الفصل السابع عشر

الرفقاء

كان السيِّدان براجكيشور وراجيندرا رفيقين منقطعي النظير. وقد دفعني إخلاصهما إلى عدم الإقدام على أي خطوة دون دعمهما. وكانا أتباعهما أو رفقاؤهما — شامبو وأنوجراه وداراني ورامنافمي وغيرهم من المحامين — بجانبنا دائمًا. وكان كل من فينديا وجاناكداري يأتيان لمساعدتنا من حين إلى آخر. وقد كان أولئك الرفقاء جميعًا من بيهار. وكانت مهمتهم الأساسية تدوين إفادات المزارعين.

ولم يكن أمام الأستاذ كريبالاني إلا أن يشارك معنا. ومع أنه كان ينتمي إلى السند، فإنه كان يتسم بروح البيهاريين أكثر من أبناء بيهار أنفسهم. لقد رأيت القليل فقط من الزملاء الذين استطاعوا الاندماج في الإقليم الذي يختارون الحياة فيه، وكان كريبالاني أحد أولئك الزملاء. فقد جعل من المستحيل على أي شخص أن يشعر بأنه ينتمي لإقليم آخر، وكان حارسي الرئيسي، حتى إنه جعل هدفه الرئيسي في الحياة في ذلك الوقت أن يحميني ممن يسعون لرؤيتي. كان كريبالاني يرد الناس عني تارة بخفة ظله التي لا تنضب، وباللجوء إلى التهديدات غير العنيفة تارة أخرى. وعندما يحل المغيب، كان يعود إلى مهنته كمدرس ويمتع رفقاءه بالحديث عن دراسات وتعليقات تاريخية ويبعث روح الشجاعة في أي زائر يتسم بالجبن.

سجل مولانا مظهر الحق اسمه في القائمة الدائمة للمتطوعين الذين يمكنني الاعتماد عليهم متى دعت الحاجة، وواصل زيارتنا مرة أو مرتين شهريًّا. لقد كانت العظمة والفخامة التي كان يعيش فيها حينها مختلفة كليًّا عن الحياة البسيطة التي يعيشها الآن. وقد جعلتنا الطريقة التي اندمج بها معنا نشعر بأنه واحد منا مع أن ملابسه الأنيقة كانت تعطي انطباعًا مختلفًا للغرباء.

وبعد أن أصبحت على دراية أكبر ببيهار، رأيت أنه من المستحيل القيام بعمل دائم في الإقليم دون تعليم الفلاحين، فقد كان جهل المزارعين أمرًا محزنًا. فكان المزارعون إما أن يسمحوا لأطفالهم بالتجول حول مزارع النيلة أو العمل بكد في تلك المزارع من طلوع الشمس حتى غروبها مقابل قطعتي نقود نحاسية في اليوم. كانت أجور الذكور في تلك الأيام لا تتجاوز العشرة بايس، في حين لم تتجاوز أجور الإناث ستة بايس، والأطفال ثلاثة بايس. وكان من يكسب أربع آنات في اليوم يعتبر سعيد الحظ.

قررت بعد مشورة رفقائي أن ننشئ مدرسة ابتدائية في ست قرى. وقد كان من ضمن شروطنا أن يوفر أهل القرية المسكن والمأكل للمدرسين، في حين نتكفل نحن بباقي النفقات. كان أهل القرى لا يملكون إلا المال اليسير، لكنهم استطاعوا توفير الطعام. وبالطبع، عبروا عن استعدادهم للإسهام بالحبوب وغيرها من المواد الأولية.

وكان توفير المدرسين من المشاكل العويصة التي واجهتنا، فكان من الصعب إيجاد مدرسين محليين للعمل مقابل أجر زهيد أو دون مقابل. كنت أرى أنه لا يجب أن نعهد بالأطفال إلى مدرسين متوسطي المستوى مطلقًا. وكان المستوى الأخلاقي للمدرسين أهم من مستواهم العلمي.

أصدرت مناشدة عامة لطلب مدرسين متطوعين، وقد لاقت تلك المناشدة استجابة سريعة. فأرسل السير جانجادارو ديشباندي كلًا من باباساهيب سومان وبونداليك. وحضرت السيدة أفانتيكاباي جوخلي من بومباي والسيدة أنانديباي فايشامبايان من بونا. وأرسلت إلى الجماعة لإرسال شوتالال وسوريندراناث وولدي ديفداس. وفي نفس الوقت تقريبًا، انضم إلينا ماهديف ديساي وناراهاري باريخ وزوجاتهما. واستدعيت كاستوربا للمساعدة في العمل. كان ذلك الفريق قويًّا حقًّا. كانت السيدة أفانتيكاباي والسيدة أنانديباي على مستوى كافٍ من التعليم، لكن السيدتين دورجا ديساي ومانيبين باريخ لم يكن لديهما إلا مجرد معرفة باللغة الجوجراتية. أما كاستوربا فلم تكن تعرف حتى اللغة الجوجراتية. فكيف كان لأولئك السيدات التدريس للأطفال باللغة الهندية؟

شرحت للسيدات أنه ليس عليهن تعليم الأطفال قواعد اللغة والقراءة والكتابة وعلم الحساب، بقدر تعليمهم النظافة والأخلاق الحميدة. وأوضحت لهم عدم وجود اختلاف كبير بين حروف اللغات الجوجراتية والهندية والماراثية كما كن يتوقعن، وأن تعليم الحروف الهجائية والأرقام في الفصول الابتدائية لا يمثل أي صعوبة؛ ونتيجة لذلك، كانت الفصول التي تولتها تلك السيدات من أنجح الفصول، وقد زودتهم تلك التجربة بالثقة والرغبة في العمل. كانت السيدة أفانتيكاباي مدرسة مثالية، فقد كرست نفسها وروحها للعمل، واستخدمت مواهبها الفائقة من أجله. وقد استطعنا بواسطة أولئك السيدات الوصول إلى النساء القرويات بدرجة ما.

لكنني لم أرغب في التوقف عند حد توفير التعليم الابتدائي. فقد كانت القرى غير صحية، حيث كانت الطرق مليئة بالقاذورات والآبار مُحاطة بالطين والرائحة السيئة وكانت الأفنية قذرة بدرجة لا يمكن تحملها. وكان كبار السن في حاجة ماسة إلى توعيتهم بشأن النظافة، وقد كانوا جميعًا يعانون أمراضًا جلدية شتى؛ لذا قررنا القيام بأكبر قدر ممكن من العمل الصحي والتوغل في كل جانب من جوانب حياتهم.

كنا في حاجة إلى أطباء للقيام بتلك المهمة؛ فطلبت من جمعية خدمة الهند أن يرسلوا إلينا الطبيب الراحل ديف. وكانت تربطني بالطبيب ديف صداقة حميمة، فوافق بسرور على تقديم خدماته لمدة ستة أشهر. وكان المدرسون، رجالًا ونساء، يعملون تحت إدارته.

وقد تلقوا تعليمات واضحة بألا يشغلوا بالهم بالشكاوى ضد أصحاب المزارع أو السياسة. وكل من لديه شكوى كان يحيلها لي، فلا أحد يغامر من تلقاء نفسه. والتزم الأصدقاء بتلك التعليمات بأمانة رائعة، حتى إنني لا تحضرني أي واقعة حدث فيها مخالفة تلك التعليمات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