حوادث زحلة القديمة
لا خفاء أنَّ زحلة موقعها في غربي البقاع متجهة إليه وشئونها القديمة متعلقة بتأريخه. فلهذا أفردت هذه المقالة لسهل البقاع، مسترسلًا فيها إلى سهل بعلبك عند مسيس الحاجة والعلاقة، وذلك تمهيدًا لوصف حوادث زحلة قبل تدميرها، ثم تجديدها في أوائل القرن الثامن عشر للميلاد.
هذا في تقسيم سورية الطبيعي. أما في التقسيم الإداري فإن هذا السهل اليوم هو من ولاية سورية، يحدق به لبنان الشرقي والمنخفض السلسلة القليل العمران والسكان والخصب في غربيه؛ لكثرة انحداره وأقصى علوِّه في طرفه الجنوبي، حيث يرتفع جبل الشيخ ٢٨٠٠ متر عن سطح البحر. ويتصل بلبنان الغربي الذي هو أكثر ارتفاعًا من الشرقي، وأوفر عمرانًا وخصبًا وسكانًا ولا سيما في غربيه، فهو يخالف شقيقه بعض المخالفة. وأعلى رءوسه المشرفة على هذا السهل جبل المنيطرة فوق اليمونة، الذي يعلو ٩٥٠٠ قدم، وجبل الكنيِّسة فوق جديتا وبوارش المرتفع نحو ٦٦٥٠ قدمًا، وجبل الباروك فوق عميق المرتفع نحو ذلك. وفي سهل البقاع نحو سبعين قرية، منها بضع عشرة مرزعة صغيرة، وسكانه نحو خمسة عشر ألف ذكر. ومجموعهم نحو ثلاثين ألفًا ونيف معظمهم من المسلمين، فالمسيحيين وبينهم بعض الشيعيين (المتاولة) في مشغره وضواحيها، ومساحة أرضه نحو أربع مائة ألف فدان (والفدان ألف وستمائة ذراع مربعة)، وأكثره سباخ ولا سيما في السنين الماطرة.
وتزرع فيه جميع أنواع الحبوب، حتى تقدر حاصلاتها السنوية بمليون مد ونصف مليون تقريبًا على اختلاف أجناسها، كالبقاعي الأحمر والسلموني الأحمر والدوشاني والحوراني، والقطاني كالعدس والحمص والبيقة (الباقية) والكرسنة ونحوها، وأشهر عدسه ما زرع في سحمر ويحمر المشهورتين أيضًا بالعنب الفاخر، الذي هو من حاصلاته الوافرة بعد الحبوب. وأهم معامل النبيذ في شتوره ودير كساره للآباء اليسوعيين، وفيهما العنب الجيد. أما تربية دود القز فأهمها في مشغره وسغبين والخربة وقب إلياس والمعلقة، ومجموع أعشاره السنوية نحو عشرة آلاف ليرة عثمانية. وقد جرِّب فيه القطن فلم تنجح زراعته، وكان فيه قبلًا التبغ (الدخان) الجيد، ولكنه اليوم قليل.
ومن سهل البقاع وبعلبك وجبليهما يخرج نهر العاصي الذي يروي سوريا الشمالية. والليطاني الذي يجري إلى الجنوب، ونهر بردى الجاري إلى الشرق، ونهر إبراهيم الجاري إلى الغرب من بحيرة اليمونة، ونهر الغزِّير الخارج من قرب عين الجر. وجدول الخريزات من قرب خربة قنافار، ونهر عميق ونهر الشتا الخارج من قرب مشغره، ونهر البردوني من قاع الريم ونهر يحفوفه.
