الفصل الثامن

نهر واحد أخير للأردن

يزعق رجل من فوق منصةٍ صغيرة مصنوعة من صندوق للصابون في الجادة الثانية وشارع هيوستن أمام مقهى كوزموبوليتان: «… هؤلاء الناس يا سادة … عبيد للأجور كما كنتُ … قابضون على أنفاسكم … إنهم يأخذون الطعام من أفواهكم. أين كل الفتيات الجميلات اللواتي اعتدت رؤيتهن يمشين ذهابًا وإيابًا في الشارع العريض المشجَّر؟ ابحثوا عنهن في الملاهي الليلية بشمال البلاد … إنهم يستنزفوننا يا أصدقاء … هؤلاء العُمال التابعون، العبيد كما ينبغي أن أقول عنهم … إنهم يأخذون عملنا ومُثُلنا ونساءنا … إنهم يبنون فنادق بلازا، ونوادي المليونيرات، ومسارحهم التي تُكلِّف الملايين وبوارجهم، فماذا يتركون لنا؟ … يتركون لنا هوس الشراء، والكُساح، والكثير من الشوارع المتسخة المليئة بصناديق القُمامة … تبدون شاحبين أيها الرفاق … أنتم بحاجة إلى الدماء … لمَ لا تسري الدماء في عروقك؟ … قديمًا في روسيا كان الفقراء … لم يكونوا بهذا الفقر مثلنا … كانوا يعتقدون في وجود مصاصي الدماء، وهي أشياء تأتي لتمتص دمك في الليل … هذه هي الرأسمالية، مصاص دماء يمتص دماءكم … في النهار … و… الليل.»

بدأت الثلوج في التساقط. رقائقها ذهبية أمام مصباح الشارع. وعبر الزجاج المسطَّح، يمتلئ مقهى كوزموبوليتان بصدوع من الدخان الشبيهة بالعقيق الأزرق والأخضر كحوض سمك موحل، حيث تستدير الوجوه زهراء حول الطاولات كأسماك غير متناسقة. تبدأ المظلات في الظهور في مجموعات في الشارع المكسو بالثلوج. يرفع الخطيب ياقته ويمشي بسرعة شرقًا على طول هيوستن، ممسكًا بعلبة الصابون الموحلة بعيدًا عن بنطاله.

تتمايل الوجوه، والقبعات، والأيدي، والصحف في عربة مترو الأنفاق الصاخبة العطنة كرائحة الذرة في مقلاتها الشبكية. مرَّ قطار وسط المدينة السريع مدوِّيًا بضوئه الأصفر، حيث تتداخل النافذة في الأخرى حتى تصبح كحراشف.

قال ساندبورن لجورج بالدوين الذي كان مُعلِّقًا يده بحزام بجانبه: «انظر يا جورج، يمكنك أن ترى تقلُّص أطوال لورينتز.»

«بل سأرى ما بداخل صالة استقبال حانوتي إن لم أخرج من مترو الأنفاق هذا سريعًا.»

من الجيد أن يتفوَّق حكم الأثرياء بين الحين والآخر كي نرى كيف يتحرَّك النصف الآخر من الناس … ربما سيجعلك ذلك تحفِّز بعض زملائك الصغار في تنظيم تاماني هول السياسي للتوقف عن التنازع وإعطائنا نحن عبيد الأجور بعض وسائل النقل اللائقة … يا إلهي، يمكنني أن أقول لهم شيئًا أو اثنَين … أُفكِّر في إقامة سلسلة من منصات متحركة لا نهائية في الجادة الخامسة.»

«هل دبَّرت ذلك الأمر عندما كنت في المستشفى يا فيل؟»

«لقد دبَّرت الكثير من الأشياء أثناء وجودي في المستشفى.»

«اسمع، لنخرج في محطة جراند سنترال ونمشِ. لا أستطيع تحمُّل هذا … لست معتادًا عليه.»

«بالتأكيد … سأتصل بإلسي وأقول لها إنني سأتأخر قليلًا عن موعد طعام العشاء … فأنا لا أراك كثيرًا هذه الأيام يا جورج … مرحى، إن الأمر كالأيام الخوالي.»

في كومة متشابكة من الرجال والنساء، والأذرع، والسيقان، والقبعات المائلة فوق الأعناق المتعرِّقة، دُفعا من فوق الرصيف. فسارا هادئَين في جادة ليكسينجتون في ضوء الشفق ذي الضباب الأرجواني كنبيذ الكلاريت.

«ولكن يا فيل كيف حدث أن وقفتَ أمام شاحنةٍ هكذا؟»

«صدقًا يا جورج لا أعرف … آخر ما أتذكَّره هو أنني مددت عنقي لأنظر إلى فتاة رائعة الجمال ركبَت سيارة أجرة وبعدها كنت أشرب الماء المثلَّج من إبريق الشاي في المستشفى.»

