انطقوا الصدق، فالتاريخ لن يرحمكم
أورام سرطانية، تنمو في المخ، تأكل خلايا العقل، ذلك هو النفاق السياسي الديني المُتزايد، ولا علاج لهذا المرض إلا بشجاعة الصِّدق والمواجهة والتحدِّي، وليس بالمراوغة والتحايُل والتلوِّي، ليس بطأطأة الرأس أمام التناقضات والخرافات.
التصدِّي لهذه الرِّدة والثورة ضدها، ثم خلع رأس السُّلطة القديمة بالثورة، ويمكن خلع السُّلطة الجديدة إن راوغت وتخلَّت عن العدل والحرية والكرامة.
أعلن رئيس مصر الجديد أنه مع مبادئ الثورة، وأن مصر دولة مدنية، كررها كثيرًا، لماذا لا تصبح هذه المبادئ هي بنود المادة الثانية في دستور ما بعد الثورة؟
جميع الأحزاب الدينية في مصر تخالف القانون والدستور والدولة المدنية، القانون المصري يمنع تكوينها، لماذا لم تُحَل هذه الأحزاب؟ كيف تستمر وتُسيطر وتُروِّع المواطنين والمواطنات؟
ظاهرة المنتقبات والملتحين يتحرشون بالنساء والرجال، لا يترددون في سفك دم مَن يتصدى لهم.
ظاهرة العودة إلى الرِّق، وحق الرجال في نكاح الجواري وما مَلَكت أيمانهم، وليس فقط أربع زوجات.
محاولة الانقضاض على بنود قانون الأسرة التي تحمي حقوق الأطفال وأمهاتهم البائسات … إلخ … إلخ.
الخلاف يشتعل اليوم حول كلمة: «مبادئ» أو «أحكام» الشريعة الإسلامية، بينما لا يحتوي الدستور على تعريف واحد للمبادئ أو الأحكام أو حتى الشريعة نفسها، فكيف يكون الدستور غامضًا مراوغًا غارقًا في متاهات الخلافات بين ثلاث كلمات: «مبادئ»، «أحكام»، «شريعة»، ولها مئات التفسيرات المختلفة.
يدور الصراع الديني لأغراض سياسية اقتصادية، تدعمه الحكومات المحلية مع القوى الاستعمارية.
لعبت لجنة الحريات الدينية الأمريكية دورًا مستترًا في مصر وأفغانستان وإيران والسودان والصومال، لتمزيق الشعوب إلى فرق طائفية مُتناحرة.
الصراعات بين طوائف لم نعرفها في مصر منذ قرون، تم استيرادها مع الفول المدمس من كاليفورنيا والبيرة الإسرائيلي، والإسلام الخليجي، منذ الانفتاح الاقتصادي، والانغلاق الفكري.
مبادئ الأديان واحدة، العدل والحرية والكرامة والصدق، لماذا ينص الدستور على مبادئ دين واحد فقط؟
الدستور يقوم على مبادئ العدل والحرية والكرامة للجميع دون تفرقة على أساس الدين أو الجنس.
الشرائع الدينية أحكام بشرية تختلف من دولة إلى دولة، الشريعة في السعودية تختلف عنها في أفغانستان وباكستان وتونس والسودان … إلخ.
هل نضع دستورًا غامضًا مُراوغًا يحتمل تفسيرات طائفية مختلفة، تتقاتل حولها الأحزاب وتؤدي إلى الفتن؟
جميع القوانين في مصر مدنية إلا قانون الأحوال الشخصية، لماذا؟ أليست الأسرة هي النواة الأساسية للدولة والمجتمع؟
هل يحكم الإنسان المصري قانون ديني داخل البيت، فإذا ما خرج من باب البيت يحكمه قانون مدني؟
المادة الثانية في الدستور تنطبق فقط على الزوجات، هدفها إخضاع الزوجة للسُّلطة المطلقة للزوج، وحرمانها من حقوقها الدستورية التي يتمتع بها زوجها، هذا التمييز ضد الزوجات يتناقض مع مبادئ العدل والحرية والكرامة.
كيف نقوم بثورة عارمة ضد الاستبداد في الدولة، ثم نوافق على الاستبداد في الأسرة؟
هذا التناقض تتجاهله القوى السياسية المدنية والدينية، يوافقون على بقاء المادة الثانية من الدستور، خوفًا من القوى الإسلامية، ولأنها لا تمس حقوقهم كرجال.
لم يرفض الأقباط المادة الثانية من الدستور، يقولون: «مبادئ الإسلام عادلة، وهي مبادئ المسيحية نفسها.»
حسنًا، لماذا النص على مبادئ الإسلام فقط؟
يطالب الأقباط بإضافة جملة: «على أنه لغير المسلمين الاحتكام لشرائعهم في قضايا الأحوال الشخصية.»
المسألة إذًا الإبقاء على سلطة الزوج؟
لذلك الرجال يقفون على قلب رجل واحد، رغم اختلاف الأديان والأحزاب والطوائف.