إصابة ويدون
متى ذهب ويدون في مهمة أو ذهب إلى المدينة، ذهب أبيض الناب معه. كان سيده يركب جواده أو عربة بينما يتبعه أبيض الناب على أقدامه.
كان الذئب قد تخلى عن عاداته القديمة، فقد طرأ عليه تغير كبير منذ الأيام التي كان يتجول فيها في شوارع «فورت يوكون». هو الآن بصحبة ويدون، ويعرف أنه لا يجب أن يهجم على الكلاب الأخرى، إذ لم يكن مسموحًا بالعراك.
كان الأمر يزداد صعوبة عندما تهاجمه الكلاب الأخرى في المدينة، إذ حاول أن يتجاهلها لكنها لم تكن تكف عنه. وكانت هذه الكلاب تعضه في عقبه وتحاول أن تسقطه أرضًا، وبين الحين والآخر، كان الذئب يستدير إليها ويزمجر في وجهها. غير أن ذلك كله لم يُجدِ نفعًا؛ ففي كل مرة يذهب فيها ويدون إلى المدينة، كانت الكلاب تضايق أبيض الناب.
استمر ذلك أسابيع قبل أن يلاحظه ويدون، وبينما يجري أبيض الناب خلف عربة سيده ذات مرة، وبعيدًا عن الكلاب، إذ توقفت العربة، ونزل ويدون منها، وأخبر أبيض الناب أنه لا بأس في رد تلك الكلاب.
قال ويدون: «اذهب يا فتى، يمكنك النيل من هذه الكلاب.»
نظر أبيض الناب إلى سيده وقد علاه الاضطراب، أيذهب لينال من هذه الكلاب؟
– «لا بأس. بإمكانك الذهاب والنيل منها.»
تحول أبيض الناب وانطلق خلف الكلاب، وأخذ يطاردها على طول الشارع لتكون هذه آخر المرات التي تزعجه فيها.
هكذا كان الحال مع ويدون سكوت؛ فلم يكن سريع الغضب، لكنه دائمًا وفي هدوء تام كان يهرع لنجدة أبيض الناب. عندما كان الأطفال يقذفون الذئب بالعصي والأحجار، كان ويدون يوقفهم. وبعد موجة من التوبيخ القاسي في إحدى المرات، لم يعد الأطفال إلى ذلك ثانيةً.
كذلك كان أبيض الناب يتبع سيده عندما كان يخرج في رحلة على ظهر الجواد في الريف، فكانا يعدوان معًا لساعات. توفر لدى الذئب وقت طويل يقضيه في العدو بين الأشجار ومطاردة السناجب، وقد ذكره ذلك بالصيد مع أمه في البرية. كانت هذه الأيام قبل لقائه بيوتي سميث وجراي بيفر. وعلى الرغم من أنه لم يعرف الكلمات التي يصف بها مشاعره، فقد أدرك أبيض الناب أنه كان سعيدًا.
وذات يوم وقعت كارثة؛ إذ اختل توازن جواد ويدون، وسقط أرضًا، فوقع ويدون من فوق الجواد الذي انقلب فوقه. عندئذ كُسرت ساق ويدون، ولم يستطع القيام.
جرى أبيض الناب إلى سيده، وأخذ يتشممه ويئن محاولًا أن يشجعه على النهوض.
قال ويدن: «إلى البيت! اذهب إلى البيت!»
استغرق الذئب بضع دقائق لفهم ما يقوله سيده، فركض باتجاه المنزل، ثم عاد إلى سيده وقد أخذه العجب لمّا رآه في المكان نفسه. هنا قال له ويدون في رقة: «لا بأس، ارجع إلى البيت الآن.»
قطع أبيض الناب الطريق المؤدية إلى البيت في سرعة متناهية.
كانت عائلة سكوت تجلس في الشرفة، فصعد أبيض الناب السلالم في سرعة كبيرة حتى إنه كاد أن يسقط زوجة ويدون أرضًا.
تعجبت السيدة كثيرًا: «يا للعجب! ما الذي يمكن أن يكون قد حل به؟»
غادر أبيض الناب الشرفة ثم عاد إليها، وكان غاية في الهيجان حتى إنه أخاف الأطفال.
على الفور قالت أم ويدون: «يجب أن أعترف أن هذا الذئب يجعلني قلقة على الطفلين.»
بدأ أبيض الناب ينبح.
قال القاضي سكوت: «الذئب ذئب، ولا يمكن الوثوق به.» ثم عاد إلى قراءة جريدته.
تحرك أبيض الناب من شخص إلى آخر، وأخذ يكِزُهم، ثم جرى بعد ذلك ناحية الطريق.
وقفت زوجة ويدون قائلةً: «لكن إن كان أبيض الناب قد عاد، فأين ويدون؟ لم يكن أبيض الناب ليتركه إلا إن كان مكروهٌ قد وقع.»
وقف الجميع في ذلك الوقت، وكانت هذه هي المرة الثانية والأخيرة التي ينبح فيها أبيض الناب، ويُفهم المغزى من وراء نباحه.
عثرت الأسرة على ويدون، وأحضروه إلى المنزل. وبعد ذلك، شغل أبيض الناب مكانة خاصة في قلب كل فرد من أفراد الأسرة، حتى إن الكلبة الكولي نفسها قد باتت أكثر رقة من ذي قبل في تعاملها معه؛ فقد تركته يعدو بصحبتها في الغابة أو حول فناء المزرعة، تمامًا كما كانت الكلبة الحمراء تفعل مع الذئب الأعور قبل أعوام. ومنذ ذلك الحين، لم يشك أحد في أن الذئب قد يتغير.