التمهيد البيولوجي!
في طريق مطاردته لسيارة «هاري» اتصل «أحمد» ﺑ «عثمان»، وعرف أن فريق «الرد ستار» قلَّص نشاطه في الفندق، وما عادوا يظهرون به إلا قليلًا، فطلب منه إنهاء وجود «ريما» في الفندق. وبالاتصال ﺑ «قيس» أخبره بأن فريق «الرد ستار» قد دعاه لحفل عشاء في نفس الشقة المفروشة التي استدرجوا إليها الشاعر الغنائي. في هذه اللحظة شعر أن السيارة الهوندا تحاول الهروب من مراقبته، فأيقظ حواسه وزاد من سرعته حتى أصبح بجوارها، ونادى «إلهام» فلم تلتفت إليه، ولكنه رأى «هاري» في هذه اللحظة يأمرها أن تتخلَّص منه، فأخرجت مسدسها، وأطلقت منه طلقةً صوب «أحمد»، الذي صاح: ما هذا يا «إلهام»؟!
إلا أنها انحرفت بالسيارة في طريق جانبي بسرعة خارقة، وكان «أحمد» قد تخطَّاها، فأوقف السيارة وعاد بها بسرعة معاوِدًا المطاردة … ولكن السيارة تاهت منه … فانطلق بأقصى سرعة يقطع الطريق، فلمح في المرآة السيارة الهوندا تخرج من أحد الشوارع الجانبية … فدار حول صينية أول تقاطع قابله، وعاد بسرعة ليلحق به، إلا أنه فوجئ بها تتوقَّف عن الحركة فجأةً حتى كاد يصطدم بها لولا قوة فرامل سيارته. ومن خلفه سمع صوت أبواب سيارة تُفتح، فالتفت ليرى أربعة رجال أشداء يتجهون ناحيته، فتعجب ممَّا فعلته «إلهام».
أحاط الرجال الأربعة سيارته … وامتدَّت يد أحدهم تحاول فتح باب السيارة … فدفعه «أحمد» بقوة ليصطدم بالرجال ويطوِّحه بعيدًا … وخرج لهم برشاقة وخفة … جاريًا إلى السيارة الهوندا التي تركبها «إلهام» … فانقَض عليه رجلان يُمسكانه من كتفه ويرفعانه عاليًا، ثم قذفا به فوق شنطة السيارة … فقلَّص «أحمد» ساقَيه ثم فردهما بقوة في وجهَيهما فطوَّحهما … ليرتطما بالأرض … ثم جرى إلى «إلهام» ليسألها عمَّا حدث …
فقالت له: أكمل ما تفعله وحاول أن تهرب. فشعر أن هناك خطرًا يحيط بها، فأصر ألَّا يتركها وفتح باب السيارة وجذبها بقوة، فنهرته بشدة، ورأى الرجال الأربعة يحيطون به مرةً أخرى … فتخلَّص منهم بمهارة، وتركهم يتأهَّبون، وعاد سريعًا إلى سيارته وأدارها وعاد بها قليلًا إلى الوراء، ثم انطلق بها بقوة ليصدم السيارة الهوندا التي اندفعت إلى الأمام فصدمت الرجال الأربعة الذين كانوا يحاولون اللحاق به … وعاد إلى الخلف يدفع سيارتهم … حتى قابله طريق جانبي فانحرف فيه … وانطلق وفي رأسه تدور الأفكار … والمشاعر … والخطط … وحين واتته الفكرة، قابله الجراج الذي كان يبحث عنه فانحدر إلى داخله، وترك السيارة وعاد جريًا إلى الشارع وهو يطمئن على خزان مسدسه … ليلمح السيارة تأتي مسرعةً من آخر الشارع، ولكن لم يكن بها «إلهام» ولا «هاري»، بل يقودها «مارلو»، فصاح «أحمد» … أخيرًا ظهرت يا «مارلو»!
