الاتجاه العقلي في التفسير: دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة
«المجاز إذن لا يكون في الألقاب المحضة — أسماء الأعلام — لأنها تُنبِئ ولا تعني، تُشير ولا تدل، وإنما يكون في الصفات وأسماء المعاني. وإذا كانت هذه الأسماء نفسُها لا تُطلَق إلا بعد أن تُعقل المعاني، فمن الطبيعي أن يكون نقلُها من مجالٍ إلى مجال، أو من الشاهد إلى الغائب، مرتبطًا بوجودِ علاقةٍ بين معنى الاسم وبين ما يُنقل إليه على سبيل المجاز أو الاستعارة.»
كان للقرآن أثرٌ كبير في نشأة علم البلاغة — وخاصةً المجاز باعتباره أحدَ مباحثِ علم البلاغة — وتحديد ماهيته ووظيفته في التعبير البليغ. وقد كان للمُعتزلة أثرٌ مهم في إنضاج مفهوم المجاز من خلال سَعيهم الدائب لنفي التصوُّرات الشعبية عن الذات الإلهية وعن أفعالها؛ ومن ثَم سعى «نصر حامد أبو زيد» في هذا الكتاب إلى الكشف عن تلك العلاقة الوثيقة بين الفكر الاعتزالي وبحث المجاز في القرآن، معتمِدًا على المصادر الأصلية للفكر الاعتزالي، وخاصةً مؤلَّفات القاضي «عبد الجبار الأسد آبادي» المُتوفَّى في بدايات القرن الخامس الهجري، وعلى إبراز العلاقة بين المعرفة والدلالة اللغوية عند المُعتزلة، والبحثِ في أثر الفكر الاعتزالي في صوْغِ اللغة بين أنواع الدلالة العقلية، مع الإشارة إلى التطوُّر التاريخي لمفهوم الانتقال في الدلالة منذ المراحل الأولى لنشأة علم التفسير، وبيان العلاقة بين المفاهيم البلاغية وبين تأويل النص القرآني على المستويَين المعرفي والديني.