مَا هَاجَ حُزْنُكِ أَمْ بِالْعَيْنِ عُوَّارُ

Wave Image
مَــا هَـاجَ حُـزْنُـكِ أَمْ بِـالْـعَـيْـنِ عُـوَّارُ
أَمْ ذَرَّفَـتْ أَمْ خَـلَـتْ مِنْ أَهْلِهَا الدَّارُ؟
كَأَنَّ عَــيْــنِــي لِــذِكْـرَاهُ إِذَا خَـطَـرَتْ
فَـيْـضٌ يَـسِـيـلُ عَلَى الْخَدَّيْنِ مِدْرَارُ
تَـبْكِي لِصَخْرٍ هِيَ الْعَبْرَى وَقَدْ وَلِهَتْ
وَدُونَــهُ مِـنْ جَـدِيـدِ الـتُّـرْبِ أَسْـتَـارُ
تَـبْـكِـي خُـنَـاسٌ فَمَا تَنْفَكُّ مَا عَمَرَتْ
لَــهَــا عَــلَــيْــهِ رَنِـيـنٌ وَهْـيَ مِـفْـتَـارُ
تَـبْـكِـي خُـنَاسٌ عَلَى صَخْرٍ وَحَقَّ لَهَا
إِذْ رَابَــهَــا الــدَّهْـرُ إِنَّ الـدَّهْـرَ ضَـرَّارُ
لَا بُـدَّ مِـنْ مِـيـتَـةٍ فِـي صَـرْفِـهَـا غِيَرٌ
وَالـدَّهْـرُ فِـي صَـرْفِـهِ حَـوْلٌ وَأَطْوَارُ
قَـدْ كَـانَ فِـيـكُـمْ أَبُو عَمْرٍو يُسُودُكُمُ
نِــعْــمَ الْــمُــعَـمَّـمُ لِـلـدَّاعِـيـنَ نَـصَّـارُ
صُـلْـبُ الـنَّـحِـيـزَةِ وَهَّـابٌ إِذَا مَـنَعُوا
وَفِي الْحُرُوبِ جَرِيءُ الصَّدْرِ مِهْصَارُ
يَــا صَــخْــرُ وَرَّادَ مَــاءٍ قَــدْ تَـنَـاذَرَهُ
أَهْــلُ الْــمَــوَارِدِ مَــا فِــي وِرْدِهِ عَـارُ
مَـشَـى السَّبَنْتَى إِلَى هَيْجَاءَ مُضْلِعَةٍ
لَـــهُ سِـــلَاحَــانِ أَنْــيَــابٌ وَأَظْــفَــارُ
فَـمَـا عَـجُـولٌ عَـلَـى بَـوٍّ تُـطِـيـفُ بِـهِ
لَــهَــا حَــنِــيــنَــانِ إِصْــغَـارٌ وَإِكْـبَـارُ
تَـرْتَـعُ مَـا رَتَـعَـتْ حَـتَّـى إِذَا ادَّكَـرَتْ
فَإِنَّــــمَــــا هِــــيَ إِقْـــبَـــالٌ وَإِدْبَـــارُ
لَا تَسْمَنُ الدَّهْرَ فِي أَرْضٍ وَإِنْ رُبِعَتْ
فَإِنَّــمَــا هِــيَ تَــحْــنَــانٌ وَتَــسْـجَـارُ
يَـوْمًـا بِأَوْجَـدَ مِـنِّـي يَـوْمَ فَـارَقَـنِـي
صَــخْــرٌ وَلِــلــدَّهْــرِ إِحْــلَاءٌ وَإِمْـرَارُ
وَإِنَّ صَــخْــرًا لَــكَــافِـيـنَـا وَسَـيِّـدُنَـا
وَإِنَّ صَــخْــرًا إِذَا نَــشْــتُــو لَــنَـحَّـارُ
وَإِنَّ صَــخْــرًا لَــمِــقْــدَامٌ إِذَا رَكِـبُـوا
وَإِنَّ صَــخْــرًا إِذَا جَــاعُــوا لَــعَــقَّـارُ
أَغَـــرُّ أَبْـــلَـــجُ تَأْتَـــمُّ الْـــهُـــدَاةُ بِــهِ
كَأَنَّــــهُ عَــــلَــــمٌ فِـــي رَأْسِـــهِ نَـــارُ
جَـلْـدٌ جَـمِـيـلُ الْـمُـحَـيَّـا كَـامِلٌ وَرِعٌ
وَلِــلْــحُـرُوبِ غَـدَاةَ الـرَّوْعِ مِـسْـعَـارُ
حُــلْــوٌ حَــلَاوَتُــهُ فَــصْــلٌ مَـقَـالَـتُـهُ