فألقى صندوق قُمامة كبيرًا فارغًا أمام السيارة فجأة، فارتفع صوت فراملها، لتتوقَّف قبل أن تصطدم به بأمتار قليلة، وعندما لمح «مارلو» «أحمد» … أغلق أبواب السيارة وزجاجها … فلم يُفلح «أحمد» في فتحها من الخارج ولا في عرقلة رجوعه إلى الخلف … واستدار بالسيارة … لينطلق في الاتجاه المضاد ويعود من حيث أتى و«أحمد» في قمة غيظه، إلا إنه أطلق رصاصةً على عجلة السيارة … فارتفع صوت انفجارها ولم يتوقَّف، بل توارت في شارع جانبي، فجرى «أحمد» يخرج سيارته من الجراج، وينطلق في أثر «مارلو»؛ فقد أدرك أن «إلهام» في خطر و«هاري» كان تحت يدَيه … واتضح أن ﻟ «مارلو» علاقةً به … ولكن انتبه لشيء هام وهو ظهور سيارة الأربعة فجأة … ثم اختفاء «إلهام» ليرى بدلًا منها «مارلو»، وكل هذا في منطقة محدودة وفي وقت قصير … وهذا يعني أن لهم مقرًّا قريب من هنا … وهناك احتمال أن يكون في دائرة مراقبتهم … وهذا يعني أنهم مسيطرون على الموقف … فقرَّر الاستعانة ﺑ «عثمان» الذي تلقَّى رسالة أحمد وهو في قمة ترقُّبه … وإحساسه أن في الأمر شيئًا.
لأول مرة منذ فترة يجتمع فريق «الرد ستار» كله في الفندق في توقيت واحد … ويتحرَّكون نزولًا وصعودًا … حتى إنه يراهم في كل مكان يذهب إليه، وكأنهم يُثبتون وجودهم في هذا الوقت، بالذات للعاملين والنزلاء، ولماذا يفعلون ذلك؟ … إلا إذا كانت هناك حادثة ستقع … ويريدون إثبات وجودهم بعيدًا عنها، وعندما حكى ذلك ﻟ «أحمد» أخبره أن وجوده معه أهم … وترك السيارة على قمة الشارع الذي دخله «مارلو»، وسار يتجوَّل في المنطقة بحثًا عمَّن يدلُّه على وجودهم، حتى حان موعد وصول «عثمان» بسيارته سريعًا إلى حيث ينتظره «أحمد» في أحد محال الملابس الجاهزة … وبغرفة خلع الملابس … حكى «أحمد» ﻟ «عثمان» ما حدث في عجالة وما يدور في ذهنه، وطلب منه أن يخرج قبله … وسيتجوَّل هو في بعض الأقسام لقطع الوقت … ثم يلحق به …
خرج «عثمان» من معرض الملابس الجاهزة مرتديًا جلبابًا صعيديًّا وعمامة … ونظارة شمس رخيصة، تاركًا ﻟ «أحمد» كارتًا مكتوبًا عليه: «مع تحيات عم «عثمان» البواب.» فابتسم لخفة دمه وتمنَّى له ولكرته الجهنمية التوفيق.
كان «عثمان» يُجيد لغة أهل الجنوب من «النوبة» حتى «حلايب وشلاتين» المصريتَين بجانب لغة بلده، ولقد أصبح الآن كل إنسان فينا عنده شغف للحديث بلغة بلده، بالذات إذا كان بعيدًا عنها؛ فقد كان من السهل عليه أن يقيم حوارًا وديًّا للغاية مع بعض البوابين في المنطقة، محاولًا الوصول من خلالهم إلى معلومات عن عصابة «بيزا» أو عن السيارة الهوندا البيضاء … ولكن الوقت طال بلا جدوى، ومالت الشمس للمغيب، وعم «عثمان» البواب لم يستطِع الوصول ﻟ «مارلو» بعد، إلا عندما ألقى عليه السلامَ وهو صاعد سلالم العمارة التي يجلس أمامها وقد كان بوابها يُعد له الشاي بالداخل، فانتفض «عثمان» واقفًا يرد السلام، ويُهرول إلى المصعد يفتحه، ويغلق بابه بعد أن دخله خلف «مارلو»، ثم سأله: ما رقم الطابق يا بيه؟
قال له «مارلو»: الطابق الخامس.
سأله «عثمان»: ورقم الشقة يا بيه؟
نظر له «مارلو» في تساؤل …
قال «عثمان»: لا مؤاخذة يا بيه الحرص واجب … وأنا لا أرى سعادتك هنا كثيرًا.
