قفص الدجاج
كانت حياة أبيض الناب مع جراي بيفر قد علمته أن عليه أن يحمي ممتلكات سيده؛ لذلك دهش كثيرًا عندما عاقبه ويدون لهجومه على أحد الغرباء، وكان قد عض هذا الرجل عضة صغيرة في يده، لكن ويدون كان غاضبًا جدًّا، بل زاد على ذلك أن نبحت الكولي في وجهه وهمت بعضه.
لم يكن أبيض الناب يعرف أي شيء عن ساسة الخيول أو عمال المزرعة. لذلك عندما رأى رجلًا غريبًا يدخل إلى الحظيرة ويأخذ شيئًا ما، ظنه لصًّا. أطلق ذلك الصبي المسكين — الذي لم يأت إلا لأداء عمله وتنظيف الحظيرة — صرخة مدوية عندما عدا أبيض الناب نحوه.
كانت كلبة الكولي أول من شاهدت ما يجري؛ لذلك عضت عقب الذئب، بل واستمرت في النباح والعض حتى ترك الفتى لحاله، وكان من حسن الحظ أن عض أبيض الناب ذراع الفتى فقط كنوع من التحذير. لم يُصَب سائس الخيول بأذى بالغ، غير أنه كان خائفًا للغاية مما منعه أن يعود إلى مزرعة آل سكوت ثانية.
كانت الحياة في المزرعة لا تشبه أي شيء مر به أبيض الناب في حياته، ففي الفترة الأولى، توقع أبيض الناب أن يحدث شيء مرعب، كمجاعة أو ضرب أو هجوم من نوع ما، ومع ذلك لم يحدث أي شيء. على العكس من ذلك، سُمح له أن يعدو حول المزرعة، وكان الجميع ودودين معه. ولم يكن الحال يسيرًا مع الكلاب الأخرى — خاصةً مع كلبة الكولي — لكنه لم تكن هناك أي معارك حامية، فقد كانوا يراقبون بعضهم بعضًا عن كثب، لكن أحدًا منهم لم يقترب من الآخر.
كان للطفلين شأن آخر، فتجاربه مع الأطفال في معسكر الهنود الحمر أو في «فورت يوكون» لم تكن جيدةً، إذ كان أولئك الأطفال يسخرون منه ويضايقونه، وكان أبيض الناب قد تعلم ألا يثق فيهم. غير أن طفلي ويدون كانا أكثر رقة من أولئك الأطفال. وقد أدرك الذئب أن هذين الطفلين ينتميان إلى سيده، لذلك لم يكن بمقدوره أن يلحق بهما أي أذى. وفي النهاية، تعلم أبيض الناب ألا ينزعج عندما يمسان فراءه بأياديهما، بل وتعلم أن يحب كلماتهما الرقيقة.
لم يكن أبيض الناب يدرك أن بعض الأفراد يربون الحيوانات في المزرعة، فعندما رأى قفص الدجاج مكتظًا بالدجاج، لم يدرك أن هذا الدجاج ليس ملكًا له. لذلك فور أن رأى الباب مفتوحًا، دخل إلى القفص، وصرع اثنتين من الدجاج، لكن والدي ويدون لم يتساهلا مع ذلك الأمر.
غضبت السيدة ويدون لذلك غضبًا شديدًا، وعلى الفور هرعت إلى الشرفة الأمامية لتواجه ابنها بما حدث: «اقتحم ذئبك قفص الدجاج!»
اعتذر ويدون لأمه عما حدث مخبرًا إياها أن ذلك لن يحدث ثانيةً، وانطلق للبحث عن أبيض الناب.
ضحك والده قائلًا: «لن يحدث ثانيةً! هل تحاول أن تقول إن بإمكانك أن تثني ذئبًا بريًّا عن صيد دجاجنا؟»
رد عليه ويدون متحديًا: «نعم، أقول ذلك، ألا تصدقني؟»
فهز والده رأسه قائلًا: «اعذرني يا بني إن كنت لا أصدقك؛ لكن الذئب ذئبٌ.»
رد ويدون: «إذن، سأثبت أنك مخطئ يا أبي.»
بعد ذلك شرع ويدون في مغادرة المكان، لكنه توقف قائلًا: «لنتراهن فيما بيننا يا أبي، بعد أن أعلِّم أبيض الناب، سأراهن على أن بإمكانه أن يمكث في قفص الدجاج طوال الظهيرة دون أن يقتل طيرًا واحدًا.»
ضحك والده: «هذا أسهل رهان عقدته في حياتي يا ولدي العزيز.»
أضاف ويدون: «ومقابل كل عشر دقائق يقضيها داخل القفص دون أن يقتل طائرًا واحدًا، ستقول له: «أبيض الناب، أنت أذكى مما ظننت.»»
وافق القاضي سكوت على الشروط.
لم يتمكن ويدون من معاقبة أبيض الناب حينها. كان عليه أن يمسك به أثناء فعله ذلك، لذا عندما وجد الذئب ومعه طائر ميت، تحدث إليه في حدة، وكان في صوته غضبٌ وقسوة. بعد ذلك أمسك بمنخاره، ودنا به نحو الدجاجة القتيلة، وصفعه صفعة قوية. لم يكن ويدون قد ضربه من قبل قط، لذلك عرف الذئب أن الأمر جاد.
وهكذا عندما وجد نفسه داخل قفص الدجاج ساعات عديدة، انتظر في هدوء حتى يطلق سراحه، وقد أدرك أنه لا يمكن أن يمس الدجاج. الأمر الذي أثار حيرته أنه حين كان جالسًا في الشرفة الأمامية بعد ذلك، جلس الرجل الكبير بجواره يعيد عليه الكلمات نفسها مرارًا وتكرارًا. انخرط الجميع في الضحك، لكن أبيض الناب عرف أنه لم يكن مقصودًا بهذا الضحك، وأنه لم يكن بقصد إيذائه أو السخرية منه.
بعد طول انتظار، تعلم أبيض الناب أن يحب صوت الضحك، ولم يحدث قط أن أغار على قفص الدجاج ثانيةً.