مُنَاجَاةُ طِفْلٍ

Wave Image
أَيُّـهَـا الـطِّـفْـلُ تَـوَسَّـدْ مَضْجَعَكْ
سَــبَّــحَ الْــكَــوْنُ لِــرَبٍّ أَبْـدَعَـكْ
أَطْـلَـعَ الْـبَـدْرَ فَـنَـاغَـى مَخْدَعَكْ
يَــا أَخَــا الْــبَــدْرِ إِلَــهٌ أَطْــلَـعَـكْ
لَا يَـرُعْـكَ الـلَّـيْـلُ فَـالـلـهُ مَـعَـكْ
لَا يَــرُعْـكَ الـلَّـيْـلُ يَـا طِـفْـلُ وَلَا
شَــبَـحُ الْـجِـنِّ وَلَا وَحْـشُ الْـفَـلَا
وَاحْــذَرِ الْإِنْـسَـانَ مَـهْـمَـا أَقْـبَـلَا
إِنَّـــمَـــا أَخْـــشَــى رِيَــاءً وَطِــلَا
فَـتَـفَـرَّسْ فِـيـهِ وَاعْـلَـمْ مَوْقِعَكْ
وَإِذَا رَابَـــــكَ أَمْــــرٌ فَــــادَّخِــــرْ
لِــغَــدٍ رَأْيَــكَ فَــالــرَّأْيُ الْــحَـذَرْ
وَاسْـتَـشِـرْ نَـفْـسَكَ أَوْ لَا تَسْتَشِرْ
قَــبْــلَ أَنْ تَأْخُــذَ فِــيــهِ أَوْ تَــذَرْ
كَـمْ تَـمَـنَّـى نَـاصِحٌ أَنْ يَخْدَعَك!
وَتَـــكَــبَّــرْ كَــعَــزِيــزٍ مُــقْــتَــدِرْ
إِنْ تَـــحَــدَّاكَ قَــوِيٌّ ذُو خَــطَــرْ
وَتَــوَاضَــعْ لِــصَــغِــيـرٍ مُـفْـتَـقِـرْ
لَـيْـسَ يُـغْـرِيـهِ الـتَّـدَانِـي بِالْبَطَرْ
وَتَـجَـاهَـلْ عَـارِفًـا مَـنْ صَـانَـعَكْ
وَضَعِ الْمَعْرُوفَ فِي وَضْعِ النَّدَى
وَانْـسَ مَـا أَخْـفَـيْـتَ مِـنْهُ أَوْ بَدَا
أَنْـتَ أَحْـسَـنْـتَ فَـمَـاذَا لَـوْ عَدَا؟
لَا تُــؤَمِّــلْ مِــنْــهُ خَـيْـرًا أَوْ يَـدَا
ضَـيَّـعَ الْـخَـيْـرَ خَـئُـونٌ ضَـيَّـعَكْ
وَارْحَــمِ الْـمَـجْـنُـونَ لَا تَـهْـزَأْ بِـهِ
وَتَــرَفَّـقْ مُـشْـفِـقًـا مِـنْ خَـطْـبِـهِ
أَفَــتَــدْرِي أَنْـتَ مَـا فِـي قَـلْـبِـهِ؟
إِنَّ فِــي عَــيْــنَـيْـهِ مَـا فِـي لُـبِّـهِ
لَــوْ أُزِيـحَ الـسِّـتْـرُ عَـنْـهُ رَوَّعَـكْ
وَسَـلِ الْـمُـجْـرِمَ مَـاذَا اجْـتَـرَحَـا
أَيُّ شَــيْــطَــانٍ بِــهِ قَـدْ جَـمَـحَـا
وَاعْـفُ عَـمَّـنْ جَـارَ ثُـمَّ انْـتَصَحَا
رُبَّ جَــانٍ تَــابَ ثُــمَّ انْــصَـلَـحَـا
زَحْـزِحِ الْـغَـشْـيَـةَ حَتَّى يَسْمَعَكْ
لَا تُــفَــرِّقْ بَــيْــنَ دِيــنٍ وَوَطَــنْ
لَـــيْـــسَ لِـــلـــهِ حُــدُودٌ وَزَمَــنْ
ضَـلَّ فِـيـمَـنْ ضَـلَّ عُـبَّـادُ الْـوَثَنْ
وَأَرَى الــنَّـاسَ عَـبِـيـدًا لِـلـسَّـنَـنْ
فَــتَــجَــرَّدْ وَتَــعَــرَّفْ مَـرْجِـعَـكْ
كُــــلُّــــنَــــا نَــــسْــــلٌ لِأُمٍّ وَلِأَبْ
لَا تُــفَـرِّقْ بَـيْـنَ جِـنْـسٍ وَنَـسَـبْ
أُمُّــنَــا الْأَرْضُ وَمَـهْـمَـا نَـغْـتَـرِبْ
نَـحْـنُ مِـنْـهَـا وَإِلَـيْـهَـا الْـمُـنْـقَلَبْ
يَــسْــتَـرِدُّ الـلـهُ مَـا قَـدْ أَوْدَعَـكْ
إِنَّــمَــا الــدِّيــنُ ضَــمِـيـرٌ شَـاعِـرُ
لَــيْــسَ يَــخْــلُـو مِـنْـهُ إِلَّا سَـادِرُ
وَالـضَّـمِـيـرُ الْـحَـيُّ قَـلْـبٌ عَـامِرُ
وَحْــيُــهُ الــصَّــادِقُ أَمْــرٌ قَـاهِـرُ
فَــتَــحَــرَّرْ وَتَــخَـيَّـرْ مَـشْـرَعَـكْ
وَابْـتَـسِـمْ لِـلـدَّهْرِ وَافْرَحْ لِلْمِحَنْ
مَـيِّـتُ الْأَحْـيَـاءِ مَـنْ لَـمْ يُمْتَحَنْ
وَإِذَا نَــالَــكَ سَــهْــمٌ فَــاسْـتَـهِـنْ
وَتَــلَــقَّــفْ ثَــانِــيًـا لَا تَـسْـتَـكِـنْ
لَا تَــقُــلْ أَوَّاهُ مَــهْــمَـا أَوْجَـعَـكْ
وَاقْـتَـحِـمْ دُنْيَاكَ فِي عَزْمِ الْأَسَدْ
إِنَّــمَــا الْــمَــجْــدُ كِـفَـاحٌ وَجَـلَـدْ
عَــانِــدِ الـدَّهْـرَ إِذَا الـدَّهْـرُ عَـنَـدْ
وَابْـلُـغِ الـشَّـوْطَ وَإِنْ طَالَ الْأَمَدْ
لَا يَـرُعْـكَ الـلَّـيْـلُ فَـالـلـهُ مَـعَـكْ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: شعر مخمس
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الرمل
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

