إلى كاليفورنيا
أحس أبيض الناب بأن أمرًا ما يوشك أن يقع؛ أمرًا لن يروق له. كان سيده يتصرف على نحو شديد الغرابة، وكانت الأشياء الموجودة حول الكوخ تُنقل وتُعبأ في صناديق وحقائب السيارات. لذلك بدأ أبيض الناب يشك في أن ويدون سيرحل ثانيةً.
قال مات: «استمع إلى ذلك!» كان أنينًا خفيضًا يشوبه الأسى يأتي عبر الباب من الشرفة الأمامية.
قال ويدون: «وماذا عساي أن أفعل! لا يمكنني اصطحاب الذئب إلى كاليفورنيا.»
عاد مات لحزم أمتعة صاحبه وهو يقول: «أنا لا أجادلك، لكن كل ما أقوله إنني أظن أن الذئب يفهمك جيدًا.»
أنصت ويدون إلى نحيب الذئب وكان ذلك شيئًا مروعًا، لكن ماذا يمكنه أن يفعل. لن يكون من الإنصاف أن يصحبه معه إلى الجنوب؛ فالجنوب ليس موطنه.
قال مات بعدما انتهى من غلق الحقيبة الأخيرة: «حسنًا، نحن جاهزون، هيا بنا نقلك إلى القارب.»
كان الرجلان قد وضعا خطة، فبينما كان مات ينقل الأشياء الأخيرة إلى الخارج، نادى ويدون أبيض الناب إلى الداخل.
قال له: «إني راحلٌ يا صديقي العزيز.» واغرورقت عيناه بالدموع. كان يعرف أن وداع الذئب سيكون صعبًا، لكنه لم يتوقع أن يبعث في نفسه كل ذلك الحزن. في النهاية ضم أبيض الناب إليه للمرة الأخيرة وهو يقول: «لا يمكنك أن تتبعني هذه المرة، والآن أعطني تحية الوداع، هرير الوداع الأخير إن صح!» ثم عانق أبيض الناب للمرة الأخيرة.
أسرع ويدون بالوقوف على قدميه وسار نحو الباب وأغلقه قبل أن يدرك أبيض الناب ما يجري. لم يلتف الرجل وراءه، فلم يقدر على ذلك، إذ كان أمرًا صعبًا.
مشى هو ومات على طول الطريق ليلحقا بالقارب، منصتين في تلك الأثناء إلى عواء أبيض الناب من خلفهما. كان الذئب محتجزًا داخل الكوخ يحاول الخروج منه، فقد سمع الرجلان وهما في الطريق صوت احتكاك أقدامه بالباب الأمامي.
ساعد مات ويدون على وضع حقائبه على متن القارب، ثم قال ويدون: «ستعتني به جيدًا يا مات، أليس كذلك؟ وستكتب إليّ رسائل تعلمني فيها بأحواله.»
أجابه مات: «لا شك في ذلك. كل أملي أن يسامحني عندما أعود إلى الكوخ.»
كانت هناك بعض الجلبة على متن القارب، وبدأ الأفراد القريبين منهما في الهمس والغمز. ذهل مات لما رأى؛ فقد كان أبيض الناب يجلس على بعد بضع خطوات منهما.
تعجب مات للغاية، وسأل ويدون: «هل أغلقت الباب؟»
فأومأ ويدون برأسه.
مشى أبيض الناب في حذر شديد نحو سيده، وجلس عند قدميه. تفحص ويدون الذئب، ولاحظ بعض الجروح الجديدة على وجهه وفروه المتشابك.
قال ويدون في عجب: «نسينا شيئًا واحدًا؛ نسينا إغلاق النافذة.» ونظر إلى مات ثم أردف: «لقد قفز من النافذة ليتبعنا.»
رد مات: «حسنًا، سوف …»
وقف ويدون وعلى وجهه ابتسامة، وقال: «لا تقلق بشأن الرسائل التي ستكتبها لي عن الذئب يا مات، فسأكتب لك عنه بدلًا من ذلك.»
– «ماذا؟! ويدون لا بد أنك تمزح …»
«بل إني جاد للغاية.»، ثم التفت، وانحنى على الذئب يمسح على بطنه ويحك ما وراء أذنيه: «سيصحبني أبيض الناب إلى المنزل.»