جزيرة رودس في عهد دولة إيطاليا

احتلت دولة إيطاليا جزيرة رودس في خلال الحرب التي نشبت بينها وبين الدولة العثمانية بشأن طرابلس الغرب، وكان احتلال هذه الجزيرة في مايو سنة ١٩١٢ وبقيت تحت الأحكام العرفية إلى سنة ١٩٢١، حيث حلَّت محلها الأحكام المدنية، وفي المعاهدة الدولية التي عقدت في لوزان سنة ١٩٢٣ نزلت تركيا رسميًّا لدولة إيطاليا عن هذه الجزيرة و١٣ جزيرة أخرى من جزائر بحر إيجه.

وما استتب الأمر لحكومة إيطاليا في هذه الجزيرة، حتى أخذت في تنظيم أمورها، والنظر في ما تتطلبه حالتها من الإصلاح، فعيَّنت لذلك لجانًا مؤلفة من خبراء في الأمور الهندسية والزراعية والصحية ونحوها، وأول أمر وجَّهت إليه اهتمامها إنما هو توفير أسباب الراحة وتسهيل سبل المواصلات وتعميمها في أنحاء الجزيرة، ومن الأمور التي كان لها من العناية أوفر نصيب، إصلاح أحوال الزراعة ونشر المعارف وتعميمها، وكان الشروع في إصلاح شارع الشفاليه والشارع الكبير الموصل إلى لندوس في عهد الحكومة العرفية. ولما عُيِّن الكونت بوسداري حاكمًا مدنيًّا على الجزيرة وجَّه عنايته لإنجاز هذه الأعمال، ولكن المنشآت العظيمة وأهم أعمال الإصلاح تمت في عهد الحاكم الحالي صاحب الفخامة ماريو لاجو من سفراء إيطاليا، وهو مشهور بحسن السياسة والإدارة وحبه للإصلاح والنظام.

وفي سنة ١٩٢٥ صدر أمر ملكي نص فيه على ما يأتي:
  • (١)

    يكون لرعايا تركيا الموجودين من قبل في رودس حق التبعية لدولة إيطاليا.

  • (٢)

    إعفائهم من الخدمة العسكرية.

ولما كان تفصيل ما تم في هذه الجزيرة من الأعمال والمنشآت العظيمة يستلزم شرحًا طويلًا؛ فقد اكتفيت هنا ببيانها إجمالًا، وقد اعتمدت في ما ذكرته من الإحصاءات والأعمال الفنية، على البيانات الرسمية التي تفضل عليَّ بها قسم هندسة الجزيرة.