«عار عليك يا فيل في عمرك هذا.»

«يا إلهي، ألَا أعرف ذلك؟ ولكني لست الوحيد الذي يفعل ذلك.»

«من الغريب أن يصدر منك شيء كهذا … عجبًا، ماذا سمعت عني؟»

«يا إلهي يا جورج لا تتوتَّر، كل شيء على ما يرام … لقد رأيتها في عرض «فتاة الزَّينِية»… إنها رائعة. تلك الفتاة الأخرى التي هي نجمة العرض ليست بالجيدة.»

«اسمع يا فيل، إذا سمعت أي شائعات عن الآنسة أوجليثورب فلتُخرسهم بحق السماء. إنه من السخيف للغاية ألا يمكنك الخروج لتناول الشاي مع امرأة دون أن يشرع الجميع في ثرثرتهم القذرة في جميع أنحاء البلدة؟ … وربي لن تكون لديَّ فضيحة، لا يهمني ما يحدث.»

«اسمع، اكبح جِماح نفسك يا جورج.»

«أنا في موقع حساس للغاية في وسط المدينة في هذه الفترة تحديدًا، هذا كل ما في الأمر … ثم إنني وسيسلي قد توصلنا أخيرًا إلى تسوية مؤقتة … لن أُفسدها.»

واصَلا السير في صمت.

سار ساندبورن وقبعته في يده. غلب على شعره البياض لكنَّ حاجبَيه كانا لا يزالان داكنَين وكثيفَين. كل بضع خطوات كان يُغيِّر من طول خطوته وكأنما كان السير يؤلمه. تنحنح. «كنت تسألني يا جورج عمَّا إذا كنت قد دبَّرت أي مُخطَّطات عندما كنتُ في المستشفى … هل تتذكر أن الهَرِم سبيكير كان قبل سنوات قد اعتاد التحدُّث عن بلاط من الزجاج مصقول فائق؟ حسنًا، لقد كنت أعمل على الصيغة التي وضعها بالخارج في هوليس … كان لصديقٍ لي هناك فرن درجة حرارته ٢٠٠٠ حيث كان يصنع الفَخَّار. ظننت أنه يمكن استخدامه لأغراض تجارية … يا إلهي، سيُحدث ثورةً في الصناعة بأكملها. فبدمجه مع الأسمنت سيزيد بشكلٍ كبيرٍ من مرونة المواد التي يستخدمها المهندسون المعماريون. يمكننا صناعة البلاط بأي لون، أو حجم، أو شكل … تخيَّل هذه المدينة عندما تُصبح جميع المباني مزينةً بألوانٍ زاهيةٍ بدلًا من ذلك اللون الرمادي القذر. تخيَّل نطاقات قرمزيةً حول ناطحات السحاب المعمَّدة. سيحدث البلاط الملوَّن ثورةً في جميع نواحي الحياة في المدينة … بدلًا من الرجوع إلى التصميمات التقليدية، أو القوطية، أو الرومانسكية؛ يمكننا تطوير تصميماتٍ جديدة، وألوانٍ جديدة، وأشكالٍ جديدة. إن كانت ثمة مسحةٌ من لونٍ في المدينة، فستنهار كل تلك الحياة التي تسكنها المشقة … سيزيد الحب ويقل الطلاق …»

انفجر بالدوين ضاحكًا. «أخبِرهم يا فيل … سأتحدَّث معك عن ذلك وقتًا ما. يجب أن تأتي لتناول العشاء عندما تكون سيسلي حاضرةً وتُحدِّثنا في الأمر … عجبًا، ألم يفعل باركهورست أي شيء؟»

«لم أكن لأسمح له بالتدخُّل في الأمر. لقد بدأ يستوعب الاقتراح وتخلَّى عني بمجرَّد أن أصبحَت معه الصيغة. لا آمن أن أُودعه ولو نيكلًا مُزيَّفًا.»

«عجبًا، ألم يُدخلك في شراكةٍ معه يا فيل؟»

«لقد وضعني حيثما يُريدني على أي حال … إنه يعلم أنني أقوم بالعمل كلِّه في مكتبه الملعون. ويعلم أيضًا أنني غريب الأطوار للغاية في تعاملي مع معظم الناس. إنه شخص ماهر.»

«ما زلت أظن أنه يمكنك طرح الأمر عليه.»

«إنه يضعني حيثما يريدني وهو يعلم ذلك؛ لهذا أُواصل القيام بالعمل بينما يجمع هو المال … أظن ذلك منطقيًّا. إذا كان لديَّ المزيد من المال لأنفقته. ما أنا سوى رجل كسول.»

«لكن اسمع يا رجل، أنت لا تكبرني بكثيرٍ … ما زالت هناك مسيرة مهنية أمامك.»

«بالتأكيد تسع ساعات في اليوم من الرسم الهندسي … يا إلهي، أتمنى أن تدخل في تجارة البلاط هذه معي.»