فَــاشٍ جُــمَــالَــتُــهُ لِـلْـعَـظْـمِ جَـبَّـارُ
حَـــمَّـــالُ أَلْـــوِيَــةٍ هَــبَّــاطُ أَوْدِيَــةٍ
شَــهَّــادُ أَنْــدِيَــةٍ لِــلْــجَــيْـشِ جَـرَّارُ
فَـقُـلْـتُ لَـمَّـا رَأَيْـتُ الـدَّهْـرَ لَـيْسَ لَهُ
مُــعَــاتِــبٌ وَحْــدَهُ يُــسْــدِي وَنَـيَّـارُ
لَـقَـدْ نَـعَـى ابْـنُ نَـهِـيـكٍ لِـي أَخَا ثِقَةٍ
كَــانَــتْ تُــرَجَّــمُ عَـنْـهُ قَـبْـلُ أَخْـبَـارُ
فَــبِــتُّ سَــاهِــرَةً لِــلــنَّــجْـمِ أَرْقُـبُـهُ
حَـتَّـى أَتَـى دُونَ غَـوْرِ الـنَّجْمِ أَسْتَارُ
لَـمْ تَـرَهُ جَـارَةٌ يَـمْـشِـي بِـسَـاحَـتِـهَـا
لِـرِيـبَـةٍ حِـيـنَ يُـخْـلِـي بَـيْـتَـهُ الْجَارُ
وَمَــا تَـرَاهُ وَمَـا فِـي الْـبَـيْـتِ يَأْكُـلُـهُ
لَــكِــنَّــهُ بَــارِزٌ بِــالــصَّــحْـنِ مِـهْـمَـارُ
وَمُـطْـعِمُ الْقَوْمِ شَحْمًا عِنْدَ مَسْغَبِهِمْ
وَفِـي الْـجُـدُوبِ كَـرِيـمُ الْجَدِّ مِيسَارُ
قَـدْ كَـانَ خَالِصَتِي مِنْ كُلِّ ذِي نَسَبٍ
فَـقَـدْ أُصِـيـبَ فَـمَـا لِـلْـعَـيْشِ أَوْطَارُ
مِـثْـلُ الـرُّدَيْـنِـيِّ لَـمْ تَـنْـفَـدْ شَـبِـيبَتُهُ
كَأَنَّــهُ تَــحْــتَ طَــيِّ الْــبُــرْدِ أُسْـوَارُ
جَـهْـمُ الْـمُـحَيَّا تُضِيءُ اللَّيْلَ صُورَتُهُ
آبَــاؤُهُ مِــنْ طِــوَالِ الـسَّـمْـكِ أَحْـرَارُ
مُـوَرَّثُ الْـمَـجْـدِ مَـيْـمُـونٌ نَـقِـيـبَـتُـهُ
ضَـخْـمُ الـدَّسِـيـعَةِ فِي الْعَزَّاءِ مِغْوَارُ
فَـرْعٌ لِـفَـرْعٍ كَـرِيـمٍ غَـيْـرِ مُـؤْتَـشَـبٍ
جَـلْـدُ الْـمَـرِيـرَةِ عِـنْـدَ الْـجَـمْـعِ فَخَّارُ
فِـي جَـوْفِ رَمْـسٍ مُـقِيمٌ قَدْ تَضَمَّنَهُ
فِــي رَمْـسِـهِ مُـقْـمَـطِـرَّاتٌ وَأَحْـجَـارُ
طَـلْـقُ الْـيَـدَيْنِ بِفِعْلِ الْخَيْرِ ذُو فَجَرٍ
ضَـخْـمُ الـدَّسِـيـعَـةِ بِـالْـخَيْرَاتِ أَمَّارُ
لِــيَــبْــكِــهِ مُـقْـتِـرٌ أَفْـنَـى حَـرِيـبَـتَـهُ
دَهْـــرٌ وَحَـــالَــفَــهُ بُــؤْسٌ وَإِقْــتَــارُ
وَرُفْــقَــةٌ حَــارَ هَـادِيـهِـمْ بِـمَـهْـلِـكَـةٍ
كَأَنَّ ظُـلْـمَـتَـهَـا فِـي الـطُّـخْـيَـةِ الْقَارُ
عَـبْـلُ الـذِّرَاعَـيْنِ قَدْ تُخْشَى بَدِيهَتُهُ
لَـــهُ سِـــلَاحَــانِ أَنْــيَــابٌ وَأَظْــفَــارُ
لَا يَـمْـنَـعُ الْـقَـوْمَ إِنْ سَـالُـوهُ خُـلْـعَتَهُ
وَلَا يُـــجَـــاوِزُهُ بِـــالـــلَّـــيْـــلِ مُــرَّارُ

