المهم: أي سينما؟
أثار الموضوع الذي كتبته عن كرامة المرأة وإنسانيتها التي يُحاوَل إهدارُها ردودَ فعلٍ كثيرةً، وخاصة عند أصدقائنا السينمائيين الذين اعتبروا أني «أهاجم» السينما المصرية «الناجحة». ورأيي أن يعود هؤلاء السادة لقراءة ما كتبتُ، بل رأيي أن يقف منتج ومخرج وكاتب كل فيلم «ناجح» على أبواب السينما التي يُعرَض فيها فيلمه، ويتلقَّى من الجمهور رأيه فيما شاهده مباشرة، وأرجو أن يخرجوا بعد هذه التجربة أحياء. بالعكس إن ما حاولته هو إنقاذ حقيقي لصناعة السينما في مصر. قد بدأت بلادٌ عربيةٌ كثيرة تمنع دخول الأفلام المصرية، خوفًا على أخلاقيات شعبها وأجيالها الجديدة. واستمرار الحال على هذا المنوال هو التهديد الحقيقي لصناعة السينما، أمَّا مطالبتي ومطالبة غيري بإنتاجٍ أعظم وأكبر وأكثر متعة، بحيث يحمل للمتفرِّج ترفيهًا حقيقيًّا يرفع من إنسانيته ولا يخرج بعده وهو خجلٌ من نفسه ومن بلده ومن سينمائييه، وكأنه ارتكب بما شاهد خطيئة في حق نفسه لا تُغتفر. ذلك هو المطلوب. إن كل الناس مع السينما وأنا منهم، ولكن معظم الإنتاج السينمائي عندنا ليس سينما، وليس فنًّا، ولا صناعةً، ولكنَّ له اسمًا آخر من المستحسن أن يوضع عليه كما يحدث في البلاد الغربية «المنحلَّة من فضلك» حينما نقول إن هذا فيلم جنسي لا يراه إلا الكبار، وهذا فيلم يراه الجميع، وهذا فيلم لا يُعرَض إلا في النوادي الخاصة. أمَّا أن يُدسَّ لي ما أسميته بالماء الكاوي الذي يذيب القيم — أبسط القيم حتى الصداقة — في إطار سينما للجميع؛ فهذا هو ما لا يمكن أن يقبله أحد.
إنها ليست دعوة إلى التزمُّت وأن ترتدي أفلامنا الحجاب … أبدًا، وإنما هي دعوة إلى الصدق والصراحة والحرية في معالجة أمور حياتنا، حينئذٍ سيُقبل الجمهور إقبالًا لا تحظى به الأفلام الجبانة المفتعلة. انفتحوا على حياتنا وعلى ما فينا من مرحٍ حقيقي، على بطولاتنا وعلى أخطائنا وافعلوا هذا بشجاعة، وهذا هو الإنقاذ الوحيد، مرةً أخرى أقول الوحيد.