بداية ونهاية

هذه رواية أُسرة، أكثر منها رواية مكان، كعادة روايات نجيب محفوظ التي كتبها في الأربعينيَّات، رغم وجود المكان الضيِّق الذي تعيش فيه هذه الأُسرة، والمكان هو الذي يحبس أبطاله بداخله، ويكون جزاء مَن يتمرَّد على المكان، أن يدفع الثمن غاليًا، بالموت في المقام الأول مثلما فعل حسنين، من خلال أخته التي دفعت للانتحار، نفيسة.
يبدو أبطال الرواية في الفصول الأولى أصغر سنًّا من الممثلين الذين جسَّدوا هذه الأدوار، خاصَّةً حسنين كامل علي وأخيه حسين، اللذين جُسِّدا من خلال عمر الشريف (مولود عام ١٩٣١م)، وكمال حسين (مولود عام ١٩٢٥م)؛ فالمفروض أن الأول في الصفِّ الثاني، والثاني في الصفِّ الرابع الثانوي، أيْ إن عمر الأول يتراوح بين الرابعة عشرة على الأكثر، لكن الفيلم الذي بدأ بعد وفاة الأب بفترة، أقرَّ أن يكون أبطاله في سنِّ الطلاب، باعتبار أن حسنين سيتقدَّم إلى إحدى الكليَّات العسكريَّة عقب حصوله على التوجيهية، أمَّا الفصل الأول من رواية «بداية ونهاية» فيدور داخل المدرسة؛ حيث سيتم إخبار الشقيقين أن أباهما قد رحل.

في الرواية هناك إشارة إلى أن الأسرة تسكن شبرا، وليس هناك منطقة بعينها حسب أحداث الفيلم، وفي الفصل «٢» هناك وقائع وصول الولدين إلى البيت، وبعض مراسيم الجنازة والعزاء، وقد استمرت هذه الأجواء الكئيبة طوال الفصول الخمسة. كان — رحمه الله رحمةً واسعةً — رجلًا عظيمًا، فلا عجب أن تكون جنازته عظيمة مثله، ولقد امتلأت عطفة نصر الله بالمُشيِّعين من البيت إلى شارع شبرا.

إذَن فصفحات الرواية تصف الكثير من الأجواء الحزينة المرتبطة بموت موظَّف محترم لديه زوجة وأربعة أبناء، ومراسيم العزاء، ثُم صَرْف المعاش الصغير جدًّا، ونزول الأُسرة من حالٍ إلى آخر، ثُم عودة الولدين للمدرسة لأول مرَّة عقب رحيل الأب، إلى أن نصل إلى الفصل «١٠»، حيث سيتم نقل الإقامة إلى الدَّور التحتاني؛ شقة أرضية بمستوى الفِناء، لا شرفة لها، ونوافذها مُطلَّة على عطفة جانبية تكاد تبدو منها رءوس المارَّة، وطبعًا محرومة من الشمس والهواء.

الفيلم الذي أخرجه صلاح أبو سيف عام ١٩٦٠م، كأول عمل مأخوذ للسينما عن رواية لنجيب محفوظ، يبدأ تقريبًا في هذا الفصل حيث يعود حسنين من المدرسة، والمشهد الأول في الفيلم يكشف أننا في عام ١٩٣٦م، وهذا هو حسنين يلتقي به أحد الجيران، ويوقفه كي يعزِّيه في وفاة أبيه معتذرًا أنه على سفر طوال شهرين؛ مما يعني أن بداية الفيلم قد بدأت بعد عشرة فصول من الرواية، وعندما يدخل الطالب المنزل، فإنه يصعد السُّلَّم كالمعتاد، ثُم يتوقف ويتذكر أن مسكنه الجديد في البدروم، فينزل في غضب، ويتوجه إلى المسكن، حيث تستقبله أخته نفيسة ساخرة، ويوجز السيناريو بعض ما فاتنا من فصول في الحديث عن سبب السَّكن في البدروم، وكيف وصل الحال إلى منتهى الانهيار بالأُسرة بعد رحيل عائلها بشهرين كاملين.

