من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (٣) التراكم: تنظير الموروث قبل تمثُّل الوافد - تنظير الموروث - الإبداع الخالص
«وقد وقع الغزالي في التصور الأشعري الساذج للعقائد، وأنكر على الفلاسفة تأويلاتهم المجازية وهو أول المتأولين، وكثيرٌ من ملاحظاته على أقوال الفلاسفة — خاصة ابن سينا — جعلَت بعض أفكاره الجزئية وكأنها مذهبٌ كلي.»
بعد انتهاء عمليةِ «التأليف» تبدأ عمليةُ «التراكم»؛ بتَحوُّل الأولوية إلى الموروث قبل تمثُّل الوافد، لا سيما بعدما استفاد المفكِّرون المسلمون من التراكُم الفلسفي وبدأ وعيُهم التاريخي في التشكُّل. وفي خطوة تالية يختفي الوافد تمامًا من التراث، ويسيطر الموروث على النص. وأخيرًا يختفي الوافد والموروث معًا، ويعتمد النص على بِنية العقل وحدَه في مرحلة «الإبداع الخالص». وعلى الرغم من مرحليةِ تمثُّل الوافد في التراث الإسلامي، فإن هذا لا يعني أن نسبةَ وجود الوافد في النص مرتبطةٌ بفترةٍ زمنية ما؛ إذ استمر الوافد بنِسَب مختلفة داخل النص، بدءًا من التأليف وحتى ما قبل مرحلة الإبداع.
تُمثِّل سلسلة «من النقل إلى الإبداع» المرحلةَ الثانية من المشروع الفكري الضخم للدكتور «حسن حنفي» المُعنون ﺑ «التراث والتجديد». وتشمل هذه السلسلة ثلاثةَ عناوين كُبرى، يضم كلٌّ منها ثلاثةً أخرى فرعية؛ الأول «النقل» ويحوي «التدوين» و«النص» و«الشرح»؛ والثاني «التحوُّل» ويحوي «العرض» و«التأليف» و«التراكم»؛ والثالث «الإبداع» ويحوي «تكوين الحكمة» و«الحكمة النظرية» و«الحكمة العملية».