بُعدٌ

لما دنا الموعِدُ للهاتفِ
جئتُ بقلب هائم واجفِ
وكنت قد أقفلتُ بابي كما
يُقفل باب الهارب الخائفِ
أطفأت أنواري لئلا أرى
طيفًا لغير الحب في غرفتي
مستطلعًا صوتَكِ علِّي به
أفوز بالتفريج عن كُربتي

•••

ورنَّ صوت الجرسِ المنتظرْ
فأجفل القلبُ وزاغ البَصَرْ
وخلتُ حينًا أن صدري انفَطرْ
وبتُّ أصغي بإشفاقٍ إلى
ما ينثر الدر على مسمعي
وصوتك العذب الذي شاقني
مذ غاب عن أذني ولم يرجعِ
لكنه كان بعيد المدى
فعدت لا أفهم أو لا أعي

•••

وكنتُ أرجو أن يُعيدَ لنا
حديثك العذبُ زمان الهوى
وأن أرى وجهك يحنو على
وجهي ومن ثغركِ ثغري ارتوى
فخاب ظني، إنني لم أزل
في ظلمتي عبدًا لظلم النوى
كأنما صوتك جاب الدُّنا
وطاف في الأرض وخاض القفارْ
وطار فوق الغاب، فوق الربى
فوق الجبال الشمِّ، فوق البحارْ
حتى أتاني لاهثًا مُتعبًا
مقطع الأوصال بادي العثارْ
وكنتُ من قبلُ بعيدًا إلى
حدٍّ، فزاد البُعْدَ هذا الفشلْ
وعادت الوحشة في خاطري
تقرِّب اليأس وتُقصي الأملْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