تدخل إنجلترا في المسألة السودانية افتياتًا منها وبلا دعوة من الحكومة المصرية
رقم ٣٧: من سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل
ورد في ١٦ أكتوبر
القاهرة في ٢ أكتوبر سنة
١٨٨٢
أتشرَّف أن أرسل مع هذا مذكرةً كتبها الكولونيل سير تشارلس ولسن عن الحالة الحاضرة في السودان، يشير فيها بأن نبعث ضابطَيْن إنجليزيَّيْن إلى هذا الإقليم ليكتبا تقريرًا عن حالته، وما يجب اتخاذه من الوسائل لإخماد فتنته واستتباب الأمن في ربوعه.
وأرى أننا لا نستطيع أن نكوِّن رأيًا صحيحًا عن حال هذا الإقليم بدون أن نحصل على معلومات عنه من نفس رجالنا؛ ولذلك أرفع إلى مقامكم اقتراح سير تشارلس ولسن هذا للنظر فيه رجاء الموافَقة عليه. وإني لَمنتظِرٌ ورودَ تعليماتكم لي في هذا الصدد.
ملحق لرقم ٣٧، مذكرة الكولونيل سير تشارلس ولسن
إن السودان في حال أسوأ ما يكون من الفوضى. وقبل انقطاع المواصلات مع القاهرة، كان معلومًا أن المهدي يتقدم تقدمًا محسوسًا، وأن أناسًا عديدين انضموا إلى صفوفه، وأنه انتصر أكثر من مرة على الجيوش المصرية.
ويجب اعتبار هذا البيان مُطَمْئِنًا إلى حَدٍّ ما عن الحالة الحاضرة في السودان.
وأرى أنه من الضروري إرسال ضابطين من الضباط الإنجليز إلى السودان، وتكليفهما بكتابة تقرير عن حالته الراهنة وما يلزم من الوسائل لتوطيد دعائم الأمن في ربوعه.
ولدى المهدي طريقان للوصول إلى مصر السفلى (وجه بحري): الأول طريق صحراء النوبة ووادي النيل، والثاني طريق قوافل الرقيق الشارع من دارفور. وكلاهما يصعب اجتيازه بجيش عرمرم، وفي استطاعة قوة صغيرة منظمة أن تسدَّه. ومع ذلك لو حاول المهدي في الحالة الراهنة أن يقوم بحركة تقدُّم، فلا توجد قوة مصرية تصدُّه.
رقم ٦١: من إرل جرانفيل إلى سير إ. مالت
وزارة الخارجية في ٢٨ أكتوبر سنة ١٨٨٢
سيدي
أجيب على رسالتكم المؤرَّخة في الثاني من الشهر الجاري، فأقول إنه لا بأس أن ترسلوا الكابتن «لفتنانت كولونيل» استوارت إلى السودان؛ لكتابة تقرير عن حالة هذا الإقليم.
وإني لكم … إلخ …
رقم ٢: من إرل جرانفيل إلى مستر كرتريت
وزارة الخارجية في ٢٠ أبريل سنة ١٨٨٣
سيدي
أرى من الواجب عليَّ أن أكلِّفَكم بتبليغ شكري إلى الكولونيل استوارت على تقريره عن السودان، ذلك التقرير الحافل النفيس الذي ورد ضمن رسالة سير إ. مالت في السادس من الشهر الماضي.
وإني لكم … إلخ …
رقم ١٥: من سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل
ورد في ٣٠ مايو
القاهرة في٢١ مايو سنة ١٨٨٣
سيدي
أتشرق بالإجابة عن رسالتكم المؤرخة في العشرين من الشهر الماضي، بأنني أبلغت شريف باشا حسب تعليماتكم مقترحات اللفتنانت كولونيل استوارت، التي وردت ضمن تقريره عن السودان، ذلك التقرير الذي بعثت به إليكم في ١٦ مارس، والذي أشار فيه هذا الكولونيل إلى سوء استعمال السلطة في هذا الإقليم، وأوعز بالإصلاحات التي يرى ضرورة إدخالها فيه. وقد أعربتُ لكم في الوقت ذاته عمَّا يخالجني من الآمال في أن أرى الحكومة المصرية تنظر في هذه الإصلاحات المطلوبة بعين الاهتمام.
