جُودِي بِمَا شِئْتِ مِنْ ذَوْبِ الْأَسَى جُودِي

Wave Image
جُـودِي بِمَا شِئْتِ مِنْ ذَوْبِ الْأَسَى جُودِي
أَوْدَتْ صُـرُوفُ الـلَّـيَـالِـي بِـابْـنِ مَـحْـمُـودِ
أَوْدَتْ بِأَشْــجَــعِ مَــنْ حَــفَّ الـرَّعِـيـلُ بِـهِ
يَــوْمَ الـنِّـضَـالِ، وَمَـنْ نَـادَى وَمَـنْ نُـودِي
أَوْدَتْ بِــمَــنْ تَــعْــرِفُ الـسَّـاحَـاتُ كَـرَّتَـهُ
إِذَا تَـــنَـــكَّـــبَ عَـــنْـــهَـــا كُـــلُّ مَـــزْءُودِ
وَيَــشْــهَــدُ الْــحَــقُّ أَنَّ الْــحَـقَّ فِـي يَـدِهِ
سَــيْــفٌ يَــرُوعُ الْــمَـنَـايَـا غَـيْـرُ مَـغْـمُـودِ
•••
دَعَــتْــهُ مِــصْــرُ وَلِــلْأَحْــدَاثِ مَــلْـحَـمَـةٌ
وَالْــخَــطْــبُ مَــا بَــيْـنَ تَـهْـدَارٍ وَتَـهْـدِيـدِ
وَأَنْـفُـسُ الـنَّـاسِ فِـي ضَـيِـقٍ وَفِـي كَـمَـدٍ
كَأَنَّـــهَـــا زَفْـــرَةٌ فِـــي صَـــدْرِ مَــعْــمُــودِ
حَـــيْـــرَى تَـــلُـــوذُ بِآمَـــالٍ مُــحَــطَّــمَــةٍ
كَـــمَـــا يَــلُــوذُ غَــرِيــمٌ بِــالْــمَــوَاعِــيــدِ
طَـارَتْ شَـعَـاعًـا وَهَـوْلًا مِـثْـلَـمَـا عَـصَفَتْ
هُـوجُ الـرِّيَـاحِ بِـرَمْـلِ الْـبِـيـدِ فِـي الْـبِـيـدِ
وَالْــجَــوُّ أَكْــلَــفُ وَالــدُّنْــيَــا مُــقَــطِّــبَـةٌ
أَيَّــامُــهَـا الْـبِـيـضُ مِـنْ لَـيْـلَاتِـهَـا الـسُّـودِ
وَمِـــصْــرُ لَــيْــسَ لَــهَــا حِــصْــنٌ وَلَا وَزَرٌ
إِلَّا الْــغَــطَــارِيــفَ مِـنْ أَبْـنَـائِـهَـا الـصِّـيـدِ
لَـــهَــا سِــلَاحٌ مِــنَ الْإِيــمَــانِ تَــشْــرَعُــهُ
يَــنْــبُــو لَــهُ كُــلُّ مَــصْــقُــولٍ وَمَـحْـدُودِ
فَــجَــاءَهَــا خَــالِــدِيَّ الْــعَــزْمِ فِــي نَـفَـرٍ
شُـــمِّ الْأُنُــوفِ صَــنَــادِيــدٍ مَــنَــاجِــيــدِ
مِـــنْ كُــلِّ أَرْوَعَ عُــنْــوَانُ الْــجِــهَــادِ بِــهِ
قَــلْــبٌ رَكِــيــنٌ وَرَأْيٌ غَــيْــرُ مَــخْــضُـودِ
جَــاءُوا يُــزَاحِــمُــهُــمْ عَــزْمٌ وَتَــفْــدِيَــةٌ
كَــمَــا تَــصَــادَمَ جُــلْــمُــودٌ بِــجُــلْــمُــودِ
كَأَنَّــهُــمْ حِــيــنَــمَــا شَــدُّوا لِــغَــايَـتِـهِـمْ
سَــهْـمُ الْـمَـقَـادِيـرِ فِـي قَـصْـدٍ وَتَـسْـدِيـدِ
صُــدُورُهُــمْ بِــلِــقَــاءِ الْــهَــوْلِ شَــاهِــدَةٌ
وَالطَّعْنُ فِي الظَّهْرِ غَيْرُ الطَّعْنِ فِي الْجِيدِ
جَــادُوا لِــمِــصْــرَ وَفَــدَّوْهَــا بِأَنْــفُـسِـهِـمْ