توقف بالدوين عند أحد الأركان وصفع بيده الحقيبة التي كان يحملها. «حسنًا يا فيل، تعلم أنني سأكون سعيدًا للغاية لتقديم يد العون لك بأي طريقةٍ أستطيع … ولكن وضعي المالي في الوقت الحالي شديد التعقيد. لقد دخلتُ في بعض التشابكات المتهوِّرة إلى حدٍّ ما، والرب وحده يعلم كيف سأخرج منها … لهذا السبب لا أستطيع تحمُّل فضيحة أو طلاق أو أي شيء. أنت لا تفهم إلى أي مدًى من التعقيد تتداخل الأشياء … لا يمكنني الشروع في أي شيء جديد، ليس لمدة عام على الأقل. هذه الحرب في أوروبا قد جعلت الأمور غير مستقرةٍ للغاية في وسط المدينة. أي شيء يمكن أن يحدث.»

«حسنًا. ليلة سعيدة يا جورج.»

غيَّر ساندبورن اتجاهه فجأةً وسار في الجادة مرةً أخرى. كان متعبًا وكانت ساقاه تؤلمانه. دنا الظلام. وفي طريق الرجوع إلى المحطة، مرَّت كتل الطوب المتسخة والحجر الأسمر الرملي مجرورةً رتيبة كأيام حياته.

•••

أسفل جلد صُدغَيها، تضيق المشابك الحديدية حتى تكاد تهرس رأسها كالبيضة، فبدأت تمشي بخطوات طويلة ذهابًا وإيابًا في غرفة تعُج بجو خانق مثير للحكة، حيث الرُّقَط الملوَّنة من الصور، والسجاد، والكراسي التي تلفها كبطانية ساخنة خانقة. خارج النافذة كانت الساحات الخلفية مُخطَّطة باللون الأزرق، والأرجواني الفاتح، والياقوت الأصفر لشفق سماء ممطرة. تفتح النافذة. كان ستان يقول لا وقت أفضل للسُّكْر من وقت الشفق. رنَّ الهاتف كما لو كان يمد أذرعًا محبَّبة مرتعشة كأذرع الأخطبوط. تصفع النافذة. يا للجحيم، ألَا يمكن أن يتركوا المرء يتمتَّع بأي سكينة؟

«عجبًا يا هاري لم أكن أعرف أنك عدت … أوه، تُرى هل يمكنني … أوه نعم أظن أنه يمكنني. فلتأتِ بعد العرض … أليس هذا رائعًا؟ يجب أن تُخبرني بكل شيء عن الأمر.» بمجرد أن وضعت السماعة، رنَّ الجرس مرةً أخرى. «مرحبًا … كلا أنا لا … أوه نعم ربما … متى عدت؟» أطلقت ضحكات كرنين الهاتف. «ولكن يا هوارد أنا مشغولة للغاية … نعم أنا بصراحة … هل حضرتَ العرض؟ حسنًا، تعالَ وقتًا ما بعد العرض … أنا مُتلهِّفة للغاية لسماع أخبار رحلتك … كما تعلم … وداعًا يا هوارد.»

سيجعلني التنزُّه أشعر بتحسُّن. تجلس إلى طاولة زينتها وتهزُّ شعرها لأسفل حول كتفَيها. «يا له من مصدر إزعاج جهنمي، أود أن أُنهي كل ذلك … الأمر ينتشر بسرعة. ظل الموت الأبيض … يجب ألَّا أبقى مستيقظةً حتى وقت متأخر، تلك الهالات السوداء تحت عينَي … وبالباب، فساد غير مرئي … فقط لو كنت أستطيع البكاء؛ هناك من يستطيعون أن يبكوا بكاءً مرًّا، حقًّا يبكون حتى يفقدوا بصرهم … على أي حال فالطلاق الذي سأمر به …

بعيدًا من شاطئ الحياة، بعيدًا من زحمة الأنام الجَزِعين
الذين لم يختبروا قط أنواء المحيط»

[هذا البيت وغيره من أجزاء قصيدة «أدونيس» لشيللي هو من ترجمة الدكتور لويس عوض.]

يا إلهي، إنها السادسة بالفعل. تبدأ في المشي جيئةً وذهابًا في الغرفة مرةً أخرى. «وكأني أُحمَل في ظلمة وخوفٍ بعيدًا …» يرن الهاتف. «مرحبًا … نعم هذه الآنسة أوجليثورب … مرحى، أهلًا روث، يا إلهي لم أركِ منذ وقت طويل، منذ كانت السيدة ساندرلاند … أوه، بالطبع أحب أن أراكِ. تعالَي وسنتناول شيئًا في الطريق إلى المسرح … أنا في الطابق الثالث.»

