فِي الْمَدْرَسَةِ الْحَرْبِيَّةِ

Wave Image
أَيُّــهَــا الْــقَـوْمُ مَـا لَـكُـمْ فِـي جُـمُـودِ
أَوَمَــا يَــسْــتَــفِــزُّكُــمْ تَــفْــنِــيـدِي؟
كُــلَّــمَــا قَــدْ هَــزَزْتُــكُــمْ لِــنُـهُـوضٍ
عُــدْتُ مِــنْـكُـمْ بِـقَـسْـوَةِ الْـجُـلْـمُـودِ
طَـالَ عَـتْـبِـي عَـلَـى الْـحَوَادِثِ فِيكُمْ
مِــثْــلَــمَـا طَـالَ مَـطْـلُـهَـا بِـالْـوُعُـودِ
فَــمَـتَـى سَـعْـيُـكُـمْ وَمَـاذَا الـتَّـوَانِـي
وَإِلَــى كَــمْ أَحُــثُّــكُــمْ بِــالـنَّـشِـيـدِ؟
أَنَـــا غِــرِّيــدُ شَــارِدَاتِ الْــقَــوَافِــي
أَفَــلَــمْ يُــشْــجِـكُـمْ بِـهَـا تَـغْـرِيـدِي؟
كُــنْــتُ قَـبْـلًا أُثْـنِـي عَـلَـيْـكُـمْ لِأَنِّـي
أَبْـتَـغِـي الْـحَـثَّ بِـالـثَّـنَـاءِ الْـحَـمِـيـدِ
فَــاتَّــقُــوا الْـيَـوْمَ صَـوْلَـةً مِـنْ يَـرَاعٍ
وَاقِــفٍ فِــي مَــوَاقِــفِ الــتَّــنْــدِيـدِ
أَيُّـهَـا الْـقَـوْمُ نَـحْـنُ فِـي عَـصْـرِ عِـلْمٍ
جَــعَــلَ الْـحَـرْبَ فِـي طِـرَازٍ جَـدِيـدِ
جَــعَـلَ الْـحَـرْبَ تُـدْرَسُ الْـيَـوْمَ فَـنًّـا
مُــغْـنِـيًـا عَـنْ شَـجَـاعَـةِ الـصِّـنْـدِيـدِ
إِنَّ لِـلْـعِـلْـمِ فِـي حُـرُوبِ بَـنِـي الْـعَصْـ
ـرِ لَــبَأْسًــا يَــفُــوقُ بَأْسَ الْــحَــدِيـدِ
إِذْ بَــــدَا بَأْسُـــهُ الْأَشَـــدُّ فَأَنْـــسَـــى
كُــلَّ بَأْسٍ مِــنَ الْــحَــدِيــدِ شَــدِيــدِ
أَيُّـهَـا الْـقَـوْمُ فَـادْخُـلُـوا الْـمَعْهَدَ الْحَرْ
بِـيَّ طَـوْعًـا وَانْـضُـوا ثِـيَـابَ الْجُمُودِ
وَاسْــــتَــــعِـــدُّوا لِـــرَدِّ كُـــلِّ عَـــدُوٍّ
أَنْــكَــرَ الْــحَــقَّ نَــاقِــضًــا لِـلْـعُـهُـودِ
وَأَعِــزُّوا الْــمُــلْــكَ الَّــذِي نَـبْـتَـغِـيـهِ
بِــجُــنُــودٍ مَــبْـثُـوثَـةٍ فِـي الْـحُـدُودِ
قَــدْ دَعَـتْـكُـمْ أَوْطَـانُـكُـمْ فَأَجِـيـبُـوا
دَعْـــوَةَ الْآمِــرِيــنَ بِــالــتَّــجْــنِــيــدِ
نَــحْــنُ لَا نَـقْـصِـدُ الْـحُـرُوبَ وَلَـكِـنْ
نَـبْـتَـغِـي الـذَّوْدَ عَـنْ تُـرَاثِ الْـجُـدُودِ
أَرَأَيْــتُــمْ مُــلْــكًــا بِــغَــيْــرِ جُـنُـودٍ؟
إِنَّــمَــا الْــمُــلْــكُ قَــائِــمٌ بِــالْـجُـنُـودِ
فَـاجْمَعُوا الْجَيْشَ فِي الْعِرَاقِ لِيَرْعَى
مَــا بِــهِ مِــنْ طَــرِيـفِـكُـمْ وَالـتَّـلِـيـدِ
وَيَــرُدَّ الْــعَــدُوَّ عَــنْــكُــمْ وَيَـحْـمِـي
عَـيْـشَـكُـمْ مِـنْ شَـوَائِـبِ الـتَّـنْـكِـيـدِ
لَا تَــقِــرُّوا عَــلَــى الْــهَــوَانِ وَأَنْــتُـمْ
عَــرَبٌ مِــنْ بَــنِــي الْأُبَــاةِ الــصِّــيـدِ
يَـــكْـــرَهُــونَ الْــحَــيَــاةَ إِلَّا حَــيَــاةً
ذَاتَ عِـــزٍّ بِـــبَأْسِـــهِـــمْ صَـــيْــهُــودِ
أَشْـرَفُ الْـمَـوْتِ عِـنْـدَهُـمْ هُـوَ مَـوْتٌ
فِـي صُـهَـا الْـخَيْلِ تَحْتَ خَفْقِ الْبُنُودِ
وَأَعَـــزُّ الْأَعْـــمَــارِ عُــمْــرٌ قَــصِــيــرٌ
تَــحْــتَ ظِـلٍّ مِـنَ الـسُّـيُـوفِ مَـدِيـدِ
وَأَذَلُّ الْـــحَـــيَـــاةِ عِــنْــدِي حَــيَــاةٌ
قَــدْ أُهِــيــنَـتْ حُـقُـوقُـهَـا بِـجُـحُـودِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الخفيف
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