قال «مارلو»: شقة ستة …
«عثمان»: عند … عند …
لحقه «مارلو»: عند الأستاذ «فرج».
اندهش «عثمان» وتساءل … أيكون «فرج» وراء كل هذا، أم إنه الستار الذي يختفي خلفه زعيم العصابة؟
وإن لم يمكن هذا الزعيم «هاري» هل تكون «بيزا»؟ وهل «بيزا» هي هذه الفتاة الزنجية … أم إنه شعارهم؟
فأخرجه «مارلو» من تساؤلاته قائلًا له: ماذا يجري؟ لماذا لا تضغط على الزر؟
فانتبه «عثمان» قائلًا: لا مؤاخذة. ثم ضغط على الزر … وأوصل «مارلو» حتى باب الشقة … وانتظر حتى انفتح الباب فظن «مارلو» أنه ينتظر بقشيشًا … فوضع يده في جيبه … وقبل أن يخرجها كانت كرة «عثمان» المطاط الجهنمية … تضرب رأس الرجل الواقف خلف الباب، وفي نفس اللحظة يسقط بسيف يده على «مارلو» … فيتهاوى فاقدًا توازنه، فجرَّه إلى داخل الشقة، وخلع سلك التليفون وقيَّدهما به، لم يكن «هاري» هو الآخر موجودًا بالشقة … فقد تجوَّل «عثمان» بالشقة ولم يجد بها أية ترتيبات أمنية … بل هي شقة عادية جدًّا … وفي المطبخ وجد ثلاجةً عامرة بالمشروبات الكحولية وأصناف الجبن الفرنسية الفاخرة، فحمل زجاجة ماء مثلج … وأخرج محتوياتها ووضعها على رأس كل منهما … قد تعلَّقت عينا «مارلو» ﺑ «عثمان» في ذهول وهو يسأله: من أنت؟ فأجابه «عثمان» بلهجة تهكُّم: أنا يا سعادة البيك عمك «عثمان» البواب … مشهور جدًّا … أي والله … ستجدني أمام كل عمارة تذهب إليها … فهل سمعت في مصر عن عمارة بدون بواب اسمه عثمان؟ أجبني أنت … من «هاري»؟ وأين هو الآن؟
نظر «مارلو» ﻟ «عثمان» في تساؤل وكأنه لم يسمع بهذا الاسم من قبل … فقال له: كان من الممكن أن نصدِّقك فيما قبل، أمَّا الآن فقد شوهدت معهم ولن يمكنني تصديقك، فما رأيك؟
كان «مارلو» أثناء حديثه ينظر للرجل المقيَّد بجواره في قلق … فشعر «عثمان» أنه قُيِّد على لسانه، فقاده إلى غرفة داخلية، وأغلق عليه الباب … وانتحى ﺑ «مارلو» جانبًا وهو يحادثه بلهجة ودودة ويسأله: اصدقني القول يا «مارلو» … أين «إلهام»؟ ومن هو «هاري»؟ ومن أنت؟ وماذا تدبِّرون؟
قال «مارلو»: هل أنت من البوليس المصري؟
عثمان: نعم.
مارلو: وهل ستحمونني؟
عثمان: بالطبع.
مارلو: لقد جنَّدتني «بيزا» … فقد كنت عضوًا في فريق «الرد ستار» الغنائي، وكان معنا «دريم» الذي أوقعته «بيزا» في شراكها ثم جنَّدته، وقُتل «دريم» في ظروف غامضة وكان المموِّل الرئيسي لنا.
وبعدها اتصلَت بي «بيزا» … وحلَّت محله في التمويل إلى أن بدأت تطلب مني مطالب لا تُرفض لأنها مطالب مشروعة وعادية، تحوَّلت بعد ذلك إلى مطالب غير مشروعة … ولكن لم أستطع الرفض بعد ذلك؛ فقد لجئوا للتهديد …
عثمان: التهديد … بماذا؟
مارلو: بالقتل … وبأسلوب بشع، ولكن غاية في الدهاء …
عثمان: وما هو؟
مارلو: إنهم يحقنوننا بعقار قاتل … يبدأ مفعوله بعد أربع وعشرين ساعة، وليس له علاج إلا لديهم … فإذا نفَّذنا وعدنا … حقنونا بالعقار المضاد … وإذا لم نُنفِّذ ونُتم المهمة متنا.
