خاتمة

في كتاب «المجتمع الجديد ومساوئه» يوضح «روبرت صمويلسون» Robert Samuelson أنَّ الأمريكيِّين المحدثين يعيشون تناقضًا غريبًا. فمن ناحية نجد أنَّ حياتهم المادية قد تحسَّنت بشكل كبير على مدى العقود الأربعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. في عام ۱۹۳۰م، كان متوسط العمر المتوقع بالنسبة للرجال ٥٨ عامًا، وللنساء ٦١ عامًا. وفي عام ۱۹۹۰م، كان ۷۱ للرجال و۷۹ للنساء. في عام ١٩٤٠م، كان متوسطُ دخل الأسرة ۱۸۰۰۰ دولار بحساب دولار ۱۹۹۳م، وفي عام ۱۹۹۰م كان قد أصبح أكثر من ۳۹۰۰۰ دولار. واليوم، يزيد النموُّ الاقتصادي في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الصناعية بمعدل مرتين أو ثلاث مرات مما كان عليه في القرن التاسع عشر. وعندما نتناول ذلك مقترنًا بالانتصارَين اللذَين تحقَّقا: على الفاشية في الحرب العالمية الثانية، وعلى الشيوعية في الحرب الباردة، نجد أنَّ الرأسمالية الديمقراطية تمثِّل مرحلةً ناجحة، وبشكل غير عادي، في تاريخ الحضارة الإنسانية.

ومن ناحية أخرى فإن حالتنا المعنوية العامة تتصادم بحدَّة مع هذه الحقيقة، فلم يَعُد ممكنًا أن ننسب ما يسميه «صمويلسون» ﺑ «التشاؤمية التي لا مبرر لها» لأحداث صادمة مثل «حرب فيتنام» و«ووترجيت» أو اغتيال «جون. ف - کینیدي»؛ فالناس يظلُّون في حيرة وخوف من المستقبل لفترة طويلة، بعد أن انقضَت تلك الأحداث في التاريخ. وبالرغم من تلاشي شبح الصدام النووي الذي كان يبدو وشيكًا إبَّان الحرب الباردة.

وعندما يسأل نفسه عن السبب، يعزو «صمويلسون» ذلك لفشل مجتمعنا الحديث المؤهل لذلك، في الوفاء بطموحاته الوهمية. ويقول إنَّ «الشعور العام بخيبة الأمل نابعٌ من الفجوة بين مجتمعنا المثالي المتوهم، وما نعيشه بالفعل.» بل إنه يُشبِّه ذلك بالعصر «المطلي بالذهب» عندما كان التفاؤل والإيمان الأمريكي بالتقدم يبدوان مسحوقَين أمام قوى التغيُّر الصناعي.١

وقد يكون «صمويلسون» محقًّا عندما يقول: «إنَّ شعورًا «بالفشل والإحباط» أمرٌ مقدَّر وحتميٌّ.» ولكنه ليس نتيجةً لخيبة أمل التوقُّعات. السبب أعمق من ذلك. الحقيقة هي أنَّ الأمريكيِّين يعيشون منذ السبعينيات ثقافةً منقوعة في عدم الثقة بالنفس والافتراضات التشاؤمية الثقافية المعادية للغرب. حركة البيئة الراديكالية التي أفرزت مفجِّر القنبلة المجهول ليست سوى المثال الأكثر وضوحًا. كما أنَّ هناك معتقداتٍ مماثلةً تُشكِّل توجُّهاتِنا الحالية نحو الرأسمالية الضخمة بتصوُّراتها للضغوط التي تُمارَس في مجالات التبغ والطاقة النووية والتسليح، والتي من المفترض أنها — كلها — تُقيم توازناتِها لكي تستغلَّ وتخدع وتُسمم الجمهور (الافتراضات نفسها أثارت جدلًا حول «النافتا» كذلك). التعدُّدية الثقافية الراديكالية، تدلُّ ضمنًا على أنَّ المجتمع الأمريكي يعزِّز الأحقاد العرقية واللامساواة الاجتماعية على نحوٍ منظَّم، بينما تقول الأفرع الأخرى للتشاؤمية الثقافية إنَّ مجتمعنا: عرقي، وجنسي، وإمبريالي، ويرهب التجانس، ومركزي القضيب، وجشع، وسلطوي في الأساس، أو (كما يراه اليمين السياسي): فاسد ومتفسِّخ وأخرق، ويُنشد اللذة ولا مبالٍ ومفلس أخلاقيًّا، وسلطوي في الأساس أيضًا.

