الفصل الثاني

التركيب: بدايات

(١) الحال

تختلف اللغة الإنجليزية عن العربية في أنها لغة تركيب؛ بمعنى أنها تعتمد على ترتيب الكلمات في الجملة في إيصال معنًى محدد؛ على حين أن الفصحى المعربة تتوسل بعلامات الإعراب لتحديد المعنى. ومن ثم فالقاعدة الأولى التي يعرفها المترجم هنا، وهو يعرفها دون تلقين، هي تحويل البناء أثناء الترجمة، وعدم الالتزام بالتراكيب النحوية في إحدى اللغتين عند تحويلها إلى اللغة الأخرى، وهذا ما أسميته بالتحويل transformation في مقدمة كتاب «مختارات للترجمة»،١ وضربت عليه بعض الأمثلة البسيطة.
وأبسط أنواع التركيب ما اختص بدلالة شكل اللفظ العربي (أو الإنجليزي) على معنًى ما؛ فنحن نستخدم صيغة الظرف أو الحال في العربية التي لا تختلف عن الاسم في شيء إلا في شكلها؛ أي: في نهايتها المعربة، فتقول: «صباح» بمعنى morning مثلًا؛ فإذا قلنا «صباحًا» كنا نعني in the morning، فالتنوين والفتح هنا حوَّلا الاسم إلى الظرف؛ على حين اقتضى ذلك إيراد عبارة كاملة بالإنجليزية اتُّفق على تسميتها بشبه جملة prepositional phrase.
وبينما نفعل العكس في ترجمة الحال الإنجليزي (وهي الكلمة التي شاعت ترجمتها بالظرف خطأً)؛ فنترجم جملةً مثل go quickly ﺑ «اذهب بسرعة»، ولفظة «بسرعة» هي شبه جملة لا بأس بها (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوةٍ مريم، ١٢) بينما الأصح تحويل شبه الجملة إلى فعل؛ لأن ثمة فرقًا بين quickness التي تدل على الإسراع بالذهاب، وأي ظرف آخر يصف سرعة الذهاب (الجري أو ركوب مركبة) مثل fast وما يجري مجراها؛ ولذلك فربما كان التحويل يقتضي في هذه الحالة ترجمة العبارة ﺑ «أسرِعْ بالذَّهاب». أما «اذهب مسرعًا» فقد تعني quickly أو fast؛ ولذلك يفضلها بعض المترجمين.
والحق أن الحال في العربية قد يترجم إلى عبارة بالإنجليزية مثل الظرف، واقرأ معي الآية أَلا تُكَلمَ الناسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠)؛ حيث لا بد من ترجمة «سويًّا» بعبارة مثل with no bodily defect، أو وآتيناه الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)؛ حيث تترجم «صبيًّا» when a child أو as a child، وقس على ذلك شتَّى أنواع التحويلات المشابهة والتي يمليها السياق.
ولأضرب مثلًا من ترجمة آية فيها ظرف وجملة حال مختزلة؛ أي reduced adverbial clause من سورة يوسف؛ وهي وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (١٦)، فتفسيرها paraphrase هو أنهم عادوا إلى أبيهم وقت العشاء وهم يبكون؛ حيث توضح واو الحال التي أضفتها في الجملة أصل التركيب الذي وصفته. إن بكتول (٣٠٣) يترجم هذه الآية الكريمة كما يلي:
And they came weeping to their father in the evening
أي: إنه حوَّل عشاء إلى شبه جملة إنجليزية، وجملة الحالة المختزلة إلى gerund؛ أي: اسم فاعل إنجليزي يقابل اللفظ العربي «باكين»، ولا بأس بهذا التحويل في ذاته، غير أن وقت العشاء هو night-fall؛ لأنه يشير إلى بداية الإظلام التي تلي ساعة الشَّفَق twilight؛ فالغسق dusk؛ ومن ثم فإن in the evening أوسع دلالةً من معنى الكلمة القرآنية المحددة، وكذلك فإن المترجم يستطيع هنا، مثلما فعل في ترجمته لمعاني الكتاب الكريم، أن يحتفظ بالنظام الأصلي للعبارة القرآنية إذا أراد، دون أن يخسر المعنى شيئًا، بل قد يكون فيه فائدة للسياق؛ إذ تبدأ الآية التالية ﺑ «قالوا»؛ ومن ثم فإن تأخير الفعل «يبكون» في الإنجليزية حتى يضاهي التركيب العربي مفيد:
They came (back) in the evening to their father/and wept saying/weeping and said/ …
والمشكلة هنا جديرة بالتوقف بعضَ الوقت للنظر في سائر احتمالات الظرف والحال في الإنجليزية؛ فلو كانت كل الأحوال adverbs بسيطة؛ أي: تتكون من كلمة واحدة، أو تدل دلالةً مفردة، لَمَا برزت أية مشكلة خارج نطاق المشكلة الدلالية semantic، ولكن كثيرًا ما تكون الأحوال مركبةً مثل الصفات، وكثيرًا ما تسبقها صفات أو أحوال أخرى؛ مثل very أو extremely أو exceedingly أو outstandingly، وما إلى ذلك، فما أيسرَ على المترجم أن يترجم عبارةً مثل:
إنه يتقن عمله He does his job well؛ استنادًا إلى الحديث: «إذا عمِل أحدكم عملًا فليتقنه» أو «إنه يجيد أداء عمله»؛ استنادًا إلى التعبير المعاصر «جودة الأداء»؛ إذ إن الظرف هنا بسيط ومباشر، أما إذا أُضيفَ إليه ما يفيد درجة الإتقان بالمبالغة أو التحرز — وهما من خصائص اللغة الإنجليزية — كقولك:
(1) He does his job very well.