معروف الرُّصافي: أديب وشاعر وأكاديمي عراقي له إسهامات معتبَرة في حقلَي التعليم والثقافة.

وُلِدَ معروف عبد الغني محمود الجباري في مدينة بغداد العراقية عام ١٨٧٥م وتلقَّى علومه الأوَّلِيَّة في الكتاتيب كباقي أقرانه، ثم التحق ﺑ «المدرسة العسكرية الابتدائية» لفترة، ولكنه انتقل للدراسة في المدارس الدينية حيث تتلمذَ على يد مجموعة من علماءِ بغداد الكبار، وقد لقَّبَهُ أحد شيوخه بمعروف الرُّصافي بدلًا من معروف الكرخي.

بعد تخرُّجه عمِل الرُّصافي معلمًا ﺑ «مدرسة الراشدية» ثم مدرسًا للأدب العربي ﺑ «المدرسة الإعدادية» ببغداد، وقد تنقَّل بين المدارس حتى أصبح مدرِّسًا للُّغة العربية ﺑ «الكلية الشاهانية» بإسطنبول، وكان أيضًا يمارس الصحافة؛ حيث عمل محررًا بجريدة «سبيل الرشاد».

انتُخِب الرصافي عضوًا ﺑ «مجلس المبعوثان» العثماني في عام ١٩١٢م (وهو شبيه بالمجالس النيابية الآن)، وتقديرًا لجهوده الأدبية والتعليمية انتُخِب عضوًا ﺑ «مجمع اللغة العربية» بدمشق، ثم عُيِّنَ مفتشًا بمديرية المعارف العراقية.

آمَن الرُّصافي بأهمية التعليم وعمِل على نشره بين العراقيين من خلال دعواته وجهاده المستمر لبناء المزيد من المدارس، محفِّزًا الأغنياء على دعم المشاريع التعليمية وكفالة طلبة العلم، حيث رأى أن طريق التحرُّر الوطني يمر بالمدارس. والحديث عن التحرُّر الوطني يَجرُّنا بالضرورة إلى نشاط الرُّصافي السياسي ورفضه للاحتلال البريطاني واستبداد السلطة؛ فنجده قد دبَّج المقالات وألَّف القصائد الحماسية محرِّضًا الشعب على النضال السياسي، وكذلك الثورة ضد التقاليد والجمود.

ترك الرُّصافي الكثير من الأعمال الشعرية والنثرية المميزة التي عكست أسلوبَه الرصين ولغته المتينة جزْلة الألفاظ، وقد تنوعت الموضوعات التي كتب فيها ما بين السياسي والاجتماعي والأدبي والتاريخي، وكثيرًا ما أثارت كتبه ضجَّةً كبرى في الأوساط الثقافية؛ فكتابه الشهير «الشخصية المحمدية» اعتبره البعض تهجُّمًا على الدين ومقدساته.

تُوُفِّيَ الرُّصافي بعد حياة حافلة في عام ١٩٤٥م عن سبعين عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