المعجزة الاقتصادية الأيرلندية
لن يكون من الحماقة أن نفكِّر في إمكانية إحراز تقدُّمٍ أكبر بكثير.
في عام ١٩٣٠، في بداية فترة الكساد العظيم، كتب جون مينارد كينز مقالًا متفائلًا بعنوان «الإمكانات الاقتصادية لأحفادنا». فبعد انتقاد أتباعه الذين تنبَّئُوا بكسادٍ لا ينتهي وركودٍ دائم، تنبَّأ كينز بمستقبلٍ مشرق؛ فقد قال إنه من خلال التحسينات التكنولوجية وتراكم رأس المال، تستطيع البشرية حل مشكلاتها الاقتصادية خلال المائة عام القادمة، وسوف تصبح السلع والخدمات وفيرةً وزهيدةَ الثمن لدرجةٍ ستجعل الرفاهية هي التحديَ الأكبر. ووفقًا لكينز، يمكن لرأس المال أن يصبح غير مكلفٍ لدرجةٍ قد تهبط بمعدلات الفائدة إلى صفر.
وجهة نظر من صفوة الاقتصاديين
لا يبدو أن اقتصاديي اليوم متفائلون مثل كينز، حتى مع دخولنا عامًا آخر من اقتصادٍ نَشِطٍ يصل إلى مستوى التوظيف الكامل. وقد طلبت من العديد من الاقتصاديين المعروفين إصدار توصياتٍ من شأنها أن تمنحنا معدلاتِ نموٍّ اقتصاديٍّ مستديمةً (طويلة المدى، وليست قصيرة المدى) تصل إلى ٦٫٧ أو ربما حتى ١٠ بالمائة سنويًّا، بما يحقق في النهاية السعادة الاقتصادية القصوى التي تحدَّث عنها كينز.
وأعلنها معظمهم بقوة: «غير ممكن!» وأجاب روبرت بارو، عالم الاقتصاد بهارفارد: «أعتقد أنه من المستحيل مضاعفة معدل النمو على المدى الطويل في الولايات المتحدة.» ووافقه الرأيَ ديفيد كولاندر بكلية ميدلبري: «إن فكرة مضاعفة النمو الاقتصادي في خلال عشر سنواتٍ تبدو شبيهةً للغاية بهدف التخطيط المركزي للنظام السوفييتي السابق.» واستشهد بهربرت شتاين حين قال: «إن السياسة الاقتصادية تتسم بالعشوائية فيما يتعلق بأداء الاقتصاد الأمريكي، ولكن نحمد الله أنه لا يوجد الكثير منها.»
النمر الكلتي: حظ الأيرلنديين
تُعَدُّ أيرلندا نموذجًا ممتازًا لإمكانية إحداث تغييرٍ في النمو الاقتصادي. عُرفت أيرلندا لسنواتٍ بأنها ربيب بريطانيا، وكانت تعاني من القيود الصارمة، والتخلف الاقتصادي، والركود، والعنف، وانعدام الاستقرار السياسي، حتى الجوع. ومع أواخر عام ١٩٨٧، وصل معدل البطالة إلى ١٧ بالمائة.
ولكن تغيرت الأمور بشكلٍ مفاجئ؛ فانضمت أيرلندا إلى «المجموعة الأوروبية»، بما تضمَّنه ذلك من إقرار العمل بعملة اليورو الجديدة، وأنشأت منطقة للتجارة الحرة وأبرمت صفقة مع النقابات التجارية لتوفير عمالةٍ مرنةٍ عالية المهارة. واجتهد القادة الأيرلنديون في مغازلة الشركات المتعددة الجنسيات في الولايات المتحدة وأوروبا من خلال توفير عمالةٍ مدربةٍ جيدًا ولكنها رخيصة نسبيًّا وتقديم تخفيضاتٍ ضريبيةٍ كبيرة. واليوم تحظى أيرلندا بأقل معدلٍ لضريبة الشركات في أوروبا، بنسبة ١٢٫٥ بالمائة. وتقوم بتوظيف المهاجرين ذوي المهارات المتطورة من دولٍ أخرى، خاصةً هؤلاء ذوي الأصول الأيرلندية. كما توفِّر حكومة صحية مستقرة وبنية تحتية ممتازة (بالطبع لم يكن هناك ضرر أيضًا من إعانات المجموعة الأوروبية التي بلغت ١٫٢ مليار يورو سنويًّا).
كانت النتائج استثنائية؛ فعلى مدار العقد الماضي، حققت جمهورية أيرلندا نموًّا أسرع ثلاث مراتٍ من بقية دول أوروبا وأسرع مرتين من الولايات المتحدة. وفي نهاية النصف الثاني من عقد التسعينيات، نما إجمالي الناتج المحلي بمعدلٍ سنويٍّ بلغ ١٠ بالمائة. وكان نمو التوظيف أكثر روعة؛ إذ ارتفع بنسبة ٥٠ بالمائة على مدار العقد الماضي. وصارت البطالة، التي وصلت نسبتها في وقتٍ ما إلى ١٧ بالمائة، لا وجود لها تقريبًا. كذلك ارتفعت الأجور، وصار متوسط دخل العامل الأيرلندي متساويًا مع نظيره في بقية دول أوروبا. ولعل الجانب السلبي الوحيد هو تضخم الأسعار، الذي يبلغ ضعف المعدل الأوروبي. لقد كانت أيرلندا في عِداد الأماكن التي يجب الهرب منها. أما اليوم، فقد صارت دولة تفخر بالانضمام والهَرَع إليها.
المستقبل بلا حدود
-
خفض الإنفاق الفيدرالي ليقتصر على مهامه المشروعة، وهو ما يعني بلا شكٍّ أقل من ١٥ بالمائة من إجمالي الناتج المحلي.
-
استبدال ضريبة ثابتة مبسطة قدرها ١٥ بالمائة بالقوانين الضريبية الحالية.
-
خصخصة منظومة الضمان الاجتماعي، أو الأفضل ترك الأمريكيين يضعون خططهم الخاصة للتقاعد.
-
تأسيس غطاءٍ نقديٍّ سليمٍ من شأنه إحباط الاستثمار السيئ ودورة الانتعاش والكساد في قطاع الأعمال.
-
تأسيس منظومة عدالة منصفة تُحرِّر ٩٠ بالمائة من المحامين في هذا البلد ليصبحوا مواطنين منتجين.
-
الكف عن التدخل في الشئون العسكرية الخارجية.