أو:

(2) He does his job relatively well.

فسوف تواجهنا مشكلة وصف الحال، فهل تعني العبارة الأولى «إنه يتقن أداء عمله إتقانًا تامًّا»؟ أو «إنه يؤدي عمله على خير وجه»؟ ربما كان هذا ما يفعله المترجمون المحترفون على ما فيه من افتقار إلى الدقة؛ إذ كيف، إذا استخدمنا لفظ «التمام» أو أفعل التفضيل هنا «خير وجه» (أو أحسن وجه وما إلى ذلك)، نترجم صفات المبالغة الأخرى التي سبق ذكرها في هذه الفقرة نفسها؟ هل نقبل الصور الركيكة التي تزخَر بها ترجمات المبتدئين حين يقولون: «إنه يجيد أداء عمله إجادة كبيرة» أو حتى (وقد قرأت هذا بعينَي رأسي): «بصورة كبيرة»؟

وإذا تغاضينا عن عدم الدقة هنا، فكيف نُخرج ترجمةً مقبولة للعبارة الثانية التي تتضمن ذلك المصطلح الحديث relatively؛ أي: نسبيًّا أو بصورة نسبية؟ قد يخرج المترجم من المأزق بأن يترجمها «إلى حدٍّ ما»، وهي هنا تشتبك مع صفة أخرى للحال؛ وهي rather (كقولك: rather well)، ولكن بعض النصوص تتطلب استخدام مفهوم النسبية؛ إذ قد يوحي التعبير بالمقارنة بينه وبين سواه ممن يؤدون نفس العمل، فهل يقول المترجم: «إنه يجيد عمله بصورة نسبية»؟ مع ما في هذا من رطانة بل ولكنة؟
لقد راجعت كثيرًا من النصوص المترجمة ورأيت كيف يتحايل المترجم على هذه الصعوبة؛ فبعضهم يقول: «إنه، نسبيًّا، يتقن عمله.»، والبعض يستخدم المفعول المطلق وهو أفضل: «إنه يتقن عمله إتقانًا نسبيًّا.» والبعض الآخر يفسرها قائلًا: «إنه، إذا قورن بغيره، ممن يجيدون أداء عملهم.» وقد يكون هذا التفسير غير دقيق؛ إذ قد لا تشير النسبية إلى المقارنة مع سواه، وقد تشير إلى نسبية مطلقة (مع ما في هذا من مفارقة paradox أو تناقض بليغ oxymoron)، وإن كانت كلمة relatively تُستخدم في أغلب الأحيان اصطلاحًا كمرادف أنيقٍ لكلمة rather (أو كتنويع أنيق elegant variation كما يذكر. Fowler)
والوعي بهذه المشكلة قد يساعد المترجم المحترف على مواجهة بعض الصعوبات في هذا السبيل؛ إذ تجتمع لديه على مر السنين عدة حلولٌ لكل تعبير على حِدَة، وإن كان يستطيع أن يطبق بعض القواعد العامة في ترجمة الحال adverb؛ من بينها:

(١-١) استعمال المفعول المطلق المشتق من الفعل

ابتسمت ابتسامةً أخَّاذةً وقالت ..

Charmingly she smiled and said..

(١-٢) استخدام أشباه الجمل

(أ) صاح بصوتٍ عالٍ.

(a) Loudly he shouted..

(ب) همست بنبرات وَدودة.

(أو تنم عن حبها)

(b) She whispered lovingly..

(ﺟ) قال بلهجة قاطعة ..

(c) Decisively he said..

(١-٣) محاولة بناء جملة جديدة تفسيرًا للحال

(أ) وقادها حدسها إلى محاولة كسب الوقت.

(a) She intuitively played for time..

(ب) وتطلَّع كل منهما إلى صاحبه برهةً، دون أن يرتسم تعبيرٌ ما على وجه أي منهما.

(b) Seemingly blankly, they stared at each other for a moment..

وقد يختلف المترجمون بطبيعة الحال في تفسير الموقف الذي تدل عليه الكلمات؛ فالصيغة الواردة هنا تمثل تفسيرًا واحدًا وحسب؛ إذ ربما قال مترجم آخر:

«وأخذ كل منهما يحملق في صاحبه، دون أن يبدو على أي منهما ما يدل على انفعال ما.»
أو «ودون أن يُظهر أي منهما ما يجول بخاطره، حدَّق كل منهما في وجه الآخر هنيهةً.»