والواقع أنَّ الأشياء ذاتها التي يُجيد المجتمعُ الحديثُ صنعَها — توفير الرخاء الاقتصادي بشكل متزايد، تكافؤ الفرص، الحراك الاجتماعي والجغرافي — هي التي يقوم المستفيدون المباشرون منها بتسفيهها وذمِّها. لا شيءَ من ذلك جديدٌ أو لافتٌ للنظر. العناوين الرئيسية المعاصرة التي تُعلن أنَّ ثورة الكمبيوتر سوف تؤدي إلى ظهور «دولتين» للأغنياء والفقراء، تُعيد الجدل حول المجتمع الصناعي، والذي كان منذ أربعينيات القرن التاسع عشر. الضجة الحالية المثارة حول الهجرة في كلٍّ من أمريكا وأوروبا، ليست سوى زيارة أخرى للمخاوف التشاؤمية عند علماء الانحلال والتفسُّخ في نهاية القرن، مثل «جوستاف لوبون» Gustav Le Bon، و«إي. أيه روس» E. A. Ross. أوجه الفشل الأمريكي الملحوظة هي في الحقيقة نفس الأوجه التي كان مثقَّفو القرن التاسع عشر يعزونها لحضارتهم الصناعية. الفارق الحاسم هو أنَّ تلك الانتقادات جزءٌ لا يتجزَّأ من نسيج الثقافة الجماهيرية. نحن نعيش حقبةَ تشاؤم شعبي. تشاؤم عام … بكل المشكلات والقيود التي يُفضي إليها المنظور الثقافي. والتشاؤمية المعاصرة لا تظهر فقط في الكتابات المورِّثة للكآبة مثل «نهاية العقل الأمریکي» ﻟ «آلان بلووم» Allan Bloom، أو«المسيرة المترنحة نحو عمورة»٢ ﻟ «روبرت بورك» Robert Bork. نحن نرى ذلك يتمُّ تعميمه في أفلام مثل «محارب على الطريق»، و«الاستدعاء العام»، و«عالم الماء»، و«الهروب من نيويورك»، وجميع الرسائل المتضمنة فيها مستوحاةٌ من نماذج التشاؤمية الثقافية، وهي أفلام تُقدم لنا مستقبلًا، معكوسة فيه كلُّ المعايير التقليدية للبربرية والحضارة عن عمد. المجتمع المدني «العادي» أصبح مجتمعًا قمعيًّا، متفسِّخًا، خاليًا من الإبداع، معاديًا للطبيعة بشكل واضح، تكنولوجياته أوصلَته إلى حافة الدمار، إن لم تكن قد دمَّرته بالفعل (كما في فيلمَي «الخيط الفاصل»، و«محارب على الطريق»).
أما الأفراد الذين يتمتعون بالحيوية والقدرة الكافيتَين للصراع ضدَّ المدِّ التخريبي الذاتي للمجتمع، فهم يُقدَّمون لنا عائشين على الهامش: هم مجرمون حقراء، أفراد شرطة أوغاد، متشردون، هم الطبقات الدنيا التي يُطلق عليها «نيتشة»: «اللاأخلاقيون». البطل الحديث في أفلام الحركة «هائم بين عالمين» عبارة «فيمر» الأثيرة، عالم الانحلال الحديث وعالم الحقيقة الأعلى الكامنة وراءه، فهو يجنح لأن يكون وقحًا، فظًّا، عاجزًا عن الإفصاح عن مشاعره وأفكاره، وكأن ذلك دليلٌ على حيويَّته التي لم تُلوَّث، بينما يتكلم الأوغاد بلهجة مثقفة متحضِّرة لا تتغير. والواقع أنَّ أبطال الحركة اليوم، كلهم صورٌ ورسوم منتزعة من صفحات «نيتشة»، إرادة القوة الديناميكية لديهم تُقزم بيئتهم المتحضِّرة الفاسدة، ثم تُدمرها في النهاية. صانعو هؤلاء الأبطال يزودونهم بقدرٍ كافٍ من الجنس والعنف واللغة البذيئة كعلامات على حيويتهم، بينما المجتمع العادي يتحطَّم إلى شظايا من الزجاج المكسور والسيارات والطائرات المفجرة والمباني المدمرة. هذه الموضوعات والأفكار التشاؤمية نفسها موجودة بإلحاح في موسيقى «الروك» وعلى شاشة اﻟ MTV. وقد أشار «كاميل باجليا» Camille Paglia إلى أوجه الشبه الوثيقة بين المتأنق الأرستقراطي في باريس ثلاثينيات القرن التاسع عشر (عالم «جوبينو» و«جوتييه») ونجم موسیقی «الروك» الحديث. والحقيقة أنَّ نجم «الروك» الحديث (ابننا التالف) هو السليل المباشر للثائر الثقافي عنده «بودلير» الذي أسَّس حيويته الخاصة بإظهار التفسُّخ والانحلال على نحوٍ مليء بالتحدِّي والاستفزاز في منعطف القرن. كان محبُّو الفنون ينظرون إلى مجتمعهم على أنه مجتمع متفسِّخ ولا أملَ فيه وغير جدير بالاحترام، ولكن زخارفه المادية يمكن أن تكون منصةَ انطلاق نحو الإبداع الفني. وعلى نحوٍ مشابه، فإن مغنِّين مثل «مادونا» يستخدمون صورًا متفسِّخة من الجنس والسادو-ماسوتشيه لإنتاج ذات لا برجوازية، ذات حيوية، بينما يُقدِم مؤدُّون آخرون من أمثال «هووارد ستيرن» على الشيء نفسه باستخدام الأشكال الغرائبية والشاذة. في حالة «الراب» نَعبُر خطَّ برية العنف والحيوية عند «نيتشة» إلى ما وراء الخير والشر، وتُذكِّرنا فِرَق الموسيقى النحاسية النازية الجديدة بالصلة الأصلية بين «نيتشة» و«جوبينو»، بين التشاؤمية الثقافية والتشاؤمية العرقية. في فيلم «السهم المكسور»، وهو من أفلام الحركة، تقول إحدى الشخصيات: «أليس باردًا؟» هذه هي الروح النيتشوية المعاصرة، إلا أننا نشعر اليوم بأنها قد أصبحت مبتذلةً من كثرة ترديدها. الشكوى من ثقافتنا الجماهيرية «المتفسِّخة