١٥
فناء عنبر الملكية مساءً. المسجونون يفترشون الأرض فوق بطاطينهم في ضجة وانفعال. ليس بينهم واحد من أصحاب اللحى الذين تابع بعضهم العرض من شُرَّاعات زنازينهم المغلقة في الطابق الثاني، ظهور الجالسين إلى بوابة العنبر ووجوههم نحو الحائط المقابل حيث انتصبت مائدة غطت البطاطين سطحها وقوائمها لتخفي المساجين الذين سيتولون أمر العرائس، کشافان كهربائيان معلَّقان في السقف. ستارة من البطاطين تمتد بين الجدارين بعرض الفناء فوق المائدة بحيث تخفي مدخلي الزنزانتَين الأخيرتَين المتقابلتَين اللتين تكوِّنان مع خلفية المائدة كواليس المسرح. ميكروفون خلف المائدة.
الصف الأول من المتفرجين يتكون من مقاعد يشغلها المأمور في الوسط يحيط به ضباط السجن (أثار هذا الوضع نقاشًا حادًّا من قبلُ؛ إذ احتج رمزي بأن المسجونين لن يتمكنوا من مشاهدة المسرح، وأعلن المأمور أنه من المستحيل أن يجلس هو وضباطه فوق الأرض إلى جوار المسجونين. وفي النهاية تم الاتفاق على تعلية المسرح بصناديقَ خشبية أُحضرت من ورشة النجارة، صُفَّت متجاورة ورفعت مائدة المنصة فوقها) خلفهم مباشرة كبار الشخصيات من المسجونين؛ بينهم الدكتور ثابت، ومستر تامر، وعزت بيه، والنوباتجية البارزون. الحراس يحيطون بالقاعة وقد جلس بعضهم فوق البطاطين بينما ظل الآخرون واقفين تحسبًا للطوارئ بناءً على تعليمات المأمور.
الدكتور رمزي يتقدم إلى الميكروفون فيقع الضوء المبهر على وجهه … المسجونون يلزمون الهدوء.
يتراجع رمزي ويختفي خلف الستائر. تنفرج الستارة التي إلى اليمين عن صف من القبور الكرتونية. ينهض من خلفها ثلاثة أشخاص في ملابسَ عسكرية يتقدمون إلى المنصة. الثلاثة هم أشرف، وسامح، وصبري.
ينسحبون ثم يعودون بعد أن استبدلوا ملابسهم بأفرولاتٍ عمالية، يتقدمون من المنصة.
يتراجع العمال ويختفون وراء الستارة. تنفرج الستارة التي إلى اليسار عن مجموعة من العرائس صفراء اللون تمثل صورًا كاريكاتيرية لشخصياتٍ مصرية مختلفة؛ رجالية ونسائية. تنضم إليها مجموعةٌ جديدةٌ صغيرة العدد يتميز بعضها بألوان الأعلام الأمريكية والإسرائيلية، بينما اكتسى البعض الآخر بالملابس العربية الخليجية. يتعرف المسجونون على بعض العرائس التي تمثل شخصياتٍ مصرية.
ينهض ثلاثة من المتفرجين، من نزلاء العنبر، من أماكنَ مختلفة بالقاعة، ويخاطبون العرائس.
فترة صمت. يخفت نور الكشافَين تدريجيًّا. يخطو الدكتور رمزي إلى مقدمة المسرح.
يتلاشى نور الكشافَين تدريجيًّا. يتناول الدكتور رمزي علبة ثقاب من جيبه ويشرع في إشعال مجموعة من أوراق الصحف. ينهض المأمور والضباط واقفَين في ارتباك. هرج ومرج. تنقلب مائدة العرائس.
الحراس ينفخون صفاراتهم. يعود الضوء المبهر. يشير المأمور إلى الدكتور رمزي هاتفًا:
– أمسكوه.
يهرع الحراس إلى الدكتور رمزي فيقيدون ساعدَيه ويقتادونه إلى الخارج.
يجمع المسجونون بطاطينهم ويتجهون إلى زنازينهم. ترتفع من بينهم أصواتٌ ضاحكة: هونجا حتى القتلى!