سلمى في قصر يزيد
خرجوا بسلمى وأركبوها الهودج، وسار الفرسان حولها بالرماح والحراب في موكب حافل حتى وصلوا إلى باب المدينة، وكانت هي تنظر إلى المدينة من خلال الستور فلما أطلت على بابها انبهرت بما رأته من الزحام وبما هناك من الأبنية الرومانية الهائلة، ولا سيما باب المدينة الكبير وأقواسه الضخمة، فدخل الموكب من القوس الوسطى في طريق طويل تحف به الأعمدة الرخامية من الجانبين، وقرقعة حوافر الخيل على البلاط تُحدث ضوضاء شديدة ألهتها قليلًا عن هواجسها، ثم وقف الموكب أمام باب كبير جانباه من الرخام المنقوش، وعلى عتبته العليا رسم النسر الروماني، والباب من الخشب الأبنوس، مصفح بالنحاس بعض التصفيح وعليه نقوش جميلة، وكانت تسمع عن أمثال هذا الرسم من عمها وتعرف أن النسر شارة الروم، فاستغربت إقامة الخليفة في بيت من بيوت الروم.
ولم يكد يقف بها الهودج هناك حتى ترجَّل ابن زياد ودنا من الهودج وقال لها من وراء الستار: إننا بباب الخليفة يا سيدتي، فنزلت حتى دخلت من الباب، وعلى جوانبه الحرس من جند الخليفة في أيديهم الحراب، فمشت وابن زياد دليلها في باحة كبيرة مرصفة بالفسيفساء تتخللها مغارس الرياحين، وأحواض الرخام تتدفق عن جوانبها المياه، فسارت في طرق الحديقة وابن زياد يتقدمها وهو يجر سيفه وراءه معجبًا بما ملكوه من أبنية الروم وآثار مجدهم ولسان حاله يقول: أين أبنية الكوفة التي تعرفينها من هذه الأبنية المزخرفة!
وبعد قليل انتهت إلى باب آخر أصغر من الباب الأول يصعدون إليه بدرجات قليلة من الرخام المصقول، وتكتنفه عمد من الرخام فوقها قبة مغشاة بالذهب وعليها الرسوم بالألوان البديعة، ومن بينها رسوم تشبه ما في كنائس النصارى، فلم تستغرب ذلك لما علمته من أن هذا القصر بقي على ما كان عليه في عهد ولاة الروم، فدخل عبيد الله أمامها تحت القبة فتبعته، فأشرفت على باحة واسعة مكشوفة مسورة بالعمدان المزخرفة بنقوش بعضها من الذهب، وعلى دوائرها مقاصير، وأرض الباحة مرصفة كلها بالفسيفساء الدقيقة على أشكال تشبه رسوم الشجر والحيوانات وغيرها. وفي وسطها حوض من الرخام المجزع، يتصاعد الماء من أنبوب في وسطه ما يشبه رأس الأسد، وفي صدر الباحة باب مرتفع عليه ستار وأمامه الحجَّاب، فعلمت أنه مدخل مجلس الخليفة، ورأت إلى يمين الباب جماهير الناس وفيهم الشعراء والرواة وأصحاب الحاجات ممن يقفون بباب الخليفة لقضاء حوائجهم، وكان الباحة مكشوفة من الوسط فقط، يكتنفها رواق قائم على أعمدة مزخرفة، وقد نُقش بعضه بالحفر على أشكال الأزهار والثمار والآدميين، وزُين بعضه برسوم ملونة ومذهبة، فبهرتها تلك المناظر لأنها لم تكن رأت مثلها من قبل.
ولما أطل ابن زياد على تلك الباحة همَّ بعض الذين كانوا هناك من الشعراء وذوي الحاجات بالقدوم إليه لمخاطبته في شئونهم، فلما رأوا سلمى معه تراجعوا وانزووا وراء الأعمدة.
