مقدمة

عندما كنتُ طالبة في المرحلة الثانوية، حصرتُ اختياراتي المهنية في احتمالين، وتدربتُ في مجالَيِ الموضة وعلم نفس الطفل؛ حتى أحدِّد أفضل مجال منهما يناسبني. ورغم عشقي الاستثنائي للأطفال وبراعتي في مساعدة الناس، شعرتُ بأن شغفي الحقيقي هو عالم الموضة. وتساءلتُ إن كان حصولي على درجة علمية متخصصة في هذا المجال قد يعيقني إذا ما قررتُ في مرحلة معينة من حياتي المهنية أن هذا المجال ليس مناسبًا لي. أذكر أني تحدثتُ مع جَدَّتي بشأن تلك المخاوف، فسمعتُ صوت جَدِّي من الغرفة المجاورة، الذي استمع إلى حديثنا مصادفةً، يقول لي: «ليزا، هل تحبين مجال الموضة؟» فقلت له: «أوه، أجل، أجل يا جدي، أحبه.» فقال لي: «إذن تخصصي فيه. وافعلي ما تحبينه.» وبعد حصولي على نصيحته المباشرة هذه، اقتنعتُ أكثر بأن الأزياء هي الاختيار المناسب لي، ولم أنظر إلى الوراء قط منذ ذلك الحين.

سمح لي وجود فكرة محدَّدة المعالم لديَّ عما أريد التخصص فيه خلال المرحلة الثانوية؛ بالتركيز على اختيار برنامج دراسة الأزياء المناسب. وانتهى بي الحال إلى الالتحاق بجامعة ولاية فلوريدا، وهي جامعة احتل برنامجُها الدراسي الشهيرُ للأزياء في ذلك الحين المركز الخامس على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية. واشتمل جزء من المنهج الدراسي على تدريبٍ إجباري، خضعت له في السنة النهائية لي بالجامعة؛ فاخترتُ متجر نيمان ماركوس، ومقره بال هاربور، وهي قرية ساحلية يسكنها أصحاب الدخول المرتفعة في ميامي، بولاية فلوريدا. عملتُ في الترويج البصري، وكان من الممتع الوجود في مثل هذه البيئة المُترَفة والعمل لدى متجر بيع بالتجزئة متخصص بهذا الحجم. أتذكَّر رغبتي الدائمة في رسم أفكار كانت تخطر لي وأنا أجلس يومًا بعد يوم في مثل هذه البيئة الرائعة المُلهمة؛ فقد كنتُ محاطة بملابس رائعة لمصممين كبار، وواجهات عرض جذابة، وزبائن موسرين، وفريق عمل ذي موهبة استثنائية.

وبعد تخرُّجي بوقت قصير، قررتُ الانتقال إلى نيويورك حتى أتابع مسيرتي المهنية في مجال الأزياء. وصلتُ إلى هناك في صيف عام ١٩٩٤، وكان هذا أحد أفضل القرارات التي اتخذتُها في حياتي. وطوال فترة عملي في مجال الأزياء التي امتدت إلى ٢٠ عامًا، حظيتُ بأمتع وأروع رحلة في حياتي؛ إذ شاركتُ في اجتماعات تصميم مع السيد رالف لورين، واخترتُ أقمشة لملابس المشاهير الذين يحضرون حفلات توزيع جوائز إيمي ويظهرون على أغلفة المجلات، وتعاونتُ مع شون كومز في توفير أقمشة فاخرة من جميع أنحاء العالم من أجل عرض أزياء خريف عام ٢٠٠٨ لملابس الرجال في أسبوع مرسيدس-بنز للموضة في نيويورك (وهو ما جرى تصويره في فيلم وثائقي لقناة إم تي في)، وحضرتُ فعالياتٍ رسميةً مليئة بالنجوم، وقابلتُ كثيرًا من الخبراء المشاهير في عالم الموضة. وقد تعلمتُ من خلال التجربة ما عليَّ فعله أو عدم فعله في كل موقف يمكن تخيله، وأصبحتُ خبيرة في أدق تفاصيل صناعة الموضة. ونظرًا لمعرفتي، من واقع التجربة، بصعوبة معرفة خبايا هذا المجال، أصبحت متحمِّسة لمشاركة معرفتي مع الآخرين الذين يبدءون رحلتهم في الطريق نفسه. وأردتُ عرض المعلومات بأسلوبٍ واقعي يخلو من الثرثرة، بحيث يعطي مصممي الأزياء الطموحين فكرةً محدَّدة وواضحة عن ماهية صناعة الموضة وما المتوقع حدوثه في مسيرتهم.

