حَبَّذَا النَّوْمُ

Wave Image
قُـلْ لِـنَـجْـلَا نَـجْـلَا أَبِـي الـلَّمْعِ: إِنِّي
عَــاشِــقٌ نُــورَ فَــجْـرِهَـا الْـوَضَّـاحِ
هُــوَ لِــلْـعِـلْـمِ خَـيْـرُ فَـجْـرٍ تَـجَـلَّـى
مُــسْــتَــنِــيــرًا بِأَشْــهَــرِ الْأَوْضَـاحِ
وَصَـرِيـرُ الْأَقْـلَامِ فِـي الـطِّرْسِ مِنْهُ
كَــصِــيَـاحِ الـدُّيُـوكِ فِـي الْإِصْـبَـاحِ
كَـمْ تَـصَـفَّـحْـتُ فِـيـهِ مِنْ صَفَحَاتٍ
عَــطَّــرَتْــنِــي بِــنَــشْـرِهَـا الْـفَـيَّـاحِ
فَـكَأَنِّـي فِـي الـنَّفْسِ وَالطِّرْسُ مِنْهَا
نَــاظِــرٌ فِــي بَــنَــفْـسَـجٍ وَأَقَـاحِـي
ثُــمَّ إِنِّــي قَــرَأْتُ فِــيــهِ لَأَسْــمَــى
كَـــلِـــمَـــاتٍ بَــدِيــعَــةِ الْإِفْــصَــاحِ
أَيْــقَـظَـتْـنَـا بِـهَـا إِلَـى أَنَّ فِـي الـنَّـوْ
مِ ارْتِـــيَـــاحًــا لَــنَــا وَأَيَّ ارْتِــيَــاحِ
صَـدَقَـتْ فِـي الَّـذِي تَـقُولُ فَفَحْوَى
قَــوْلِـهَـا فِـي غِـنًـى عَـنِ الْإِيـضَـاحِ
•••
حَــبَّــذَا الــنَّـوْمُ فَـهْـوَ لِـلـرُّوحِ رَوْحٌ
مِـــنْ عَــنَــاءِ الْــهُــمُــومِ وَالْأَتْــرَاحِ
وَهْـــوَ تَــجْــدِيــدُ قُــوَّةٍ وَنَــشَــاطٍ
لِـــــجُـــــسُـــــومٍ رَوَازِحٍ أَطْــــلَاحِ
حَـبَّـذَا الـنَّـوْمُ تَـرْتَـقِـي الـنَّـفْسُ فِيهِ
عَــالَــمًــا فَــوْقَ عَــالَــمِ الْأَشْــبَــاحِ
«تِـلِـفُـونٌ» بِـهِ إِلَـى الْـغَـيْـبِ نُصْغِي
وَ«تِــلِــسْــكُــوبُــنَــا» إِلَــى الْأَرْوَاحِ
حَـــبَّـــذَا الـــنَّــوْمُ إِنَّــهُ شَــرَكٌ يَــمْـ
ـتَـدُّ فِـي الْـجِـسْـمِ لِاصْطِيَادِ ارْتِيَاحِ
فَـهْـوَ لِـلـنَّـفْـسِ مِـنْ مَرَاقِي الْمَعَالِي
وَهْـوَ لِـلْـجِـسْمِ مِنْ دَوَاعِي الصَّلَاحِ
حَـبَّـذَا الـنَّـوْمُ فَـهْـوَ كَـالـزَّيْـتِ لِـلرُّو
حِ بِــهِ تَــسْــتَـضِـيءُ كَـالْـمِـصْـبَـاحِ
وَهْــوَ مِـعْـرَاجُـنَـا إِلَـى أُفْـقِ غَـيْـبٍ
لَــنْ تَــنَــاهَـى أَبْـعَـادُهُ وَالـنَّـوَاحِـي
حَــبَّــذَا الــنَّـوْمُ وَاصِـلًا بَـيْـنَ حَـيٍّ
ذِي ثَــــوَاءٍ وَمَــــيِّــــتٍ ذِي بَـــرَاحِ
حَـبَّـذَا الـنَّـوْمُ جَـامِـعًـا بَـيْـنَ مَعْشُو
قٍ مُــقِــيــمٍ وَعَــاشِـقٍ ذِي انْـتِـزَاحِ
إِنَّ لِـــلـــنَّــوْمِ لَــذَّةً هِــيَ فِــي الْأَنْـ
ـفـُـسِ أَشْــهَــى مِــنْ لَـذَّةِ الْأَفْـرَاحِ
أَدْرَكَـتْـهَـا الـنُّـفُـوسُ بِالْفِعْلِ وَاسْتَغْـ
ـنَـــتْ بِإِدْرَاكِــهَــا عَــنِ الْإِيــضَــاحِ
أَيُّــهَــا الْــقَــوْمُ إنَّ لِـلـنَّـوْمِ سُـلْـطَـا
نًـــا قَـــوِيًّــا لَا يُــتَّــقَــى بِــسِــلَاحِ
نَـافِـذَ الْـحُـكْـمِ وَالْـقَـضَاءِ عَلَى الْإِنْـ
ـسَــانِ فِــي حُـزْنِـهِ وَفِـي الْأَفْـرَاحِ
وَعَـلَى الْأُسْدِ وَهْيَ فِي الْغَابِ تَدْأَى
وَعَـلَـى الـطَّـيْـرِ وَهْـيَ فِـي الْأَدْوَاحِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