وعطف هو نحو اليسار بين الأعمدة تتبعه سلمى حتى وصلا إلى باب بديع النقش عليه ستر من الحرير المزركش بالذهب برسوم جميلة وفي جملتها كتابة باليونانية، فازداد استغرابها لإبقاء المسلمين على تلك الآثار إلى ذلك الحين مع ما وصل إليه سلطانهم من السعة والنفوذ، ولو علمت معنى تلك الكتابة لكان استغرابها أعظم؛ لأنها كلمات تتألف منها عبارة الاستهلال بالصلاة عند النصارى وترجمتها: «باسم الآب والابن والروح القدس»، والسبب في ذلك أن الستور وأمثالها من طراز الملك كانت قبل الإسلام تُصنع في مصر، وسكانها من النصارى، وفيهم القبط والروم، فكانوا يطرزونها بالرومية، وأكثر ما يرسمونه عليها تلك الآية، وكان الروم في الشام وغيرها يبتاعون تلك الستور ونحوها من مصر فيعلقونها على الأبواب والنوافذ للزينة والتبرك، فلما ظهر الإسلام وفتح المسلمون الشام استعاروا تلك الزينة من الروم ولم يلتفتوا إلى فحوى ما عليها من الكتابة، وفي جملتهم الأمويون في دمشق، وما زال ذلك دأبهم إلى أيام عبد الملك بن مروان (من سنة ٦٥ﻫ إلى ٨٦ﻫ) فكان أول من انتبه إليه، وإلى ما كان يُضرب على النقود وما كان يطرز على القراطيس، وهي البُرد التي تُحمل في الأواني والثياب، وذلك أنه بينما كانت ذات يوم في مجلسه إذ مر به قرطاس فنظر إلى طرازه فأمر أن يُترجم إلى العربية، فترجموه له، فأنكره وقال: ما أغلظ هذا! وكيف أن هذه الأواني تصنع في مصر وتحمل إلى الآفاق، ثم أمر بالكتابة إلى عبد العزيز بن مروان أخيه وعامله على مصر بإبطال هذا الطراز، وأن يأمر صناع القراطيس أن يطرزوها بكلمة أشهد أنه لا إله إلا هو، ففعلوا، وما زال ذلك شأن الطراز من ذلك الحين، وكتب إلى عمال الآفاق جميعًا بإبطال ما في أعمالهم من القراطيس المطرزة بطراز الروم، ومعاقبة من وجد عنده بعد هذا النهي شيء منه بالضرب الموجع والحبس الطويل، وفعل مثل ذلك أيضًا بالدنانير.
دخلت سلمى من ذلك الباب بعد أن أزاحوا الستار عنه، فانتهت إلى دهليز مفروش ببسط من الديباج وعلى جدرانه نقوش كثيرة، حتى أقبلت على «دار النساء» وهي غرف تكتنف باحة فيها بركة من الرخام المجزع، فقال لها ابن زياد: إنك في دار النساء يا سيدتى. قال ذلك وتحوَّل، فاستقبلتها امرأة عجوز ومعها رجل عليه لباس الحجَّاب فاستغربت سلمى وجوده، فقالت لها العجوز: إنه «فتح» خصِيُّ مولانا أمير المؤمنين وحاجبه، (ويزيد أول من اتخذ الخصيان في الإسلام)، ومشت بها العجوز حتى دخلت غرفة زينوها وفرشوها بالأبسطة والأطالس، وفيها سرير مذهب لم ترَ مثله قبل ذلك، وهناك تهيبت وشعرت بعظم الأمر الذي عرَّضت نفسها له، وأحست أنها في قفص من حديد، فتظاهرت بالتعب والعجوز ترحب بها، وتطلب إليها أن تنزع خمارها وترتاح إلى أن قالت: وقد أمرني أمير المؤمنين أن أُدخلك إلى الحمام.
فرفعت سلمى الخمار عن رأسها فبان وجهها وتجلَّت محاسنها، فانبهرت العجوز من جمالها وهيبتها وجعلت تمدحها وتطري حسنها التماسًا لاستئناسها، فأجابت سلمى بما جعلها تزداد إعجابًا بها وتهنئها بما نالته من التفات الخليفة، وألحَّت عليها في دخول الحمام، فقالت: سأدخله بعد أن أستريح.