يتسم هذا الكتاب بأنه كتاب فعَّال وشامل؛ إذ يقدم رؤًى غير مسبوقة من داخل المجال من أكبر مصممي الأزياء، والعالِمين ببواطن الأمور في هذه الصناعة والمديرين التنفيذيين البارزين، وكذلك نصائح خبيرة بشأن كيفية بدء مسيرة مهنية في مجال تصميم الأزياء. سيأخذك الكتاب خطوة بخطوة عبر هذه العملية وسيصبح المرجع الذي تعتمد عليه في هذا الصدد. وسواءٌ أكنتَ لا تزال تفكر في العمل في مجال تصميم الأزياء أم قررت بالفعل أن تصبح مصممًا للأزياء، فستعرف جميع المعلومات الضرورية لتحقيق حلمك. وإذا كنت تعمل بالفعل مصمِّمًا للأزياء، لكنك مهتم بالارتقاء بعملك إلى مرحلةٍ أعلى، أو إذا كنت على استعداد لطرح مجموعتك الخاصة، فإنك ستحصل على المعلومات التي ستساعدك في تسهيل تحقيق أحلامك المهنية. إن أي شخص حاول بدء العمل في تصميم الأزياء يدرك مدى صعوبة هذه العملية؛ فصناعة الموضة مجال بارز للغاية؛ مما يخلق بالتأكيد بيئةً تنافسية حذرة وسرِّية على نحوٍ كبير، بحيث يصعب الدخول إليها واستكشافها. ومن بين فرص العمل المتنوعة المتوافرة في مجال صناعة الموضة، تُعتبر وظيفة مصمم الأزياء أكثر الوظائف شهرة، مما يجعل المنافسة أكبر. ويُولِي هذا الكتاب اهتمامًا خاصًّا بهذا الأمر ويعرض عدة طرق يستطيع من خلالها مصمم الأزياء الطَّموح أن يتميز عن منافسيه.

يُقدِّم الفصل الأول، بعنوان «مقدمة عن مجال تصميم الأزياء»، للقارئ نظرةً عامة شاملة عن العمل في مجال تصميم الأزياء. يبدأ الفصل بتعريف المقصود بتصميم الأزياء وتحديد ما يفعله مصممو الأزياء. ثم يعرض حوارات حصرية مع مصممين ومسئولين تنفيذيين أسطوريين في مجال الأزياء، يناقشون فيها ما حصلوا عليه من تعليم، وتدريب، وكيفية ترقِّيهم في مسيرتهم المهنية، ويقدِّمون أيضًا نصائح من واقع خبرتهم العملية. كما يناقش العديدُ من مصممي الأزياء، على كافة المستويات، المهامَّ المختلفة التي يقومون بها يوميًّا. ثم يستعرض الفصل تاريخ تصميم الأزياء، متناولًا على نحوٍ مستفيض الأب المؤسِّس للموضة والأزياء، تشارلز فريدريك وورث، وازدهار بيوت الأزياء في باريس، وملقيًا الضوء على مصممي الملابس الأوائل الذين وضعوا أساس صناعة الموضة. ثم يناقش الفصلُ حجمَ التغطية الإعلامية على مستوى العالم المتعلقة بمجال تصميم الأزياء ومدى تأثير ذلك. ثم يستعرض حجم صناعة الموضة على مستوى العالم، ويذكر إحصائيات عن عدد العاملين فيها — عالميًّا وفي الولايات المتحدة الأمريكية — بالإضافة إلى حجم المبيعات التي تُحقِّقها. ومن أهم الموضوعات التي يقدِّمها هذا الفصل عرضه لوصف مفصَّل لآليات العمل الداخلية لصناعة الموضة، بدايةً من طريقة عملها وصولًا إلى كيفية التأقلم بنجاح مع ثقافة العمل بالشركات. ويقدِّم مصمِّمون ومديرون تنفيذيون بارزون في هذا المجال من جميع أنحاء العالم نصائح قيِّمة موجَّهة خصوصًا لمصمم الأزياء الطموح. ثم يعرض هذا الفصل قسمًا لن تجده في معظم كتب تصميم الأزياء، يتناول كيفية تحقيق التوازن الذي يؤدي إلى حياةٍ خالية من الضغوط.

يتحدث الفصل الثاني، بعنوان «المؤهِّلات التعليمية المطلوبة للعمل في مجال تصميم الأزياء»، عن المؤهلات التعليمية والتدريبية المطلوبة لكي تصبح مصممًا للأزياء؛ فهو يتناول البرامج الجامعية المتخصصة في هذا المجال، بما في ذلك عقد مقارنة بين البرامج التي تستغرق عامين وتلك التي تستغرق أربعة أعوام. ويستعرض الفصل آراء عددٍ كبير من مصممي الأزياء عن سبب اختيارهم للجامعة التي التحقوا بها لدراسة تصميم الأزياء. ويضم الفصل حوارات مع أستاذ جامعي متخصص في تدريس تصميم الأزياء، وطلاب ومتدربين في هذا المجال. ويلقي الفصل الضوء على أهمية التدريب، عارضًا بعض الطرق التي يمكن للمرء من خلالها تحويل التدريب إلى وظيفة دائمة. كما يتحدث الفصل عن فوائد الدراسة في الخارج، ويعرض كذلك لبرامج الدراسات العليا وأهمية الحصول على دورات التعليم المستمر.