وعقب ذلك، تبدو الرواية والفيلم كأنهما يمشيان على الخطِّ نفسه، دون تغيير ملحوظ في النَّصَّين باعتبار أن لكل واحدٍ من الأبناء قصته وحياته، فتتناثر المشاهد عبر أربع قصص، تخصُّ كلًّا من حسنين وحسن ونفيسة، ثُم حسين حسب قوة تأثير كلٍّ منهم في الحياة، وقدرته على تحريك الأحداث من حوله. تبعد عشرة فصول من الرواية، ها نحن ذا نرى حسن يخرج من البيت، وقد تأنَّق ببدلة جعلته أقرب إلى الأفندية، فجلس عند المقهى، ولعب مع شركاء الجلسة، ونعرف أن حسن كان يغنِّي مع زملائه في المحطات الإذاعية الأهلية؛ لذا غنَّى في المقهى.

وقد قلَّص الفيلم دور الأم، فخَلَت من أيِّ حكاية خاصَّة بها، باعتبار أن الأبناء الأربعة هم خصوصيتها، وأنها تستمدُّ قصتها مما يحدث لكلٍّ منهم، أمَّا الرواية فقد توقفت عندها، وهي تنتقل من عدم العَوَز إلى الحاجة، فتبيع الأثاث، لكن هناك دائمًا تواجد للأبناء في الفصول التي تتحدث عنها، وقد حدث نفس الشيء في الفيلم، باعتبار، كما أشرنا، أن كاتب السيناريو هنا صلاح عز الدين لم يشأ أن يخرج أبدًا عن وقائع النَّص الذي كتبه المؤلِّف.

الفيلم دخل مباشرةً في تفاصيل علاقة نفيسة بسلمان ابن البقَّال، والتعرُّف على حالة الغاية والوسيلة التي يمتلكها حسنين؛ فهو لا يسأل أخته كيف دبَّرت النقود التي يأخذها منها، أو التي تشتري بها بعضًا من الطعام المتميِّز.

وكما أشرنا، فإن الفصول التالية من الرواية، تتلازم مع السيناريو المأخوذ عنها، باعتبار أننا أمام أربع حالات إنسانية، لكلٍّ منهم حكاياته، وهم جميعًا يعملون لمصلحة الأُسرة، ابتداءً من حسن البلطجي، ونفيسة التي ستصير عاهرة برغبتها أو بدافع العَوَز، وحسنين الذي أراد أن يركب طبقة اجتماعية أعلى منه، فانتبذ بهيَّة التي كم لهث وراءها فوق السطوح، أو بطلبه أن يخطبها، والإهانات التي تحمَّلها من أمِّه، وسخرية إخوته منه.

في الرواية، مثلما حدث في الفيلم، كل فصل يقوم بتتبُّع واحد من الأبناء، وهناك فصول تجمع بين أفراد الأسرة؛ فالفصل «١٣» مخصَّص كله لنفيسة، ثُم جاءت الفصول التالية لتجمع بين الأخوين حسنين وحسين اللذين سيعملان بالتدريس لابن فريد أفندي، الجار الموظف، الذي يعطف على العائلة التي سوف تُصاهره مرَّتين؛ الأولى حين يتقدَّم حسنين لبهيَّة، والثانية حين سيحاول حسين إصلاح خطأ أخيه، فيتقدَّم لخِطبة بهيَّة.

ومن فصلٍ لآخر، يعود الكاتب إلى نفيسة، ليتتبع قصتها مع سلمان، الذي سوف يمنحها من البقالة مقابل القُبلات، ثُم هو الذي سوف يصاحبها برغبتها إلى شقته، كي يُفقدها عذريَّتها، تمهيدًا لها أن تصير ابنة ليل، لتكون الشخصية الروائية الأولى في الرواية، رغم أنها دائمًا في دائرة الظلام، لا تكاد تلفت أنظار أحد؛ فهي مجرَّد شيء موجود في المنزل، لم تعرف لها صديقات، وقد صُدمت في تجربتها العاطفية الوحيدة، بل إنَّها سيئة الحظ، فحين تعمل عاهرة، فإنه سرعان ما يتمُّ القبض عليها، وهي تمارس هذه المهنة بشكلٍ فرديٍّ، وليس من خلال شبكة، ويكون سوء حظِّها الجديد أن أخاها ضابط في الجيش، ويتمُّ استدعاؤه ليشاهد فضيحةَ أخته، فيدفعها إلى الانتحار، ثُم ينتحر هو مثلها.