واختلاف التفسير مشكلة دلاليةٌ سبقت الإشارة إليها؛ ولذلك لن نخوض فيها، فما يهمنا هنا هو التركيب.

(١-٤) الاستعاضة عن صفات الحال بكلمات لها معنًى محدد؛ كشأن العربية التراثية

إنه صبٌّ وامق

He is passionately in love.

أو «بجوانحه غرامٌ مشبوب»، وما إلى ذلك.

وما أصعب تلك الكلمات التي تصف الدرجة؛ مثل: much وvery much. وإذا كانت العربية التراثية سوف تهُبُّ لنجدتنا في المفاهيم الإنسانية العامة، فلا بد أن نطوِّعَها لتدبر لنا المعاني الدقيقة التي ما تفتأ تواجهنا في ترجماتنا من الإنجليزية المعاصرة.

وانظر مثلًا ظاهرة تحويل صفة إلى حال في الإنجليزية:

(1) He criminally assaulted his rival.

(١) اعتدى اعتداءً جنائيًّا على منافسه.

(2) He surprisingly left for Rome, never to come back.

(٢) فاجأنا بالرحيل إلى روما، ولم يعُد منها أبدًا.

(3) They willingly surrendered to the enemy.

(٣) رحَّبوا بالتسليم للعدو/لم يمانعوا في التسليم للعدو/ سلَّموا عن طيب خاطر …

فإذا أضفت very إلى كل من الأحوال (adverbs) في العبارات السابقة، كان لا بد لك من استعمال كلمة مختلفة في كل مرة؛ ففي الحالة الأولى يمكنك أن تضيف «جسيمًا»؛ لتصف الاعتداء الجنائي، وفي الجملة الثانية يمكنك أن تستخدم الأسلوب الأول (رقم ١)؛ أي: المفعول المطلق + الصفة «فاجأنا مفاجأة كبرى»، وفي الجملة الثالثة يمكنك أن تضيف «كل الترحيب» بعد رحبوا، وهلم جرًّا.

(٢) التفضيل

والمشكلة الأكبر من ذلك هي إدراج أسلوب المفاضلة في الإنجليزية؛ سواء بالنسبة للصفات أو الأحوال. واستخدام أفعل التفضيل بالنسبة للصفات البسيطة يسيرٌ في ترجمته؛ فترجمة الكلمات التي اتفقنا على مرادفاتٍ لها بالفصحى منذ الصبا يسير؛ فقولك: «هذا سهل» ترجمة ﻟ this is easy لا خلافَ عليها؛ ومن ثَم «هذا أسهل»؛ أي: this is easier، وعكسها «هذا صعب» this is difficult؛ ومن ثم «هذا أصعب»؛ أي: إن الكلمة العربية تقبل صيغة أفعل التفضيل، وهذا فضل من الله ونعمة. أما إذا كانت لا تقبل ذلك واضطر المترجم إلى إيجاد تركيب «أكثر + المصدر» فسوف تبدأ المصاعب؛ فبعض الصفات تعطيك مصادرها دون لَأْي:
فمثلًا more brilliant تعطيك «أكثر لمعانًا/تلألؤًا/تألُّقًا، إذا كان هذا هو المعنى الذي تقصده، أو «أكثر نبوغًا/عبقريةً»، وهلم جرًّا. وبعضها يعطيك مصدرًا غريب الوقع على الأذن أو يستعصي استخلاص مصدر منه، فإذا كنت تريد استخدام أفعل التفضيل من bright، لا بمعنى ساطع أو لامع، بل بمعنى «وضَّاء» أو «نيِّر» وكنت تصر على استخدام أي من هاتين الكلمتين في السياق العربي، فلن تجد بدًّا من استخدام مصدر «الضياء» و«النور» (أكثر ضياءً/نورًا)، وهما يَقصُران عن إبلاغ رسالتك إلى القارئ بنفس قوة الصفة غير المفاضلة.
وإذا أردت استخدام bright بمعنى فاقع اللون؛ كقولك: bright yellow‏، فسوف تجد صعوبة في ترجمة more bright/brighter هنا؛ هل تقول: «أكثر فقعانًا»؟ وإذا خطر لك ترجمة التعبير نفسه لتصف مزاج شخص حين يكون طبعه البشاشة والمرح of a breezy and jovial disposition‏، وأردت استخدام صيغة التفضيل هنا، فسوف تكون مقيدًا بالكلمات التي تعطيك المصدر دون عناء (أكثر بشاشةً ومرحًا). أما إذا أردت استخدام تعبير مثل «طلق المحيا» فسوف تَحار في إيجاد صيغة مقبولة، وقِس على هذا شتَّى الصفات التي نترجمها بكلمتين أو ثلاث.
إن كلمة expansive (للأشخاص) قد تدل على البشاشة أيضًا أو «انشراح الصدر» (والتفضيل في الحالتين ممكن)، وقد تدل على الميل إلى الانطلاق في الحديث دون تحفُّظ.
He was in an expansive mood and told me all about it.
أي: إنه: كان بشوشًا فانطلق وأخبرني بكل شيء عن الموضوع.