وفي هذه البقعة ينابيع غزيرة، أهمها مياه شتوره وقب إلياس والفالوج قرب كامد، ثم عين الجرِّ وعين زبدة، وينبوع مركبة بين قرية ميدونة وعين التينة، ونبع مشغره وهي والأنهر المار ذكرها آنفًا تصب جميعها في نهر الليطاني. أما بحيراتها فبحيرة عميق في الغرب وقد جففت الآن، وبحيرة اليمونة في الشمال وبركة الزينية في المنحدر الشرقي للجبل الغربي، وبركة قطينة في الشمال قرب حمص، وهي بحيرة قدس المشهورة في التواريخ القديمة، ومن ينابيعها الدورية مياه عميق، ونبع عين الجرِّ الذي يقال إنه هو ونبع بردى قرب الزبداني من أصل واحد، ونبع الأربعين في اليمونة الذي منه تتكون بحيرتها وتجري مياهه إلى أفقا فتكوَّن نهر إبراهيم إلى غير ذلك، وفي البقاع شلال كهف الحمام فوق جسر الكوَّة.
ويفصل قضاء بعلبك اليوم عن البقاع خطٌّ، أوله نيحا في سفح الجبل الغربي، فأبلح أمامها في السهل ممتد إلى الدلهمية فتربل فحوش حالا، وهذه القرى جميعها من البقاع، ثم يتصل بعلي النهري قرب رياق وبيحفوفه التابعتين لقضاء الزبداني. فما إلى شمالي هذا الخط هو قضاء بعلبك، وما إلى جنوبيه هو البقاع ما عدا القرى الواقعة وراء تربل في الأكمة الصغيرة المنفصلة عن الجبل الشرقي، فإنها وإن كانت داخلة في البقاع بموقعها الطبيعي، فإنها من أعمال بعلبك. ويكون حدُّه الشرقي منقلب الماء من الجبل الشرقي، ومعظمه في قضاء الزبداني. والجنوبي وادي التيم وجزِّين. والغربي المنقلب الشرقي للبنان الغربي من الشوف والمتن فقضاءُ زحلة. وفي القرنين الثاني عشر والثالث عشر للميلاد، غلب على هذا السهل الغربي اسم البقاع فدعاه ياقوت الحموي بقاع كلب؛ نسبة إلى قبيلة بني كلب التي كانت فيه، وعُرف أيضًا ببقاع العزيز نسبة إلى الملك العزيز ابن السلطان صلاح الدين الأيوبي الشهير؛ لأنه اعتنى بتجفيف أرضه وزراعته.
وفي القرن السابع عشر للميلاد كان يطلق اسم البقاع على معظم سهلي بعلبك والبقاع، إذ ذكر المحبي في خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (١ : ١٧٧) أنَّ البقاع العزيزي مقر ولايته كرك نوح، والبقاع البعلبكي المنسوب إلى بعلبك لقربه منها ليس له مقر ولاية، وأنَّ هاتين الولايتين منفصلتان عن بعلبك لحاكم غير حاكمهما؛ ولذلك كان يقال لمجمل السهل سهل البقاعين وبعلبك، كما قرأنا ذلك في القرن الثالث عشر للميلاد.
ولقد اختلف تقسيم البقاع بحسب الحكام والزمان، فكان قسم من البقاع الغربي قديمًا تابعًا للبنان. وكانت عيتنيت في القرن السابع عشر للميلاد تابعة لشوف الحراذين. وبعض قراه اليوم تابعة وادي التيم، مثل خربة روحا وغيرها. والبعض الآخر يتبع الأقضية المجاورة. وفي أثناء القرن التاسع عشر كان البقاع الغربي جميعه يسمى إقليم البياض، وقاعدته مدينة زحلة (راجع أخبار الأعيان لطنوس الشدياق صفحة ٣٢)، ويسمى أيضًا الشوف البيَّاضي؛ لبياض تربته وصخوره في أكثر محلاته ولا سيما في قاعدته زحلة، وبقي تابعًا للبنان إلى أواخر حكم داود باشا الأرمني أول متصرف عليه.
