قصة التاجر وزوجته
الليلة الأولى
بلغني — أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد — أنه كان هناك تاجر ثري يعد لزيارة بلد آخر. فملأ حقائبه بالخبز والتمر، وامتطى حصانه. واستمر سفره عدة ليالٍ في رعاية الله حتى وصل إلى وجهته. وعند الانتهاء من زيارته، توجه عائدًا إلى وطنه. فسافر مدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع وجد بستانًا، فدخله ليستظل فيه من الشمس. جلس على ضفة جدول مائي تحت شجرة جوز، وأخرج بعض أرغفة الخبز وحفنة من التمر، وبدأ في الأكل ملقيًا نوى التمر عن يمينه وعن يساره حتى اكتفى، ثم نهض وتلا صلاته.
وما كاد ينهي صلاته حتى رأى جنيًّا كبيرًا أمامه ممسكًا بسيف في يده، ويقف بقدميه على الأرض ورأسه تناطح السحاب. صاح الجني: «انهض حتى أتمكن من قتلك بهذا السيف، كما قتلت ابني.»
فزع التاجر، وقال: «أقسم بالله أنني لم أقتل ابنك، كيف حدث ذلك؟» قال الجني: «ألم تجلس، وتُخرج بعض التمر من حقيبتك، وتأكله ملقيًا النَّوى حولك؟» رد التاجر: «نعم، فعلت.» فقال الجني: «عندما كنت تلقي النَّوى، كان ابني يسير بجوارك، فصدمته واحدة وقتلته، وعليّ أن أقتلك الآن.»
قال التاجر: «يا إلهي، أرجوك لا تقتلني.» فرد الجني: «أقسم بالله أن أقتلك كما قتلت ابني.» قال التاجر: «إذا كنت قد قتلته، فقد فعلت ذلك عن طريق الخطأ. أرجو أن تسامحني.» رد الجني: «يجب أن أقتلك.» وأمسك بالتاجر، وألقى به على الأرض.
بدأ التاجر في البكاء على زوجته وأبنائه، ورفع الجني سيفه بينما كان التاجر غارقًا في دموعه، وقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم.»
•••
اقترب طلوع الصبح عند هذه النقطة من القصة، فسكتت شهرزاد تاركةً الملك شهريار يتحرق شوقًا لسماع باقي القصة. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «إنها لا تقارَن بما سأخبركما به ليلة غد، هذا إن أبقى عليّ الملك وتركني أعيش. فالقصة ستصبح أفضل وأكثر إمتاعًا.» فكر الملك: «سأبقي عليها حتى أسمع بقية القصة، ثم أقتلها في اليوم التالي.»
الليلة الثانية
ظل الملك شهريار يعمل طوال اليوم التالي، وعاد إلى المنزل في الليل إلى شهرزاد. فقالت دينارزاد لأختها: «رجاءً يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا إحدى قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة الجني والتاجر.» فردت شهرزاد: «بكل سرور، أيها الملك السعيد.»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد — أنه عندما رفع الجني سيفه، قال له التاجر متوسلًا: «أرجوك دعني أودع أسرتي وزوجتي وأبنائي قبل أن تقتلني.» وسأله الجني: «هل تقسم بالله أنني إذا تركتك تذهب، فسوف تعود بعد سنة من تاريخ هذا اليوم؟» فرد التاجر: «نعم، أقسم بالله.»
وبعد أن أقسم التاجر بذلك، تركه الجني يذهب، فامتطى حصانه ومضى في طريقه، ليصل أخيرًا إلى منزله وزوجته وأبنائه. وعندما رآهم، أخذ يبكي بحرقة؛ فسألته زوجته: «ما بك يا زوجي؟ لماذا تشعر بالحزن وجميعنا سعداء ونحتفل بعودتك إلينا؟» فأجاب: «ولماذا لا أحزن وما تبقى لي من العمر سوى سنة واحدة فقط؟» ثم أخبرها بكل شيء حدث مع الجني.
عندما سمعت أسرته ما قاله، أخذوا يبكون، وكان يومًا حزينًا حيث تجمع جميع الأطفال حول والدهم. قضى التاجر ما تبقى من العام على هذه الحال، ثم صلى لربه وودع أسرته. فتعلق أبناؤه برقبته، وبكت بناته، وناحت زوجته. فقال لهم: «يا أبنائي، هذه مشيئة الله.» ثم انصرف، وامتطى حصانه، وسافر حتى وصل إلى البستان.
