الختان والإيمان
يتصيد الإعلام الأمريكي الأخبار التي تشوِّه الإسلام، لكن مِن أين تأتيهم هذه الأخبار؟
أتابع الصحافة العربية والمصرية من بعيد، هي التي تزوِّد الإعلام الخارجي بهذه المواد المسيئة لبلادنا جميعًا وليس المسلمين فقط.
أيناقشون في مصر «ختان الإناث» بعد تجريمه قانونيًّا وطبيًّا منذ سنوات؟
يعلن بعضُهم في الإعلام: «إن المرأة دون ختان ناقصة الإيمان، وإنه واجب إسلامي لمنع الفتنة في البلاد.»
كيف يا أصحاب الشورى والمستشارين؟
يقولون: «لأن المرأة «المختونة» عفيفة الأخلاق، لا تُثار جنسيًّا، لكن المرأة «غير المختونة» تُثار بسرعة لمجرد لمس الرجل لها في الطريق.»
على الشاشة في ميشيجين رأينا شيخًا مصريًّا له لحية طويلة يقول هذا الكلام.
مُنتهى الجهل بحقيقة المرأة.
انفجرت القاعة ضحكًا عليه، فالملايين أو البلايين من نساء العالم، بمن فيهن نساء أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا الشرقية والغربية والسعودية والكويت والعراق وسوريا والأردن والمغرب وتونس وليبيا والجزائر وغيرهن، كلهن غير مختونات، فهل تحدث الفتن وتنهار الأخلاق بسبب عدم ختانهن؟
قالت أستاذة أمريكية في علم الجنس الاجتماعي: «تزيد شهوة المرأة بالختان؛ لأنها تنشُد الخلاص من اللذة أو الشهوة دون جدوى، ثبُت أيضًا أن أغلب المومسات مختونات.»
وظهرت على الشاشة صورة مستشار مصري آخر، يُعلن أن الختان للجنسين مُفيد؛ لأنه يساوي بين الرجال والنساء!
ضحك أستاذ جزائري وقال: «المساواة في القهر عدل.»
ثم رأينا صورة د. مُرسي، يُصافح رئيسات البرازيل والأرجنتين وأستراليا مصافحة سياسية، يقوم بها السياسيون جميعًا رجالًا ونساءً في كل العالم، يتعانقون، يتبادلون القُبلات فوق الجبهة أو الخدين، لا يحدث أن يُثار أحدُهم جنسيًّا لمجرد هذه المُلامسات الآلية العابرة.
ظهر شيخ مصري، من ذوي الفتاوى، وانتقد الرئيس المصري قائلًا: «المُصافحة بين الجنسين مُحرَّمة في الإسلام؛ لأن يد الرجل تُلامس يد المرأة، والحديث النبوي يقول: «لئن يُضرَب أحدُكم في رأسِه بمخيطٍ من حديدٍ خيرٌ له من أن يمسَّ امرأةً لا تحِلُّ له».»
وظهر شيخ آخر قال: «نعم هذا صحيح، لكن «الضرورات تُبيح المحظورات» حسب المبدأ الإسلامي.»
قالت طالبة برازيلية: «أيكون الرجل المسلم مغلوبًا بشهوة الجنس إلى هذا الحد؟»
هذا الحوار في مصر يُسيء للإسلام أكثر من الفيلم الأجنبي، الذي أشعل المظاهرات في البلاد الإسلامية.
قلت لهم: «كان أبي مُسلمًا، تخرَّج في الأزهر ودار العلوم عام ١٩١٩م، وكان على درجة عالية من الأخلاق، يُصافح النساء وكل الأجناس، لم يتزوج إلا أمي، وأخلص لها حتى النهاية، أدخلني الجامعة وجميع أخواتي البنات الخمسة، شجَّعنا على الدراسة إلى جانب الرجال، واكتساب العلم والأدب، لم يفرض علينا الحجاب، لم يتدخل في حياتنا الخاصة أو العامة، لم يكن وحده، بل أغلب الآباء في مصر كانوا كذلك.»
الخميس ٤ أكتوبر ٢٠١٢م مسيرة كبيرة، تُنظِّمها الحركة النسائية المصرية مع العديد من المنظمات الشعبية، نساءً ورجالًا، تتجمَّع هذه القوى من شعب مصر العظيم، الذي قام بثورة يناير ٢٠١١م، وخلع رأس النظام الفاسد، للإعلان بصوت واحد: «حقوق النساء هي حقوق الشعب كله»، «لا حرية ولا عدالة ولا كرامة دون النساء»، «لا ثورة دون النساء»، «لا دستور دون النساء».