يعرِّف الفصل الثالث، بعنوان «سوق العمل»، القارئَ بالخطوات المطلوبة لتحديد تخصُّصه في مجال التصميم. وهو يقدِّم أيضًا وصفًا لأنواع الوظائف المختلفة المتاحة في قطاع تصميم الأزياء، مع عرض الوصف الوظيفي لكلٍّ منها. كما يولي اهتمامًا خاصًّا لأهمية إنشاء علامة تجارية شخصية وابتكار عبارة العلامة التجارية الشخصية. ويشرح كيفية الحصول بنجاح على وظيفة في مجال تصميم الأزياء، مقدمًا إرشادات عن كيفية إنشاء سجل لتصميماتك وكتابة سيرتك الذاتية. وفي هذا الإطار، يتضمن الفصل رؤية مجموعة متنوعة من المهنيين في هذا المجال لما يجب على كل مصمم أزياء تضمينه في سجل تصميماته. ثم يعرض الفصل بالتفصيل أهمية شبكة العلاقات وتكوين شبكة من علاقات العمل. ثم يقدِّم قائمةً شاملة بطرقٍ حقيقية ومجرَّبة للبحث عن وظائف خاصة بمصممي الأزياء الذين يبحثون عن عملٍ في مجال صناعة الموضة. ثم يقدِّم نصائح للمقابلات الشخصية وإرشادات للتفاوض على عرض الوظيفة والحصول على أفضل صفقة في هذا الشأن. ثم يعرض رؤية العاملين في الموارد البشرية ووكالات التوظيف والمديرين التنفيذيين في مجال تصميم الأزياء، بشأن المهارات التي يبحثون عنها عند تعيين مصمم أزياء.

يصحب الفصل الرابع، بعنوان «عملية تصميم الأزياء»، القارئ خلال عملية تصميم الأزياء بأكملها خطوة بخطوة، بدايةً من تطوير الأفكار، مرورًا بالموافقة على العينات، وصولًا إلى المنتج النهائي.

يقدِّم الفصل الخامس، بعنوان «طرح مجموعة أزيائك الخاصة»، وصفًا مستفيضًا لكيفية تأسيس شركة في مجال تصميم الأزياء. فيعرض للقارئ تصوُّرًا حقيقيًّا عن الكم الهائل من العمل والمهارة المطلوبَيْن للنجاح في تأسيس شركتك وإدارتها والتوسع فيها، ثم يستعرض كذلك خطوات كتابة خطة للمشروع. وسنتعرف، من خلال العديد من أصحاب الشركات العاملة في مجال تصميم الأزياء، على أكثر الجوانب صعوبةً فيما يتعلق بطرح المصمم لمجموعته. ثم يستعرض الفصل أنواع الشركات، ويشرح خطوات تعريف علامتك التجارية، ثم يقدم حوارات حصرية مع مصممي أزياء، ويقدِّم قائمة فحص خاصة بالملكية الفكرية. وسنستمع في هذا الفصل إلى آراء محامين معنيِّين بحقوق الملكية الفكرية حول أفضل الطرق التي يحمي بها مصممو الأزياء عملهم من التقليد غير المصرَّح به وانتهاك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بهم. ويشتمل الفصل أيضًا على معلومات عن كيفية إنشاء نظام محاسبة وموازنة ومسك دفاتر؛ وكذلك عن طريقة اختيار الموظفين الدائمين والمؤقتين والمتدرِّبين؛ وعن إعداد خطة للتسويق، بالإضافة لوجود جزءٍ خاص عن كيفية إعداد استراتيجية علاقاتٍ عامة ناجحة، وإعداد استراتيجية للمبيعات والوفاء بالطلبيات. ويحتوي الفصل أيضًا على حوارات مع أحد منسقي الأزياء والإعلاميين المشاهير، ومع مبتكِرة فكرة أسبوع الموضة في نيويورك، ومديرة أزياء.