«وَالْـجُـودُ بِـالـنَّـفْسِ أَقْصَى غَايَةِ الْجُودِ»
كَـمْ هَـشَّـمَ الـدَّهْـرُ مِـنْ سِـنٍّ لِـيَـعْـجُـمَـهُمْ
وَلَــمْ تَــزَلْ فِــي يَــدَيْــهِ نَــضْــرَةُ الْـعُـودِ
إِنَّ الَّـــذِي خَـــلَــقَ الْأَبْــطَــالَ صَــوَّرَهُــمْ
مِـنْ ثَـوْرَةِ الْـبَـحْـرِ أَوْ بَأْسِ الـصَّـيَـاخِـيـدِ
يَـمْـشِـي الـشُّـجَـاعُ لِـحَـدِّ السَّيْفِ مُبْتَسِمًا
وَيَــرْهَــبُ الْــغِــمْــدَ ذُعْــرًا كُــلُّ رِعْـدِيـدِ
كَــمْ هِــمَّــةٍ تَــفْــرَعُ الْأَجْــبَــالَ سَــامِـقَـةً
وَهِــــمَّـــةٍ رَكَـــدَتْ بَـــيْـــنَ الْأَخَـــادِيـــدِ
وَكَــمْ فَــتًــى تَــسْــبِــقُ الْأَيَّــامَ وَثَــبْــتُـهُ
وَلِـــلْـــبُــطُــولَــةِ أُفْــقٌ غَــيْــرُ مَــحْــدُودِ
وَخَـــامِـــلٍ مَـــا لِآثَـــارِ الْـــحَـــيَـــاةِ بِـــهِ
إِلَّا وُرُودُ اسْـــمِـــهِ بَـــيْـــنَ الْـــمَــوَالِــيــدِ
وَمَــيِّــتٍ بَــعَــثَ الــدُّنْــيَــا وَعَــاشَ بِـهَـا
مَــا كُــلُّ مَــنْ ضَــمَّــهُ قَــبْــرٌ بِــمَــلْـحُـودِ
سُــبْــحَــانَــكَ الـلـهُ إِنْ تَـحْـرِمْ فَـتَـزْكِـيَـةٌ
وَإِنْ تُــثِــبْ فَــعَــطَــاءٌ غَــيْــرُ مَــحْــدُودِ
تُـعْـطِـي الـنُّـفُـوسَ عَـلَـى مِقْدَارِ جَوْهَرِهَا
مَــا كَــانَ لِــلَّـيْـثِ مِـنْـهَـا لَـيْـسَ لِـلـسِّـيـدِ
وَالْـــمَــجْــدُ عَــزْمَــةُ أْبْــطَــالٍ مُــسَــدَّدَةٌ
بَــرِيــئَــةُ الــنَّــصْــلِ مِــنْ شَــكٍّ وَتَـرْدِيـدِ
وَلِــلْــعُــلَا مِــنْ صِــفَــاتِ الْـغِـيـدِ أَنَّ لَـهَـا
دَلًّا يُـــرَوِّعُ تَـــقْـــرِيـــبًـــا بِـــتَـــبْـــعِــيــدِ
•••
جَــاءُوا إِلَــيْــكَ كَـمَـوْجِ الْـبَـحْـرِ عُـدَّتُـهُـمْ
رَأْيٌ أَصِـــيـــلٌ وَصَــدْرٌ غَــيْــرُ مَــفْــئُــودِ
فَـــقُـــدْتَـــهُــمْ غَــيْــرَ هَــيَّــابٍ وَلَا فَــزِعٍ
إِلَـــى لِـــوَاءٍ بِـــحَــبْــلِ الــلــهِ مَــعْــقُــودِ
تَـمْـشِـي بِـهِـمْ فِـي فَيَافِي الشَّوْكِ مُعْتَزِمًا
مَـنْ يَـطْـلُـبُ الْـمَـجْـدَ لَا يَـبْـخَـلْ بِمَجْهُودِ
لَا يَــسْـتَـبِـيـكَ سِـوَى مَـصْـرٍ وَنَـهْـضَـتِـهَـا
فَــكُــلُّ شَــيْءٍ سِــوَاهَــا غَــيْــرُ مَـوْجُـودِ
مَـنْ يَـقْـصِـدِ الـنَّـجْـمَ فِـي عُـلْـيَـا سَمَاوَتِهِ
نَأَى بِـــجَـــانِـــبِــهِ عَــنْ كُــلِّ مَــقْــصُــودِ
وَرَاءَكَ الـــرَّكْـــبُ فِــي يَأْسٍ وَفِــي أَمَــلٍ