قالت: لقد أعددنا لك الثياب الفاخرة، ولا ريب عندي في أنك إذا لبستها سيزداد جمالك وتعلو منزلتك عند مولانا.
فشكرتها ولكنها استمهلتها ريثما تستريح، وهي إنما أرادت التخلص من الحمام لتُخفي خنجرها في مكان أمين؛ لعلمها أنها إذا دخلت الحمام فسترافقها العجوز إليه فتطَّلع على الخنجر فيفتضح أمرها، فاعتذرت بانحراف صحتها وأنها تخاف أن يضرَّها الحمام.
فسايرتها العجوز ولكنها رجعت فقالت: وإذا طلب الخليفة أن يراك فهل تقابلينه بهذه الثياب؟
قالت: إذا شئت أن أبدِّل ثيابي فعلت واتركي الحمام إلى الغد.
فأطاعتها وأتتها بثوب من الحرير الناعم، يجلِّله جلباب طويل ورديُّ اللون، فاحتالت في تبديل ثيابها من غير أن تشعر العجوز بخنجرها، ثم عكفت العجوز على تسريح شعرها وتزيينها، فأصبحت سلمى بعد ذلك أشبه بالملائكة منها بالآدميين، حتى أن العجوز عشقتها وعلق قلبها بها.
أما سلمى فقد كانت في أثناء ذلك غارقة في بحار الهواجس لا تدري ما تصنع؛ لكثرة ما يتجاذبها من المشاغل، وأهمها أمر عبد الرحمن وهل هو مسجون أم قُتل أم أُطلق، ورأت في الحجرة نافذة بجانبها مقعد مبني من الرخام كالدكة تكسوه وسادة كبيرة، فجلست على الوسادة وأطلَّت من النافذة فأشرفت على خلاء ضيِّق وراءه جدار عظيم يدل على فخامة ذلك البناء، وسمعت جلبة تشبه التكبير فعلمت أنها بقرب الجامع، فعمدت إلى مخاطبة العجوز لعلها تستطرق في حديثها خبر خطيبها فقالت لها: ما هذا البناء يا خالة؟
قالت: هذا هو الجامع يا سيدتي.
قالت: وهل بناه أمير المؤمنين أم أبوه؟
قالت: كلا يا حبيبتي فإنه من بناء الروم مثل هذا القصر.
قالت: وهل كان عند الروم جوامع؟
قالت: كلا، ولكنه كان كنيسة باسم سيدنا يحيى، يصلي فيها النصارى، وكان هذا القصر الذي نحن فيه لرجال الحكومة من الروم، فلما فتح المسلمون الشام اتخذوه دارًا للإمارة، واقتسموا الكنيسة بينهم وبين النصارى فجعلوا نصفها جامعًا والنصف الآخر كنيسة.
قالت: وهل بين هذه الدار والجامع اتصال؟
قالت: نعم إن بينهما ممرًّا يمضي فيه الخليفة كل صباح للصلاة ويعود منه، وقد ذهب في هذا الصباح ولم يعد بعد.
وبينما هي تخاطبها إذ سمعت الضوضاء تتزايد في الجامع فقالت سلمى: وما سبب هذه الضوضاء؟
قالت: إن المسلمين يلعنون أبا تراب.
قالت: ومن هو أبو تراب؟
قالت: هو علي بن أبي طالب، فهم كلما صلوا ختموا الصلاة بلعنه.
فتذكرت سلمى مصيبتها، وأن أباها إنما مات في هذا السبيل، ولم تكن لتعبأ لهذا الحديث لولا رغبتها في التطرق منه إلى حديث عبد الرحمن فقالت: إن هذا القصر بديع لا أظن المسلمين بنوا قصرًا مثله إلى اليوم، ولكنني رأيت فيه الحرس وقوفًا على الأبواب ومعهم السيوف والحراب، مع علمي أن الخلفاء في الحجاز والعراق لم يكونوا يتخذون الحرس.