فإذا أضفت صيغة التفضيل:

Though more expansive, his wife was more conscious of the pitfalls involved and only cautiously did she deal with the issue.
بمعنى: إن زوجته، رغم أنها كانت أكثر بشاشةً أو أكثر ميلًا للانطلاق في الحديث، كانت أشدَّ منه وعيًا بالمحاذير التي تكتنف القضية فلم تتناولها إلا بحذر.

ويمكنك، بطبيعة الحال، أن تقول: أكثر انطلاقًا في الحديث، ولكن هذا يبتعد بك عن معنى الكلمة.

والحق أن اتجاه الكاتب الإنجليزي إلى استخدام أفعل التفضيل مع جميع الصفات والأحوال يوقِع المترجم في مشاكلَ لا يمكن حلها دون إعادة صياغة الجملة، عن طريق التحويل transformation؛ فالكاتب الإنجليزي يستخدم more في حالاتٍ كثيرة:
I told him that as the issue appeared more internal than external, the government should not seek international assistance.
أي: إنني «أخبرته بأن القضية كانت فيما يبدو أقرب في طبيعتها إلى القضايا الداخلية منها إلى القضايا الخارجية؛ ومن ثَم فيجب ألا تسعى الحكومة إلى طلب المساعدة في حلها من المجتمع الدولي

وهذه جملة يسيرة لأن أسلوب المفاضلة هنا قائمٌ، والمقارنة بين شيئين تعين المترجم على التحويل، ولكن انظر معي إلى ما يمكن أن يفعله المترجم حين يحذف الكاتب العنصر الآخر في معادلة المقارنة:

More confidently, though his voice still betrayed his earlier fears, he said he would accept the offer. “It is a most arduous job”, the Director said, “but you will of course be assisted by our secretaries.” Decidedly more interested in a job where pretty girls would “assist” him, the boy mumbled that he was glad. “I shall be more careful”, he thought, “I won’t lose it easily”. A week later he was sacked.
ففي الجملة الأولى نجد أن تقدير العنصر الآخر المحذوف هو «عن ذي قبل than before»، وفي الجملة الثانية تستخدم للتدليل على درجة صعوبة العمل، ولا تتضمن أية مقارنة، وفي الجملة الثالثة نجد أن تقدير العنصر المحذوف «أكثر من غيره than in others»، وفي الجملة الرابعة إيحاء بأنه أيضًا «عن ذي قبل»، وإن كان المعنى العام يشير إلى درجة الحرص الذي سيبذله:
«قال بمزيد من الثقة، رغم أن نبرات صوته كانت لا تزال تنمُّ عن مخاوفه الأولى، إنه يقبل العمل الذي عرض عليه. ورد المدير قائلًا: «إنه عمل مرهق إلى أبعد الحدود، ولكن سكرتيراتنا سيساعدنك بطبيعة الحال.» وازداد اهتمام الصبي قطعًا بعمل يتلقى فيه «المساعدة» من السكرتيرات الجميلات، فغمغم قائلًا إنه سيسره الحصول على تلك الوظيفة. وقال في نفسه: «سوف أعتني بعملي عناية كبيرة، ولن أتهاون فيضيع من يدي.» وبعد أسبوع واحد، طرد من العمل.»
وهذه حلول يسيرة يمليها السياق، أما الحلول العسيرة فهي التي تقتضيها صيغة أفعل التفضيل في الصفات التي تتكون من اسم الفاعل present participle أو اسم المفعول past participle، وقد مرت بنا صفةٌ من هذا النوع (more interested) في الجملة الثالثة في النص السابق، وترجمت تحويليًّا إلى «ازداد اهتمام»، ولكننا تقابل في كل مستويات اللغة الإنجليزية صفاتٍ من هذا النوع، ومعظمها يتطلب التحويل إذا استُخدم في صيغة المفاضلة:
English Literature is taught at secondary schools on a more limited scale.
يدرَّس الأدب الإنجليزي في المدارس الثانوية على نطاق أضيق.
أي: إننا تجنبنا تمامًا كلمة محدود التي نستخدمها ترجمةً للصفة، بل إننا قد نتجنبها أيضًا عند استخدام الصفة نفسها مع very وغيرها من الصفات المشددة intensifiers، التي سبق ذكرها؛ فإذا قلت:
The classical repertory of the National Theatre has become limited.

استطعت أن تترجمها:

«لقد أصبحت المسرحيات الكلاسيكية التي يقدمها المسرح القومي «محدودةً» أو قليلة العدد.»

ولكنك إذا قلت:

His extremely limited knowledge of agriculture was an anomaly ridiculed by his farmers.

