةٌ عَــالَـمِـيَّـةٌ فِـي وَغَـاهَـا
مِــنْ أَمَــامِ الْــبَــعِــيـرِ فَـرَّ الْـفِـيـلُ
هُــنَّ كَـالْـبَـرْقِ سُـرْعَـةً وَالْـتِـمَـاعًـا
كُــلُّ أُفْــقٍ بِــفَــضْـلِـهَـا مَـشْـمُـولُ
خَـضَـعَـتْ فَـارِسٌ لَـهَـا عَـنْ صَـغَارٍ
وَتَـدَاعَـى إِيـوَانُـهَـا الْـمُـسْـتَـطِـيـلُ
وَإِلَـى الْـيَـوْمِ قَـامَ فِـي الْـهِنْدِ مِنْهَا
أَثَـــرٌ مِـــثْــلُ طَــوْدِهَــا لَا يَــزُولُ
يَـعْـرِفُ الـنِّـيـلُ فَـضْـلَـهَـا وَعُـلَاهَـا
مِــنْ قَـدِيـمٍ وَيَـشْـهَـدُ الـدَّرْدَنِـيـلُ
وَبِـهَـا الْأَرْضُ وَالـسَّـمَـوَاتُ تَـرْضَى
وَتُـــقِـــرُّ الـــتَّــوْرَاةُ وَالْإِنْــجِــيــلُ
•••
غَـيْـرَ أَنَّـا عَـنْ نَـهْـجِـهَا الْيَوْمَ حِدْنَا
وَاسْــتَـحَـلْـنَـا وَكُـلُّ حَـالٍ تَـحُـولُ
حَـيْـثُ عُـدْنَـا وَفِي النُّهُوضِ قُعُودٌ
وَرَجَــعْـنَـا وَفِـي الـصُّـعُـودِ نُـزُولُ
وَاخْـتَلَفْنَا فِي الدِّينِ حَتَّى افْتَرَقْنَا
فِــرَقًــا لَا يُــسِــيـغُـهَـا الْـمَـعْـقُـولُ
وَالْـتَـزَمْـنَـا الْـفُـرُوعَ مِـنْهُ فَضَاعَتْ
بِــالْـتِـزَامِ الْـفُـرُوعِ مِـنْـهُ الْأُصُـولُ
كُــلُّ حِــزْبٍ بِــمَــا لَــدَيْــهِ فَـخُـورٌ
وَلِــمَــنْ هُــمْ مُــخَـالِـفُـوهُ خَـذُولُ
بِــدَعٌ فِــي حَــيَــاتِــنَــا مُـنْـكَـرَاتٌ
غَــضَــبُ الـلـهِ فَـوْقَـهَـا مَـسْـدُولُ
•••
حَــالَـةٌ سَـاءَتِ الـرَّسُـولَ وَسَـاءَتْ
كُـــلَّ آيٍ بِـــهَــا أَتَــانَــا الــرَّسُــولُ
لَــوْ رَآنَــا وَالــشَّــرُّ فِــيــنَـا كَـثِـيـرٌ
مُـسْـتَـفِـيـضٌ وَالْـخَـيْـرُ نَـزْرٌ قَـلِيلُ
وَثُــغُــورُ الــضَّــلَالِ مُـبْـتَـسِـمَـاتٌ
وَوُجُـوهُ الْـهُـدَى عَـلَـيْـهَـا مُـحُـولُ
وَالـدَّعَـاوَى فِـي الْـحَـقِّ مِـنَّـا كِـبَارٌ
طَـالَ فِـيـهَـا الـتَّـزْمِـيـرُ وَالـتَّطْبِيلُ
نَــعْــبُــدُ الــلــهَ وَالْــعِــبَـادَةُ لَـحْـنٌ
عِـنْـدَ بَـعْـضٍ وَعِـنْـدَ بَـعْـضٍ عَوِيلُ
وَنَـحُـجُّ الْـقُـبُـورَ كَـالْـبَـيْـتِ حَـجًّـا
يَـكْـثُـرُ الْـمَـسْـحُ فِـيـهِ وَالـتَّـقْـبِـيلُ
وَنَــعُــدُّ الــرُّكُــوعَ لِــلْــقَــبْــرِ حِـلًّا
وَهْـوَ فِـي الـدِّيـنِ مَـا لَـهُ تَـحْـلِـيـلُ
وَنُــزَجِّــي إِلَــى الْــقُــبُــورِ نُــذُورًا
فَــضَــحَــايَــا مَـسُـوقَـةٌ وَحُـمُـولُ
وَنَــقُــولُ الــتَّــوْحِـيـدُ قَـوْلًا وَكُـلٌّ
هُــوَ لِــلــشِّــرْكِ عَــامِــدٌ وَفَــعُـولُ
قَـالَ مُـسْـتَـنْـكِـرًا لِـمَـا نَـحْـنُ فِـيهِ:
مَــا بِــهَــذَا قَـدْ جَـاءَنِـي جِـبْـرِيـلُ
أَيْـنَ دِيـنُ الـتَّوْحِيدِ مِنْكُمْ وَأَيْنَ الْـ
أَوْبُ لِـــلــهِ وَحْــدَهُ وَالْــقُــفُــولُ؟
أَنَــا حَــرَّمْــتُ كُــلَّ مَـا كَـانَ فِـيـهِ
شَــبَــهٌ لِــلْأَصْــنَــامِ أَوْ تَــمْــثِــيـلُ
كُــلُّ مَــنْ قَــالَ مِــنْــكُــمُ إِنَّ هَـذَا
هُــوَ دِيــنُ الْإِسْـلَامِ فَـهْـوَ جَـهُـولُ
لِــمَ لَــمْ تَــحْــفَــظُـوا أُخُـوَّةَ دِيـنٍ
جَــاءَكُــمْ نَـاطِـقًـا بِـهِ الـتَّـنْـزِيـلُ؟
كَـانَ حَـبْـلُ الْإِخَـاءِ فِـيـكُـمْ وَثِـيقًا
كَـيْـفَ أَمْـسَـى وَعَـقْـدُهُ مَـحْـلُـولُ
لَـسْـتُ مِـنْـكُـمْ بِـيَـائِسٍ بَلْ نَهُوضٌ
مِـــنْــكُــمُ بَــعْــدَ فَــتْــرَةٍ مَأْمُــولُ
فَـاجْـمَـعُوا الشَّمْلَ نَاهِضِينَ فَإِنَّ الْـ
ـكُـفْرَ فِي الدِّينِ عَجْزُكُمْ وَالْخُمُولُ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