قالت: صدقت يا بنية، وأول من اتخذ الحرس هو معاوية أبو أمير المؤمنين بعد حادثة البرك بن عبد الله التيمي الذي كاد يقتله لو لم يقع السيف في ظهره وينجو بإذن الله، فاتخذ معاوية الحراس منذ ذلك الحين ليسهروا على حراسته ليلًا ونهارًا، كما أمر بقيام الشرطة على رأسه إذا سجد، وهو أول من فعل ذلك من الخلفاء، ثم فعل ابنه أمير المؤمنين مثل ذلك، والسبب في كل ذلك يا حبيبتي أن قلوب المسلمين تغيرت عمَّا كانت عليه من قبل وداخلها الغل، فأصبح الأخ يحقد على أخيه، وغدا قتل الخلفاء سنَّة عند بعض الناس، حتى إن مولانا الخليفة كان في خطر القتل منذ يومين، إذ كمن له رجل في مكان صيده، ولو لم ينبهه بعض خاصته إلى ذلك لذهبت حياته على أهون سبيل ولكن الله نجَّاه ودارت الدائرة على الباغي.
فلما سمعت سلمى ذلك اختلج قلبها وارتعدت فرائصها وخافت أن تستزيدها بيانًا فتسمع خبر قتل حبيبها، ولكنها لم تكن تستطيع كبح شوقها إلى الاستطلاع فقالت: وماذا فعلوا بالرجل؟
قالت: قادوه مغلولًا وحبسوه، وسمعت في هذا الصباح أنهم سيوقفونه بين يدي الخليفة ويسألونه عن أصله وسبب مجيئه وبعد ذلك يقتلونه. ألا يستحق القتل؟
فسكتت سلمى وزاد اضطرابها، وخافت أن يبدو ذلك على وجهها فتظاهرت بصداع دهمها وحنت رأسها على ذراعها فوق النافذة وأخفت وجهها، فقالت لها العجوز: ما بالك يا سيدتي لا بأس عليك؟
قالت: إني أشعر بصداع أليم في رأسي لا أكاد أتحمَّله.
فمدت العجوز يدها وأخرجت من جيبها خرزة من الجزع معلقة بخيط قالت لها: خذي هذه التعويذة علقيها بين ضفائرك فإنها تشفيك بإذن الله، وقد جربتها بنفسي مرارًا فكان الصداع يذهب مني حالًا.
فقالت: ولكن صداعي شديد يا خالتي.
قالت: لا بأس عليك، خذي هذه التعويذة.
قالت ذلك ولم تنتظر جوابها، بل وقفت وربطت الخرزة بضفيرة من ضفائرها وهي تقول: وإذا لم يزل بعد فإنه يزول عمَّا قريب بقدوم الخليفة، وأظنه سيسأل عنك متى عاد من الصلاة، ولا ريب عندي في أنك ستكونين عنده في المنزلة الأولى بين سائر نسائه.
فاقشعرَّ بدنها وتحققت قرب الساعة العظمى وقالت في نفسها: لقد آن الأوان، فلا بدَّ من الدهاء والحكمة، وإلا ذهب السعي سدًى، وطلبت إلى الله أن يلهمها الصبر ويثبت جأشها.
وبينما سلمى تفكر في ذلك، إذ سمعت الضوضاء قد اشتدت وأخذت تقترب، ثم قالت لها العجوز: إن الخليفة قادم، ومن عادته إذا عاد من الصلاة أن يمر بهذه الدار قبل دخوله المجلس، ولا بدَّ من مجيئه إليك؛ لأنه أوصاني بالعناية بك، ولحظت أنه ينتظر مجيئك بفارغ الصبر.