فلا بد أن تتحاشى هنا كلمة «محدود»، وإلا خرجت ترجمتُك ركيكة، والأفضل تقسيم هذه العبارة إلى عبارتين هكذا:

  • (١)

    كانت معرفته بالزراعة بالغة الضآلة (ضئيلة إلى درجة بالغة)، وكانت هذه من الغرائب (المفارقات) التي أثارت سخرية (استهزاء) المزارعين الذين يعملون لديه.

  • (٢)

    لم يكن يعرف عن الزراعة إلا أقل القليل، وكانت تلك مفارقة جعلت المزارعين (الذين استأجرهم) يضحكون منه.

    أما إذا ترجمتها كما هي في تركيبها الإنجليزي فستكون أقل توفيقًا:

  • (٣)

    كانت معرفته المحدودة جدًّا بالزراعة مفارقةً يسخر منها مزارعوه.

وما قلته عن أسماء المفعول يكتسب أهمية بالغة في سياق اللغة الصحفية الشائعة؛ فالإنجليزي لا يرى بأسًا في أن يصف منطقة يُحظر فيها الدخول على غير العاملين بأنها restricted area، وترجمتها قد تكون «محظورة لغير العاملين» أو «منطقة أمنية» بلغة صحافة اليوم. ولا يرى بأسًا كذلك في أن يضيف إليها more سواءٌ في التركيب نفسه أو سواه. وهنا يحار المترجم لأن الحظر مطلَق لا نسبي، فكيف تفاضل بين درجاته؟ وقد تَرِد في سياق اقتصادي مثلًا كقول بعضهم:
The restricted avenues open to the government, if it was to develop the economy along the liberal lines initiated by the President, placed an unprecedented burden on the minister.
ومعناها: «إن السبل المتاحة للحكومة لتنمية الاقتصاد بالنَّهج الليبرالي الذي وضعه رئيس الجمهورية؛ محدودة؛ مما أثقل كاهل الوزير بأعباء لم يسبق لها مثيل.»

فإذا أضاف الكاتب لها صيغة التفضيل، اضطر المترجم إلى التصرف بالتحويل:

With more restricted freedom, he was unable even to think. …
«عندما ازدادت القيود المفروضة على حريته، أصبح عاجزًا حتى عن التفكير

ولنأخذ الآن مثلًا يتضمن صفةً وحالًا يتطلبان التحويل، إلى جانب عبارة تتضمن التفضيل:

Charmed by the disciplined manner of the young L. A., all the more so because she was exceptionally mealy-mouthed, he simply lived in the library.
«سحرته أمينة المكتبة الشابة بأدبها وانضباطها (في العمل)، وزاد من سحرها كلامها المعسول الذي يندر وجوده، فجعل يُكثر من تردُّده على المكتبة حتى كاد يقيم فيها.»
وأرجو أن يلاحظ القارئ أنني اقتبست هذه الجملة أيضًا بسبب احتوائها اختصارًا خاصًّا بالسياق ولا يُستخدم خارجه؛ وهو library assistant، وبسبب التحولات الكثيرة التي طرأت على ثلاثة من أسماء المفعول المستخدمة صفات؛ وهي charmed وdisciplined وmealy-mouthed، وعلى الحال exceptionally، والذي عادة ما نترجمه ﺑ «استثنائي» وهنا تصبح، طبعًا «بصورة استثنائية»، ولما لم يكن ثمة مجالٌ للاستثناء ولا لصوره، فقد ترجم الحال إلى معناه المقصود، فالاستثناء يعني القلة أو النُّدرة.

وسوف يلاحظ القارئ أن اسم المفعول الأول تُرجم إلى فعل، والثاني إلى اسمين معًا (وشبه جملة)، والثالث إلى اسم موصول وجملة صلة. أما تعبير المفاضلة فقد تحوَّل إلى جملة مفيدة. كما سيلاحظ أن المترجم هنا عمَد إلى شرح العبارة الأخيرة بدلًا من ترجمتها كما هي، وهذه قضية سوف نناقشها بإذن الله في فقرة قادمة.

وقبل أن نناقش تراكيب العبارات ينبغي أن نشير إلى أن صيغة المفاضلة تُستخدم كثيرًا لا للتدليل على التفضيل الحقيقي، ولكن من باب الاحتراز في التعبير، أو في إطار الاصطلاحات السائرة؛ فأما الاحتراز فيتجلَّى في عبارات مثل:

I’d be grateful if you corrected my more obvious mistakes.
فتعبير more obvious لا يعني إلا الأخطاءَ الواضحة، ولا يتضمن مقارنةً مع غيرها من الأخطاء أو تحديدًا لدرجة الوضوح. وترجمة … I’d be grateful if اصطلاحًا هو «هل تسمح ﺑ» أو «من فضلك» وليس «سأكون ممتنًّا لك إذا»، ولنأخذ مثلًا على هذا التحرز في التعبير من رواية معاصرة:
More resigned than sad, she listened to the lawyer as he went through the various items of the will; she was more inclined to cry when the monotonous voice petered out into a meaningless hum. Nobody seemed to notice her existence: she was excluded from the inheritance, and from life.
كانت تُصغي إلى المحامي وهو يقرأ شتَّى بنود الوصية، وهي أقرب إلى الاستسلام للواقع منها إلى الحزن على ما حل بها. وعندما خبا صوتُه الرتيب وأصبح طنينًا خافتًا لا معنَى له، أحسَّت بأنها تريد البكاء. لم يكن أحد يشعر بوجودها، لقد حُرمت من الميراث؛ وبذلك حُرمت من الحياة.»
أما الاحتراز في العبارة الإنجليزية الأولى فهو من طبيعة تلك اللغة، وهو احتراز لا تعرفه العربية، فالكاتب الذي يصور حالة الفتاة من وجهة نظرها هي؛ يعكس ما يدور بخلدها، ويقول في الواقع إنها كانت مستسلمةً وحزينة معًا، ولكن درجة الاستسلام أكبر من درجة الحزن؛ ومن ثَم فإن more inclined في السطر الثالث تشير إلى غلبة الحزن عليها عندما شرع المحامي في قراءة النصوص القانونية التي لا تفهمها، ومن ثَم بدت لها جوفاءَ لا معنَى لها، وبدا لها صوته طنينًا أجوف. ولذلك فقد تُرجم هذا التحرز في طريق نقل وجهة النظر «أحست بأنها تريد.» ولذلك أيضًا حذف المترجم seemed لأن نقل وجهة النظر يكفي لنقل المعنى الكامن فيها.
أما استخدام أسلوب التفضيل اصطلاحيًّا، فأشهر أمثلته استخدام كلمة better وworse وما لفَّ لفَّهما؛ فالظامئ الذي يشرب ماءً باردًا يروي غُلَّته فيصيح That’s better! لا يعني «هذا أفضل!» «ولكنه يعني «الحمد لله!» وكذلك من يقول لك ردًّا على سؤالك عن حاله: It could be worse!، فإنه أيضًا «لا بأس!» (أو بالعامية المصرية: نحمدوه!) وفي هذا ما فيه من عدم الرضى! والإنجليزية الاصطلاحية تعرف تعبيرات مثل:
I have seen worse days.

أو:

I have seen better days.
فالأولى تُستخدم بالمعنى الذي سلف، والثانية للشكوى والتذمُّر، ولا علاقة لأي منهما بالمفاضلة الحقيقية؛ ومن ثم لا يترجم المترجم أيًّا منهما ﺑ «رأيت أيامًا أسوأ/أفضل!» ومَن منا يجهل الكلمات الشهيرة التي تقال أثناء حفل الزواج في الغرب: for better or for worse till death do us part! أي: «في السراء والضراء (في الحلوة والمرة) حتى يفرِّق بيننا الموت!»؟ وقس على ذلك الاصطلاحات الشائعة مثل I got the better of him أي: «غلبته» (انتصرت عليه)، أو You had better not try أي: «أحذرك من محاولة ذلك.» أو التعبير الشائع في مسلسلات التليفزيون:
Come, come! You can do better than that!
أي «العب غيرها» (أو قُصَّ عليَّ رواية أقرب إلى التصديق!) أو هذا التعبير: He wanted to marry her but thought the better of it أي: «كان يريد أن يتزوجها ولكنه غيَّر رأيه (عدل عن رأيه).»
وفي إنجلترا يرسل الصديق بطاقةً اسمها a get-better card إلى صديقه المريض، ومعناها: أتمنى لك الشفاء العاجل، وهكذا. وما أقوله هنا عن better يكاد ينطبق على worse، وأهم تعبير أذكره في هذا الصدد هو none the worse مثلًا: He flunked his exam but is none the worse for it.؛ أي: «رسب في الامتحان ولكن ذلك لم يُضِرْه على الإطلاقI shall respect you none the worse if you confess to the theft.؛ أي: «لن يؤثر اعترافُك بالسرقة في مدى احترامي لك.»

(٣) الأفعال مع الأدوات

من أشكال التركيب البسيطة أيضًا؛ أي: على مستوى الألفاظ؛ اقترانُ الأفعال في الإنجليزية بحروف أو أدوات particles، تغيِّر من معناها تغييرًا يكاد أن يكون كاملًا، وهذه مشكلة لا نستطيع أن نمرَّ بها مرورًا عابرًا في هذه البدايات؛ لأنها تتصل أيضًا بخَصيصة من خصائص اللغة الإنجليزية يندُر وجودها في العربية. ويحضرُني من أمثلتها في العربية الفرقُ بين «يرغب في» (يريد) و«يرغب عن» (ينفر ويزهد)، والفرق بين «النظر إلى» (التطلع) و«النظر في» (البحث) وما إلى ذلك. أما في الإنجليزية فتشيع هذه حتى لتكاد أن تكون عامةً وأساسيةً. ورغم إيراد القواميس الإنجليزية للفروق الدقيقة، ومحاولة بعض القواميس المتقدمة تبيانَ معظمها وترجمته، فإن الفيصل في كل حالة هو السياق. وانظر معي إلى هذه العبارات التي تجمع عددًا من المعاني التي تتولد من تغيُّر الحروف المستخدمة مع كلمة واحدة هي concern (وقد حذفتُ أجزاءً من الفقرة الطويلة لأجمع هذه العبارات معًا):
AI (Amnesty International) raised its concerns … at the UNHRC, particularly as the situation snowballed … We certainly are concerned for the safety of civilians caught in the crossfire between the insurgents and government forces … Their safety should be the concern of all nations of the world …
«أثارت منظمة العفو الدولية بواعث قلقها في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة؛ خصوصًا بعد تدهور الموقف … ونحن حريصون ولا شك على سلامة المدنيين الذين وقعوا ضحية التناحر بين المتمردين وقوات الحكومة، وينبغي أن تكون سلامتهم موضع اهتمام شعوب العالم قاطبة …»

