الكواكب العملاقة
ومن المتعارف عليه أن حجم أي كوكب عملاق يقاس بدءًا من قمة سُحُبه، وتوجد هذه السحب في طبقة التروبوسفير الخاصة بالكوكب، والتي يعلوها طبقات شفافة ذات كثافة تتناقص باستمرار، وهي قابلة للتصنيف بنفس الطريقة التي يتم بها التعامل مع الغلاف الجوي لكوكب الأرض. وقاعدة طبقة التروبوسفير في الكوكب العملاق يصعب تحديدها، ولم يتم استكشافها قط حتى في حالة كوكب المشتري؛ إذ إنه في عام ١٩٩٥ وصل مسبار أطلقته مركبة الفضاء «جاليليو» إلى عمق ١٦٠ كيلومترًا أسفل قمم السحب قبل أن يحطمه الضغط (ضغط ٢٢ غلافًا جويًّا معًا)، ودرجة الحرارة (١٥٣ درجة مئوية). الأرجح أن طبقة التروبوسفير في الكوكب العملاق تندمج بإحكام مع الجزء الداخلي المائع في درجات حرارة وضغوط مرتفعة جدًّا، لدرجة لا يمكن التمييز عندها بين الغاز والمائع. وبالتأكيد ليس هناك سطح صلب استطاع أن يقف عليه إنسان قط.
(١) باطن الكواكب العملاقة
الكتلة (١٠٢٧كجم) | القطر القطبي (كم) | الكثافة (١٠٣كجم م−٣) | الجاذبية عند قمم السحب (م.ث−٢) | درجة الحرارة عند قمم السحب (درجة مئوية) | |
---|---|---|---|---|---|
المشتري | ١٫٩٠ | ١٣٣٫٧٠٠ | ١٫٣٣ | ٢٣٫١ | −١٥٠ |
زحل | ٠٫٥٦٩ | ١٠٨٫٧٢٠ | ٠٫٦٩ | ٩ | −١٨٠ |
أورانوس | ٠٫٠٨٦٨ | ٤٩٫٩٤٠ | ١٫٣٢ | ٨٫٧ | −٢١٤ |
نبتون | ٠٫١٠٢ | ٤٨٫٦٨٠ | ١٫٦٤ | ١١٫١ | −٢١٤ |
وربما لا يزال التركيب الداخلي للكواكب العملاقة في حالة من التطور؛ لأنها — ربما باستثناء كوكب أورانوس — تطلق جميعًا حرارة إلى الفضاء أكثر من الحرارة التي تستقبلها من الشمس. وكوكب المشتري ضخم جدًّا للدرجة التي يمكن أن تجعله قادرًا إلى الآن على أن يطلق كمًّا كبيرًا من الحرارة البدائية المحتجزة منذ نشأته. أما بالنسبة لزحل ونبتون، فإن فائض الحرارة هذا يبين أن الحرارة تتولد فعليًّا بداخلهما. والتباين كبير جدًّا لدرجة لا تجعلها حرارة إشعاعية المنشأ؛ لذا التمايز الداخلي قد لا يزال قائمًا. وغوص المادة الأكثر كثافة عن المتوسط نحو الداخل (ما يسمح بنشوء هيكل داخلي في حين يصبح الهيكل المحيط أرق وأنقى) يمكن أن يحوِّل طاقة وضع الجاذبية إلى حرارة. ويمكن أن تصدر هذه الحرارة من النمو المستمر للُّب (أو اللُّب الداخلي)، أو — في حالة كوكب زحل فقط — من غوص قطيرات الهليوم إلى داخل طبقة الهيدروجين المعدني للكوكب.
(٢) الأغلفة الجوية
(٢-١) التركيب
المشتري | زحل | أورانوس | نبتون | |
---|---|---|---|---|
الهيدروجين H2 | ٠٫٩٠ | ٠٫٩٦ | ٠٫٨٣ | ٠٫٨٠ |
الهليوم He | ٠٫١٠ | ٠٫٠٣ | ٠٫١٥ | ٠٫١٩ |
الميثان CH4 | ٣ × ١٠−٣ | ٤٫٥ × ١٠−٣ | ٠٫٠٢٣ | ٠٫٠١٥ |
الأمونيا NH3 | ٣ × ١٠−٤ | ١ × ١٠−٤ | — | — |
الماء H2O | ٤ × ١٠−٦ | أقل من ٢ × ١٠−٩ | — | — |
كبريتيد الهيدروجين H2S | أقل من ١ × ١٠−٧ | أقل من ٢ × ١٠−٧ | — | — |
الإيثان C2H6 | ٦ × ١٠−٦ | ٢ × ١٠−٧ | — | ١٫٥ × ١٠−٦ |
السحب المرئية | الأمونيا | الأمونيا | الميثان | الميثان |
الضغط الجوي عند قمة سحب الأمونيا في كوكب المشتري أقل بمعامل قدرُه مرتان أو ثلاث مرات عن الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر على كوكب الأرض، في حين يقترب الضغط عند قمم السحب على الكواكب العملاقة الأخرى من الضغط الجوي عند مستوى سطح البحر على كوكب الأرض.