المدارس المدرسة الملكية للبنين (سنة ١٩٢٨)
المدرسة الملكية للبنات (سنة ١٩٢٨)
مدرسة الزراعة الفنية والعملية
مدرسة علم التاريخ والآثار القديمة (الأركيولوجيا)
المستشفى المستشفى الملكي
الثكنات ثكنة الملكة للمشاة (البيادة)
ثكنة البرنس أومبرتو — للمستحفظين
ثكنات صغيرة لمستحفظي قُرى كاتانيا، وأفاندو، وسلاكو، وغيرها (وهي داخل المدينة)
المنشآت الدينية كاتدرائية القديس يوحنا
بناء قبة لأجراس كنيسة «نوتردام دلافيكتوار» (سيدة النصر)
بناء مئذنة لجامع إبراهيم باشا
دار الأسقفية
جبانة المسيحيين
جبَّانة المسلمين
مباني الحكومة سراي الحكومة
دار القومندانية البحرية
دار المحكمة
مكاتب الضرائب والرسوم
المجزر (السلخانة)
أماكن الحجر الصحي (الكورتينة)
دار الصحة البحرية
دار البريد والتلغراف
دار البلدية
الفنادق والأندية أوتيل دي روز (فندق الورد)
فندق سافوي
أوتيل دي سير (فندق الأيائل) فوق قمة جبل الأنبياء
فندق ميرامار في ضاحية ترياندا
قهوة بلَّافيستا على شاطئ البحر
قهوة رودينو
نادي الفاشست
نادي «إيطاليا»
نادي الصيد
نادي لعب الجولف
ميدان لعب الجولف
ميدان لعب التنس
السينما سينما سان جورج
سينما أكسلسيور
مساكن الموظفين عدة مبانٍ بعضها لسكن عائلة واحدة (فيلا)، وبعضها لسكن عدة عائلات
الموانئ ميناء سنت أنج
تطهير مينا مندراكي وإصلاحها
تطهير المينا التجارية
إنشاء موردة بروسالي
بناء رصيف لمينا مندراكي
الحدائق حديقة الأيائل
حديقة الفوروم
حديقة بيل أربر Bel Arbre
حديقة شارع الملك
حديقة دار الحكومة
حديقة قصر الحاكم العام
الزراعة بساتين سان مارك في قرية كاتاقيا
معهد المباحث الزراعية في قرية فيلانوفا وفيه محل مخصص للبحث في عمل المربيات وطرق تجفيف الأثمار والخضراوات
حقل التجارب الزراعية
معمل المباحث البكتريولوجية
دار تربية النحل وعمل الخلايا، حسب الطرق الحديثة
منشأة النباتات (مشتل) في قرية كوسكينو
حديقة البلدية
مغرس أشجار الغابات
معمل التحليل الكيميائي
مرصد الحوادث والظواهر الجوية (الميترولوجيا)
الشوارع كانت الشوارع الموجودة في سنة ١٩١٢ لا يزيد طولها على ٣٠ كيلومترًا، وبلغ ٩٨ كيلومترًا في سنة ١٩٢٣، وأصبح الآن ٣٢٥ كيلومترًا.
القناطر أُنشِئت سبع قناطر (كباري) بالأسمنت المسلح في عدة أماكن، عدا الجسور والمجاري التي عُملت للسيول.
وبلغ ما أُنفق على إصلاح الطرق القديمة وإنشاء الشوارع الجديدة نحو ٣٠ مليون إفرنك إيطالي
وقد تم إصلاح القناطر القديمة الموجودة في عهد الرومان، وعمل ٤ مستودعات (خزانات) كبيرة للمياه، وقد بلغت نفقات هذه الأعمال نحو ثلاثة ملايين إفرنك إيطالي.
المياه المعدنية دلت المباحث التي عملت في عدة أنحاء من الجزيرة على وجود ينابيع حارة ومعدنية، وقد فحصت مياهها لمعرفة العناصر التي تتركب منها وخواصها الطبية وشرع في استعمالها.
الخرائط والمساحة شرع المعهد الجغرافي الحربي بفلورنسا في رسم خرائط بمقياس ٢٥٠٠٠ للجزائر التابعة لإيطاليا في بحر إيجه حسب المساحة التي قامت الحكومة بعملها، وقد تمت منها الآن خرائط جزيرة رودس وجزيرة لريوز (ليروس) وجزيرة استانكوي (كوس).

ومن أعظم المباني المذكورة المستشفى الملكي وقد بُني في سنة ١٩٢٦ على أحدث طراز، وأتم نظام، وتعالج فيه جميع أنواع الأمراض الطبية والجراحية، ما عدا الأمراض العقلية والمعدية والمزمنة والمصابين بالتدرن الرئوي، وفيه قسم للولادة والعناية بالأطفال، وقسم للفحص والمعالجة بالأشعة، ومعمل كيمائي تام المعدات والأدوات.

figure
المستشفى الملكي.
figure
مدرسة البنين.
figure
مدرسة البنات.
figure
سراي الحكومة.
figure
أوتيل دي روز (فندق الورد).
figure
أوتيل دي سير (فندق الأيائل).

ومن أفخم المباني مدرستا البنين والبنات والكنيسة الكاتدرائية.

ومما شادته حكومة إيطاليا في رودس سراي الحكومة، وقد تم بناؤها في سنة ١٩٢٧.

