أيتها المرأة المصرية أفيقي
غابت أصوات النساء في مصر من الساحة السياسية، مقاعد المرأة في الجمعية التأسيسية للدستور يحتلها رجال يعتبرون وجه المرأة عورة، أو وجودها غير ضروري، أصوات المقتولين في الثورة غائبة، شربت الأرض دماءَهم، أصوات المفقودين أيضًا مفقودة، لم يعثر عليهم أحد، أصوات المحبوسين المُعذَّبين في السجون العسكرية غير مسموعة أيضًا.
أما الذين قتلوهم وحبسوهم فينالون جوائز الدولة والأوسمة وقلادات النيل، تاريخ العبودية المتناقض يُكرِّر نفسه.
يرتبط إجهاض الحركة النسائية المصرية بإجهاض الثورات الشعبية منذ القرون الماضية، حتى ثورة يناير ٢٠١١م.
استقلال وتحرير نصف الشعب (النساء) لا ينفصل عن استقلال وتحرير الشعب كله، لهذا لعب الاستعمار البريطاني القديم (ثم الاستعمار الأمريكي الحديث) دورًا رئيسيًّا مع الحكومات المستبدَّة المتتالية (الملكية والجمهورية) في إجهاض الثورات الوطنية والنسائية في آنٍ واحد، وهو ما يتم من خلال تقسيم الشعب طائفيًّا، باستخدام ورقة الدين مثلًا.
الدور الذي لعبه الاستعمار الخارجي مع حكومات السادات ومبارك، حتى الحكومة الحالية أصبح واضحًا في إشعال الفتن الطائفية وإجهاض الثورات الشعبية وثورات النساء.
الحكومة والإعلام يتعاونان علنًا وسرًّا مع السُّلطة الأمريكية في تمزيق أواصر الشعب، وإجهاض الثورة، وتشويه صورة الشباب الثائر والشابات الثائرات، فنجد الأمثلة من حولنا كثيرة، ومنها نذكر:
أن تحت اسم الحِفاظ على حقوق الأقباط والنساء والفقراء يتم ضرب حقوق الأقباط والنساء والفقراء.
والدور الذي تلعبه اليوم بوضوح الحكومات العربية والمصرية والسعودية والأمريكية لضرب الثورة الشعبية والنسائية في مصر وتونس والبلاد الأخرى من خلال القوى السلفية الغريبة عن الشعوب، الراقدة في حضن الحكومة الأمريكية والسعودية وغيرهما، والتي تعتبر من يجلس على عرش مصر إلهًا معصومًا، وتتهم الشباب الثائر بالعمالة للغرب وعداوة الإسلام.
هذه مجرد أمثلة عامة عن استخدام الدين في غير محلِّه، إجهاضًا للحركات الشعبية المُطالِبة بالحقوق والحريات.
خرجت المظاهرات الشعبية في تونس، نساءً ورجالًا ضد هذا النوع من الإرهاب السياسي تحت اسم وراية الإسلام، يطالبون بالنَّص في الدستور على المساواة التامَّة بين النساء والرجال.
رجل تونسي سلفي له لحية تتدلَّى حتى رُكبتيه، اتهم امرأة تونسية تطالب بالمساواة بين الجنسين بالكفر بالله، قالت له: «الله أمر بالعدل.» قال: «أمر الله بالعدل بين المواطنين الرجال، وليس بين الرجال والنساء.»
هذا المنطق — غير المنطقي — أصبح سائدًا في الإعلام العربي والأمريكي، تُشجِّعه الحكومات العربية والأمريكية تحت مسمَّى الحريات الدينية.
يمنع القانون التونسي تعدُّد الزوجات ويمنع الطلاق بإرادة الزوج المنفردة منذ عام ١٩٥٦م، هذه أُسس عادلة حمت الأسرة التونسية من بطش الرجال بزوجاتهم وأطفالهم تحت اسم الشرع، بينما تحاول القوى المعادية للثورة التونسية وتحرير المرأة تمرير بعض المواد في الدستور التونسي تسمح بالتفرقة بين الجنسين تحت مسمى «التكامل»، (وهو ما يعني أن المرأة تُكمل الرجل) خديعة كشفتها المرأة التونسية ومعها الثورة، فالتكامُل يعني «النقص»، لكن المساواة تعني أن المرأة مُستقلَّة، إنسانة كاملة بذاتها، كما الرجل إنسان كامل بذاته.
وقد تقدمت الثورة التونسية عن نظريتها المصرية في أمور متعددة، للذِّكر لا الحصر أقول: إن الجمعية التأسيسية للدستور في مصر أبعدت أهم قطاعات الشعب بما فيهم النساء، بينما المفروض أن تمثل الجمعية التأسيسية للدستور جميع قطاعات الشعب بما فيهم النساء، ثم إسناد السلطة التشريعية لها لحين انتخاب مجلس الشعب، هذا حدث في تونس ولم يحدث في مصر.
علينا أن نُدرك أن وعي النساء يعني تحرير المجتمع ونجاح الثورة.