لَـــمَّـــا يَـــرَوْنَ وَتَــصْــدِيــقٍ وَتَــفْــنِــيــدِ
تَـحْـنُـو عَـلَـى ضِعْفِ مَنْ طَالَ الطَّرِيقُ بِهِ
حَـــنَـــانَ وَالِـــدَةٍ ثَـــكْـــلَـــى بِــمَــوْلُــودِ
وَتَــلْــمَــحُ الْأُفْـقَ، هَـلْ بِـالْأُفْـقِ مِـنْ نَـبَأٍ؟
وَهَــلْ مِــنَ الــدَّهْــرِ إِنْــجَــازٌ لِــمَـوْعُـودِ؟
وَهَــلْ طُــيُــوفُ الْأَمَــانِـي وَهْـيَ حَـائِـرَةٌ
تَــدْنُــو بِــطَــيْـفٍ مِـنَ الْآمَـالِ مَـنْـشُـودِ؟
وَهَـلْ تَـرَىَ مِـصْـرُ صُـبْـحًـا بَـعْـدَ لَـيْـلَتِهَا؟
وَهَــلْ تَــقَــرُّ عُــيُــونٌ بَــعْــدَ تَــسْــهِـيـدِ؟
وَهَــلْ لِــمُـعْـتَـقَـلٍ فِـي الْـبَـحْـرِ مِـنْ أَمَـلٍ
فِـي أَنْ يَـرَى قَـوْمَـهُ مِـنْ بَـعْـدِ تَـشْـرِيـدِ؟
حَــتَّـى بَـدَتْ غُـرَّةُ الـدُّسْـتُـورِ عَـنْ كَـثَـبٍ
كَــمَــا تَــبَـدَّى هِـلَالُ الْـعِـيـدِ فِـي الْـعِـيـدِ
فَأَرْسَـلَـتْ مِـصْـرُ بِـنْـتُ الـنِّـيـلِ مِـنْ دَمِهَا
وَرْدًا تَـــزِيـــنُ بِـــهِ هَـــامَ الـــصَّــنَــادِيــدِ
وَصَــفَّــقَــتْ لِـحُـمَـاةِ الْـغِـيـلِ تُـنْـشِـدُهُـمْ
مِـــنَ الْـــبُـــطُــولَــةِ مَأْثُــورَ الْأَنَــاشِــيــدِ
وَالــنَّــاسُ بَــيْــنَ بَــشَــاشَــاتٍ وَتَــهْـنِـئَـةٍ
وَبَــيْــنَ شُــكْــرٍ وَتَــكْــبِــيــرٍ وَتَــحْــمِـيـدِ
جَــاءَ الــزَّمَــانُ فَــلَا قَــوْلٌ بِــمُــمْــتَــنِــعٍ
عَــلَــى الــلِّــسَــانِ وَلَا حُــرٌّ بِــمَــصْــفُـودِ
وَأَشْــرَقَ الــصُّــبْــحُ وَالــدُّنْــيَــا مُــهَـلِّـلَـةٌ
كَأَنَّـــهُ بَـــسَـــمَـــاتُ الْـــخُـــرَّدِ الْـــغِــيــدِ
مَــنْ يَــنْــصُــرِ الــلـهَ لَا جَـوْرٌ يَـحِـيـدُ بِـهِ
عَــنِ الــطَّــرِيــقِ وَلَا جَــهْــدٌ بِــمَــفْــقُـودِ
سَـيَـكْـتُـبُ الـدَّهْـرُ فَـلْـيَـكْتُبْ فَلَيْسَ يَرَى
إِلَّا صَــحَــائِــفَ تَــشْــرِيــفٍ وَتَــمْــجِــيـدِ
•••
نَــمَــتْ خَــلَائِــقُــهُ فِــي بَــيْـتِ مَـكْـرُمَـةٍ
فِــي سُـوحِـهِ الْـمَـجْـدُ فَـيْـنَـانُ الْأَمَـالِـيـدِ
بَــيْــتٌ دَعَــائِــمُــهُ نُــبْــلٌ وَتَــضْــحِــيَــةٌ
إِذَا بَـنَـى الـنَّـاسُ مِـنْ صَـخْـرٍ وَمِـنْ شِـيدِ
وَسَـــارَ فِـــي سَـــنَـــنِ الْآبَـــاءِ مُــتَّــئِــدًا
أَمْــــرٌ مُــــطَـــاعٌ وَرَأْيٌ غَـــيْـــرُ مَـــرْدُودِ
وَهِــــمَّــــةٌ تَـــتَأَبَّـــى أَنْ يُـــقَـــالَ لَـــهَـــا
إِنْ جَـازَتِ الـنَّـجْـمَ فِـي مَـسْـعَاتِهَا: عُودِي