المفسخة تتزايد، كما لو كانت مؤسساتنا التربوية والترفيهية وأجهزة الإعلام تجد نفسها تعود إلى تلك الموضوعات رغمًا عنها.» وذلك لا يتضمَّن الجنس والعنف فقط كتعبير عن الحيوية، ولكنه يتضمَّن أيضًا كلَّ الافتراضات التشاؤمية التاريخية التي تعزِّز التشاؤمية الثقافية: «فشل» الديمقراطية الحديثة، مخاطر الرأسمالية المشتركة والدولة البوليسية التي تعمل بالكمبيوتر، الأخطار المحدقة بالحياة من جراء التكنولوجيا والعلم الزائدَين عن الحد (في الصناعة والاقتصاد) أو الأقل من الحد (في الطب والصحة) والتلاشي المضطرد للطبقة الوسطى. من الجامعات ومعاهد التعليم العام، إلى برامج الثرثرة وتبادل الآراء Talk Show. نحن ورثة الفكرة الحديثة للاضمحلال بشكلها المزدوج الغريب.
التشاؤمية الثقافية هي الصورة النقيض للتشاؤمية التاريخية، مثلما فكرة الاضمحلال هي نقيض فكرة التقدم. المتشائم التاريخي يرى مزايا ومناقب الحضارة واقعةً تحت هجومِ قُوًى شريرة ومدمِّرة، لا تستطيع أن تتغلَّب عليها. التشاؤمية الثقافية تزعم أنَّ تلك القوى هي التي تشكِّل عمليةَ التحضير من البداية. المتشائم التاريخي قلق؛ لأن مجتمعَه على وشك أن يدمِّر نفسه، المتشائم الثقافي يقول إنه يستحق التدمير، المتشائم التاریخي يری «الكارثة باديةً في الأفق» كما يقول «هنري آدمز». المتشائم الثقافي يتطلَّع إلى الكارثة حيث يعتقد أنَّ شيئًا ما أفضل سوف يبزغ من بين رمادها. ربما يكون أبرز ملمح للقرن العشرين هو تلك الزيادة الهائلة في موجة التشاؤمية الثقافية، لا في عالم الأفكار فقط، وإنما في عالم السياسة والثقافة بشكل مباشر. قبل الحرب العالمية الثانية كانت الطبيعة السياسية للتشاؤمية الثقافية، هي طبيعة اليمين المتطرف، فقد استولت على شخصيات مثل «جورج سوريل» Georges Sorel الذي ساعد على ظهور الحركة الفاشية الإيطالية، و«مارکوس جارفي» Marcus Garvey الذي قلَّدها. وفي فرنسا حرَّكت جماعة من الكُتَّاب والمثقَّفين الفاشست الذين واتَتْهم الفرصة لوضع أفكارهم موضعَ الممارسة في عهد نظام «فيشي». وفي ألمانيا — بالطبع — كانت هي التي ألهمت «ثورة اليمين» وصعود الاشتراكية القومية. كُتَّاب مثل «ويندهام لويس» Wyndham Lewis، و«إزرا باوند» Ezra Pound، وشخصيات سياسية مثل «أوزوالد موصلي» Oswald Mosley، و«جيرالد ل ك سميث» Gerald L. K. Smith ظهروا حتى في مركزي القيم الليبرالية المتحضِّرة: إنجلترا والولايات المتحدة. وعندما ارتبطت بالدوال الدموية للعرقية الثقافية، ساعدَت التشاؤمية العرقية على إفراز الكابوس الشمولي لألمانيا النازية.
الحرب العالمية الثانية و«الهولوكوست» كان لا بد أن يُشكِّلَا هزيمةً للتشاؤمية الثقافية، ولفترة قصيرة كان يبدو أنهما قد فعلا ذلك. كانت هناك يقظةٌ في الاهتمام بالتاريخ الغربي وموروثه الإنساني. أعمال منتشرة مثل «قصة الحضارة» ﻟ «ویل» و«آریل دیورانت» Will and Ariel Durant، و«فكرة الحرية»، و«فوائد الماضي» ﻟ «هيربرت. ج. موللر» Herbert J. Muller قدَّمت للقُرَّاء نظرةً إيجابية قوية عن التراث الفني والفكري للإنسان الغربي، بينما أعاد كتاب «وليم أونيل» William O’Neill «نهوض الغرب» كتابة تاريخ العالم الذي كتبه «توينبي».
«أونيل» أعاد كتابتَه بنغمةٍ أكثرَ تفاؤلًا. كتاب «إرنست كاسيرر» Ernst Cassirer: «أسطورة الدولة» وكتاب «کارل بوبر» Karl Popper: «المجتمع المفتوح وأعداؤه»، وكتاب «فردریش فون هايك» Frederich von Hayek: «طريق العبودية»، هذه الكتب كلها كانت تحاول أن توضِّح كيف انحرف الأوروبيون الجدد عن جذورهم الليبرالية، جذور القرن التاسع عشر، نحو الاستبداد السياسي. في كتابه «المركز الحيوي»، يشير «آرثر شليزنجر الأصغر» Arthur Schlesingerj إلى محاسن مجتمع وثقافة غربيَّين ليبراليَّين، كانَا واقعَين تحت هجوم نمط آخر من الشمولية هو الشيوعية السوفيتية، بينما كشف كتاب «ليونيل تريلنج» Lionel Trilling: «الخيال الليبرالي»، عن أيِّ مدًى يعتمد «المجتمع المفتوح» على توازن دقيق بين الثوابت الأخلاقية التقليدية والشك الخلَّاق. إلا أنَّ جذور التشاؤمية الثقافية ظلَّت كما هي. الوجودية، الحداثة، الماركسية النقدية، وغيرها من الحركات الطليعية، كلها ظلَّت محتفظةً بافتراضاتها الأساسية وبمنأًى عن التفحُّص النقدي، ثم حرب فيتنام في الستينيات والقلق الاقتصادي في السبعينيات وقد لعبَا نفس الدور تقريبًا، الذي لعبَته الحرب العالمية الأولى والكساد العظيم قبل أربعة عقود، لإضعاف الثقة العامة في المجتمع الغربي الحديث وقِيَمه.

