طفولة

أغنية عفاف راضي «ردوا السلام» تعلو في الراديو الترانزستور. كان أول ما اشتريناه من أجهزة حديثة، بعد انتقالنا من إقامة طارئة في أرض شريف، القريبة من ميدان العتبة، إلى مصر الجديدة. العمال ينقلون الأنتريه الجديد إلى داخل الشقة. زوجتي تظهر فرحتها، وابنتي أمل تتطلع في حياد صامت. أما ابني وليد فلم يكن في السن التي تتيح له إدراك الأمور جيدًا.

بدأ العمال في نقل الأنتريه القديم إلى خارج الشقة.

تخلت أمل عن حيدتها الصامتة: لماذا؟

أضافت لنظرتي المتسائلة: لماذا يأخذونه؟

– لأننا استبدلنا به جديدًا.

هتفت: أنا أريده.

– المكان ضيق.

أعادت القول: أنا أريده.

نقل العمال الأنتريه القديم، ومضَوا.

غلب الشرود على نظرة أمل، فهي لا تكاد تنتبه إلى انشغالنا بترتيب الأنتريه الجديد. ثم انتفضت، أسلمت نفسها للنوم، وجرت ناحية باب حجرة النوم، فأغلقتها عليها.

تبين لي قولها من خلال النشيج: الأنتريه بتاعي!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