تضع السماعة وتأخذ معطف المطر من الخزانة. تتعلَّق رائحة الفِراء، وكرات النِّفتالين، والفساتين في أنفها. ترفع النافذة مرةً أخرى وتتنفَّس بعمق الهواء الرطب المليء بعفن الخريف البارد. تسمع صوت الانفجار المدمدم لباخرة كبيرة من النهر. أُحمل في ظلمة وخوفٍ بعيدًا عن هذه الحياة غير المنطقية، عن هذا الجنون والنزاع المُشَوَّشين، يمكن للرجل أن يأخذ سفينةً لزوجته، ولكن الفتاة لا يمكنها ذلك. يرن الهاتف رنينًا مُخترِقًا مرتعشًا.

يؤزُّ جرس الباب في الوقت نفسه. تضغط إلين على الزر لينفتح الترباس. «مرحبًا … لا، أنا آسفة للغاية، معذرةً عليكَ أن تخبرني مَن أنت. عجبًا، لاري هوبكنز، ظننت أنك في طوكيو … لم ينقلوك مرةً أخرى، أليس كذلك؟ يا إلهي، بالطبع يجب أن نلتقي … يا عزيزي، إنه لأمر مُروِّع للغاية، ولكن لديَّ مواعيد لمدة أسبوعَين … اسمع، أنا مضطربة بعض الشيء الليلة. اتصل غدًا في الثانية عشرة وسأُحاول تحويل بعض الأمور … عجبًا، بالطبع يجب أن أراك على الفور أيها الرجل الهَرِم المرِح.» … دخلت روث برين وكاساندرا ويلكنز تنفضان المياه من فوق مظلتَيهما. «حسنًا، وداعًا لاري … هذا لطيف للغاية من كلتَيكما … اخلعا معطفَيكما قليلًا … ألَا تتناولين العشاء معنا يا كاسي؟»

تقول كاسي بصوتٍ مرتعش: «شعرت أنه كان عليَّ رؤيتكِ فحسب … إنه لأمرٌ رائعٌ ذلك النجاح المذهل الذي حقَّقتِه. ولقد شعرت يا عزيزتي بشعورٍ رهيبٍ عندما سمعت عن السيد إيميري. لقد بكيت كثيرًا، أليس كذلك يا روث؟»

تصيح روث في اللحظة نفسها: «أوه يا لها من شقة جميلة!» ترن أذنا إلين بشكل مثير للاشمئزاز. قالت فجأةً بصوت أجش: «لا بد أننا سنموت جميعًا وقتًا ما.»

تنقر روث الأرضية بقدمها ذات الحذاء المطاطي؛ لمحت عين كاسي وجعلتها تُتمتم حتى صمتت. تقول: «أليس من الأفضل أن نذهب؟ الوقت يتأخَّر بعض الشيء.»

«معذرةً لدقيقة يا روث.» ركضت إلين إلى غرفة النوم وصفعت الباب. تجلس على حافة حوض الاستحمام تدق على ركبتَيها بقبضتَيها المطبقتَين. هاتان المرأتان ستصيبانني بالجنون. ثم ينفجر التوتُّر بداخلها، فتشعر بشيءٍ يتدفَّق منها كماءٍ يسيل من حوض غسيل. تضع بهدوءٍ القليلَ من أحمر الشفاه على شفتَيها.

عندما تعود، تقول بصوتها المعتاد: «حسنًا، لنغادر … هل حصلتِ على دَورٍ بعدُ يا روث؟»

«أُتيحت لي الفرصة للذهاب إلى ديترويت مع شركة مساهمة. ولكني رفضتها … لن أخرج من نيويورك مهما حدث.»

«أنا لن أتخلَّى عن فرصة للابتعاد عن نيويورك … صدقًا لو عُرضت عليَّ وظيفة لأُغنِّي في فيلم في بلدة مدسين هات أظن أنني سأقبلها.»

تلتقط إلين مظلتها وتنزل النساء الثلاث السلم ثم يخرجن إلى الشارع. تنادي إلين: «تاكسي.»

تُفرمل سيارة الأجرة المارة للتوقُّف. يرتفع الوجه الأحمر الأشبه بوجه الصقر لسائق سيارة الأجرة في ضوء مصباح الشارع. تقول إلين بينما تركب الأخريان: «اتجِه إلى مسرح يوجين في شارع ٤٨.» تختلج الأضواء المخضرَّة والظلام أثناء مرورهن بالنوافذ المضيئة.

•••

وقفت وذراعها تتأبَّط ذراع هاري جولدفايزر في سترته المسائية حَذِرةً فوق درابزين حديقة السطح. الحديقة أسفلهما منبسطة تتلألأ بالأضواء من حين لآخر، ومُخطَّطة بضبابٍ من سديم كسماء ساقطة. من خلفهما هبَّت موسيقى التانجو، ولمحات من الأصوات، وجرُّ أقدام على حلبة الرقص. شعرت إلين بشيء صلب مُتيبِّس في فستان سهرتها الأخضر المعدني.