فاستعاذت سلمى في سرِّها بالله، ولبثت صامتة وقلبها يخفق، فحملت العجوز ذلك محمل الحياء، فقالت وهي تضحك: يا للعجب من البنات كيف يظهرن التمنُّع وقلوبهن تطفح سرورًا عند سماع صوت الزوج، وما كل الأزواج مثل الخليفة يا مليحة؛ فإنه أمير المؤمنين القابض على رقاب المسلمين.
فظلت سلمى صامتة وهي تكظم ما في نفسها وتتجلَّد، وبعد هنيهة أقبل «فتح» الخصيُّ وقال: إن الخليفة قادم يا خالة، وما لبثت أن سمعت وقع خطواته قرب حجرتها، فلم تعد تتمالك من الاضطراب، وأرسلت النقاب على وجهها، فابتدرتها العجوز ورفعت النقاب عنها وقالت: أتتحجبين عن أمير المؤمنين وهو زوجك؟! وما أتمت كلامها حتى دخل يزيد وعليه رداء أزرق، وعلى رأسه عمامة خضراء وبيده دِرَّة، وهي قدَّة من جلد ثخين تشبه الكرباج، فلما أطل على الغرفة استقبلته العجوز فقبلت يده، وأمسكت سلمى واستنهضتها لملاقاة الخليفة، فوقفت وتظاهرت بالحياء، فناداها يزيد قائلًا: أهلًا بعروسنا، ومدَّ يده ورفع الغطاء عن وجهها وقلبه يكاد يطفح سرورًا لحصوله عليها؛ لأنه لم يشاهد في حياته مثل ما في وجهها من الجمال والهيبة، وقد زاده ذلك التمنُّع رغبة فيها وشوقًا إليها.
أما هي فتجلَّدت ونظرت إلى يزيد، كأنها تزن قواه فترى ما يكون من أمرها معه إذا همَّت بقتله، فرأت جسمه لا يدل على بطش شديد، وكان طويل القامة آدم اللون، جعد الشعر، أحور العينين، بوجهه آثار الجدري، وله لحية حسنة خفيفة، فلم يهمها منظره، ولكنها أحبت مطاولته، فبالغت في إظهار التوجع من الصداع ولم تُجب، فالتفت يزيد إلى العجوز كأنه يستفهمها، فابتدرته قائلة: إن عروس مولانا تشكو من صداع أظنه يزول قريبًا.
فقال: لا بأس عليها، وأرى أن تنتقلي بها إلى المقصورة في أعلى هذا القصر فتكون على مقربة من مجلسي، فإذا أردت أن أتفقَّدها في أثناء النهار سهُل ذلك، أو فلتُقِم هناك كي تنام وترتاح حتى نلتقي في المساء. قال ذلك وتحول حتى خرج من دار النساء إلى مجلسه.
واغتبطت سلمى بهذا التأجيل، لعلها تتدبر حيلة تتمم بها ما تريده، وصعدت العجوز بسلمى على سلم من الرخام بجانب تلك الدار حتى أتت الطبقة العليا، ومشت في ممر وسلمى تتبعها حتى وصلت إلى غرفة مفروشة بأحسن الأثاث، وفيها الطنافس والوسائد والمقاعد، ولها نافذة تطل على الحديقة، فتحققت أن يزيد سيوافيها إلى هناك، وإذا همت بقتله فإنما تقتله في تلك الغرفة، فكيف تنجو بنفسها بعد ذلك، فأخذت تبحث وتفكر، فقالت للعجوز: لعل هذه الغرفة منفردة هنا؟ قالت: ليست منفردة ولكنها مقصورة خاصَّة بالخليفة يصعد إليها من باب خاص.
قالت: هل ينام فيها أحيانًا؟
قالت: ربما نام فيها أحيانًا، ولكنه يجلس فيها لغرض سرِّيٍّ لا أرى مانعًا من البوح به لك. وذلك أن أباه معاوية كان لفرط دهائه وعلوِّ همَّته قد اتخذ هذه المقصورة مخبأ له يطل منه على المجلس من كوَّة صغيرة، فيرى أهل المجلس تحته وهم لا يرونه، فعل ذلك حتى لا تخفى عليه خافية.