حادثة
استيقظ بيل مع انكسار أول خيط لضوء الفجر، وبعد أن تفقَّد الكلاب سريعًا، وَكَز هنري ليوقظه.
على الفور لاحظ هنري علامات الانزعاج على صديقه، فسأله: «ما الخطب؟»
قال بيل: «سأخبرك. كم عدد الكلاب التي قلت إنها بحوزتنا؟»
– «ستة.»
قال بيل: «خطأ.»
سأله هنري: «سبعة ثانية؟»
– «بل خمسة. قد اختفى واحد منها.»
شعر هنري بقلق شديد: «هل تمكَّنَت منه الذئاب؟»
هز بيل كتفيه: «أظن ذلك.»
نهض هنري من مكانه ليتفحص الأمر، فوجد أن بيل محقٌّ؛ قد اختفى واحد من كلابهما، ولديهم الآن خمسة كلاب فقط لعبور الثلج والجليد.
أعاد الرجلان حزم أمتعتهما على المزلجة سريعًا، وانطلقا مع الكلاب، واقتصد الاثنان في الكلام ليحفظا طاقتيهما للعمل الجاد. وعلى الرغم من وعورة الأرض، أحرزا تقدمًا ملحوظًا وسريعًا. انقلبت المزلجة مرات عدة، لكنهما رفضا أن يتوقفا، فلم يكونا يرغبان في قضاء ليلة أخرى في البرية. في تلك الأثناء، وقعت لهما كارثة، وكانا لا يزالان بعيدين عن القرية التالية.
أثناء قعقعة المزلجة فوق الثلج والجليد، انقلبت مرة أخرى، وكُسرت إحدى زلاجاتها، ولم يتمكن هنري وبيل من إصلاحها دون وجود الأدوات المناسبة، ولم يكن أمامهما سوى خيار واحد هو مواصلة السير، ولكن على الأقدام. استحال عليهما أن يحملا كل المؤن التي كانت بحوزتهما أو أن يجراها، لذلك جمعا كل الأشياء التي لم يتمكنا من حملها في صرَّة، وعلقاها عاليًا على إحدى الأشجار، فربما يتسنى لهما العودة فيما بعد، أو ربما استفاد منها شخص آخر. جرت العادة أن يترك الرجال كميات كبيرة من المؤن والأطعمة في مكان ما ليأخذوها في رحلة العودة. كتب هنري رسالة موجزة تقول: «خذ كل ما تحتاج إليه، فقد تركنا ما لم نستطع حمله.»، ووضعها داخل الطرف العلوي من الصرَّة. بعد ذلك واصل بيل وهنري رحلتهما على الطريق المائية المتجمدة بعد أن أمسكا بأزمَّة الكلاب الباقية معهما.
ظل أحد الكلاب واسمه سبانكر يحاول أن يعدو بعيدًا، لكن بيل كان ممسكًا به جيدًا، وقال: «شيء ما يدفعه بعيدًا.» جال بيل بنظره في الأرض المحيطة بهما، ولم يكن هناك كثير من ضوء النهار، ولم يكن بيل يرغب في قضاء ليلة أخرى يربض فيها أمام النار.
توقف بيل فجأة، ثم همس إلى صاحبه: «هنري، انظر هناك!»
كانت كلبة حمراء تتبعهما من بعيد، وتوقفت عندما توقفا منتظرة أن ترى ما سيحدث بعد ذلك.
قال هنري: «تبدو شديدة الاحمرار مما ينفي أن تكون ذئبًا، فضلًا عن أنها كبيرة الحجم أيضًا.»
رد بيل: «أرى أنها أقرب إلى الكلاب منها إلى الذئاب.» وكان محقًّا. فعلى الرغم من أنه لم يقترب منها كثيرًا، فقد عرف من النار أنها تلك الكلبة الغريبة نفسها. ولم تظهر عليها أي علامات للقلق من وجودها حولهما، فجعل بيل يتساءل هل سبق أن عاشت هذه الكلبة مع بشر من قبل، إذ بدت أليفة جدًّا مقارنة بحيوان يعيش في البرية.
في الوقت الذي مكث فيه الجميع في حالة ترقب، تحيَّن سبانكر الفرصة وشد الحبل بسرعة فتحرر منه وعدا ناحية الكلبة الحمراء. اقترب كل منهما من الآخر في بطء وإذا هما يتحركان في دوائر ويتشمم كل منهما الآخر. خفض سبانكر رأسه وقت اقترابها منه، وبدا كل شيء بريئًا، لكن أدرك الرجلان أنه ستكون هناك مشكلة.
وفي سرعة البرق، أحاط قطيع الذئاب بسبانكر، فشرع في النباح وهمَّ بعضِّ الذئاب، لكنها واصلت الاقتراب منه. عندئذ رفع بيل بندقيته، وأرسل طلقة في الهواء تفرقت على إثرها الذئاب لكن سبانكر عدا معها. ناداه الرجلان لكنه كان قد اختفى، وأخذ صوت نباحه يتلاشى شيئًا فشيئًا قبل أن يتوقف تمامًا، ولم يكن ثمة ما يمكنهما فعله.
قال هنري: «ظننت أن نصيب سبانكر من الفهم أكبر من ذلك.»
رد بيل: «لا، فدائمًا ما كان كلبًا غبيًّا.»
– «بدت هذه الذئاب شديدة النحافة وكثيرة العدد أيضًا.»
– «أعرف ذلك، وهذا معناه أنها ستعود قريبًا للبحث عن الطعام.»
شق الرجلان طريقهما عبر الثلج بقية اليوم. كانت الشمس قد غربت تمامًا بحلول الساعة الثالثة، لذلك قرر هنري وبيل أن ينصبا مخيمًا، وقد أدركا أن أزيز النار قد يكون ملاذهما الوحيد، فقد كانت الذئاب تزداد جرأة مع ازدياد حاجتها إلى الطعام.