الإهداء
إلى العلامة الأمثل والأديب الأجلِّ، زينة شباب مصر، وعمدة رجال العصر، حضرة صاحب العزة الأستاذ الدكتور عبد الحميد بدوي بك سكرتير مجلس الوزراء.
إنك لعاذري إذ أهدي إليك روايتي هذه غير مستأذن لها عليك، بيد أني تمنيت لروايتي الخلود فتوَّجتها باسمك الكريم؛ ليذكرها التاريخ كلما ذكر الألمعي الحكيم، ولن تأخذني بجريرتي هذي، وإن لم تكن روايتي مما يجمل أن يُهدَى إلى أدبك الأرفع، فإنك داعٍ في حياتك النبيلة الحافلة بالعظائم إلى أن يكون كل ما نقتبسه عن الغرب موطنًا ليستحيل وضعًا من أوضاعنا القومية البحتة. وإذ كنت أستشعر هذا المبدأ العالي — على قدري — فقد عملت على تحقيقه منذ اتصلت بعالم الأدب التمثيلي، الذي لم يكن لمصري فيه قبلي نصيب، وكذلك انصرفت عن الترجمة والتعريب إلى التأليف، ووضعت للمرزح المصري — على قدري أيضًا — قطعًا عربيةً مصريةً، ومصريةً عصريةً، ومن تلك رواية البدوية هذه التي تمت إليك باسمها، وبروح تأليفها، فقد ناديت ليلة مُثِّلت لأول مرة في دار الأوبرا السلطانية حين تفضل الجمهور الكريم بتحية تشجيع للمؤلف: «إني أريد للتمثيل المصري استقلالًا عن الغرب، برواياته وكتابه، كما يريد كل مصري منا الاستقلال التام في كل منحى من مناحي الحياة.» وهو ما تدعو إليه بلسانك، وتجدُّ في تحقيقه بأعمالك، في نطاق أوسع وأشمل بجهد جبار لا يكلف المشقة إلا نفسه الكبيرة، وحكمة عبقري له في الغيب عين بصيرة.
من أجل هذا وذاك، لم أتردد في إهدائها إليك، وإلحاقها بساحتك، وثوقًا بارتياحك إلى جهدي وإن قل؛ إذ يبشرك بمستقبل أجلَّ، حين تتجه همتك العالية إلى التمثيل وأدبه، فتُقِيم ركن استقلاله فيما تُقِيم اليوم من صروح للوطن العزيز، والله يحفظك للمخلص.