وإني أرسل لكم مع هذا صورة من مذكرتي التي بعثت بها إلى شريف باشا مع رد عطوفته بتسلُّمه ملخص التقرير المذكور، وإبداء شكر الحكومة المصرية على المقترحات المودعة فيه.
ولي الشرف أن أكون … إلخ …
ملحق لرقم ١٥: من سير إ. مالت إلى شريف باشا
القاهرة في ١٦ مايو سنة ١٨٨٣
حضرة صاحب العطوفة رئيس النظار
تعلمون عطوفتكم أن اللفتنانت كولونيل استوارت قضى منذ عهد قريب بضعة أشهر في السودان بقصد كتابة تقرير عن حالة هذا القطر لرفعه إلى حكومة جلالة الملكة، وقد أرسلت تقريرَه إلى لورد جرانفيل الذي كُلِّفْتُ الآن من قِبَله أن أعرض على حكومة سمو الخديو الإصلاحاتِ الإداريةَ التي أفضى بحث الكولونيل استوارت لحالة السودان إلى عد تنفيذها من الحكمة والسداد.
ولذا أتشرَّف أن أرسل إلى عطوفتكم مع هذا صورةَ ما ورد في التقرير السابق متضمنًا المقترحات المقدَّمة من الكولونيل استوارت.
وإني أُعرِب لعطوفتكم في الوقت نفسه عمَّا يملؤني من الأمل في نظر الحكومة المصرية لهذه المقترحات بعين الاهتمام والعناية.
ولي الشرف أن أكون … إلخ …
ملحق لرقم ١٥: من شريف باشا إلى سير إ. مالت
القاهرة في ٢٠ مايو سنة ١٨٨٣
سيدي الوزير المفوض
لقد شرَّفتموني بخطابكم المؤرَّخ في السادس عشر من الشهر الجاري، والمرسل معه صورة التقرير المقدَّم من الكولونيل استوارت إلى اللورد جرانفيل المشتمِل على نتيجة ملاحظات هذا الضابط أثناء إقامته مؤخَّرًا في السودان، وعلى بيان التدابير التي يرى من المفيد اتخاذها لتنظيم الإدارة في هذا القطر من جديد.
وإني بعد إبلاغكم بوصول خطابكم الآنِف الذِّكر والتقرير السابق الذي قرأته بتدبُّر زائد، أرجو يا حضرة الوزير أن تقبلوا عظيم تشكُّراتي، وتتكرموا بإهداء خالص شكري إلى الكولونيل استوارت.
ثم قام اللفتنانت كولونيل استوارت من الخرطوم في ١٠ مارس سنة ١٨٨٣ عائدًا إلى القاهرة بطريق سنار وكسلا ومصوع؛ إتمامًا لبحثه هذه النواحي من السودان. وأرسل من مصوع إلى سير إدوارد مالت في ١٨ أبريل من السنة المذكورة تقريرًا عن السودان الشرقي وحدود الحبشة، أودعه جميع ملاحظاته التي شاهَدَها، ومن بينها الملاحظة الآتية:
«إجمالًا لما شاهدته في مصوع، وللحالة التي هناك، أقول إنه إذا عُجِّل بإبدال المحافظ وتعيينِ رجلٍ أذكى منه وأحزم، كانت الأمور أدعى إلى الإصلاح.»
وقد وصل هذا التقرير إلى القاهرة في ٢٣ مايو سنة ١٨٨٣ (راجِع الكتاب الأزرق الصادر عام ١٨٨٣، ج٢٢)، وأرسله سير إدوارد مالت في ٢٤ مايو المذكور إلى إرل جرانفيل مع رسالة منشورة في الكتاب السابق تحت رقم ٢٥، وأبلغ سير إدوارد مالت الملاحظة المذكورة آنفًا عن مصوع إلى شريف باشا رئيس النظار، وأخطر بذلك إرل جرانفيل في رسالةٍ أرسَلَها إليه من القاهرة في ٢٤ مايو سنة ١٨٨٣م، ونُشِرت في الكتاب الأزرق تحت رقم ٦.
