الفتوات

عرفت — من أحاديث أبي — أسماء فتوات الإسكندرية: حميدو الفارس وأبو خطوة والسكران والنجرو وغيرهم.

أفدت — في روايتي «الأسوار» — من حكاية أبي عن حميدو الفارس، لما كبس طربوش محافظ المدينة على رأسه، وأفدت — في «رباعية بحري» — من حكايات الفتوات: الإتاوات، قيادة مواكب الزفاف، المعارك الدامية.

في ذاكرتي أصداء من بقايا عصر الفتوات؛ في الموالد، وسباق البنز، وسباق القوارب، ورقصة النقرزان، ورقصة سيد حلال عليه — هذا هو اسمه — التي يتلاعب فيها بالعصا.

في ذاكرتي مواكب الزفاف:

يتقدم الفتوة زفة العريس. يهتف: يا ما انت صغيَّر …

يستطرد الرجال الملتفون حول العريس: حلو يا عريس.

وتتعالى الأصوات منغَّمة: الحارس الله والصلاة على النبي … العروسة بنت حارتنا وعريسها فنجري.

شاهدت — من شرفة بيتنا المطلة على ميدان الخمس فوانيس — آخر معارك الفتوات. حل الصمت، إلا من تناثر الدماء، وأصوات ارتطام الشوم بالرءوس والأجساد، والصرخات، والنشيج، والأنات المكتومة.

أسفرت المعركة عن قتلى وجرحى، حملتهم سيارات الإسعاف إلى المشرحة، أو إلى المستشفى، ونقلت سيارات البوليس من تصادف وجوده بالقرب من المكان إلى قسم الجمرك.

وانتهى عصر الفتوات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