عَذِيرِي مِنْ طَوَالِعَ فِي عِذَارِي

Wave Image
عَـذِيـرِي مِـنْ طَوَالِعَ فِي عِذَارِي
وَمِــنْ رَدِّ الـشَّـبَـابِ الْـمُـسْـتَـعَـارِ
وَثَــوْبٍ، كُــنْــتُ أَلْـبَـسُـهُ، أَنِـيـقٍ
أُجَــرِّرُ ذَيْــلَــهُ بَــيْــنَ الْـجَـوَارِي
وَمَـا زَادَتْ عَـلَـى الْعِشْرِينَ سِنِّي
فَـمَـا عُـذْرُ الْـمَـشِيبِ إِلَى عِذَارِي
وَمَا اسَّمَّعْتُ مِنْ دَاعِي التَّصَابِي
إِلَــى أَنْ جَـاءَنِـي دَاعِـي الْـوَقَـارِ
أَيَـا شَـيْـبِـي ظَـلَـمْتَ وَيَا شَبَابِي
لَــقَـدْ جَـاوَرْتُ مِـنْـكَ بِـشَـرِّ جَـارِ
يُــرَحِّــلُ كُــلَّ مَــنْ يَأْوِي إِلَــيْــهِ
وَيَــخْـتِـمُـهَـا بِـتَـرْحِـيـلِ الـدِّيَـارِ
أَمَــرْتُ بِــقَـصِّـهِ وَكَـفَـفْـتُ عَـنْـهُ
وَقَــرَّ عَــلَــى تَــحَــمُّــلِـهِ قَـرَارِي
وَقُـلْـتُ الـشَّـيْبُ أَهْوَنُ مَا أُلَاقِي
مِــنَ الــدُّنْـيَـا وَأَيْـسَـرُ مَـا أُدَارِي
وَلَا يَـبْـقَـى رَفِـيـقِي الْفَجْرُ حَتَّى
يَــضُــمَّ إِلَــيْــهِ مُـنْـبَـلِـجَ الـنَّـهَـارِ
وَكَــمْ مِــنْ زَائِــرٍ بِـالْـكُـرْهِ مِـنِّـي
كَــرِهْــتُ فِــرَاقَــهُ بَـعْـدَ الْـمَـزَارِ
وَكُـنْـتُ إِذَا الْـهُـمُـومُ تَـنَـاوَبَـتْنِي
فَـزِعْـتُ مِـنَ الْـهُـمُومِ إِلَى الْعُقَارِ
أَنَـخْـتُ وَصَـاحِـبَـايَ بِذِي طُلُوحٍ
طَــلَائِــحَ شَـفَّـهَـا وَخْـدُ الْـقِـفَـارِ
وَلَا مَــاءٌ سِــوَى نُـطَـفِ الْأَدَاوِي
وَلَا زَادٌ سِــوَى الْـقَـنَـصِ الْـمُـثَـارِ
فَــلَــمَّــا لَاحَ بَــعْــدَ الْأَيْـنِ سَـلْـعٌ
ذَكَـرْتُ مَـنَـازِلِـي وَعَـرَفْـتُ دَارِي
تَـلَاعَـبُ بِـي عَـلَى هُوجِ الْمَطَايَا
خَــلَائِـقُ لَا تَـقَـرُّ عَـلَـى الـصَّـغَـارِ
وَنَـفْـسٌ دُونَ مَـطْـلَـبِـهَـا الـثُّـرَيَّـا
وَكَــفٌّ دُونَــهَــا فَـيْـضُ الْـبِـحَـارِ
أَرَى نَــفْــسِــي تُـطَـالِـبُـنِـي بِأَمْـرٍ
قَـلِـيـلٌ دُونَ غَـايَـتِـهِ اقْـتِـصَارِي
وَمَـا يُـغْـنِـيـكَ مِـنْ هِـمَـمٍ طِوَالٍ
إِذَا قُـــرِنَـــتْ بِأَحْــوَالٍ قِــصَــارِ
وَمُـعْـتَـكِـفٍ عَـلَـى حَـلَـبٍ بَـكِـيٍّ
يَــفُــوتُ عِــطَــاشَ آمَــالٍ غِـرَارِ
وَقِـيـلَ لِيَ انْتَظِرْ فَرَجًا وَمَنْ لِي
بِأَنَّ الْـمَـوْتَ يَـنْـتَـظِـرُ انْـتِـظَارِي
عَــلَــيَّ لِــكُــلِّ هَــمٍّ كُــلُّ عِـيـسٍ
أَمُـونِ الـرَّحْـلِ مُـوخِـدَةِ الْـقِـفَارِ
وَخَــرَّاجٌ مِــنَ الْــغَـمَـرَاتِ خِـرْقٌ
أَبُــو شِـبْـلَـيْـنِ مَـحْـمِـيُّ الـذِّمَـارِ
شَــدِيــدُ تَــجَــنُّــبِ الْآثَـامِ وَافٍ
عَــــلَـــى عِـــلَّاتِـــهِ عَـــفُّ الْإِزَارِ
فَـلَا نَـزَلَـتْ بِـيَ الْـجِـيرَانُ إِنْ لَمْ
أُجَــاوِرْهَــا مُــجَــاوَرَةَ الْــبِـحَـارِ
وَلَا صَـحِـبَـتْـنِـيَ الْفُرْسَانُ إِنْ لَمْ
أُصَــاحِــبْــهَــا بِــمَأْمُـونِ الْـفِـرَارِ
وَلَا خَــافَــتْــنِـيَ الْأَمْـلَاكُ إِنْ لَـمْ
أُصَــبِّــحْــهَــا بِــمُـلْـتَـفِّ الْـغُـبَـارِ
بِــجَـيْـشٍ لَا يَـحِـلُّ بِـهِـمْ مُـغِـيـرٌ
وَرَأْيٍ لَا يَــــغِـــبُّـــهُـــمُ مُـــغَـــارِ
شَـدَدْتُ عَلَى الْحَمَامَةِ كُورَ رَحْلٍ
بَــعِــيــدٌ حَــلُّــهُ دُونَ الْــيَــسَــارِ
تَــحُــفُّ بِـهِ الْأَسِـنَّـةُ وَالْـعَـوَالِـي
وَمُـضْـمَـرَةُ الْـمَـهَـارَى وَالْـمِهَارِي
يَـعُـدْنَ بُعَيْدَ طُولِ الصَّوْنِ سَعْيًا
لِــمَــا كُــلِّـفْـنَ مِـنْ بُـعْـدِ الْـمَـغَـارِ
وَتَـخْـفِـقُ حَـوْلِـيَ الرَّايَاتُ حُمْرًا
وَتَـتْـبَـعُـنِـي الْـخَـضَارِمُ مِنْ نِزَارِ
وَإِنْ طُـــرِقَـــتْ بِـــدَاهِــيَــةٍ نَآدٍ
يُـدَافِـعُـهَـا الـرِّجَـالُ بِـكُـلِّ جَارِي
عَـزِيـزٌ حَـيْـثُ حَطَّ السَّيْرُ رَحْلِي
تُـــدَارِيـــنِـــي الْأَنَــامُ وَلَا أُدَارِي
وَأَهْـلِـي مَـنْ أَنَـخْتُ إِلَيْهِ عِيسِي
وَدَارِي حَـيْـثُ كُـنْـتُ مِـنَ الدِّيَارِ