عن القصيدة

  • غرض القصيدة: الرثاء
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الجاهلي

عن الشاعر

الخنساء: هي صحابيةٌ وشاعرةٌ مُخضرَمة؛ حيث أدركت أواخرَ عصر الجاهلية وبدايةَ ظهور الإسلام، وهي تُعدُّ من أشهر النساء في القرن الأول الهجري (السابع الميلادي)، وكانت قصائدُها ذائعةَ الصِّيت وانتشرت في مختلِف أرجاء البلاد.

هي «تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد»، وقد لُقِّبت ﺑ «الخنساء» لصِغَر حجم أنفها وارتفاع أرنبته. وُلِدت عام ٥٧٥م، وهي تنتمي ﻟ «آل الشريد»، وهم ساداتُ العرب وأشرافُهم وملوكُ قبيلة «بني سليم» في الجاهلية، وقد عاشت «الخنساء» فترةً طويلة في عصر الجاهلية وبعد ظهور الإسلام، ووفدتْ بصُحْبة بَنِيها وبني عمها من «بني سليم» إلى سيدنا «محمد» — صلى الله عليه وسلم — وأعلنوا دخولَهم في الإسلام، وذلك في عام ٨ﻫ/٦٣٠م.

كانت «الخنساء» تتمتَّع بمكانةٍ مرموقة بفضل نَسَبها، فضلًا عن تمتُّعها برجاحة العقل، واتِّزان الفكر، وقوة الشخصية، وحرية الرأي، ولم يستطع أحدٌ التحدُّثَ عنها بسوءٍ أو التهجُّمَ عليها. أما عن حياتها، فتزوَّجت «الخنساء» من ابن عمها «رواحة بن عبد العزيز السلمي»، وأنجبت منه ابنَها «أبا شجرة»، وبعد انفصالها عنه تزوَّجت من «مرداس بن أبي عامر السلمي» المعروف بسَخائه وجُوده، وأنجبت منه أربعةَ أبناء استُشهِدوا جميعًا في معركة القادسية عام ١٦ﻫ.

وقد غلب على شعر «الخنساء» البكاءُ والرثاء حتى غدَتْ أشهرَ شعراء الرثاء في عصرها، وكان الرسول — صلى الله عليه وسلم — يستنشدها ويُعجِبه شِعرُها كثيرًا، وكان أكثرَ شعرها وأجوده رثاؤها أخوَيْها «صخر» و«معاوية»، وكانا قد قُتِلا في الجاهلية.

تُوفِّيت «الخنساء» عامَ ٢٤ﻫ/٦٤٥م عن عمرٍ يناهز ٧١ عامًا.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