هنا فقط … فهم «عثمان» السبب الذي دفع «إلهام» للتصرُّف مع «أحمد» بهذه الطريقة؛ فقد حقنوها بهذا العقار، ولكن ما هي المهمة التي ستُنفِّذها «إلهام» خلال هذه المهلة؟ وأين هي الآن؟ لم يكن لدى «مارلو» إجابة … وشعر «عثمان» برغبته في التعاون معه … فعرض عليه ذلك نظير تأمين حياته وإعادته إلى بلاده في سلام … وعندما وافق، حلَّ قيده وطلب منه إحضار الرجل الآخر … والذي علا صوته وأخذ يصرخ في «مارلو» قائلًا: لقد سمعت كل شيء وسأُبلغهم … ودوَّت طلقة أعقبها صرخة مروِّعة … فجرى «عثمان» إلى الغرفة فوجد الرجل ملقًى على الأرض … و«مارلو» يقف في ذهول وبيده مسدسه الذي رفعه في وجهه وهو يغمغم في صوت ضائع: سوف تبلغ عني …
فقال «عثمان»: لا يا «مارلو»، لن أبلغ. أعطني هذا المسدس.
صرخ «مارلو»: لا لقد ضعت … ولم يعد يهمني شيء! …
سأله «عثمان»: لماذا؟ … هل حقنوك؟
مارلو: نعم … لكي أقتل مُوظَّف الاستقبال في الفندق …
لمعت عينا «عثمان» وهو ينظر له قائلًا: أنا موظف الفندق … ثم خلع عنه العمامة والجلباب …
صاح «مارلو»: أنت … نعم أنت … ولكن كيف؟!
عثمان: دعنا من ذلك الآن … فالرجل القتيل بالداخل أسمر اللون … مثلي … وسأُشيع في الفندق عن طريق أعواننا هناك أن موظف الاستقبال قُتل … وستصل الجثة إلى الفندق سرًّا وتخرج علنًا، وبذلك تكون قد أتممت المهمة … ما رأيك؟
لاقت الفكرة ارتياحًا لدى «مارلو» … وشعر أنه كان على حافة جهنم وسقط في الجنة على جناح يمامة … وأبدى استعدادًا طيبًا للتعاون … فاتصل «عثمان» ﺑ «أحمد» وأخبره في عُجالة بما وقع من أحداث، وطلب منه الوقوف أمام باب العمارة، ثم ارتدى ملابس البواب مرةً أخرى …
عندما خرج «عثمان» سأله البواب: أين كنت يا عثمان؟ الشاي أصبح مثلجًا.
عثمان: اصنع غيره يا رجل يا بخيل.
ضحك البواب … ودخل إلى غرفته ليُعد الشاي … فهرول «عثمان» يحمل القتيل مع «مارلو» حيث كان «أحمد» في انتظارهم، فأجلسوه في الكنبة الخلفية. فانزلق إلى دواسة السيارة … فتركوه ووضعوا فوقه حقيبتَين، وقبل أن ينطلقوا سمعوا البواب ينادي: إيه يا «عثمان» الشاي.
قال له «عثمان»: غدًا يا رجل يا كريم …
في جراج الفندق وضعوه بجوار سيارة «عثمان»، وأطلقوا طلقةً في الهواء.
وجرى «مارلو» خارجًا من الجراج فأمسك به رجال أمن الفندق … فصرخ فيهم قائلًا: هناك إرهابي بالداخل … فتركوه وجرَوا يبحثون شاهرين أسلحتهم، فجرى «مارلو» … خارجًا من الجراج. وكان «أحمد» قد أشاع خبر مقتل «عثمان»، فلمح رجلًا يخرج من الفندق مسرعًا … ويركب سيارته ليُلاحق «مارلو» ثم رأى «مارلو» يبطئ من سرعته … ثم يتوقَّف ويركب السيارة معه …
انطلقت السيارة وانطلق معها خوف «أحمد» من أن يتم تصفية «مارلو» كما فعلوا مع «دريم»؛ فسيظنون أن أمره قد اتضح والقبض عليه خطر عليهم.