«آه ولكن بويرنهاردت، راشيل، دوس، السيدة سيدونز … لا إلين أنا أقول لكِ، أتفهمين؟ لا يوجد فن مثل فن المسرح يسمو بهذا العلو المُشكِّل لعواطف الرجال … لو كان بإمكاني أن أفعل ما أريده لكنا أعظم الناس في العالم. لكنتِ أعظم ممثلة … ولكنت أعظم مُنتِج، البناء غير المرئي، هل تفهمين؟ لكن الجمهور لا يريد فنًّا، فلن يسمح لك سكان هذا البلد بفعل أي شيء من أجلهم. كل ما يريدون هو ميلودراما بوليسية أو مهزلة فرنسية فاسدة تفتقر للمتعة أو مع الكثير من الفتيات الجميلات والموسيقى. حسنًا، إن مجال العروض هو إعطاء الجمهور ما يريدون.»

«أظن أن هذه المدينة مليئة بالأشخاص الذين يريدون أشياء لا يمكن تصوُّرها … انظر هناك.»

«يكون الوضع حسنًا في الليل عندما لا تستطيعين رؤيتها. فلا حس فني، ولا بنايات جميلة، ولا هواء كالأيام الخوالي، هذا ما يعيبها.»

وقفا لبرهة دون أن ينبسا بكلمة. بدأت الأوركسترا بعزف موسيقى الفالس من أوبريت «القناع التنكري البنفسجي». استدارت إلين فجأةً إلى جولدفايزر وتحدَّثت بنبرة فظَّة. «هل يمكنك فَهْم امرأة تريد أن تكون بَغِيًّا، مشاعًا، أحيانًا؟»

«عزيزتي السيدة الشابة يا له من شيء غريب يصدر فجأةً من فتاةٍ جميلةٍ ورائعةٍ وتتلفَّظ به!»

«أظنكَ مصدومًا.» لم تسمع إجابته. شعرت أنها كانت على وشك البكاء. ضغطت بأظافرها الحادة في راحتَي يدَيها، وحبست أنفاسها حتى عدَّت عشرين. ثم قالت بصوت فتاة صغيرة مختنق: «هاري لنذهب ونرقص قليلًا.»

السماء فوق المباني من الورق المقوَّى كقبة من الرصاص المطروق. كانت ستصبح أقل صلابةً لو تساقطت الثلوج. وجدت إلين سيارة أجرة عند ناصية الجادة السابعة، وتركت نفسها تغوص في المقعد فاركةً أصابع إحدى يدَيها الخدرة داخل القفاز براحة اليد الأخرى. «ويست ٥٧ من فضلك.» بوجه قنَّعه التعب تُراقب متاجر الفاكهة، واللافتات، والمباني التي تُبنى، والشاحنات، والفتيات، والسُّعاة، ورجال الشرطة عبر النافذة المترجرجة. إذا ولدت طفلي، طفل ستان، فسيكبر ليخطو متأرجحًا في الجادة السابعة تحت سماء ضبابية كالرصاص المطروق لا تشهد الثلج أبدًا، مُشاهِدًا متاجر الفاكهة، واللافتات، والمباني التي تُبنى، والشاحنات، والفتيات، والسُّعاة، ورجال الشرطة … تضم ركبتَيها معًا ضاغطةً إياهما، وتعتدل في جلستها على حافة المقعد ويداها مشبكتان فوق بطنها الممشوق. يا إلهي، يا لها من مَزحة خبيثة! لقد تلاعبوا بي؛ فقد أخذوا ستان بعيدًا، وأحرقوه، ولم يتركوا لي شيئًا سوى هذا الذي ينمو بداخلي والذي سيتسبَّب في موتي. تنشج في يدَيها الخَدِرتَين. يا إلهي لماذا لا تُثلِج السماء؟

بينما كانت تقف على الرصيف الرمادي تتحسَّس محفظتها بحثًا عن فاتورة، تملأ فمها بالحصى الدقيق وقصاصات ورق مغبرة تدور على طول المزراب. وجه عامل المصعد في سواده كقطعة مستديرة من خشب الأبنوس مرصعة بالعاج. «السيدة ستونتون ويلز؟» «أجل يا سيدتي، الطابق الثامن.»

أصدر المصعد همهمةً وهو يرتفع. تقف ناظرةً إلى نفسها في المرآة الصغيرة. شعرت فجأةً بشيء متهور يبعث على المرح. تُزيل الغبارَ عن وجهها بمنديل ملفوف، وتبتسم لعامل المصعد الذي بادرها بابتسامة عريضة كعرض لوحة مفاتيح كاملة لآلة بيانو، وتُسرع بخفة إلى باب الشقة الذي تفتحه خادمةٌ ترتدي ثيابًا مزركشة. تفوح بداخلها رائحة الشاي، والفِراء، والزهور، وتغرِّد أصوات النساء مع قرقعة الكئوس كما تغرِّد الطيور في أقفاصها. تتردَّد الأبصار حول رأسها وهي تدخل الغرفة.

