تمهيد

اعتمدنا في هذه الترجمة على نسختين:

  • الأولى هي المنشورة في لندن عام ١٨٢٨م ضمن كناش جمعه إ. كوري I. P. Cory١ بعنوان: «الشذرات العتيقة» The Ancient Fragments، ويضم إلى جانب رحلة حنون عددًا مما يسميه «بقايا الكتابات التاريخية» لمانيثو وبروسوس (الكاهن الكلداني برعوشا)، وغيرهما، كالعقيدة الهرمسية، والأثبات التاريخية القديمة، والحوليات الصورية، وتعاليم زرادشت. وقد اعتمد كوري النسخة التي كان فالكونر٢ قد اعتمدها قبله، مع اعتماد ترجمتها. وعن كوري قمت بترجمة نص الرحلة.
  • الثانية نشرها كونستانتينوس سيمونيدس Konstantinos Simonides٣ في لندن عام ١٨٦٤م بعنوان: «طواف حنون ملك القرطاجيين، حول الأرجاء الليبية من الأرض وراء أعمدة هرقل، وهو الذي كرسها للإله كرونوس، الإله الأعظم، ولجميع الآلهة المعبودة معه.»٤ وقد اقتصرت من نسخته على تذييل نص الرحلة الخاص بملوك قرطاج، والنُّساخ اليونانيين.
لقد نشر سغموند غيلينيوس Sigmund Gelenius٥ في بازل Basel عام ١٥٣٣م نص مخطوط الرحلة، ولم يتوقف نشر نص الرحلة منذ ذلك الوقت في عدة مدن أوروبية، فقد أشار ولفرد شوف في تقديم كتابه إلى ترجمة كونارد جسنر Conard Gesner، التي صدرت في زيورخ عام ١٦٠٩م. وقد ضُمنت هذه الترجمة في مخطوطات هدسون الجغرافية، وصدرت في أكسفورد ١٦٩٨م. وكذلك رحلة حنون (باللغتين اليونانية واللاتينية)، من ترجمة لاك مويلر Lac Mueller، وصدرت عام ١٦٦١م. ثم صدرت في ليدن بترجمة من أبراهام بركليوس Abraham Berkelius عام ١٦٧٤م. كما نُشرت الرحلة ضمن كتاب حول جمهورية قرطاج ألَّفه بيدرو رودرغز كامبومانس Pedro Rodriguez Campomanes، صدر في مدريد عام ١٧٥٦م. ونشرت أيضًا باللغة الألمانية مع ملاحظات وتعليقات من كونارد أرنولد شميدت Conrad Arnold Schmidt عام ١٧٦٤م. وضُمنت في: الرحالة الإغريق، من تأليف لوك هولستينوس Luke Holstenius، كما صدرت في روما عام ١٨١٩م. وصدرت في طبعة أخرى من كتاب هدسون حول الجغرافيا اليونانية في باريس عام ١٨٢٩م، وعام ١٨٥٣م.
إن معظم الترجمات التي عرضت سابقًا بمختلف اللغات نُقلت عن أصل مجهول التاريخ، ومن الثابت الآن أن النص المعروف باسم النسخة البيزنطية يُعد من أقدم الأصول المنقولة عن الأصل القرطاجي المخطوط، وهي معنونة ﺑ Codex Heidelbergensis 398، ومحفوظة في المكتبة الجامعية بمدينة هيدلبرغ. أما الاعتقاد بأنها تعود إلى القرن التاسع ق.م. (مع أقوال بأنها تعود إلى القرن العاشر ق.م.)، فهو محض افتراض خاطئ، لأن هذا الزمن أقدم بكثير من زمن الرحلة المرجح.

إنه ليسعدني تقديم هذه الرحلة إلى قراء العربية في كل مكان لإعادة استظهار جانب تكاد تفاصيله تكون مجهولةً في ثقافتنا التاريخية العامة، وهو جانب صغير، ولكنه ليس عابرًا، من جوانب الحضارة الليبوفينيقية القرطاجية التي ربما يعرف عنها الكثيرون من الخرافات والأساطير أكثر مما يعرفون من الوقائع المثبتة تاريخيًّا.

كان بي ميْل أثناء جمْع مادة «الكتاب الأرجواني»٦ وإعداده للنشر عام ٢٠٠٨م أن أضيف إليه ما يتصل برحلة حنون، فصلًا من فصوله المتنوعة، وهي تأملات وتعليقات حول تاريخ قرطاج الثقافي، إلا أن اختلاف مادة هذا الفصل حال دون ذلك، وارتأيت أن أنشره منفصلًا علَّه يؤتي مبتغاه المرجو.

إشارةٌ أختم بها هذه التنبيهات، وهي أن كلمة «ليبيا» في زمن رحلة حنون كانت تُطلق على كامل قارة أفريقيا، ولم تُعرف ليبيا الحالية بحدودها الجغرافية إلا بعد الاحتلال الإيطالي لها عام ١٩١١م والذي انتهى مع نهاية الحرب العالمية الثانية، فهي — غير ذلك — لم تكن تُعرف إلا بأسماء أقاليمها الثلاثة: طرابلس وبرقة وفزان، وكان اسم طرابلس في الغالب الأعم علمًا عليها جميعًا.

١  إسحاق برستون كوري Isaac Preston Cory باحث بريطاني في الآثار والكتابات القديمة، ولد عام ١٨٠٢م، وتوفي ١٨٤٢م. و«الشذرات العتيقة» أشهر مؤلفاته.
٢  صدر كتاب توماس فالكونر Thomas Falconer في لندن عام ١٧٩٧م، وهو يتضمن ترجمة حرفية للنص اليوناني، مزودًا بخرائط ورسوم، وعنوانه: The Voyage of Hanno, translated and accompanied with the Greek text; explained from the accounts of modern travellers; defended against the objections of Mr. Dodwell and other writers, and illustrated by maps.
٣  مؤلف ومحقق مخطوطات قديمة، ولد في اليونان عام ١٨٢٠م، وتوفي في مصر ١٨٩٠م. زوَّر عدة مخطوطات وادَّعى أنها نُسخ هلينية وبيزنطية أصلية.
٤  The Periplus of Hannon, King of the Karchedonians, Concerning the Libyan Parts of the Earth, Beyond the Pillars of Herakles, Which He Dedicated to Kronos, the Greatest God, and to All the Gods Dwelling with Him.
٥  مترجم ومدقق يوناني ولد عام ١٤٩٧م، وتوفي ١٥٥٤م. نشر الطبعة الأولى لمخطوط الطواف حول البحر الإريتيري.
٦  صدر الكتاب الأرجواني عام ٢٠٠٩م عن دار الفارابي ببيروت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