جلس التاجر في المكان الذي تناول فيه التمر في انتظار الجني والدموع تملأ عينيه. وأثناء انتظاره، اقترب منه رجل عجوز يقود كلبين مربوطين بحزامين حول عنقيهما، وألقى عليه التحية. فرد عليه التاجر التحية. سأله الرجل العجوز: «لماذا تجلس هنا، يا صاحبي، في هذا المكان الممتلئ بالجن والشياطين؟ فما من شيء في هذا البستان المسكون سوى الحزن والأسى.»
أخبره التاجر بكل ما حدث مع الجني، فاندهش الرجل العجوز من القصة، وقال: «إن وعدك بالرجوع إلى هنا من أفعال الشجعان. والله لن أتركك حتى أرى ما سيحدث مع الجني.» وجلس بعد ذلك بجانبه وتبادلا أطراف الحديث.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. ومع طلوع الفجر، قالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وجميلة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأخبركما بما هو أفضل وأكثر إمتاعًا.»
الليلة الثالثة
في الليلة التالية، قالت دينارزاد لأختها: «رجاءً يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا واحدة من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة التاجر، فأنا أود سماعها.» فأجابت شهرزاد: «كما تشاءان.»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أنه بينما كان التاجر والرجل صاحب الكلبين الأسودين يتحدثان معًا، أبصرا فجأة ترابًا يتصاعد، وعندما تبدد، شاهدا الجني وهو يقترب منهما ممسكًا بسيف فولاذي في يده. ووقف أمامهما دون أن يلقي التحية، وقال للتاجر: «تأهب للموت.» فأخذ التاجر والرجل العجوز في البكاء.
اقترب الرجل العجوز صاحب الكلبين الأسودين من الجني، وقال له: «إذا أخبرتك بما حدث لي ولهذين الكلبين، ووجدت روايتي أكثر غرابة وإدهاشًا مما حدث لك مع التاجر، فهل ستعتقه؟» فأجاب الجني: «نعم، سأفعل.»
وبذلك، بدأ الرجل العجوز في رواية قصته: أيها الجني، هذان الكلبان هما شقيقاي. عندما توفي والدي، خلف وراءه ثلاثة أبناء، وأعطى كل واحد منا مثلما أعطى الآخر من المال. فأخذ كلٌّ منا ماله، وصار يمتلك متجرًا. وبعد فترة وجيزة، باع أخي الأكبر — وهو أحد هذين الكلبين — محتويات متجره، وسافر في رحلة لتجارة السلع في الخارج لجني الكثير من الأموال. ومضت سنة كاملة حتى رأيت متسولًا في متجري.
سألني المتسول وعيناه تملؤهما الدموع: «ألا تعرفني؟» وعندما دققت النظر فيه، تبين لي أنه أخي الأكبر. عانقته وأخذته إلى داخل المحل، وسألته ماذا حل به، فأجاب: «فقدت أموالي.»
اصطحبته معي إلى المنزل ومنحته نصف ما أملك من المال، وقلت له: «لتحيا حياتك وكأنك لم تصل إلى هذه الحال أبدًا.» فأخذ الأموال عن طيب خاطر، وفتح متجرًا آخر.
بعد ذلك بفترة وجيزة، عزم أخي الآخر — وهو هذا الكلب — على السفر في رحلة تجارية أيضًا. وحاولنا منعه، لكنه لم يستمع إلينا. وبعد عام، عاد وحاله كحال أخيه بالضبط، فقلت له: «ألم أخبرك، يا أخي، ألا تذهب؟» بكى، وقال: «أخي، لقد خسرت كل شيء.»
اصطحبته معي إلى المنزل، وبعد أن تناولنا بعض الطعام، أخبرته أنني سأقتسم مالي معه بالتساوي. ففتح متجرًا آخر، وبقينا معًا فترة من الوقت. وأخيرًا، طلب مني شقيقاي أن أذهب معهما في رحلة تجارية، لكنني رفضت، وسألتهما: «ألم تتعلما شيئًا مما خضتما من مغامرات؟»
فتخليا عن الفكرة، وعملنا على مدار ستة أعوام في متاجرنا نبيع ونشتري، لكن في كل عام كانا يطلبان مني الذهاب معهما في رحلة تجارية. وفي النهاية، قلت لهما: «شقيقاي، أنا مستعد للذهاب معكما، كم تملكان من المال؟»
لقد فقدا كل أموالهما، لكن متجري شهد ازدهارًا. لذا قسمت أموالي إلى جزأين، ثم قسمت الجزء الأول بين ثلاثتنا، وقلت لهما: «سأدفن الجزء الآخر في الأرض، تحسبًا لأن يحدث لي ما حدث لكما.» وكان ردهما: «هذه فكرة رائعة.»