وقد قال الأب مرتين في تاريخه (١ : ٦٦) إنه يسمى بشوف البيادر، وهو تحريف كلمة البياض بالإفرنجية كما لا يخفى، وحدَّده بأنه المنحدر الشرقي من لبنان (أي لبنان الغربي). وهو الآن قائمية مقام تابعة لولاية سورية التي مقرها دمشق، وقاعدة هذا القضاء معلقة زحلة وعدد سكانها أربعة آلاف. وقد انسلخت عن لبنان هي ومعظم هذا القضاء نحو سنة ١٨٦٨م، بآخر مدة داود باشا متصرفه كما مر آنفًا، وفيه ٧٦ قرية ومزرعة. وسنة ١٨٨٤م سلخت ست قرى عن قائمية مقام بعلبك بزمن قائم مقامها مصطفى حكمت القنواتي، وألحقت بقضاء البقاع أهمها نيحا، وفي البقاع مديرية جب جنين تتبعها إحدى عشرة قرية وهي: كامد اللوز والسلطان يعقوب وغزة وحمَّارة وعيتا ومدوخا وعين عرب وكفر دينس والمحيته ورفيد وبيره، ومزرعة واحدة وهي جرن النحاس.
أما قرى البقاع التابعة لقائمية المقام رأسًا فثمان وأربعون قرية، وهي: نيحا، والفرزل، وأبلح وحوش حالا، ورياق، وتربل، والدلهمية، والحواش، وسعد نايل، وثعلبايا، وتعنايل، وجديتا، وبوارش، ومكسة وقب إلياس، وتل الأخضر، وعميق، ودير طحنيش، والمنصورة، وخيارة، وحوش حريمة، والدكوة، والإصطبل، والمرج، وبر إلياس، وعنجر، والسويرة، ومجدل عنجر، وكفريا، والخربة، وعين زبده، وسغبين، وباب مارع، وعيتنيت، ومشغره، وعين التينة، وميدون، ولوسيا، وقليا، وزلايا، ويحمر، وسحمر، ولبايا، وتلثاثا، ومجدل، بلهيص، والقرعون، وبعلول، ولالا. وخمس عشرة مزرعة وهي: شتوره، وزبدل، ومندرة، وتل عمارة، والناصرية، والبيضا، وعانا، وتل دنوب (تل ذي النون)، والجزيرة، وحليمة الصغرى، ووقف، ودير عين الجوزة، وعين فجور، والشميسة، وبجعة. وأقربها إلى المعلقة مقر قائم المقام الحواش، وهي على بعد ربع ساعة، وأبعدها لوسيا وقليا وكلٌّ منهما على بعد اثنتي عشرة ساعة عنها، وأكبرها مشغره فقب إلياس فجب جنين فسغبين إلخ.
وأهم أدياره العامرة الآن دير تعنايل للآباء اليسوعيين، وفيه ميتم ودير كساره لهم أيضًا، ودير عين الجوزة للرهبنة المخلصية.
وفي أسماء القرى بقايا أديار قديمة، فمنها عامر وقد ذكرناه، والآخر خرب مثل قرية دير الغزال ولا دير قديم فيها اليوم، وقرية دير طحنيش ودير لباس في أرض الكرك؛ أي دير النبي إلياس كما مرَّ. وفي مشغره اسم دير صالح ودير مري (مريم)، ودير زينون وعليه جسر بين عنجر وبر إلياس، ودير مار موسى علين قرب زحلة.
ومن آثاره القديمة حصن الكرك، وحصنا نيحا وقلعة المشيرفة فوق زحلة، وقصر الكنيِّسة على قمة جبل الكنيِّسة أو بوارش، وقلعة الرمثانية الضخمة الأطلال المشرفة على البقاع، وآثار في بلودة والتويتة منها حمامات. وهيكل جديتا الذي ظهر منذ سنوات، وهيكل الفرزل ومغاورها ومسلتها المصرية. وقلعة قب إلياس وهيكل عين الجرِّ وسورها وأقنيتها وهيكل ماسة. وتمثال عين أبلج ونواويس كثيرة ومغاور بديعة الشكل، وفي جديتا نواويس على بعضها كتابات مهشمة يرجح أنها يونانية، ويوجد سرَب تحت الأرض من عين الجرِّ إلى قرية الإصطبل، قرب قب إلياس ولا منفذ له. وقرب قب إلياس صخور على أحدها صورة آلهة على زي المعبودات اليونانية، وعلى الثاني صورة ثور على ظهره أسد وعلى جانبه عجلتان. وكذلك صورة في الفرزل تمثل إلهًا غريب الشكل، ممتطيًا جوادًا ولابسًا لبس الأسويين لعبادة الشمس.