(٢-٢) دوران الغلاف الجوي
يمكن رصد نمط عام من الأشرطة السحابية التي تتحرك بموازاة خط الاستواء على كوكب المشتري حتى عند استخدام تليسكوب صغير. ويتكرر نمط مشابه على نحو أقل وضوحًا في الكواكب العملاقة الأخرى. ولا بد أن يكون للتسخين الشمسي دورٌ ما في دوران هذا الجزء المرئي من أغلفتها الجوية، لكن يبدو أن هذا الدوران يحدث — في الأغلب — بفعل الحرارة الداخلية، ويخضع لمعدل دوران الأغلفة الجوية السريع حول محور الكواكب.
والتنويعات اللونية أقل وضوحًا في الغلاف الجوي لكوكب زحل، كما أن نمط المناطق والأحزمة أقل بروزًا، لكن سرعات الرياح تكون أعلى؛ حيث تزيد سرعة الرياح التي تهب صوب الشرق على ٤٠٠ متر في الثانية، وتتوغل حتى ١٠ درجات على أيٍّ من جانبَي خط الاستواء.
وفي حين يبدو كلٌّ من كوكبَي المشتري وزحل مائلين للصفرة، يبدو كوكبا أورانوس ونبتون أخضرين مائلين للزرقة؛ وذلك يرجع إلى أننا نرى قمم سحبهما من خلال طبقة توجد تحتهما من غاز الميثان الذي يمتص الضوء (الأحمر) ذا الأطوال الموجية الأطول.
(٣) الأغلفة المغناطيسية
لكل كوكب عملاق مجال مغناطيسي قوي. و«العزم المغناطيسي الثنائي القطب» لكوكب نبتون، وهو المقياس التقليدي لمجال الكواكب المغناطيسي، أكبر ٢٥ ضعفًا من العزم المغناطيسي الثنائي القطب لكوكب الأرض. وبالنسبة لكلٍّ من أورانوس وزحل والمشتري، يعادل هذا العزم المغناطيسي على الترتيب ٣٨ و٥٨٢ و١٩٤٩ ضعفًا من العزم المغناطيسي الثنائي القطب لكوكب الأرض. ولتوليد هذه المجالات المغناطيسية، من المفترض أن يحتوي كل كوكب على نطاق به مائع موصل للكهرباء، يخضع لنوعٍ ما من الحركة عن طريق الحمل الحراري. ويرجع المجال المغناطيسي في كوكبَي عطارد والأرض إلى الهيكل المائع المحيط باللب الحديدي لكلٍّ منهما. أما المجالان المغناطيسيان الخاصان بالمشتري وزحل، فيتولدان — على الأرجح — في طبقة الهيدروجين المعدني، ويتحركان بفعل الدوران السريع نسبيًّا للكوكبين. وتكون الضغوط منخفضة جدًّا بالنسبة للهيدروجين المعدني في كوكبَي أورانوس ونبتون؛ ومن ثم يكون من الصعوبة تقدير مجاليهما المغناطيسيين، لكن يتولد هذان المجالان المغناطيسيان — على الأرجح — بفعل الحركة داخل «الجليد» الموصل للكهرباء الموجود في اللب الخارجي لكلا الكوكبين.
ومن النتائج المترتبة على امتلاك الكوكب مجالًا مغناطيسيًّا (وهو الأمر الذي ينطبق على كوكبَي عطارد والأرض) أنه يحصر الكوكب داخل نطاق لا تستطيع خطوط المجال المغناطيسي من الشمس أن تخترقه في الغالب. وهذا النطاق يُطلق عليه «الغلاف المغناطيسي» للكوكب. ومسارات الجسيمات المشحونة في الرياح الشمسية (التي هي في الأساس البروتونات والإلكترونات) تخضع للمجال المغناطيسي للشمس إلى أن تصطدم الجسيمات ﺑ «الانحناء الصدمي» للغلاف المغناطيسي للكوكب، الذي يحوِّل مسارها بعيدًا عن الكوكب.
ويمكن أن تَعْبر الجسيماتُ المشحونة الكوكبَ في بعض الأحيان، لا سيما عن طريق التسرب من الكوكب عبر الذيل المغناطيسي الطويل في الاتجاه المغاير للشمس. وبالقرب من القطبين، يمكن أن تتفرع هذه الجسيمات على طول خطوط المجال باتجاه قمة الغلاف الجوي؛ حيث يتسبب وصولها إلى هذه المنطقة في حدوث توهُّج في السماء يُطلق عليه الشفق، وهو ظاهرة معروفة جيدًا في كوكب الأرض، وقد تم رصده أيضًا في كلٍّ من المشتري وزحل.