يقدم الفصل السادس، بعنوان «التوجُّهات التجارية الاستراتيجية في صناعة الموضة»، معلوماتٍ عن التوجهات نحو التعهيد والعولمة، بالإضافة إلى أهمية المسئولية الاجتماعية للشركات والوعي المتزايد بها. ويعرض أمثلةً على مبادرات مبتكرة لشركات أزياء في مجال المسئولية الاجتماعية. ويشرح لنا هنا مديرُ قسم المسئولية الاجتماعية بإحدى شركات الملابس برنامجه في هذا الشأن وأهمية دمجه في هيكل شركته. ويضم الفصل أيضًا لمحة عن شركة ملابس وشركة إكسسوارات صديقة للبيئة. وسنتعرف أيضًا من عدة مصممين على الدور الذي تلعبه الأقمشة المستدامة في فلسفتهم التصميمية العامة، وكذلك الأقمشة الصديقة للبيئة التي يستخدمونها في مجموعاتهم.

ويضم الملحق قائمةً كاملة بالمصادر التي يمكن أن يستفيد منها العاملون في مجال تصميم الأزياء. وتشتمل تلك القائمة على المنظَّمات والجمعيات والمجالس المهنية ومواقع التواصل المهني في مجال صناعة الموضة، ومواقع التواصل المهني العامة، ومواقع التواصل الاجتماعي، والإصدارات المهنية الخاصة بالموضة، ومواقع عرض سجلَّات التصميمات، وشركات توقُّع صيحات الموضة والألوان، والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، والأفلام الطويلة والوثائقية التي تتحدث عن الأزياء، بالإضافة إلى قائمة بأكبر مجلات الأزياء.

تقييم ذاتي: هل تصميم الأزياء مهنة مناسبة لك؟

أجب عن الأسئلة التالية ﺑ «نعم» أو «لا» بوضع علامة صح في المربع المناسب وذلك لتحديد هل تصميم الأزياء هو الاختيار المهني المناسب لك أم لا.

نعم لا
هل تحب صنع ملابسك الخاصة وارتداءها؟
هل لديك حسٌّ فطري بالأناقة؟
هل تلهمك الأشياء والمناظر الطبيعية والثقافة الشعبية والأشخاص من حولك؟
هل تتمتع بإحساسٍ راقٍ بالألوان؟
هل تمتلك موهبةً فنية؟
هل تهتم بكل تفصيلة في كل تصميم أو رسم أوَّلي تصنعه؟
هل تُنقِّح رسوماتك باستمرار حتى تصل بها إلى الشكل الأمثل؟
هل تحب قراءة مجلات الموضة، ولديك اشتراك في واحدة منها أو أكثر، وتتطلع كل شهر للحصول عليها؟
هل تذهب إلى متاجر الكتب أو المجلات فقط لتطَّلع على مجلات الموضة؟
هل تشعر بالإثارة عندما تفكِّر في تصميم مجموعة من الأزياء لأحد المصممين أو بيوت الأزياء؟
هل تحلم بإطلاق علامتك التجارية يومًا ما؟
هل ترِدُ على ذهنك أفكار التصميم فجأة، وهل تجد نفسك متحمسًا لتجسيدها على لوحة الرسم الخاصة بك؟
هل تستطيع اقتباس ملاحظات تيم جان البارعة والمضحكة على نحو هيستيري في برنامج «مشروع منصة عرض الأزياء» (بروجيكت رانواي) وترديدها؟
هل تشارك في جميع مسابقات تصميم الأزياء المتاحة لمصممي الأزياء الصاعدين؟
هل لديك القدرة على التعبير عن رؤيتك التصميمية وجذب الآخرين والتأثير عليهم حتى يساعدوك في تنفيذها؟
هل مسألة تعدُّد المهام هي أكثر ما يقلقك في بيئة تتسم بالضغط الشديد؟
هل لديك استعداد لتأدية مهام إدارية لكي تصل إلى مبتغاك؟
هل سيكون من الغريب عليك أن تقف في الصف بين مئات الناس من أجل المشاركة في عرضٍ حيٍّ بمتجر هنري بندل في نيويورك؟
هل يعتبرك أصدقاؤك وأفراد أسرتك وأقرانك من مبتكري الصيحات الجديدة؟
هل تتقبل النقد؟
هل أنت مستعدٌّ لتقبُّل النقد بشأن تصميماتك؛ ومن ثَمَّ تغييرها؟
هل أنت جاهز ومستعدٌّ وقادر على العمل لساعاتٍ طويلة، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع، خاصةً قبل أسابيع الموضة أو عرض المنتجات في السوق؟
هل تمتلك عقليةً مبدعة وتجارية؟
هل تعتقد حقًّا أن آنا وينتور يجب أن تصبح، على الأقل، ملكة «مملكة الموضة»؟

إذا كانت إجابتك ﺑ «نعم» عن معظم هذه الأسئلة، فربما تكون قد عثرتَ على الوظيفة المثالية بالنسبة إليك!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