ملخص: النقاط محور النقاش في هذا الكتاب
-
(١)
كان المعنى السائد للعولمة عمومًا هو أنها تتعلق بتحولات اقتصادية وسياسية وثقافية؛ أو بعبارة أخرى، تغيير في «كل شيء» دفعةً واحدة، أو نقلة نوعية أو تغيير في النظام ناتج عن عناصر محددة، أو متمثل فيها (الأسواق العالمية، وثقافة النشاط الدائم الممتد طوال الأربع والعشرين ساعة، والاتصالات الفورية، وزيادة مستويات الهجرة، وما إلى ذلك)، مع استخدام التكنولوجيا بوصفها الوسيط الأساسي لإحداث كل ذلك.
-
(٢)
كما كانت العولمة، منذ البداية، مشروعًا أيديولوجيًّا، ساعد على تطبيع الرأسمالية تحت مظلته. وقد جَعَلَت العولمةُ الرأسماليةَ غيرَ مرئية (أو غير مرئية بدرجة غير مسبوقة)؛ حيث خبَّأَتها خلف مجموعة من التغييرات التي تم التعامل معها بوصفها ظواهر شبه طبيعية لا يملك الإنسان إزاءها سوى أقل القليل. كانت جميع الأشياء التي حدثت بوصفها جزءًا من العولمة حقيقية بما فيه الكفاية، ولكن السرد الشامل الكبير للعولمة التي وُضعت فيه تلك الأشياء كان خيالًا؛ وهو خيال فعال، ولكنه يظل رغم ذلك خيالًا.
-
(٣)
عندما عادت الرأسمالية إلى الظهور في أعقاب الأزمة الاقتصادية التي حدثت في عام ٢٠٠٨ (بوصفها خطابًا يمكن التحدث به ووضعًا واضحًا وضوحًا شديدًا للتنظيم الاجتماعي)، كان ثمة اعتراف بأن المشروع الأيديولوجي للعولمة الذي سيجعل الرأسمالية تختفي قد انتهى. ومع مواجهة الرأسمالية بفنائها، والكشف عن أن العولمة محض خيال، تَوقَّع الكثيرون حدوث صحوة سياسية على نطاق عالمي.
-
(٤)
لكن لم تكن ثمة مواجهة جادة مع ما يأتي بعد العولمة؛ لأن العولمة تستند إلى مشروع أيديولوجي أكثر جوهرية، وهو مشروع لم يكن معترَفًا به وقت تأسيسه، على الرغم من أنه كان ضروريًّا لعملها بفعالية؛ فالعولمة تشمل «تكوينًا زمنيًّا» معينًا، لا يمكن أن يتخيل «ما بعده». يمكن أن يلي الحداثةَ ما بعد الحداثة، ولكن ماذا عن العولمة؟ يبدو مصطلح «ما بعد العولمة» كما لو كان خاتمة ديستوبية لكل شيء، وليس مرحلة جديدة من الوجود الإنساني.
-
(٥)
يهدف كتابنا إلى فهم بناء هذا «الحد الزمني» الذي يعمل تحت اسم العولمة، حتى عندما تنتهي العولمة. بعد عرض سبع أطروحات تتحدى تلك الأيديولوجية الزمنية (الأطروحات التي تدحض الافتراضات القياسية حول التعليم، والأخلاق، والأمة، والمستقبل، والتاريخ، والرأسمالية، والحس العام)، سنتناول أعمال أربعة مفكرين كبار (ريتشارد فلوريدا، وَتوماس فريدمان، وَبول كروجمان، وَناعومي كلاين)، ونشير إلى كيفية تأثُّر أعمالهم المهمة سلبًا بهذه الافتراضات. لم يكتفِ هؤلاء المفكرون بنشر هذه الافتراضات فحسب، ولكنهم أنتجوها وأعادوا إنتاجها كذلك. وكان التأثير الكلي لهذه الافتراضات هو أنها حالت دون القدرة على التفكير في «ما بعد» العولمة، وأدَّت إلى الاعتماد على الروايات القديمة لكيفية التعامل مع الرأسمالية، بغض النظر عن التناقضات الواضحة المتضمنة فيها.
-
(٦)
بطبيعة الحال، يمكننا أن نجد أن أيديولوجية العولمة، وكذا حدها الزمني، يقعان أيضًا خارج عمل مثل هؤلاء المفكرين الليبراليين. ونحن نحقق في ذلك من خلال ما أجريناه من حوارات مع طلاب من جميع أنحاء العالم يميلون إلى فهم العالم على نحو مختلف عن الطريقة التقليدية، والذين يبدو أنهم غير مقتنعين وغير مهتمين بالوعود الكاذبة للافتراضات السبعة و«الحد الزمني» الذي تزعمه.
-
(٧)
في كلتا الحالتين، تلك الخاصة بالمروِّجين للعولمة من الليبراليين وكذا أبناء العولمة، نجد أن ثمة «شيئًا ما مفقودًا»، ثمة شيء ما مفقود بين هاتين المجموعتين، وكذلك في طريقة فهمهم لأن ثمة شيئًا ما مفقودًا في العالم.
-
(٨)
من المفيد أن نفهم هذه الحدود والفجوات، وننظر فيما تعنيه الإمكانيات الخيالية. ولكن علينا أيضًا أن نكون على وعي بأن ثمة شيئًا آخر مفقودًا؛ وهو القدرة الحقيقية على التفكير في «ما بعد» العولمة. وهذه هي نقطة البداية لعالم السياسة اليوم.