الفصل السادس والعشرون

ميلاد الساتياجراها

كانت الأحداث في جوهانسبرج مواتية لتجعل من ذلك التطهير للذات خطوة تمهيدية لميلاد الساتياجراها. يمكنني الآن أن أرى أن جميع الأحداث التي مرت في حياتي، والتي بلغت ذروتها باتخاذي عهد البراهماشاريا، كانت تهيئني خفية للساتياجراها. وُلد مبدأ الساتياجراها قبل أن نبتكر له اسم «ساتياجراها»، وبالطبع عند نشأة المبدأ لم أكن أنا نفسي أعرف له اسمًا، فحتى في اللغة الجوجراتية كنا نستخدم العبارة الإنجليزية passive resistance التي تعني «المقاومة السلبية» عند الحديث عن هذا المبدأ. لكن عندما وجدت في أحد اجتماعات الأوروبيين أن هذا المصطلح «المقاومة السلبية» قد فُسر بضيق أفق، وأنه يُعتبر سلاح الضعفاء، ويتصف بالكراهية، ويمكن أن يظهر أخيرًا في صورة أعمال عنف، كان عليَّ أن أعترض على جميع تلك الأقوال وأوضح الطبيعة الحقيقية للحركة الهندية. وكان من الواضح الحاجة إلى اسم جديد يصوغه الهنود أنفسهم للتعريف بنضالهم.

لم أستطع التوصل إلى اسم جديد مع محاولاتي، وهكذا عرضت جائزة اسمية في جريدة «الرأي الهندي» يحصل عليها من يقترح أفضل اسم، فصاغ ماجنلال غاندي الاسم «ساداجراها» (سات = الحقيقة، أجراها = ثبات) وفاز بالجائزة. لكنني غيرت الاسم ليكون أكثر وضوحًا إلى «ساتياجراها»، الذي أصبح منذ ذلك الحين اسمًا مميزًا للنضال في اللغة الجوجراتية.

إن تاريخ ذلك النضال يصلح لجميع الأغراض العملية، إنه تاريخ عمري المتبقي في جنوب أفريقيا، وبالأخص تجاربي مع الحقيقة بها. لقد كتبت الجزء الأكبر من ذلك التاريخ في سجن ييرافدا وانتهيت منه بعد إطلاق سراحي، وقد نشرته جريدة نافاجيفان، ثم صدر في شكل كتاب. أخذ السيد فالجي جوفيندجي ديساي يترجم ذلك الكتاب إلى اللغة الإنجليزية لجريدة «كارنت ثوت» Current Thought، لكنني الآن أتخذ التدابير اللازمة لنشر الترجمة الإنجليزية١ في شكل كتاب في أقرب وقت حتى يتمكن، من يرغب، من التعرف على أهم تجاربي في جنوب أفريقيا. أوصي من لم يطلع على كتابي عن تاريخ الساتياجراها في جنوب أفريقيا أن يقرأه بإمعان. لن أعيد ذكر ما ورد في الكتاب، لكنني سأتعرض في الفصول القليلة القادمة لبعض الأحداث الشخصية التي حدثت لي في جنوب أفريقيا ولم أذكرها في الكتاب. وعند انتهائي، سأبدأ على الفور في إعطاء القارئ فكرة عن تجاربي في الهند. لذلك على من يرغب في مراعاة الترتيب الزمني لتلك التجارب أن يضع كتابي عن تاريخ الساتياجراها في جنوب أفريقيا أمامه.

هوامش

(١) نشرتها دار نافاجيفان للنشر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