تَـــجَــرَّدَتْ لِــصِــعَــابِ الــدَّهْــرِ وَاثِــبَــةً
وَيْــلَ الْــمَــصَـاعِـبِ مِـنْ عَـزْمٍ وَتَـجْـرِيـدِ
وَفِــكْــرَةٌ لَــوْ تَــمَــشَّـتْ نَـحْـوَ مُـعْـضِـلَـةٍ
صَــفَــتْ مَــوَارِدُهَــا مِــنْ كُــلِّ تَــعْــقِـيـدِ
وَعِـــزَّةٌ نَــظَــرَتْ لِــلْــكَــوْنِ مِــنْ شَــرَفٍ
عَــالٍ يَــعِــزُّ عَــلَــى رَقْــيٍ وَتَــصْــعِــيــدِ
قَـالُـوا هِـيَ الْـكِـبْـرُ قُـلْـتُ الْـكِـبْـرُ مَحْمَدَةٌ
إِذَا تَــسَــامَــيْــتَ عَــمَّــا بِــالْــعُــلَا يُـودِي
تَــرْنُــو إِلَــيْــهِ فَــتُـغْـضِـي مِـنْ مَـهَـابَـتِـهِ
فَـالـطَّـرْفُ مَـا بَـيْـنَ مَـوْصُـولٍ وَمَـصْدُودِ
خَــاضَ الــسِّــيَــاسَـةَ نَـفَّـاذَ الـذَّكَـاءِ فَـمَـا
رَأْيٌ بِــــنَــــابٍ وَلَا عَــــزْمٌ بِــــمَـــكْـــدُودِ
فَــكَــمْ لَــهُ وَقْــفَــةٌ فِــيــهَــا مُـجَـلْـجِـلَـةٌ
وَكَــمْ مَــقَــامٍ عَــزِيــزِ الـنَّـصْـرِ مَـشْـهُـودِ!
وَكَـانَ خَـصْـمًـا شَـرِيـفَ الـصَّـدْرِ مُـرْتَـفِعًا
عَــنِ الــدَّنِــيَّــاتِ إِنْ عَــادَى وَإِنْ عُــودِي
فَــاسْأَلْ مُــنَــاصِــرَهُ أَوْ سَــلْ مُــخَــالِـفَـهُ
فَـلَـيْـسَ فَـضْـلُ ابْـنِ مَـحْـمُـودٍ بِـمَجْحُودِ
لَــمَّــا رَمَــى زُخْــرُفَ الــدُّنْـيَـا وَبَـاطِـلَـهَـا
أَلْــقَــتْ إِلَــيْــهِ الْــمَــعَــالِـي بِـالْـمَـقَـالِـيـدِ
خُـــذِ الــرِّثَــاءِ نُــوَاحًــا مِــلْــؤُهُ شَــجَــنٌ
لَـــمْ تَــبْــقَ بَــعْــدَكَ أَدْوَاحٌ لِــتَــغْــرِيــدِي
مَــا فِــي يَــدِي غَــيْــرُ أَوْتَــارٍ مُـحَـطَّـمَـةٍ
يَـبْـكِـي لَـهَـا الْـعُـودُ أَوْ تَـبْـكِـي عَلَى الْعُودِ
وَكُـــلُّ جَـــمْـــعٍ إِلَـــى بَــيْــنٍ وَتَــفْــرِقَــةٍ
وَكُــــلُّ شَـــمْـــلٍ إِلَـــى نَأْيٍ وَتَـــبْـــدِيـــدِ
أَمْـسَـتْ تَـجَـالِـيـدُهُ فِـي جَـوْفِ مُـظْـلِـمَةٍ
كَــمْ صَــوْلَــةٍ وَإِبَــاءٍ فِــي الــتَّــجَــالِــيـدِ
نَـمْ مِـلْءَ جَـفْـنَـيْـكَ فِـي رُحْـمَى وَمَغْفِرَةٍ
وَوَارِفٍ مِـــنْ ظِـــلَالِ الـــلـــهِ مَـــمْـــدُودِ
إِنَّ الْـــبُـــطُـــولَــةَ وَالْأَجْــسَــادُ فَــانِــيَــةٌ
تَـبْـقَـى عَـلَـى الـدَّهْـرِ فِـي بَـعْثٍ وَتَجْدِيدِ
لَــمْ يَــخْــلُ مِـنْـكَ مَـكَـانٌ قَـدْ تَـرَكْـتَ بِـهِ
مَــا يَــمْــلَأُ الْأَرْضَ مِــنْ ذِكْــرٍ وَتَــخْـلِـيـدِ