كانت الطريق مفتوحة أمام موجة جديدة من النقد الثقافي، قادمة هذه المرة من اليسار المتطرِّف. ومثل سلفها، زعمت تشاؤمية اليسار الثقافية أنَّ الغرب الحديث كان في أزمة، وعلى وشك أن يدمِّر نفسه، وكانت تلوح باحتمال حدوث شيء جديد يحلُّ محلَّه، وكما كان «مارتن هيدجر» قد أعلن في خطابه الجامعي عام ۱۹۳۳م، احتفاء بمجيء «هتلر»: «البداية لا تزال ماثلةً، ليست وراءنا كشيء حدث منذ زمن، ولكنها ماثلةٌ أمامنا.»

وبالرغم من الفروق الأساسية بينهما إلا أنَّ الحركتَين أكثرُ شبهًا. الماركسية النقدية، التعدُّدية الثقافية، ما بعد الحداثة، وحركة البيئة الراديكالية، لا يشتركون فقط في الأبطال أنفسهم مثل «ثورة اليمين السابقة» — «نيتشة»، «جورج سوريل»، «مارتن هيدجر»، «آرثر شوبنهاور» — ولكنهم يشتركون أيضًا في احتقارهم للتراث العقلاني الليبرالي لأوروبا ما بعد التنوير. وهم يرفضون بشدة أيَّ مفهوم للتقدُّم الاجتماعي «العادي» طبقًا لنموذج أوروبي. ومثل أسلافهم اليمينيِّين يرَون أنَّ استقلالية الفرد، والملكية الخاصة حقٌّ طبيعي أساسي، وأنَّ العلم والتكنولوجيا هما الموصِّل للسعادة الإنسانية أكثر مما هما العكس، وأنَّ طلب السعادة كنشاط عقلاني وضروري، مصدرٌ للفساد والاستغلال والموت.

وإذا كانت «توني موریسون»، و«رونالد تاکاکي»، و«ميشيل فوكو»، و«نعوم تشومسکي»، و«إدوارد سعيد»، و«موراي بوکشین» … يبدون حدیثین وراديكاليِّين في نظر المعجبين بهم، فإن أقوالهم تبدو عاديةً جدًّا ومألوفةً جدًّا بالنسبة لآخرين.