كان هناك نبيذ مسكوب على مفرش المائدة وقطع من صلصة الطماطم من الاسباجيتي. كان المطعم مُشبَّعًا بالبخار، ويتمتَّع بإطلالة على خليج نابولي، وطلاء حسائي القوام باللونَين الأزرق والأخضر على الجدران. رجعت إلين في كرسيها إلى المائدة المستديرة المليئة بالشباب، الذين كانوا يشاهدون الدخان يتجعَّد من سيجارتها ملتفًّا حول زجاجة نبيذ الكيانتي أمامها. ذابت مُهمَلةً في صحنها كتلة من الآيس كريم ثلاثي الألوان. «ولكن يا إلهي، أليس للمرء بعض الحقوق؟ بلى، فهذه الحضارة الصناعية تُجبرنا على السعي لتعديلٍ كامل للحكومة والحياة الاجتماعية …»

همست إلين لهيرف الذي جلس بجانبه. «ألَا يستخدم كلمات طويلة؟»

ردَّ عليها بصوت هادر: «إنه على حق بالرغم من ذلك … النتيجة هي وضع المزيد من القوة في أيدي قلة من الرجال أكثر ممَّا كان عليه الأمر في تاريخ العالم منذ حضارات العبيد البشعة في مصر وبلاد ما بين النهرَين …»

«أجل، أجل.»

«كلا، أنا جاد فيما أقول … الطريقة الوحيدة لمقاومة تلك المصالح هي أن يقوم العُمَّال، البروليتاريا، المنتجون والمستهلكون، أيًّا ما أردتِ أن تسميهم، بتشكيل النقابات، وأن يصبحوا في النهاية مُنظَّمين جيدًا بالقدر الذي يُمكِّنهم من تولي الحكم بأكمله.»

«أظنك مخطئًا تمامًا يا مارتن، إنها المصالح كما تسميها، هؤلاء الرأسماليون المروِّعون، هم الذين بنَوا هذا البلد كما هو عليه اليوم.»

«حسنًا، انظر إليها بالله عليك … هذا ما أقوله. إنني لا أرضى بها مأوًى لكلب.»

«لا أظن ذلك. أنا معجب بهذا البلد … إنه الوطن الوحيد الذي حصلت عليه … وأعتقد أن كل هذه الجماهير المضطهَدة تريد حقًّا أن تكون مُضطهَدة؛ فهم لا يصلحون لأي شيء آخر … لو لم يكونوا كذلك لأصبحوا رجال أعمال مزدهرين … أولئك الذين لديهم أي ميزة في طريقهم إلى ذلك.»

«لكنني لا أظن أن رجل الأعمال المزدهر هو المثل الأعلى للمسعى البشري.»

«ولكنه أفضل بكثير من المحرِّض الفوضوي المغسول الدماغ … أولئك الذين ليسوا محتالين هم مجانين.»

«اسمع يا ميد، لقد أسأتَ لتوك لشيء لا تفهمه، شيء لا تعرف عنه شيئًا … ينبغي أن تحاول فهم الأشياء قبل أن تشرع في إهانتها.»

«إنه لمن الإهانة للذكاء كل هذا الهراء الاشتراكي.»

نقرت إلين على كم هيرف. «جيمي، يجب أن أعود إلى المنزل. هل تريد أن تتمشَّى قليلًا معي؟»

«مارتن، هلَّا دفعت لنا؟ علينا أن نذهب … تبدين شاحبةً للغاية يا إيلي.»

«الجو حار قليلًا هنا فحسب … هيه، يا لها من راحة! … إنني أكره المجادلات أيًّا ما كانت. لا يمكنني مطلقًا التفكير في أي شيء أقوله.»

«تلك المجموعة لا تفعل شيئًا سوى الثرثرة ليلةً بعد أخرى.»

كانت الجادة الثامنة ممتلئةً بالضباب الذي علق في حناجرهم. كانت الأضواء خافتةً عبرها، ولاحت الوجوه في الأُفق، متلألئةً في صورة ظلية وباهتة كسمكة في حوض سمك موحل.

«أتشعرين بتحسُّن يا إيلي؟»

«كثيرًا.»

«أنا سعيد للغاية.»

«هل تعلم أنك الشخص الوحيد هنا الذي يناديني إيلي. إنني أحب ذلك … يحاول الجميع أن يجعلني أبدو كبيرةً للغاية منذ أن بدأت العمل بالمسرح.»

«كان ستان يناديكِ به.»

قالت بصوت خافت قليلًا كبكاء يُسمع في الليل من بعيد على طول شاطئ: «ربما هذا هو سبب حبي للاسم.»