وبعد أن أغلقت متجري، ابتعنا سلعًا تجارية، وأجرنا سفينة كبيرة، وبدأنا رحلتنا، فأبحرنا طوال الليل والنهار مدة شهر.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. ومع طلوع الفجر، قالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وممتعة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأخبركما بما هو أكثر غرابة، إن كتب لي الله الحياة يومًا آخر.»
الليلة الرابعة
في الليلة التالية، قالت دينارزاد لأختها: «رجاءً يا أختاه، إذا لم يكن النوم يغالبك، فاروي لنا واحدة من قصصك الممتعة.» وأضاف الملك: «لتكن نهاية قصة التاجر، فأنا أود سماعها.» فأجابت شهرزاد: «بكل سرور.»
•••
بلغني — أيها الملك السعيد — أن الرجل العجوز واصل رواية قصته للجني: أبحرنا أنا وشقيقاي مدة شهر في البحر المالح حتى وصلنا إلى مدينة ساحلية. دخلنا المدينة وبعنا سلعنا، واشترينا سلعًا أخرى لننقلها معنا إلى السفينة. وعند وصولنا إلى شاطئ البحر، قابلت سيدة ترتدي ملابس بالية قبلت يداي، وقالت: «سيدي، لتسد إليّ خدمة، وأعتقد أنني سأتمكن من مكافأتك عليها.» أجبتها: «سأسدي لك الخدمة دون مكافأة.» فقالت: «سيدي، لتتزوجني وتأخذني معك على متن هذه السفينة.»
أشفقت عليها، وهداني ربي إلى الموافقة. فمنحتها ثوبًا جميلًا، وتزوجنا، ثم أخذتها إلى السفينة، وأبحرنا ثانيةً. أحببتها كثيرًا، وبقيت معها ليلًا ونهارًا متجاهلًا شقيقَيّ.
وفي هذه الأثناء، شعر شقيقاي بالغيرة مني، وخططا لقتلي. وفي إحدى الليالي، انتظرا حتى نمت بجانب زوجتي، ثم حملانا، وألقيا بنا في البحر.
وعندما استيقظنا، تحولت زوجتي إلى شبح، وحملتني في البحر حتى وصلت بي إلى إحدى الجزر. وفي الصباح، قالت لي: «زوجي، لقد كافأتك بإنقاذك من الغرق. عندما رأيتك على شاطئ البحر، أحببتك وأتيت إليك متخفية، وأنت قبلت حبي. لكن الآن يجب أن أقتل شقيقيك.»
عندما سمعتُ ما قالته، اندهشتُ، وشكرتها على إنقاذ حياتي. أخبرتها بكل ما حدث لنا منذ وفاة أبينا، من البداية إلى النهاية. وعندما سمعت قصتي، غضبت بشدة، وقالت: «سأطير الآن إلى شقيقيك، وأُغرق سفينتهما.»
فقلت لها: «بالله عليكِ، لا تفعلي. ففي النهاية هما شقيقاي.» وفي آخر الأمر، تمكنت من تهدئتها، وطارت معي، وأنزلتني على سطح منزلي. نزلتُ إلى الطابق السفلي، وحفرتُ الأرض لأخرج المال الذي دفنته، ثم خرجت ملقيًا التحية على الناس في السوق، وفتحت متجري من جديد.
وعندما عدت إلى المنزل ذلك المساء، وجدت هذين الكلبين مقيدين. وما إن رأيتهما حتى توجها نحوي باكيين، وأخذا يتمسحان بي. وفجأة سمعت زوجتي تقول: «سيدي، هذان شقيقاك. سيبقيان على هذه الحال عشر سنوات، ولن يصيرا رجلين ثانيةً إلا بعد انقضاء هذه المدة.» ثم أخبرتني بالمكان الذي يمكنني العثور عليها فيه، ورحلتْ.
مرت السنوات العشر، وكنت في طريقي مع شقيقَيّ إلى زوجتي لإبطال هذا السحر عندما التقيت بهذا الرجل هنا. وعندما سألته عن قصته، أخبرني أنك ستقتله، ووعدته ألا أتركه حتى أعلم ما سيحدث بينكما. هذه قصتي، أليست مثيرة للدهشة؟
•••
رد الجني: «والله، إنها لقصة غريبة ومدهشة، كما وعدت. لقد فزت، وسأعتق الرجل.» ثم أطلق الجني سراح الرجل، ورحل. شكر التاجر الرجل العجوز الذي هنأه بدوره على استرداد حريته. وعاد الرجل إلى منزله وأسرته، وعاش معهم سنوات عديدة حتى يوم مماته.
•••
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، فسكتت عن الكلام المباح. وقالت دينارزاد لأختها: «يا لها من قصة غريبة وممتعة!» فردت شهرزاد: «ليلة غد، سأروي لكما قصة الصياد، وهي قصة أكثر إثارة.»