هذه الشخصية الدرامية المأساوية موجودة بشكل مكثَّف في السينما المصرية، ولذا كانت أولى نساء روايات نجيب محفوظ التي وجدت طريقها إلى الشاشة، وصارت نفيسة أكثر شهرةً من شخصيات حيوية في الفيلم، مثل حسن المليء بالتوقُّد، والذي جسَّده ممثل أعطى للشخصية توقُّدًا أكثر، لكن نفيسة ظلَّت هي الشخصية المحورية الرئيسة، رغم أن الممثلة سناء جميل لم يسبق لها أن مُنحت فرصة مماثلة طوال السنوات العشر التي سبق عملها في السينما قبل عام ١٩٦١م.

لذا فإن كاتب السيناريو وجد في نفيسة مُبتغاه، فالتزم بمساحة وجودها التي في الرواية، ولم يغيِّر من عالمها، ولم يختصر من حكاياتها، ولم يُضف من عندياته أيَّ حكاية، وجعل مصيرها السينمائيَّ مشابهًا تمامًا لما كتبه مؤلف الرواية.

وفي الفصول العشر الثانية من الرواية، هناك ربط دائم بين الأخوين حسنين وحسين، كأنهما كائن واحد؛ فهما يدرِّسان معًا لابن فريد أفندي، ويقوم الثاني بمراقبة الأول ويراجعه في نزقه تجاه موافقة بهية، وسيظلان هكذا إلى أن ضحَّى أحدهما من أجل الآخر، فاكتفى حسين بأن يتوقف عن التعليم من أجل أن يلتحق أخوه بالكليَّة الحربية. وهنا بدأ الانفصال الجسديُّ والرُّوحيُّ قبل أن يذهب كلٌّ منهما إلى عالمه؛ حسين إلى وظيفته في طنطا وعلاقته بالأُسرة التي أرادت أن تزوِّجه من ابنتها الصغيرة وآخر مَن تبقَّى للزواج، أمَّا حسنين فقد ذهب إلى الكليَّة وارتقى اجتماعيًّا، فدفعته طموحاته أن ينفصل عن بهيَّة من أجل أن يجرؤ على ركوب طبقة اجتماعية أعلى، فيتقدم لخِطبة ابنة اللواء، وكلما ارتفع بدأت علاقته الحميمة بأخيه تنفصل بشكل ملموس.