ومن هذه المباني الفندق الكبير المُسمَّى «أوتيل دي روز» أي فندق الورد، بني سنة ١٩٢٧ على شاطئ البحر، وهذا الفندق لا نظير له في سائر المصايف الشهيرة في أوروبا، يحتوي على ١٥٠ سريرًا، و٥٠ حمامًا خصوصيًّا، وقاعات كبيرة للحفلات، وله حديقة غنَّاء وساحات للألعاب.

وعدا هذا الفندق توجد فنادق أخرى أشهرها:
  • فندق سافوي يحتوي على ٦٠ سريرًا، وهو في بقعة مركزية موافقة لإقامة من لهم أشغال في المدينة.

  • فندق الأجانب (إدارة كارياني) يحتوي على ٣٥ سريرًا، ويصلح لإقامة العائلات.

  • فندق مصر وفيه ٢٦ سريرًا.

  • بنسيون باراديزو وفيه ١٥ سريرًا.

  • وفندق رودس وفيه ٣٦ سريرًا.

  • وفندق ميرامار وهو في ضاحية ترياندا على بعد ٥ كيلومترات من المدينة، وفيه ٧٥ سريرًا.

  • وأوتيل دي سير (فندق الأيائل) وفيه ٤٠ سريرًا، وهو على قمة جبل الأنبياء، وعلوُّه ٧٩٠ مترًا عن سطح البحر، ويكتنف هذا الفندق أشجار السرو والصنوبر، ويبعد عن المدينة نحو ٥٠ كيلومترًا.

ويوجد في الجزيرة أنواع كثيرة من الحيوانات والطيور البرية والأيائل والأرانب الجبلية والحجل، ولا يجوز الصيد إلا برخصة وفي الأماكن المعينة لذلك.

ومن أشهر المعاهد متحف العاديات، وهو من أهم المتاحف وأشهرها لما حواه من الآثار التاريخية النفيسة والتحف الفنية الثمينة والمسكوكات اليونانية والرومانية والأواني الميسينية، ونحو ذلك مما وجد في أطلال كاميروس وياليسوس ولندوس، وهي المدن القديمة التي تقدم الكلام عليها.

وقد نبشت أطلال هذه المدن من قبل، وأخذ المنقبون ما عثروا عليه من الكنوز الثمينة، غير ما نقل منها إلى دار الآثار بالآستانة (موزه همايون) وما ظفر به المتحف البريطاني ومتحف كلوني بباريس، وغيرهما من متاحف أوروبا.

ومن أجمل الآثار التي وجدت في رودس وأودعت في متحفها، تمثال لأفروديت (فينوس) وهذا رسمه:

figure
تمثال فينوس.

ويفتح هذا المُتحف من الساعة ٩ صباحًا إلى الظهر، ومن الساعة ٢ إلى الغروب، وفي أيام الأحد من الساعة ٩ إلى الظهر فقط.

أما المساجد والتَّكايا والمدافن والأسبلة التي كانت موجودة من قبل، فلم يحدث فيها تغيير، بل قامت الحكومة الإيطالية بإصلاح ما تشعث منها، وأعادت بناء ما تهدم وتخرب في جبانة الرئيس مراد، وأزالت ما كان مكدسًا فيها من الأقذار والأتربة منذ مئات من السنين، وغرست فيها الأشجار والرياحين، وهذه الجبانة من أشهر جبانات رودس، وقد تقدم الكلام عليها.

figure
مدافن العظماء في جبانة الرئيس مراد.

هذا مجمل ما قامت به حكومة إيطاليا في رودس من الأعمال والمنشآت العظيمة، التي بلغت بها هذه الجزيرة أسمى درجة في النظام والعمران، وأصبحت كما كانت أيام عزها وسؤددها، درة في تاج الجزائر، وواسطة عقد الاتصال بين الشرق والغرب، وأخذ عدد الوافدين إليها يزداد عامًا فعامًا؛ لما يجدونه فيها من وسائل الراحة، فوق ما تحلت به من المحاسن الطبيعية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