ولكن تشاؤمية اليسار الثقافية قد أحدثت، كما رأينا، انعكاسًا مروعًا في الأقطاب التحليلية. فبدلًا من أن تكون الليبرالية والعسكرية علاجًا أو ترياقًا مضادًّا للحضارة الليبرالية الراهنة، نجدها تُقدَّم كتعبيرٍ عاديٍّ عنها، كما يقول «دبليو إي بي دو بوا»، وبدلًا من أن يكون الإنسان النوردي الأبيض حاملًا للحيوية الثقافية والعرقية، نجد أنَّ غير البيض في العالم الثالث هم الذين يقومون بهذا الدور. وبدلًا من اعتبار التكنولوجيا الحديثة نقيضًا للتقاليد الثقافية الآرية، نجد كُتَّابًا مثل «جیرمي ريفكين» يقولون إنها نتاج وحليف لها. وبينما توجِّه تشاؤمية اليمين الثقافية انتقادات شديدة للانحلال الفيزيقي والانحراف الجنسي، وتعتبرهما نتاجًا نموذجيًّا للغرب المتفسِّخ، فإن تشاؤمية اليسار الثقافية تحتفي بهما وتمجدهما.

هذه هي واجهة التشاؤمية الثقافية اليوم. قاعدتها الأساسية موجودة بين المثقفين وما يُطلق عليه أحيانًا «الطبقة الجديدة»: المدرسون، الطلاب، الفنانون، الكتاب، المشتغلون بالإعلام، وهي ليست حركةً سياسية ضخمة. على أية حال، وبالطبع، لم تكن التشاؤمية الثقافية أيضًا عند اليمين حركة سياسية ضخمة في مراحلها الأولى عندما خلبت خيال المثقفين والفنانين وأساتذة الجامعات والطلاب في الجامعات الأوروبية على مشارف الحرب العالمية الأولى، ثم جاءت الحرب لتُضعف ثقةَ خصومهم في أنفسهم وأعطَت لليمن فرصةً لتطويع السياسة على النحو الراديكالي الذي يتصوَّرونه، عن طريق «القمصان البنية» و«القمصان السوداء» وغيرهما من المنظَّمات السياسية الفاشية. ونحن نستطيع أن نُبصرَ شيئًا من الجانب القبيح لتشاؤمية اليوم الثقافية كحركة جماهيرية، في نزعة المركزية الأفريقية، التي أوحَت بردود فعل غاضبة من قدامى الليبراليِّين؛ مثل «آرثر شليزنجر الأصغر» في كتابه «تفكيك أمريكا»، كما نراه في أنشطة أنصار البيئة الراديكاليِّين مثل مفجِّر القنبلة المجهول، والمتطرِّفين من أفراد جماعات «الأرض أولًا»، الذين يَصِفهم المعتدلون من أنصار البيئة أيضًا بأنهم «فاشيو البيئة».

وليس معنى ذلك أنَّ تلك الحركات تُشكِّل الخطرَ نفسه الذي كانت تشكِّله الفاشية أو النازية. إنَّ الإقدام على مثل هذا النوع من التنبُّؤ، سيُوقِعنا بالطبع في الفخ نفسه، الذي انتهى إليه المقتنعون بفكرة الاضمحلال والمنذرون بالخطر، ولكن ذلك لا بد من أن يذكِّرنا بنقطة مهمة، وهي أنَّ التشاؤمية الثقافية تستخدم المتشائم التاريخي لكي تضمنَ لنفسها موقعَ قدمٍ راسخة في الثقافة السائدة. فبدون رؤية «جاکوب بورکهارت» التي تُصيب بالاكتئاب بخصوص المستقبل الأوروبي، كان يمكن أن تبدوَ حيويةَ «نيتشة» العدمية فكرةً غريبة مضحكة. وبدون إعلان «أوزوالد شبنجلر» لأُفُول الغرب البرجوازي، لكانت ثورة اليمن قد افتقدَت شعورها بالحتمية التاريخية. عندما يكتب شخص مثل «أرنولد توينبي»، أو «بول کینیدي»، أو «كيفين فيليبس»، أو «روبرت بورك» نقشًا على ضریح حضارتنا، فإن المتشائمين الثقافيِّين يتجمَّعون للاحتفال … وللسهر حول الجثة قبل دفنها …

فهل يمكن في النهاية أن نقول إنَّ أيَّ شخص تنتابه هواجسُ وشكوكٌ في وجهة المجتمع الحديث لا بد أن يصمت، أو إنَّ مثل تلك الهواجس والشكوك هي مجرَّد توهمات أو نتيجة لخداع الذات؟ بالقطع لا! إنَّ آثار التصنيع السريع في القرن التاسع عشر كانت في الحقيقة مدمِّرة، وقد أنزلت آلامًا شديدة بكثير من البشر. ومن المؤكَّد أنَّ الذين نجَوا من الحرب العالمية الأولى لا بد أن يشعروا بالهزَّة الشديدة في تجربتهم في الخنادق والملاجئ، وأن يتساءلوا عمَّا إذا كان المجتمع الذي أرسلهم إلى هناك يستحق ولاءهم. «الهولوكوست» والأعداد الغفيرة من الناس، صغارًا وكبارًا الذين تورَّطوا في ارتكابه أو على الأقل سمحوا بحدوثه، بإمكانهم أن يجعلوا عبارة «الحضارة الأوروبية» تموت على شفاهنا.