هذه الظواهر الموجودة في الرواية تمسَّك بها أبو سيف. ومن مظاهر الكتابة ما قاله المؤلِّف في الفصل «٢٥»: كان الشقيقان يجلسان حول المكتب كعادتهما كلَّ مساء، وكان حسنين يعتمد وجهه بيده غائبًا في أفكاره، تنمُّ نظراته وقضمه لأظافره من آنٍ لآنٍ على قلقه وتوتُّر أعصابه، وحسين نفسه لم يبدُ عليه أنه يجني ثمرةً تُذكر من نظره في كتابٍ مفتوحٍ أمامه، أمَّا آخر عهد حسنين بأخيه فقد جاء في الفصل «٨٤» على النحو التالي: «وسافر حسين، وانقضت أيام من فترة الانتظار التي دعاها حسنين بحدَّة تحت الاختبار، والتي عاناها في تجلُّد اضطراري، والأمل واليأس يتجاذبان، وقد أسف على سفر أخيه؛ لأنه كان يفضِّل، بلا شك، أن يتلقَّى ردَّ أحمد بك يسري وهو غير بعيد عن مشورته، كان في الحقيقة يأنس إلى مشاورته وإنْ غلب عليه الاستبداد برأيه والاندفاع وراءه، على أن إقدام حسين على الشُّروع في الزواج كان قد ترك في صدره راحة.»
إذن، فإذا كان نجيب محفوظ، قد أعلن دومًا أنه لن يتدخل في النُّصوص السينمائية التي تتحوَّل عن أفلامه؛ فالسبب أن أستاذه صلاح أبو سيف، الذي علَّمه فنَّ كتابة السيناريو، هو أول مَن أخرج له إحدى هذه الروايات فيلمًا، بدا متقاربًا إلى حدٍّ كبير مع النَّص الأدبي، وهل كان لمثل هذا الكاتب الذي كتب للسينما طوال ١٤ عامًا قبل عرض «بداية ونهاية» سوى أن يبتهج، وهو يرى نصَّه الأدبيَّ ملتزمًا به إلى حدٍّ أقرب إلى الكمال في فيلم أخرجه أستاذه؟ حيث بدا صلاح عز الدين كما أشرنا بالغ الإخلاص للنَّص، حتى الفصل الخاص بعيد الأضحى، ونزول أُسرة فريد أفندي بسلَّة اللَّحم وهدايا العيد، فإن السيناريو كُتب بشكلٍ مُبهج، مليء بالحيوية، وتمَّت الاستعانة بحوار محفوظ المُتدفِّق، بعد تحويله إلى العامية.
إذَن فالفيلم أقرب في مشاهدته إلى قراءة النَّص، مع احتفاظ صلاح أبو سيف بالتفاصيل الخاصَّة به التي لم تأتِ لا في الرواية، ولا في السيناريو، ويبدو ذلك واضحًا في الرمز الديني الموجود على حوائط المنزل، وأيضًا فوق جدران البيت المُقابل في الحارة، وأيضًا في لافتات الاحتفال بالأعياد؛ مما يؤكد أن هذا الرمز، أو الدلالات، قد استخدمها المُخرج دون الكاتب، ليعبر أكثر عن حالة أبطاله، وعلى سبيل المثال، فإن هناك لوحةً خطيَّة مكتوب عليها: «الصبر مفتاح الفرج.» موجودة في غرفة بهيَّة، حتى إذا دخلت الغرفة في أشدِّ حالات اليأس، انقسم الكادر بشكلٍ غير محدَّد، ورأينا اللوحة كأنها تخفِّف من عبء الفتاة، وذلك كدلالة على استخدام الرمز بشكلٍ عام عند المُخرج، وهناك أيضًا عبارة: «اتَّقِ شرَّ مَن أحسنت إليه.» في محلِّ البقالة، حين يأتي حسن لمساومة صاحب المحل، مُقابل إحياء حفل زفاف ابنه سلمان، أمَّا بيت المأذون في طرف الشارع، فهناك مكتوب بخط كبير: «الله. محمد. منزل المأذون.» ومثل هذا النسيج قام المُخرج بنسجه، ولم يُذكر قطُّ في الرواية، وهذا هو الفارق بين الكلمة والصورة أو الأدب والسينما، وعلى سبيل المثال، فإن الفصل «٢٩» يبدأ كالتالي: «وجاء عيد الأضحى فجذب أفكار الأسرة وعواطفها إلى وادٍ واحدٍ تلتقي فيه ذكريات الأمس واليوم. واجتمعت الأُسرة ليلة الوقفة في الصالة، حتى حسن كان بينهم.»
أمَّا الفيلم، فقد أشار لنا إلى عيد الأضحى من خلال لافتة عليها إشارة حول العيد، بشارع شبرا، ثُم بدأ المشهد الخاص بالعيد في البيت، وقد كان صلاح أبو سيف دومًا مغرمًا بعيد الأضحى، سيقدِّم شعائره في أفلام مثل «لك يوم يا ظالم» عام ١٩٥١م، وفيما بعد في «المُجرم» عام ١٩٧٧م، لكنه هنا لم يتوقف عند العيد إلا من خلال ما كتبه محفوظ في المشهد.