عن القصيدة

  • مناسبة القصيدة: أُنشدت هذه القصيدة في حفلة تأبين محمد محمود باشا بدار الأوبرا عام ١٩٤١م.
  • طريقة النظم: عمودي
  • لغة القصيدة: الفصحى
  • بحر القصيدة: البسيط
  • عصر القصيدة: الحديث

عن الشاعر

علي الجارم: أديب، وشاعر مصري، ورائد من رواد مدرسة الإحياء والبعث إلى جانب كل من أحمد شوقي وحافظ إبراهيم. أَثْرَت مؤلفاته المكتبة الأدبية العربية؛ حيث تعددت وتنوعت بين الدواوين الشعرية، والروايات الأدبية والتاريخية، إضافة إلى الكتب المدرسية، وكانت له مساهمات فعالة في حقل اللغة العربية. وقد اشتهر بغيرته على الدين واللغة والأدب، وتمكن من أن يحوز مكانة شعرية رائدة.

ولد علي صالح عبد الفتاح الجارم، بمدينة رشيد عام ١٨٨١م، تلك المدينة التي شهدت الكثير من أحداث مصر التاريخية. كان والده الشيخ محمد صالح الجارم عالمًا من علماء الأزهر، وقاضيًا شرعيًّا بمدينة دمنهور. تلقى علي دروسه الأولى بمدينة رشيد، فأتم بها التعليم الابتدائي، وواصل تعليمه الثانوي بالقاهرة حيث التحق بالأزهر الشريف، واختار بعد ذلك أن يلتحق بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة. سافر عام ١٩٠٨م إلى إنجلترا وتحديدًا نوتينجهام لإكمال دراسته، فدرس هناك أصول التربية، ثم عاد إلى مصر عام ١٩١٢م بعد أربع سنوات قضاها في الغربة.

عُيِّن الجارم عقب عودته مدرسًا بمدرسة التجارة المتوسطة، ثم تدرج في مناصب التربية والتعليم حتى عُيِّن كبير مفتشي اللغة العربية بمصر، كما عمل الجارم وكيلًا لدار العلوم، وكان عضوًا مؤسِّسًا لمجمع اللغة العربية، وقد مَثَّل مصر في عدد من المؤتمرات العلمية والثقافية.

سَخَّر الجارم طاقاته الإبداعية وإمكانياته الثقافية في إنجاز العديد من الروايات الأدبية التاريخية التي تتخذ من التاريخ العربي موضوعًا لها، مثل: «فارس بني حمدان» و«هاتف من الأندلس» و«مرح الوليد» و«خاتمة المطاف» و«نهاية المتنبي». توفي علي الجارم عام ١٩٤٩م عن ثمانية وستين عامًا، وقد رثاه كبار أدباء ومفكري عصره.

تسجيل الدخول إلى حسابك

Sad Face Image

قم بتسجيل الدخول ليبدأ التحميل، وتحصل على جميع مزايا ومحتوى هنداوي فاونديشن سي آي سي.

تسجيل الدخول إنشاء حساب

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