قد يكون مشروعًا أن نُدينَ توجُّهات أو تطوُّرات بعينها في مجتمع ما، وننتقدها ونَصِفها بأنها شريرة أو مدمِّرة، ولكن أن نرسم صورةً — أو نسمح برسمها — تقول إنَّ لتلك المشكلات أسبابها العميقة الجذور، وإنَّ ليس هناك حلٌّ لها، أو إنَّ لها متضمنات بعيدة لا يمكن إصلاحها إلا بإصلاح جذري شامل للمجتمع وللثقافة ككل … فذلك شيء آخر.

كان ذلك تحديدًا ما فعله عددٌ كبير من المثقَّفين في نهاية القرن التاسع عشر، ثم في القرن الذي تلاه. هو ذلك الافتراض — إنَّ الحضارة الغربية الحديثة تعمل ككل، وأنَّ مشكلاتها تحتاج إلى حلول كلية وليست جزئية — الكامن في صميمِ كلٍّ من الإغواء التشاؤمي ونظيره التفاؤلي، الإيمان الأعمى بالتقدم.

لقد أصبح القرن التاسع عشر مدمنًا لمفهوم أنَّ المجتمعات تُكوِّن كلياتٍ نظاميةً يقوم كلُّ جزء فيها بوظيفة أو عملية مفيدة. الفلاسفة، علماء الاجتماع، المؤرخون … كلهم تناولوا المجتمعات بأسلوب ميكانيكي أو عضوي، فهي إما تعمل كالآلة أو ككيان حي، أو على النحوَين معًا (كما يرى هيربرت سبنسر). الكل الاجتماعي هو أكثر من مجرَّد حاصلِ جمْعِ الأفراد. الجماعة الاجتماعية أو الدولة أو الحضارة لها وجودٌ خاص بها، بدورة حياتها، كما أنَّ قوانينها الخاصة هي التي تحكمها. قوانين التطوُّر الاجتماعي والتغيُّر تُشبه القوانين الفيزيائية التي تحكم الأجسام المادية مما يجعلنا نستطيع أن نتكلَّم عن «علوم اجتماعية» أو «علوم إنسانية».

هذه الافتراضات الحتمية شجَّعت عددًا كبيرًا من المشروعات الكبرى لفهم التاريخ، أشهرها الماركسية. كلُّ حدث في الماضي أو الحاضر أو المستقبل يلعب دورًا محدَّدًا داخلَ كلٍّ أكبر، يتطوَّر حسب قوانينه الخاصة بصرف النظر عن رغبات وميول الأفراد.٣

ومن هنا، فإن الحرب العالمية الأولى والكساد العظيم لم يوجدَا بمعزل، ولا كانت لهما أسبابٌ منفصلة، لقد نشآ من التوازن بين العلاقات داخل الكل النظامي مثل «أزمة الرأسمالية المتأخرة»، أو «آلام احتضار الإمبريالية الأوروبية». وبالمثل فإن جوانب الحياة الاجتماعية مثل الثقافة الشائعة والأنشطة الفكرية والفنية والتوجُّهات الأخلاقية كان من المفترض أن تعكس الصحة العامة للمجموع. إنَّ مصطلحات مثل «صحة» و«نمو» و«مرض»، كما تُطبَّق على المجتمع والحضارة، فإنها تعبِّر عن نفس النزعة العضوانية، حتى مصطلح «أزمة» أو نقطة انكسار حمى الجسد. لقد كانت تلك الرؤية الكلية للمجتمع هي التي ورثها التراث الاضمحلالي واستغلها. وقد شجَّعت على استخدام استعارات مثل «طفيلي» و«مرض» و«سرطان»، لوصف التغيُّرات غير المرغوب فيها في النسيج الاجتماعي، وهي تشكِّل أساسَ كلِّ مفهوم للحيوية الرومانسية والتشاؤمية الثقافية، من أفكار «جوبينو» و«نيتشة» إلى أفكار دعاة المركزية الأفريقية، وكذلك التشاؤمية الثقافية المعاصرة.