فالكلمة توحي بهذه المعاني التي يُدرج القاموس للمترجم بعضها ويغفل البعض الآخر، والمترجم مِن ثَم في حاجة إلى القاموس الإنجليزي لتتضح له جميعُ المعاني التي تختلف باختلاف الحروف، والفيصل في النهاية هو السياق. وكلما ازدادت خبرة المترجم بالسياقات المختلفة، ازدادت قدرته على اكتشاف الاختلاف في المعنى.

وإلى جانب اختلاف الحرف الواحد، من عادة الإنجليز استخدامُ بعض الأفعال مع حرفين في نفس الوقت؛ مما يتطلب مهارةً خاصةً في حدس المعنى، وليس القاموس دائمًا بمغنيك في هذا؛ ولذلك فأنا لا أكِلُّ من تأكيد أهمية السياق واكتساب قدرة الترجمة من واقع اللغة الحية لا من القواميس.

فالذي يقول لك:

I accepted the offer, not knowing what I had let myself in for!
فإنما يشتكي في الحقيقة من توريطه في شيء لا يحبه، وإن كان المعنى الموحى به غيرَ وارد بصورةٍ مباشرة في الألفاظ، فترجمة العبارة ترجمةً دقيقةً حتى على يد محترف؛ لن تُخرجه كاملًا: «قبلت العرض الذي قدمه لي، وأنا أجهل ما ورطت نفسي فيه.» فالتوريط يوحي بأن العرض له جوانب بغيضة، ولكنه لا يتجاوز حدود الإيحاء؛ ولذلك فاستخدام الأفعال مع الحروف شائع في مواقف الحياة العملية واليومية؛ حيث اللغة الحية ذات النبرة أو النغمة tone المتفاوتة بين الجد والهزل، والزاخرة بالإيحاءات والدلالات الهامشية؛ وخصوصًا ما اصطُلح على تسميته باللغة غير الرسمية informal (ومستوياتها من عامية ودارجة ولغةِ حِرفة)، وإن كانت هذه التسمية غير دقيقة، وإنما هو اصطلاح للمقابلة بينها وبين الفصحى المكتوبة أو المستخدمة في دراسة العلوم والآداب، والتي تسمى formal، وما هي بلغة خاصة، ولكنها تمثل مستوًى وحسبُ من مستويات الإنجليزية، وليس معنى ذلك أن استعمال هذه الحروف غير شائع في اللغة «الرسمية»، ولكنه أقل شيوعًا؛ لنزوع تلك اللغة إلى استخدام كلمات لها معنًى محدد؛ مثل arrive أو reach بدلًا من get to أو get at (بمعنى: يصل) وكلمة revere بدلًا من look up to (بمعنى: يُجِل) وكلمة exhausted بدلًا من done in أو run down (بمعنى: مجهَد). وابن الإنجليزية يقول: I looked about for it (أي: بحثت عن الشيء)؛ أي: searched أو sought، وينزع إلى أن يتساءل: What did you do that for? بدلًا من Why، وget off بدلًا من alight أو dismount (أي: يترجل)، وget by heart بدلًا من learn (إما by heart أيضًا أو by rote)، وربما كان مكمن الصعوبة للمترجم هنا هو الدلالات الهامشية؛ إما تلك المتصلة بالسياق أو بالنبرة الموجَّهة للقارئ؛ فأما الدلالات الهامشية فهي مهمة، فمن يقول:
When in London I looked up my supervisor: he was still at the same old place, and his old cheerful self.
يعني أنه انتهز فرصة زيارته للندن ليرى أستاذه المشرف، فزاره في منزله القديم [بعد غيبة طويلة] ووجده مَرِحًا كالعادة. والكلمات التي وضعتها بين قوسين مربعين هنا هي الدلالة الهامشية للتعبير الشائع look up؛ ولذلك فهو هي يختلف عن قول بعضهم:
When in London I looked in on Mrs Brewster: I just wanted to say hello.

يعني أنه انتهز فرصة زيارته للندن ليزور السيدة بروستر زيارةً خاطفة (أو دون موعد سابق) ليُقرئها السلام. ومثل هذا قول الآخر:

There’s nothing really! I was in the neighbourhood, so I decided to look by!