شعر جيمي بشيء يُطبق على حلقه. قال: «يا إلهي، الأوضاع سيئة للغاية. يا إلهي، ليتني أستطيع أن أُلقي باللوم كله على الرأسمالية كما يفعل مارتن.»

«إنها لتمشية ممتعة … إنني أحب الضباب.»

سارا دون أن ينبسا بكلمة. قعقعت العجلات عبر الضباب الخافت الذي يُخفي تحته من بعيد في النهر صافرات الإنذار وصافرات الزوارق البخارية المتجمِّعة ذات الخُوَار.

قال هيرف عند ناصية شارع ١٤، وأمسك بذراعها أثناء عبورهما: «لكنكِ على الأقل لديكِ مهنة … أنتِ تحبين عملكِ، كما أنكِ قد حقَّقتِ نجاحًا كبيرًا.»

«لا تقل ذلك … أنت لا تُصدِّق ذلك حقًّا. أنا لا أخدع نفسي كما تعتقد أنني أفعل.»

«لا، ولكن هكذا هو الأمر.»

«كنت كذلك قبل أن ألتقي بستان، قبل أن أحبه … كما ترى فقد كنت طفلةً صغيرة مجنونة مهووسة بالمسرح زُجَّ بها في أشياء كثيرة لم أفهمها قبل أن يتسنَّى لي الوقت لأتعلَّم أي شيء عن الحياة … تزوَّجت في عمر الثامنة عشرة وطُلِّقت في الثانية والعشرين، رقم قياسي رائع … لكن ستان كان رائعًا للغاية …»

«أعلم.»

«دون أن يقول أي شيء قط، جعلني أشعر بوجود أشياء أخرى … أشياء لا تُصدَّق …»

«يا إلهي، يغيظني جنونه على الرغم من ذلك … يا لها من خسارة!»

«لا أستطيع التحدث في الأمر.»

«دعينا لا نتحدث فيه.»

«أنت يا جيمي الشخص الوحيد المتبقي الذي يمكنني التحدث إليه حقًّا.»

«لا تثقي بي. فقد أغضب عليكِ أيضًا يومًا ما.»

ضحكا.

«يا إلهي، أنا سعيد أنني لم أمُت، ألستِ كذلك أنتِ أيضًا يا إيلي؟»

«لا أعرف. اسمع، هذا منزلي. لا أريدك أن تصعد إليه … سأذهب إلى النوم مباشرة. أشعر بالاستياء …» وقف جيمي خالعًا قبعته ينظر إليها. كانت تتعثر بحثًا عن مفتاحها في حقيبتها. «اسمع يا جيمي، يجب أن أُخبرك كذلك …» مضت نحوه وتحدثت سريعًا وقد أشاحت بوجهها عنه وأشارت إليه بالمفاتيح التي ومض بها مصباح الشارع. كان الضباب كخيمة حولهما. «سأُنجب طفلًا … إنه طفل ستان. سوف أتخلَّى عن كل هذه الحياة السخيفة وأُربيه. لا يهمني ما يحدث.»

«يا إلهي، هذا أشجع شيء على الإطلاق سمعت أن امرأةً تفعله … أوه يا إيلي، أنت رائعة جدًّا. يا إلهي، لو كان بإمكاني أن أخبرك ما أنا …»

«أوه لا.» انكسر صوتها وامتلأت عيناها بالدموع. «أنا سخيف أحمق، هذا كل شيء.» جعَّدت وجهها كطفل صغير وركضت صاعدةً الدرج والدموع تنهمر على وجهها.

«أوه يا إيلي، أريد أن أقول لكِ شيئًا …»

انغلق الباب خلفها.

وقف جيمي هيرف ساكنًا عند أسفل الدرجات المصنوعة من الحجر الأسمر الرملي. خفق قلبه. أراد أن يكسر الباب وراءها. ركع على ركبتَيه وقبَّل مكان خطوتها. دار الضباب في دُوامات وامضًا بألوان كقصاصاتٍ ورقية من حوله. ثم انحسر شعور الخفقان وشعر بنفسه يسقط في بالوعة سوداء. وقف ساكنًا. تفقَّدت وجهَه وهو يمر عينا شرطي أشبه بعمود أزرق بدين يلوِّح بعصًا ليلية. ثم شدَّ قبضتَيه فجأةً وغادر المكان. قال عاليًا: «يا إلهي، كل شيء كالجحيم.» مسح الحصى عن شفتَيه بكم معطفه.

•••

وضعت يدها في يده لتقفز من السيارة السريعة عندما تنطلق العبَّارة، قائلة: «شكرًا يا لاري»، وتتبع جسده الطويل المتمهِّل إلى مقدمة العبَّارة. تنفخ رياح نهرية خافتة الغبار والبنزين من أنفَيهما. في سماء الليل المزيَّنة بنجوم كاللآلئ، كانت الإطارات المربَّعة للمنازل على طول الضفة المقابلة تومض كألعاب نارية مشتعلة. تضرب الأمواج صغيرةً مقدمة العبَّارة المندفعة. يعزف رجل أحدب موسيقى «ماريانيلا» على كَمانه.