وجودية «سارتر»، وفلسفة الوجود عند «هيدجر»، وتحليل «فوكو» لإرادة القوة، نظرة «إدوارد سعيد» الكليانية للغرب … كل ذلك يبدأ بافتراض أنَّ المجتمع الغربي يشكِّل كلًّا متصلًا متداخلًا، أو عملية كليانية لا يمكن فهمها أو الهجوم عليها بأسلوب تجزيئي يتناولها قطعة قطعة، وإنما عن طريق «تكسير» جذري. المتشائم البيئي لديه نفسُ الافتراض فيما يتعلق بالمجال الحيوي: أسلوب التناول العضوي-الكلي، هو مفتاح عالم البيئة الراديكالي في نظرته للإنسان وللطبيعة. وبالأسلوب نفسه، أصبحت التعدُّدية الثقافية ملجأَ جميع أشكال الحتمية التاريخية في القرن التاسع عشر. فكرة أنَّ الجماعات الاجتماعية ليست مجرَّدَ حاصل جمع أفرادها، وأننا «لا بد من أن ندرس تاريخ الجماعات (الاجتماعية) وتقاليدها ومؤسساتها إذا كنَّا نريد أن نفهمها ونُفسِّرها كما هي الآن، هذه الفكرة هي التي دعَّمَت في وقت ما، التاريخ القومي الرومانس والتاريخ العام للحضارة من «هيجل» إلى توينبي»،٤ والآن، أصحبت «دوجما» بين دعاة الحركة النسوية وأنصار الدراسات الأفروأمريكية وغيرها من هويَّات الأقليات. وبدونها — في الحقيقة — فإن جزءًا كبيرًا من منهاج التعدُّدية الثقافية سوف ينهار تحت ثقله الخاص.

وهكذا فإن الراديكاليِّين المعاصرين ومَن يُطلَق عليهم «التقدميون» يتضح في النهاية أنهم ليسوا تقدُّميِّين. مفجِّرو القنابل المجهولون وأمثال «ألبرت جور»، و«كورنل وست»، و«نعوم تشومسكي»، و«توني موریسون»، و«إدوارد سعيد»، هؤلاء في الواقع نتاج نظرة للمجتمع تنتمي للقرن التاسع عشر، ترى أنَّ الغرب الحديث «كل» مقرر سلفًا، خلقته القُوَى الموضوعية للجنس والطبقة والنوع والدولة، وليس هناك أثرٌ ملحوظ هذه الأيام لنظرة بديلة للمجتمع والعمل الاجتماعي، نابعة من التنوير والتراث الإنساني السابق.

هذا الكتاب يتناول في الأساس فكرةَ الاضمحلال الحضاري ونشأة التشاؤمية الثقافية، ولكنه من جوانب أخرى — وهذه مفارقة ساخرة — التفت ليكون تاريخًا لنوع آخر من الاضمحلال، اضمحلال الصورة الإنسانية الليبرالية للإنسان والمجتمع، لأخلاقياته وقِيَمه في وجه خصومه المختلفين، والاضمحلال قد لا يكون أفضل مصطلح. قد تكون الاستعارة الأفضل تعبيرًا عن انسحاب كبير؛ حيث يغادر المسرحَ الآن الممثلون الساطعون للتراث الغربي الليبرالي واحدًا بعد الآخر، ليحلَّ محلَّهم أنصارُ الإيوجينيا والعنصرية والتشاؤمية العرقية والفاشية والحداثة والتعدُّدية الثقافية. التراث القديم يتضمَّن ما هو أكثر من مجرَّد ثقة عمياء في التقدم وتفوُّق الحضارة الغربية على أيِّ بديل آخر. المؤمن بالأفكار الإنسانية الليبرالية يدرك أنَّ المجتمع المدني، مثل كل المؤسسات الإنسانية الأخرى، قد شيد عمدًا للوفاء بأغراض معينة، وهي أغراض يحدِّدها أفراد يعملون في انسجام. العرق والطبقة والنوع في الواقع لا تحدِّد وجهةَ المجتمع أو التاريخ، ولكنها تعمل على سطح الأشياء، القوى الحقيقية للتغيُّر توجد في خيارتنا كأفراد، وفي الأفعال التي تنطلق منها ونتائجها بالنسبة للآخرين. أبرز نتاج مميز للتراث الإنساني الغربي هو الفرد الحر المستقل، والذي هو أسوأ أعداء المتشائم الثقافي في الوقت نفسه.

المتشائم الثقافي يواجه دائمًا متانةَ المؤسَّسات الغربية المتشظية (الرأسمالية، التكنولوجيا، السياسة الديمقراطية، القواعد الأساسية للقانون والأخلاق) بشعور بالإحباط. كيف يمكن لكيان ضخم مفرد، طاغية وصناعي ومحتال ومحكوم عليه بالسقوط، أن يواصل ازدهاره بل وربما يوسع نفوذه؟ إلا أنَّ تلك المتانة والنزعة إلى الاستمرار ذات صلة وثيقة بالعامل الفردي الذي يقوم بدور مصدر القوة أكثر مما هو مصدر للضعف. النزعة الإنسانية تفترض أنَّ البشر الذين يُحدثون الصراعات والمشكلات في المجتمع قادرون على حلِّها، وهذه النزعة تركِّز على تزويدهم بالوسائل المادية والأخلاقية والثقافية التي تساعدهم على ذلك. وكما أوضح «توكفيل» ﻟ «جوبینو» بعد أن قرأ مقاله عن اللامساواة:

نعم! أحيانًا يصيبني اليأس بخصوص الجنس البشري. ومَن منَّا لا يشعر بذلك؟ لقد كنت أقول دائمًا إنَّ من الصعب علينا أن نرسِّخ الليبرالية ونحافظ عليها في مجتمعاتنا الديمقراطية الجديدة، بل أصعب مما كان يمكن أن يحدث في مجتمعات أرستقراطية معينة في الماضي. ولكنني لن أجرؤَ على الاعتقاد باستحالة ذلك. إنني أصلِّي لله لكيلا يُوحيَ إليَّ بفكرة أن أتخلَّى عن ذلك.٥

كانت ليبرالية «توكفيل» في القرن التاسع عشر ذروةَ ذلك التراث الإنساني، ولا سبيل لإنكار أنها صنعت أشكالها الخاصة من القناعة والرضا، الأمر الذي أوحى بحركة ارتجاعية مفاجئة. ما کان «توكفيل» قد استشعره في أفكار «جوبينو» عام ۱۸٥۳م يحدث الآن بشكل واضح. التشاؤمية الحديثة خلقت أكثرَ من مجرَّدِ توازنٍ مضادٍّ للتفاؤل الزائد بخصوص المستقبل، واستطاعت أن تدمِّر إيماننا بفكرة الحضارة ذاتها. إنَّ مشكلتنا الحقيقية ليست في أنَّ ثقافتنا العامة مليئة بالبذاءات أو التفاهات، ولكن مشكلتنا هي أنْ لا أحدَ بإمكانه تقديم الأرضية الفكرية اللازمة لشيء بديل.

وفي النهاية، فإن كلَّ الجدل حول «اضمحلال الغرب» يقدِّم لنا مجموعةً زائفة من الخيارات. بديل التشاؤمية الثقافية عن مستقبل المجتمع الإنساني ليس الرضا المتفائل، إنهما وجهان نقيضان للنظرة الكليانية نفسها. بديل التشاؤمية الثقافية ليس نوعًا من «الموجة الثالثة»، ذلك التوجُّه الكبير، أو المغامرات المستقبلية الأخرى لكتاب مثل «وارن واجار» Warren Wagar و«ألفن توفلر» Alvin Toffler النظرة الليبرالية الكلاسيكية برزت أصلًا لأن دُعاتها قد أدركوا أخطار الإصرار على أنَّ الأفراد لهم أهمية فقط عندما يكونون جزءًا من كلٍّ أكبر. في الأزمان السابقة، كان ذلك النموذج العضوي الكلياني هو «القيد الأكبر للوجود»، حيث وضعية الشخص معينة من الله والطبيعة، ومفروضة من السلطة السياسية. مفكرو التنوير تمرَّدوا على هذا النمط من الحتمية التاريخية، «جون لوك» John Locke يُعرِّف هذا الوضع هكذا: «أن يكون المرء تحت القرار الحتمي لشيء آخر غير الذات» ودون موافقته، فذلك نوع من الظلم. إحدى النعم الكبرى لعملية التحضير — كما يقول التنوير — هي أنها ترفع البشر فوق وضعية الخنوع الذليل بجعلهم واعين بحقوقهم الفردية ومصالحهم وقواهم، إلى جانب كونهم متحرِّرين من العواطف والمخاوف اللاعقلانية.٦

العصور الوسطى أعطَت تلك السلطة الرهيبة لتوجيه مصير الفرد لله ولممثِّليه على الأرض — الباباوات والملوك — القرن التاسع عشر أعطاها للتاريخ بدلًا من ذلك. أعطاها له في المرة الأولى كتقدُّم … ثم كاضمحلال، إلا أنَّ التنوير حقيقة هو الذي طرح التساؤل الثوري: ماذا لو لم يكن المجتمع كيانًا عضويًّا ذا مسار وعمر محدَّدَين سلفًا، وكان مكوَّنًا من كيانات فردية لكلٍّ منها قوته وقدرته على تشكيل مصيره الخاص على أيِّ نحو؟ مستقبل المجتمع إذن لن يكونَ من صنع قانونٍ حتميٍّ للتقدُّم أو الضعف، وإنما المستقبل هو ما يقرِّره أعضاؤه. وبضربة واحدة، تنكسر الثورة وتتبدَّد دورة الوهم واليأس … لا في العالم أو في الخارج، وإنما حيث هي موجودة بالفعل … في عقول البشر … رجالًا ونساء.

١  Samuelson, The Good Society and Its Discontenes (New York, 1995), p. 49.
٢  المدينة البابلية القديمة Gommorah التي دُمرت مع «سدوم». (المترجم)
٣  Popper, Poverty of Historicism, pp. 17, 22.
٤  Ibid., p. 18.
٥  Tocqueville, European Revolution, pp. 309-10.
٦  A. J. Lovejoy, The Great Chain of Being (New York, 1964); Locke, Essay Concerning Human Understanding, Book II, p. 392.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