لكن لن يستطيع في نفس الوقت أن يطاردهم … فقد يفوز «مارلو» بالحقنة المضادة جزاء إتمام المهمة وينقذ حياته، ولكن سيارتَي شرطة انطلقتا في أثرهما فخاف، «أحمد» أن يتم القبض عليهما … ويموت «مارلو» بتأثير الحقنة … فجرى إلى سيارته وانطلق في أثرهم، وعندما أصبحوا في مرمى بصره … أطلق في الهواء عدة أعيرة من مسدسه … فلفت إليه أنظار رجال الشرطة، ممَّا أعطى الفرصة ﻟ «مارلو» أن يهرب … وكان يعرف أن ما فعله سيكون مثار تساؤل «فلاديمير»، ممَّا سيدفعه للشك في «مارلو»، ولكنه كان على يقين من أن «مارلو» سيخبره بأن ما حدث كان لإنقاذ «إلهام»، فانطلق بالسيارة بأقصى سرعة هربًا من رجال الشرطة؛ فهو لا يريد تدخُّل رجال الأمن الآن، وعرف كيف يتخلَّص من مطاردتهم له، وشعر بوخز في رسغه … فتلقَّى الرسالة وكانت من «عثمان» يُخبره فيها أنه عاد إلى العمارة المقيم بها «مارلو» مرةً أخرى، وقد شاهده ومعه «فلاديمير» يستقلان المصعد إلى نفس الشقة … ثم نزل «فلاديمير» وحده … وانصرف مستقلًّا تاكسيًا وقد ترك السيارة في أول الشارع … أمَّا عنه … فهو في حالة صفاء رائعة مع عم «شعبان» بواب العمارة، وقد عرض عليه أن يُقيم معه الليلة؛ فزوجته عند أهلها في الفيوم … ولن تعود قبل أسبوع … وهو يرى أنها فرصة لمراقبة المقر.
شعر «أحمد» بالقلق على «مارلو»؛ فمن المفروض ألَّا يعود للشقة قبل مروره على مقر العصابة … والحصول على العقار المضاد … فطلب من «عثمان» أن يصعد إليه ليستطلع الأخبار … فصعِد إليه «عثمان»، ولم يفتح الباب له إلا بعد أن سأله: من بالباب؟
عثمان: عمك «عثمان» البواب.
مارلو: ماذا تريد يا عم «عثمان»؟
اندهش «عثمان» لرده … فهل خان الاتفاق بعد أن اطمأن على حياته بعد تمثيله مقتل موظف الاستقبال، ولكن «مارلو» لم يمهله كي يستطرد في أفكاره، بل فتح الباب وطلب منه أن يشتري له علبة سجائر، وأخبره أنهم سيرسلون له من يحقنه بالعقار المضاد خلال ساعة، فطلب منه «عثمان» أن يضع له منوِّمًا في كوب العصير أو الشاي الذي سيقدِّمه له … وإن رفض أن يشرب شيئًا، فعليه أن يُشعل عود بخور أفريقي في الغرفة التي سيجلس بها … وترك الغرفة حتى لا ينام هو؛ فسيكون المنوِّم ضمن مكوِّنات البخور …
فتعجَّب «مارلو» لهذا الطلب … فما الذي ستستفيدونه من نومه … فأجابه «عثمان» بأنهم يحتاجون للعقار لإنقاذ حياة «إلهام».
وافق «مارلو» بلا تردُّد، ولكن اعتذر لعدم وجود المنوِّم لديه، فأخبره «عثمان» أنه سيُحضره له مع السجائر … لهذا ومن أجل هذه الظروف … أُعِدت سيارة الشياطين لتكون معملًا مكتملًا … وترسانة أسلحة متقدمة، فأسرع «عثمان» يقطع الطريق جريًا إلى الجراج الذي ترك به السيارة، فدخل من بابه الخلفي … وخلع ملابس البواب في دورة المياه … وقد كان يرتديها فوق ملابسه … ثم بحث عن سيارته بين السيارات الواقفة … فوجدها تقف في زاوية ضيقة، يُحيطها كثير من السيارات، والوصول إليها يحتاج لوقت … والوقت ليس في صالحهم فلم يبقَ غير عشرين دقيقة ويصل حاقن العقار.