الربيع

قال لي صديقي ممدوح الطوبجي: هل استمعت إلى أغنية فريد الأطرش الجديدة؟

هززت رأسي بالنفي.

قال: احرص على سماعها … أغنية جميلة عن الربيع.

ممدوح الطوبجي زميلي في المدرسة الفرنسية الابتدائية بمحرم بك. والدته المطربة نجاة علي، ووالده ضابط كبير بالقوات المسلحة. كانت زمالتنا في مستوى الصداقة، وكنت ألجأ إليه في قراءة الإصدارات الجديدة. أعارني عودة الروح للحكيم، وعمرون شاه لفريد أبو حديد، ومن النافذة للمازني، وقصائد صلاح جاهين الأولى، ورسالة من مواطن مصري إلى الرئيس ترومان لعبد الرحمن الشرقاوي، وأعمالًا أخرى كثيرة. نتناقش في الكتب التي أستعيرها، نتفق ونختلف، تبدأ مناقشاتنا فلا تنتهي.

الكرة التي صوبها ولد اصطدمت بأنفي كقذيفة، في وقفتنا — الطوبجي وأنا — تحت شجرة في فناء المدرسة.

أظهرت الغضب، وحاولت أن أحتفظ بالكرة.

أومأ الطوبجي برأسه كي أعيدَ الكرة، فأتقيَ شر الولد.

قال الولد وهو يأخذ الكرة: هات كده وانت وشك زي الديب!

صدمتني العبارة بأشد مما صدمتني الكرة. تسللت إلى دورة المياه. أطلت تأمل ملامحي في المرآة: هل أشبه الذئب؟

تركت مقعدي في الترام — وأنا أعود إلى بحري — للسيدة ذات الملاءة اللف. جلست وهي تمتدحني: يا حبيبي … ابن ناس بصحيح!

اتجهْتُ إلى الناحية المقابلة، كي لا ترى ملامح الذئب في وجهي!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