رقم ٥٤: من إرل جرانفيل إلى سير إ. مالت
وزارة الخارجية في ١٣ يوليو سنة ١٨٨٣
سيدي
علمت من رسالتكم المؤرَّخة في ٢٤ من الشهر الماضي أنكم أبلغتم الحكومة المصرية ما ورد في تقرير الكولونيل استوارت المؤرَّخ في ١٨ أبريل متعلقًا بالحالة في مصوع فقط. ولكن من المرغوب فيه أيضًا أنها تكون على علم بحوادث الرشوة وسوء الإدارة وفساد الأحكام التي لفتت نظرَ هذا الضابط، وكذلك بالمسلك الذي ينهجه الجنود في السودان.
وتجدون مع هذا صورةً من التقرير الآنف الذكر مؤشَّرًا فيها على الفقرات التي نوَّهت بها آنفًا، فأرجوكم أن تُجمِلوها في مذكرة وتُرسِلوها للحكومة المصرية.
وإني لكم … إلخ …
رقم ٦٤: من سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل
ورد في ٨ أغسطس
القاهرة في ٢٣ يوليو سنة ١٨٨٣
سيدي
أتشرَّف أن أرسل إليكم مع هذا صورةَ المذكرة والكتاب اللذين أرسلتهما إلى شريف باشا حسب أمركم الوارد في رسالتكم المؤرَّخة في ١٣ الجاري. وهما يتناولان الحالة في السودان كما وصفها الكولونيل استوارت في تقريره.
وإني لكم … إلخ …
ملحق رقم ٦٤: من سير إ. مالت إلى شريف باشا
القاهرة في ٢١ يوليو سنة ١٨٨٣
سيدي رئيس النظار
رغب إليَّ إرل جرانفيل بشأن ما جاء في كتابي إلى عطوفتكم المؤرَّخ في ١٤ مايو، أن أبلغ عطوفتكم بعض فقرات أخرى من تقرير كولونيل استوارت عن رحلته من الخرطوم إلى مصوع.
والمذكرة المرسَلة مع هذا فيها بيانٌ عن الحالة في سنار والقضارف وكسلا والبلاد الأخرى حتى سنهيت. وأتشرَّف أن ألفت أنظار عطوفتكم إلى حوادث الرشوة، وسوء الإدارة، وفساد الأحكام المنوَّه بها في تقرير الكولونيل استوارت، وكذلك إلى سوء مسلك الجنود غير النظامية.
ولي الشرف … إلخ …
وفي رأينا أن الباعث على تكليف الكابتن منكريف بهذه المهمة يرجع إلى رغبة الحكومة البريطانية في إحاطتها إحاطةً تامة بجميع شئون أنحاء السودان، تلك المسألة التي صرَّحت في كثير من مكاتباتها الرسمية بأنها لا تهتم بها ولا ترغب في التعرُّض لها.
وقد سافر الكابتن منكريف إلى سواكن في منتصف عام ١٨٨٣، وبعث بتقريره عن هذه الناحية وما جاوَرها إلى سير إدوارد مالت، الذي أرسله من القاهرة إلى إرل جرانفيل في ١٠ أغسطس من هذه السنة مع رسالة نُشِرتْ في الكتاب الأزرق لعام ١٨٨٣، ج١٣، تحت رقم ٨٣.
رقم ١٦٣: من سير إ. بارنج إلى إرل جرانفيل
ورد في ٢٠ ديسمبر
القاهرة في ١٠ ديسمبر سنة ١٨٨٣
أتشرَّف أن أرسل مع هذا صورةً من كتاب خاص جاءني من سواكن في ١٤ ديسمبر. أما الكتاب الذي يقول المراسل أنه أرسله إليَّ في اليوم الأول من ديسمبر فلم يصل إلى الآن.