إذَن مشاهدة الفيلم هي قراءة أمينة للغاية للرواية، مع استبعاد ما أشرنا إليه، كما أن قراءة الرواية بمثابة مشاهدة جيِّدة للفيلم، مع اختلاف إيقاع السينما، مثل المشاهد المتلاحقة التي عرفت فيها نفيسة من أخيها أن سلمان سوف يتزوج؛ فهي تستغرق قُرابة سبع دقائق حتى يبدأ الفرح، أمَّا هذه المشاهد التي تبدو سريعة الإيقاع قياسًا للرواية، فقد استغرقت قُرابة عشرين صفحة، في طبعة الرواية الصادرة عن سلسلة الكتاب الذهبيِّ لعام ١٩٥٦م؛ مما يعني أن الفيلم المُتماسك الإيقاع كان بمثابة اختصارٍ ملحوظ.

إذن فالفيلم سار مع الرواية، يتحرك مع الزمن، يكبر الأولاد، ويحصل حسين على البكالوريا، حيث يقوم بالتضحية، ويعمل موظفًا بمدرسة طنطا الثانوية، وتصير غرفة الإخوة من الآن حجرة حسنين وحده. وقد اهتمت الرواية بالحياة الجديدة لحسين في طنطا، إلا أن السيناريو اختصر الكثير من هذه الوقائع دون أيِّ إخلال بها؛ مثلًا، لقد تجاهل الفيلم زيارة الأمِّ لابنها حسين في طنطا ذات يوم خميس. ولقد صار حسين في الفصول من «٤٤» إلى «٥٦» بمثابة الشخصية المحورية في الرواية، وهي صفحات كثيرة، اختصرها السيناريو باعتبار أن الشخصيات التي زاد الاهتمام بها في الفيلم هي حسنين وحسن ونفيسة، ويعني هذا أن نفيسة، في الفيلم والرواية، كانت تمارس البغاء، وقد بدا نجيب محفوظ كأنه يهتمُّ بشخصيَّتها ومسيرتها، فيركِّز عليها، ويلقي الضوء على كل ما تفعله لمرحلة، حتى إذا حصل حسنين على البكالوريا وطمع في الالتحاق بالكلية الحربية، أولاه محفوظ عناية خاصة، فها هو في الفصل «٥٨» يذهب لمقابلة حسن ويطلب منه المال. وقد خصص الكاتب فصولًا متتابعة للتعرف على ما فعله الابن الأصغر عقب حصوله على البكالوريا، وهذه الفصول هي: ٥٧، ٥٨، ٥٩، ٦١، ٦٢، ٦٣، ٦٤، ٦٥، ٦٦، ٦٧، ٦٨، ٦٩، ٧٠، ٧١، ٧٢ حتى يجتمع الأخَوان حسين وحسنين في الفصل ٧٣، ٧٤، ٧٥، أيْ إن المؤلِّف قد أعطى اهتمامًا كبيرًا لحسنين الذي التحق بالكليَّة الحربية وتخرج بعد سنة واحدة من الالتحاق بها. وقد زار أخاه حسن في هذه الفترة مرتين؛ الأولى كي يطلب منه النقود للالتحاق بالكليَّة، والثانية كي يطلب منه الابتعاد عن سلوكه الإجرامي. وقد تعمَّد محفوظ أن يُبعد شخصياته الرئيسة الأخرى في هذه الفصول المذكورة، سواءً حسن الذي لم نعُد نعرف عنه شيئًا إلا من خلال أخبار تأتي عنه، أمَّا نفيسة فقد خصَّص لها المؤلِّف الفصل «٦٠» فقط، أمَّا الفيلم فهو بالطبع غير مُرقَّم المشاهد أو الأحداث، مثل الرواية، حتى تأتي النهاية المعروفة التي لا تتغير قيد أنمُلة بين الفيلم والرواية؛ حيث وجد كاتب السيناريو أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، فالتزم بأن يقتل الفيلم بطلَيه مثلما فعل المؤلِّف، حيث جاء على لسان المؤلف: وبلغ الوضع نفسه من الجسر فارتفق السُّور، وألقى ببصره إلى الماء تتدافع أمواجه في هياجٍ واصطخاب، وأحنى رأسه من الفكر: إذا أردت لن أصرخ، فلأكُن شجاعًا ولو مرَّةً واحدة، ليرحمنا الله.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