عن القصيدة

  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: الوافر
  • عصر القصيدة: العباسي الثاني

عن الشاعر

أبو فراس الحمداني: هو شاعر وقائد عسكري وأمير بالدولة الحمدانية، عاصَر «المتنبي» ونافَسه في بلاط «سيف الدولة».

وُلد «أبو فراس الحارث بن حمدون الحمداني» في منبج بسوريا عام ٣٢١ﻫ/٩٣٣م، وقيل بالموصل شماليَّ العراق، وتَيتَّم وهو في الثالثة من عمره، فنشأ في رعاية ابن عمه «سيف الدولة»، فقرَّبه إليه حين رأى منه نبوغًا في شعره وقوةً وحُسن تخطيطٍ في المعارك.

كان «أبو فراس الحمداني» أحد أهم مُجالِسي «سيف الدولة» في مجلسه الخاص الذي كان يُدعى إليه الشعراء، وكان يُجزل له العطاءَ حتى منحه ضَيْعة في منبج، بالإضافة إلى توليته عليها وهو في السادسة عشرة من عمره.

جمع نَظمُ «أبي فراس» كلَّ ألوان الشعر، فكان فيه الغزل والفخر والرثاء والوصف والحِكم، وكان أعظمها «الروميات» التي نظَمها وهو في الأَسر، فأخرج فيها عميقَ مشاعره وأصدق أقواله.

حافَظ «أبو فراس الحمداني» على ممارسة هواية الصيد وعقد مجالس الشعر والأدب، وكانت له انتصاراتٌ عديدة على جيش الروم، وأُسر عدة مرات فدَاه فيها «سيف الدولة»، كان آخرها وهو عائد من إحدى رحلات الصيد، فجُرح وأُسر، وراسَل «سيف الدولة» أكثر من مرة حتى جفاه «سيف الدولة» بسبب وشاية بعض المقرَّبين منه، فطال الأَسر لأربع سنوات، فأرسل إليه قصيدته المشهورة: «أراك عصيَّ الدمع شِيمتُك الصبر»، وكان لهذه المدة من الأَسر أثرُها الكبير في صَقل موهبة «أبي فراس» وتهذيب وِجدانه الذي أخرج لنا «الروميات» (نسبةً إلى اسم السجن).

وبعد خروجه من الأَسر تولَّى حمص حتى وفاة «سيف الدولة» عام ٣٥٦ﻫ، فأصبح حاجبُ «سيف الدولة» وصيًّا على ابنه «أبي المعالي»، فوشى الحاجب ﺑ «أبي فراس»، فسيَّر إليه «أبو المعالي» جيشًا أرداه قتيلًا وقطع رأسه عام ٣٥٧ﻫ/٩٦٨م.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