يقول لاري بصوت مطنطِن عميق: «لا شيء ينجح مثل النجاح.»

«لو كنت تعلم مدى عدم اهتمامي بأي شيء الآن لَما كنتَ قد واصلت مضايقتي بكل هذه الكلمات … أعني الزواج، والنجاح، والحب، إنها مجرد كلمات.»

«لكنها تعني كل شيء في العالم بالنسبة إليَّ … أظنكِ ستحبين مدينة ليما يا إلين … انتظرت حتى تكونِي حرة، أليس كذلك؟ والآن ها أنا هنا.»

«مطلقًا ليس أحدٌ منا كذلك … لكني فقط أشعر بالخدر.» رياح النهر قليلة الملوحة. على طول الجسر فوق شارع ١٢٥، تزحف السيارات كالخنافس. عندما تدخل العبَّارة المنزَلَق، يسمعان سحق العجلات وقعقعتها على الأسفلت.

«حسنًا، من الأفضل أن نعود إلى السيارة، أيتها المخلوقة الرائعة إلين.»

«إنه لأمرٌ شائق بعد يوم طويل، أليس كذلك يا لاري، العودة إلى مركز كل شيء؟»

•••

بجانب الباب الأبيض الملطَّخ يوجد زِرَّا ضغط مكتوب عليهما «جرس الليل» و«جرس النهار». ضغطت على الزر بإصبع مهتز. فتح البابَ رجلٌ قصير وعريض بوجه كوجه جرذ وشعر أسود أملس مسترسل. كان على كلا جانبَيه يدٌ قصيرة كيد دمية وبلون الفطر. حدَّب كتفَيه منحنيًا.

«هل أنتِ تلك السيدة؟ ادخلي.»

«هل أنت الدكتور أبراهامز؟»

«نعم … أنتِ السيدة التي هاتفني صديقي بشأنها. اجلسي يا سيدتي العزيزة.» تفوح من المكتب رائحة كرائحة زهرة العطاس. يهتز قلبها بين ضلوعها يأسًا.

«أنت تفهم …» تكره الرعشة في صوتها؛ ستفقد الوعي. «أنت تفهم يا دكتور أبراهامز أن ذلك ضروري للغاية. فأنا سأُطلَّق من زوجي ويتعيَّن عليَّ أن أكسب قوتي بنفسي.»

«صغيرة جدًّا، تعيسة في زواجكِ … يؤسفني ذلك.» يُخرخِر الطبيب بهدوء كما لو كان وحده. تنهَّد مهسهسًا ونظر إلى عينَيها فجأةً بعينَين سوداوَين حادَّتَين يخترقانها كما لو كانا مثقابَين. «لا تخافي يا سيدتي العزيزة، إنها عملية بسيطة جدًّا … هل أنتِ مستعدة الآن؟»

«نعم. لن تستغرق وقتًا طويلًا، أليس كذلك؟ إن استطعتُ أن أتمالك نفسي، فإن لديَّ موعدًا لتناول الشاي في الخامسة.»

«أنتِ شابَّةٌ شجاعة. في غضون ساعةٍ سيغدو الأمر منسيًّا … يؤسفني … إنه لأمر محزن أن يكون شيء كهذا ضروريًّا … سيدتي العزيزة، يجب أن تنعمي بمنزلٍ والعديد من الأطفال وزوج محب … هلَّا دخلتِ غرفة العمليات وأعددتِ نفسكِ … إنني أعمل بلا مساعد.»

تتضخَّم براعم الضوء اللافحة في وسط السقف، وتنشر النيكل الحاد كالشفرات، والمينا، وعلبة زجاجية حادة برَّاقة تحتوي على أدوات حادة. تخلع قبعتها وتترك نفسها تغوص مُتقزِّزةً ومرتعشة على كرسي صغير من المينا. ثم تنهض متيبسةً على قدمَيها وتفك حزام تنورتها.

يتكسر هدير الشوارع كالأمواج حول صدفة من ألم واجِف. تشاهد ميل قبعتها الجلدية، ومسحوق التجميل، والوجنتَين المتوردتَين، والشفاه القرمزية التي تشكِّل قناعًا على وجهها. جميع أزرار قفازيها مقفلة. ترفع يدها. «تاكسي!» مرَّت سيارة إطفاء زائرة، وعربة بها رجال بوجوه متعرِّقة يشدون معاطف مطاطية، وصلصلة خُطاف وسُلم. تتلاشى جميع مشاعرها مع تلاشي دوي صافرة الإنذار. هناك تمثال خشبي لأحد الهنود الحمر، مطلي، ويده مرفوعة عند ناصية الشارع.

«تاكسي!»

«نعم، سيدتي.»

«اتجه إلى فندق الريتز.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