ولقد كانت الجبال المحدقة بسهل البقاع وبعلبك مكسوة بالأشجار على قممها وأسنادها وسفوحها حتى السهل، فأصبحت اليوم جرداء صلعاء وذلك للنوائب التي اجتاحتها، مثل مصادرة الحكام بإحراق الحراج والغابات للاقتصاص من المجرمين، واتخاذها للوقود والفحم الحطبي وتذويب الحديد وطبخ الكلس الحجري. وقد اكتُشفت كتابة في أحد سفوحها الشرقية تذكر أنَّ نبوخذ ناصر ملك بابل قطع الخشب من هناك لهياكله، وفي الصرود (الجرود) كتابات كثيرة تدل على حفظ الغابات وتحديدها، ومن أهم الغابات الباقية الآن حراج لوسا قرب الليطاني في آخر البقاع مقابل قضاء حاصبيا، وفيها النمر إلى يومنا وغاب ميدون في تلك الجهة، وبعض بقايا غابات قديمة في بعض الضواحي منها غاب عميق وغيره، وحبذا لو أعيد غرس الغابات لاستفادت منها البلاد وتعدلت الأمطار.
ومن المعادن القديمة فيه الحديد في وادي السنديان قرب مشغره، والحمَّر في سحمر بالجبل الشرقي، وميدون بالجبل الغربي على حدود لوسا قرب حاصبيا، واستخرج في القديم النحاس من كلشيس (عين الجرِّ)، ومعنى اسمها اليوناني النحاس. ومن بريتان أيضًا. ولن تزال مزرعة جرن النحاس إلى يومنا دليل ذلك. والفرزل كلمة فينيقية أو سريانية بمعنى الحديد تدل على استخراجه منها قديمًا. وكان للبنانيين اليد الطولى في سبك الحديد وتطريقه وصنعه أدوات مختلفة إلى نحو منتصف القرن التاسع عشر الماضي، فصار الحديد السويدسي من أسوج وغيرها شائعًا لرخصه، وبطلت صناعة استخراجه عندنا.
ومن صناعات هذا القضاء القديمة صناعة ضفر الحصر، لكثرة الأقصاب والسعد (نوع من القش) ونحوها في غاب عميق وما يجاوره؛ ولذلك اشتغل فيها معظم السكان. وقد روى أبو الفداء الحموي المؤرخ وابن بطوطة الرحالة وغيرهما أنَّ البقاعيين أتقنوا هذه الصناعة، وأنَّ السلطان يعقوب المغربي بعد أن ترك عرش الملك زهدًا وجاء البقاع تزهَّد واشتغل بضفر الحصر، وأنكر ذلك المقري، وأشهر محل فيه لهذه الصناعة الآن خيارة فالسلطان يعقوب.
ومن ذلك عمل الفخار في قرية عيتا المشهورة بعيتا الفخار، وتربتها تصلح لكل أنواع الخزف المتينة ومنها تتخذ المواعين والأواني المختلفة الأشكال، كالجرار والخوابي ونحوهما. ولقد عمل من تربتها الآجر (القرميد) في فرنسة، فكان أمتن ما عرف من نوعه. ومن المريجات تربة صالحة لمثل ذلك.
وفيها منذ القديم صناعة الخمور والدبس والزبيب، ولن يزال اسم حمارة السريانية بمعنى المخمرة يدل على ذلك. وعرفوا أيضًا بناء السفن؛ لأن بلادهم بقيت بحرة مدة طويلة.