وليس بالإمكان تبرئة الحكومة المصرية من اللوم في هذا الحادث؛ إذ من الواضح أن محمود طاهر باشا قائدٌ لا كفايةَ له البتة. وقد تكلَّمت مع شريف باشا بلهجةٍ شديدة بصدد سلوك هذا الضابط بعد الموقعة التي أودت بحياة الكابتن منكريف. وقد سافرتْ لجنةٌ إلى سواكن كما أخبرتكم للتحقيق في سلوكه. ورغمًا عن هذا فلا يزال متربعًا في وظيفة القيادة، وأظن أنه قائم بأعبائها حتى هذه الآونة.
وقد تقرَّر أخيرًا استدعاءُ محمود طاهر باشا ومحاكمته أمام مجلس عسكري في القاهرة.
وإني أتشرف أن أكون … إلخ …
الخلاصة
وخلاصة ما ذكرناه في هذا الباب أنه لم يكد يمضي أسبوعان على الاحتلال البريطاني لمصر، حتى قَدَّم الكولونيل سير تشارلس ولسن بمحض رغبته واختياره — وبدون أن تطلب الحكومة المصرية منه ذلك — مذكرة في ٢٩ سبتمبر سنة ١٨٨٢ إلى سير إ. مالت قنصل بريطانيا العام في مصر، يلفت فيها نظره إلى خطورة الحال في السودان، ويقترح ضرورة إرسال ضابطين إنجليزيين إليه «لكتابة تقرير عنه وعن الوسائل اللازمة لاستتباب الأمن فيه».
وهذه المذكرة أرسلها سير إ. مالت بدوره إلى إرل جرانفيل وزير خارجية بريطانيا، وأصحبها برسالة يعزِّز فيها رأي سير تشارلس ولسن، فوافق إرل جرانفيل على ذلك، وبعث اللفتنانت كولونيل استوارت إلى السودان للقيام بهذه المهمة، فأتمها وأرسل تقريرًا مطولًا عنه، أرسله سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل، فكتب هذا إلى مستر كرتريت القائم بأعمال سير إ. مالت وقتئذٍ، يخبره بأنه كلَّف إرل دوفرن أن «يُطلِع الحكومة المصرية على الإصلاحات التي أشار كولونيل استوارت بإدخالها في مديريات هذا القطر»، وقد قام بهذا الأمر سير إ. مالت، فأرسل إلى شريف باشا رئيس مجلس النظار في مصر كتابه الذي أعرَبَ فيه عن رجائه في أن تنال هذه المقترحات عنايةَ الحكومة المصرية (وقد اعتبر إرل جرانفيل هذا العمل بمثابة أمر كما سيتضح ذلك فيما بعدُ)، فرد عليه شريف باشا يخبره بوصول كتابه ويشكره هو وكولونيل استوارت.
ثم رجع هذا الكولونيل بطريق مصوع كي يتمم تقريره عن السودان الشرقي، فأتمه وأرسله إلى سير إ. مالت الذي لفت نظر شريف باشا إلى ما ورد في هذا التقرير عن مصوع فقط. ثم بعث به سير إ. مالت إلى إرل جرانفيل وأخبره بما فعل، فلم يكتفِ بذلك إرل جرانفيل وطلب من سير إ. مالت أن يبلغ شريف باشا فقرات أخرى وردت بالتقرير المذكور وأشار إليها بنفسه.
فصدع سير إ. مالت بالأمر، وكان ما كان من إرسال الكابتن منكريف قنصل بريطانيا في جدة إلى سواكن، التي لم يمر بها الكولونيل استوارت، لكتابة تقرير عن الجهات المجاورة لها، وذلك على ما نرى لاستكمال بحث أحوال السودان، ثم ورود هذا التقرير إلى سير إ. مالت وإرساله منه إلى إرل جرانفيل، ثم قتل الكابتن منكريف في معركة مع الدراويش، فكان مقتله سببًا في توجيه سير إ. بارنج لشريف باشا عباراتٍ شديدةَ اللهجة ضد اللواء محمود طاهر باشا قائد القوة المصرية في هذه المعركة. وانتهى الأمر باستدعاء هذا القائد ومحاكمته أمام مجلس عسكري بالقاهرة.
وبعد كل هذا وذاك ما زالت الحكومة البريطانية مُصِرَّةً على زعمها من أنها لم تتدخل في مسالة السودان في ذلك الوقت، وأنها لم تهتم بأمره أقل اهتمام.