الإليَاذة
«تعالَي، هيا نأخذ حظَّنا من المتعة، فنضطجع معًا ونرتوي من لذَّات الحب، فلم يسبق لي أن اجتاحَتني مثل هذه الرغبة … كلا، ولا حتى عندما خطفتك أولًا من «لاكيدايمون» الجميلة، في سُفني ماخرة البحار … وفي جزيرة «كراناي» نعمتُ بمُقاسَمتك فراشَ الحب … والآن، تَتملَّكني نفس الرغبة الجامحة والغرام الجارف.»
أخذ «هوميروس» يتنقَّل بين المدن ليَشدوَ بمَلحمته على مَسامع الإغريق، مردِّدًا أسطورته التي خُلِّد بها، فما عَرفت الإنسانية يومًا أسطورةً صنَعت تاريخًا ﮐ «الإلياذة» و«الأوديسة»؛ تلك الأسطورة التي تُوغِل في القِدم لِما يزيد عن ألف عام، والتي بقيَت أسطورةً حتى تحوَّلت إلى حقيقةٍ تاريخية مُؤكَّدة في أواخر القرن التاسع عشر. غير أن «هوميروس» هو اللغز الذي بَقي ولم تُفكَّ شفرتُه إلى اليوم؛ وما زالت شخصيته محيِّرةً للعلماء والأدباء، فما تيقَّنَّا من وجوده أو عدمه. مضت قرونٌ طويلة ولا أحدَ يَغفل عن أهمية المَلحمة — أَباطِرة وباباوات، شُعراء وأدباء — كلٌّ يقيس عليها ويقتبس منها. تتناول «الإلياذة» أحداثَ الحصارِ العنيف الذي ضُرب حول مدينة طروادة، والحرب التي أهلكت الرجال، وانقسَمَ فيها الآلهة بين مؤيِّد للطرواديين ومؤيِّد لليونانيين، وتقاسموها جنبًا إلى جنب مع البشر. كان يُمكِن تجنُّب تلك الحرب لو أن «هيلين» — أجملَ نساء الأرض قاطبةً — لم تكن ارتَضَت أن تهرب مع «باريس» وتترك «مينيلاوس» ملِك أسبرطة؛ فكان جمالها نِقمةً عليها وعلى طروادة، فهلَك أشجعُ المحاربين وأقوى الرجال في حربٍ اندلعَت بسببها.