واشتهر كثير من سكان هذه البقعة بصنعة البناء، ولا سيما عمل الجسور في الأنهر الجارية، وتجفيف الأرض لتعودهم ذلك، وقد اشتهر ابن بصيص البعلبكي باني جسري نهر الكلب والدامور وغيرهما في القرن الرابع عشر للميلاد، ولو لم يكن في بلادهم إلا قلعة بعلبك وبعض أطلال الهياكل الأخرى، لكفاهم فخرًا بهذه الصناعة منذ القديم.
وعرفت فيه صناعة الغزل والنسج مثل نسج الخام وتطريزه، وكانت لالا والقرعون مشهورتين بنسج البسط الصوفية (الواديات) والشعرية (البلس).
واشتهرت الفرزل بعمل الملبن المسمى بجلد الفرس وهو من خصائصها، وكذلك الزبيب الجوزاني.
واشتهرت مشغره بعمل البارود، ولن تزال صناعته فيها وفي عيتنيت.
وروى المسيو مسبرو الفرنسي مدير المتحف المصري: أنَّ قومًا من سودان الصعيد جاءوا سورية. وكانوا يقطعون سبل المجتازين من بيروت إلى دمشق في مضايق المديرج وغربي البقاع والجهات الأخرى، وهم الذين أشار إليهم أبو الطيب المتنبئ في قصيدته بقوله:
وكفر عاقب قرية بفلسطين.
ولا غرو أنَّ وادي القرن ووادي بكَّة ووادي فعره ووادي يحفوفه كانت مكمنهم ومكمن غيرهم من اللصوص، مثل الأيطوريين الذين استعمروا هذه البقعة مدة طويلة، وذكر ڤلاف يوسف واسترابون وغيرهما من المؤرخين: أنَّ عساكر برمتها كانت تختبئ في المغاور المتسعة في اللبنانين، متخذة إياها كالحصون، وكان لبنان الغربي حاجزًا بينهم وبين قرصان البحر الذين كانوا يهاجمون ثغور سورية البحرية، ويأسرون أرباب السفن وينهبون ما فيها.
وفي أيام الصليبيين أقيمت المراقب في هذا السهل على مشارف جباله وتلال سهوله، كما كانت بزمن الرومانيين وغيرهم لمنع الاعتداء.
وبعد الصليبيين كثرت المخافر في هذه الجهات مثل غيرها؛ منعًا لدخول الإفرنج إلى البلاد ثانيةً، وفي أوائل القرن الرابع عشر للميلاد كان بريد خيل من بيروت إلى خان الحصين قرب بحمدون، ومنه إلى قرية زبدل فحان ميسنون فدمشق لنقل الأخبار، وكان حمام الزاجل (الرسائل) يطير بين بيروت ودمشق وغيرهما للمفاوضات، فهو تلغرافهم النهاري. أما تلغرافهم الليلي فالنيران موقدة على قمم الجبال، كما مرَّ آنفًا، وهو من بيروت إلى بيت مري فالكنيسة (بوارج) فجبل يبوس أو جبل الشيخ بقربة فجبل قاسيون (الصالحية) فوق دمشق فقلعة دمشق، وهكذا كان هذا السهل وصلة بين السواحل والمدن الداخلية.
وفيه مرَّ كثير من التجار الأقدمين ناقلين تجاراتهم من جهة صور وصيداء وبيروت وطرابلس إلى دمشق وتدمر وحمص وحماه وحلب فبغداد وما وراءها. وكان أحد فروع تجارة فينيقية الشهيرة إلى بابل ونينوى يمر من صور إلى البقاع أو دمشق، وكان هذا السهل مخيَّم الفاتحين والغزاة في كل عصر، فنزل في مشارفه وسفوحه الأشوريون والكلدان والحثيون والفرس والمصريون واليونان والأيطوريون والرومان والسكيثيون والعرب والصليبيون والتتر والترك، وفيه مرَّ عبدة الأوثان لزيارة عاصمتهم بعلبك، وفيه جرت الاحتفالات الكثيرة والأساطير الوثنية والمواقع الحربية. وبعض الأقاصيص القديمة ولا سيما ما تعلق منها بالآباء الأولين كما مرَّ.