وهو يعني أنه كان في المَنطِقة فقرَّر أن يزور صاحبه زيارةً مفاجئة؛ أي: دون موعد سابق.

والواضح أن مثل هذه التعبيرات، أقرب إلى مثيلاتها في العامية المصرية منها إلى تعبيرات فصحى، تعتبر ترجمةً للكلمات الإنجليزية لا لمعناها؛ فعبارة There’s nothing really هي العامية «لا مافيش!» أو «لا أبدًا!» ولا تعني إطلاقًا «لا يوجد شيء في الواقع!» ولكن هذه قضية أخرى.
وثمة مشكلة تتصل بتعدد معاني نفس الفعل مع الحرف الواحد، ولذلك فما أعسرَ الاتفاق على صيغةٍ عربية مقابِلة واستعمالَها في كل سياق! فتعبير make out الذي أشاعه الأمريكيون بمعنى يفهم (وورد في سياق كتاب لتعليم الإنجليزية) ليس غريبًا على أهل بريطانيا، ولكن التركيب أكثر شيوعًا بمعنى يدرك أو يتبين شيئًا (على البُعد) أو خطًّا (غير واضح):
I can see a figure coming but can’t make out who!
أي: «أرى شخصًا قادمًا ولكني لا أستطيع أن أتبين (أعرف) من هو
Look at these squiggles! Can you make out what the letter says?

أي: إن خط الكاتب مثل «نبش الفراخ»؛ ولذلك يسأل السائل المخاطَب إن كان يستطيع قراءة الرسالة.

وإلى جانب ذلك فإن make out تعني شيئًا مختلفًا تمامًا حين تقع في سياقات أخرى؛ فقد تقول مثلًا:
There are so many to invite; I must make out a list.
أي: «ما أكثرَ الذين نريد دعوتهم! لا بد أن أُعِدَّ قائمة بأسمائهم.»

أو:

I have no ready cash on me; shall I make you out a cheque?
أي: «ليست معي نقود حاضرة؛ هل أحرِّر لك شيكًا بالمبلغ؟»
بل قد يسألك سائل: How are you making out?

بمعنى «عامل إيه؟» بالعامية المصرية؛ أي: هل استطعت التغلب على الصعوبات التي كانت تواجهك؟ هل نجحت؟

وهنا لا بد من التنبيه، قبل الانتقال إلى نقطة أخرى، إلى ضرورة ما ذكرته في المقدمة من تحرير الذهن من الكلمة العربية التي ارتبطت منذ الصبا بالكلمة الإنجليزية التي يتحول معناها بالحروف؛ فكلمة swear ترتبط في ذهن كل طالب بالحلف أو القسم أو أداء اليمين، وهو يقابلها في مسرحية هاملت (Hamlet) لشكسبير فتستقر هناك بهذا المعنى ولا تَبْرَح؛ ولذلك فهو يترجم مطمئنًا تعبيرًا مثل to swear in a witness بمعنى: جعل الشاهد يحلف اليمين في المحكمة، أو swearing-in ceremony بمعنى: مراسيم أداء اليمين للوزارة الجديدة مثلًا، أو he was sworn in as President بمعنى: أدَّى اليمين في حفل تنصيبه رئيسًا للجمهورية، وقد يتجاوز هنا معنى أداء اليمين ليقول: «إنه نُصِّب رئيسًا للجمهورية في يوم كذا مثلًا.» وكذلك سيترجم باطمئنانٍ تعبيرًا مثل he was sworn to secrecy؛ أي: أقسم ألا يُفشي السر، فالحرفان in وto لم يغيِّرا من معنى الكلمة، ولكن استخدام الكلمة حتى مع حرف من هذين الحرفين في سياق آخر يأتي بمعنًى آخر:
They say they are all agreed, but I won’t swear to it.
أي: «يقولون إنهم وافقوا جميعًا، ولكنني لست متأكدًا» (أو لا أستطيع الجزم بذلك)؛ فمعنى القسم هنا غير وارد، وكذلك التعبير الذي سمعته أولَ مرة عام ١٩٦٦م حين ذكر لي أحدُ الإنجليز في معرض انتقاده للفرنسيين:
They have a rotten kind of cheese, but they swear by it!
أي: إن «لديهم نوعًا منتنًا من الجبن، ولكنهم يقدسونه!» وعمومًا قد يَرِد تعبيرُ to swear by بمعنى الثقة أو الإجلال، وعادةً ما تكون تلك الثقة ضمنيةً وغيرَ مصرح بها. وما بالك بالاستخدام الشائع لنفس الفعل مع at؛ بمعنى يسبُّ أو يشتم أو يجدِّف في الدين:
He kept swearing at her as though she was a real enemy.
«ظل يسبُّها كأنما كانت حقًّا من أعدائه.»؛ ومنها، بطبيعة الحال، swear words؛ وهي ألفاظ السِّباب.
١  محمد عناني: مختارات للترجمة، القاهرة، دار غريب ١٩٨٦م.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