خطبة الإدانة الطويلة عند سور المدينة وفرناندو كراب أرسل إليَّ هذا الخطاب
«المرأة (لنفسها): آه! كم أخاف على نفسي من الرماح ومن نظرة القيصر، فأنا لا أعرف هذا الرجلَ الذي يهبط إليَّ من السور ولم أرَه أبدًا، لكن ما دام زوجي الشرعي لم يَظهر إلى الآن فلن يَرجع مُطلَقًا، ولهذا صمَّمتُ أن آخُذ هذا الرجل الآخَر، لا بد أن أكون حريصةً في الكلام معه حتى لا يَهرِف بالباطل. وما دام قد جاء إليَّ بإرادته، فعليَّ أن أتشجَّع وأُخاطِر بأداءِ هذه اللعبة الخَطِرة التي فرَضها حضرات الضباط عليَّ. أخَذ القيصر منِّي رجلًا، ولا بد أن يُعيد إليَّ رجلًا آخَر.»
يتميَّز مسرح «دورست» بنزعةٍ نقدية ساخرة، وحِرص شديد على تسليط الضوء على الحقيقةِ الإنسانية العارية البسيطة، والإنسانِ العادي الصغير الذي كان المحرِّكَ الفاعل للتاريخ، والضحيةَ الأولى والأخيرة له وللطُّغاة والمستبدِّين، فجاء مسرحه دراما إنسانيةً لا تاريخية أو وثائقية، وهو ما يَتجلَّى في هاتَين المسرحيتَين؛ فالأولى «خطبة الإدانة الطويلة أمام مسرح المدينة» يناقش فيها مَطالبَ الإنسان البسيطة — المتمثِّلة في المكان الآمن والنظيف تحت الشمس، والزوج الذي يُقِيم عمادَ الأسرة — من خلال امرأةٍ صينية تقف أمام سور الصين العظيم تنادي على القيصر طالبةً منه زوجًا آخَر عِوَضًا عن زوجها الذي فقدَته في الحرب. أمَّا المسرحية الثانية «فرناندو كراب أرسل إليَّ هذا الخطاب»، فتدور حول فكرةِ تشييءِ الإنسان، من خلال شخصيةِ رجلٍ مستبِد بقوَّته وثروته يُصمِّم على الزواج من امرأةٍ فاتنة، ويعاملها كأنها جزء من أملاكه.