عزيز فهمي: شاعر مصري امتازَ بإنتاجٍ شِعريٍّ وفير، حازَ على إعجابِ مُعاصِريه في النصف الأول من القرن العشرين؛ لا سيما عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين.

وُلِد «عزيز عبد السلام فهمي محمد جمعة» في طنطا عامَ ١٩٠٩م، وكان والده أحدَ قِياديِّي حزب الوفد. تلقَّى «عزيز» تعليمَه الأساسي في مَسقط رأسه، ثم انتقَلَ إلى القاهرة فأكمَلَ دراستَه بمدرسة الجيزة الثانوية، والْتَحقَ بعدَها بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، وفي الوقت نفسه انتسب إلى كلية الآداب، فدرَسَ فيهما معًا، وبعدما حصل على ليسانس الحقوق سافرَ إلى فرنسا لدراسة القانون، وهناك حصل على الدكتوراه في القانون من جامعة السوربون عامَ ١٩٣٨م.

بعد عودته من فرنسا عمل بالنيابة، غيرَ أنه فُصِل من عمله بعدَ إقالة الحكومة الوفدية عامَ ١٩٤٤م، فاشتغل بالمحاماة، وانتُخِب لعضوية البرلمان المصري عن حزب الوفد عامَ ١٩٥٠م، وكانت له فيه صَولاتٌ وجَولاتٌ أشهَرُها دِفاعُه عن حُرية الصحافة؛ ما أوغَرَ صدْرَ المَلِك عليه، فاعتُقِل بتهمة العيب في الذات المَلكية إبَّانَ الحربِ العالَمية الثانية. وشارَكَ «عزيز» في تحرير الصُّحف والمَجَلات التي كان يُصدِرها حزبُ الوفد، وكان عضوًا في كتائب الفدائيِّين، واشترَكَ في عملياتٍ فِدائيةٍ استهدفَتْ معسكراتِ قواتِ الاحتلالِ الإنجليزي.

أمَّا شِعْره فيتنوَّع بينَ قصائدَ طويلةٍ ومتوسطةِ الطول، ويتَّجه إلى رِثاء النفس، والغَزَل العفيف، ومَدِيح أعلام عصره، وبخاصةٍ «طه حسين» و«حافظ إبراهيم»، ورثاء آخَرين، فضلًا عن بُروزِ النَّزْعةِ الوطنية في شِعره واهتمامِه بقضايا الوطن. وله قصائدُ نشرَتْها مَجلاتٌ عِدَّة، منها: «الرسالة»، و«الثقافة»، و«الإرادة»، و«السياسة»، وقد نُشِر معظمُ شِعره في ديوانه «ديوان عزيز» عَقِب وفاته، وقدَّمَ للديوان الدكتور طه حسين، الذي أبدى في كلمته أسًى كبيرًا على الشاعر المُجِيد، الذي تَخطَّفَتْه يدُ المَنُون عاجلًا عامَ ١٩٥٢م في العيَّاط جنوبي القاهرة غَرَقًا في تُرْعةٍ مائية، بعدَ انقلابِ سيارةِ الأجرة التي كان يَستقِلُّها أثناءَ مُحاوَلتِه اللَّحاقَ بقطارِ الصَّعِيد ليتمكَّنَ من التَّرافُع في إحدى القضايا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