الذئب المقاتل
حان وقت عودة أبيض الناب للعمل، لكن العمل هذه المرة كان جديدًا كل الجدة. كان بيوتي سميث يروِّج له على أنه «أبيض الناب: الذئب المقاتل». وكان الرجال يدفعون الأموال من أجل مشاهدة أبيض الناب يقاتل الكلاب الأخرى حتى الموت في أغلب الأحيان. فكانوا يعقدون المراهنات على الكلاب التي ستفوز، ولم يكن القتال مقتصرًا على الكلاب فقط، إذ واجه أبيض الناب ذئابًا مثله، بل كان في بعض الأحيان يقاتل السنانير.
تعلم أبيض الناب أن يستمتع بالقتال، فلا شك أنه فضَّل قتال غيره من الحيوانات على تلقي الضربات من بيوتي. وكان يزداد حماسة متى اجتمع الرجال حول القفص، إذ كان ذلك يعني أن قتالًا في الطريق إليه.
كان بيوتي سيدًا شديد القسوة، إذ كان يتلذذ بضرب الذئب. ومثله مثل جراي بيفر، منحه امتلاكه لمثل ذلك الذئب القوي شعورًا بالقوة والزهو، غير أن بيوتي كان لئيمًا، فلم يظهر للذئب الرحمة أو يمنحه الحماية أو يعامله معاملة عادلة قط، ولم يدعه قط يتجول ويتبع طبيعة الذئب الكامنة بداخله، بل حبسه دائمًا في القفص إلا عند القتال مع الحيوانات الأخرى.
ذات يوم، وُضع كلب جديد غريب مع الذئب في حلبة القتال، وتجمع عدد كبير من الرجال — أكثر بكثير مما يحدث في العادة — ليشاهدوا أبيض الناب يقاتل كلبًا إنجليزيًّا من فصيلة بولدوج. في البداية ظن أبيض الناب أن مهمته ستكون سهلة، فقد كان ذلك الكلب صغير الحجم بدينًا، ولن تكون هناك أي صعوبة في طرحه أرضًا والسيطرة على الموقف. بدا البولدوج كالمبتسم، وهز ذيله لسيده وقد تدلَّى لسانه خارج فمه.
لكن لم يكن القتال سهلًا، بل كان واحدًا من أصعب المعارك التي خاضها أبيض الناب، فنظرًا لأن كلب البولدوج قصير الأرجل عريض الجسم، لم يستطع أبيض الناب طرحه أرضًا. علاوةً على ذلك، كان فكاه شديدي القوة. فما إن أحكم البولدوج سيطرته على الفرو الذي يغطي رقبة أبيض الناب حتى عجز الذئب تمامًا عن تحرير نفسه، وظل الاثنان مشتبكين فترة طويلة.
تجمع الرجال حول القفص يصفقون، ويحثونهما على الاستمرار. تراهن الرجال على الكلب الفائز؛ وكلما طال القتال، زادت الأموال التي يتراهنون عليها. وقد أثلج ذلك قلب بيوتي، فهو يجني أموالًا كثيرةً الآن وذئبه هو محط أنظار الجميع.
لم يلحظ أبيض الناب وجود رجلين كانا قد انضما إلى المتفرجين، ولم يشتركا في التصفيق والمراهنة كغيرهما. بدا أحدهما غاضبًا وهو يشاهد الكلاب تتقاتل، وأخذ يتفحص وجوه المتفرجين.
كان أبيض الناب يخسر المعركة، إذ لم يستطع الإفلات من قبضة كلب البولدوج. علت الصيحات عندما شرع الذئب في السقوط. في ذلك الوقت، أدرك بيوتي أنه على وشك خسارة الكثير من الأموال وأن طريقه إلى الشهرة والثروة قد أوشك على الانتهاء، فانخرط في موجة من الغضب العارم، وعلى الفور انقض على الحلبة وبدأ في ركل أبيض الناب. تعالت صيحات الغضب والاستهجان من جانب الحشد، لكن ما حدث كان قد حدث.
التفت الوافد الجديد — وهو شاب حليق — إلى الرجال، وصاح: «أيها الجبناء! أيها المتوحشون!»
بعد ذلك قفز إلى الحلبة، وضرب بيوتي ضربة قوية على وجهه طرحته أرضًا فوق الثلج دون أن يدري من ضربه.
قال الشاب مناديًا على صديقه: «فليساعدني أحد على إبعاد هذين الكلبين أحدهما عن الآخر. تعال إلى هنا يا مات.»
وعلى الفور تبع مات صديقه إلى الحلبة قائلًا: «أنا هنا يا ويدون.»
وقف بيوتي على قدميه مرة أخرى، ورجع إلى الغريب، لكنه لم يقطع إليه مسافة كبيرة حتى أسقطه الشاب مرة أخرى على الأرض. أدرك بيوتي سميث أن الثلج كان أكثر الأماكن أمانًا وأنه لن يبذل أي محاولة أخرى للنهوض.