كُتبت الأوديسة في تاريخ لاحق
يقول أحد العلماء المحدثين: لا يمكن تصديق وجود فرصةٍ للعثور على
رجلين متساويين تمامًا في الكفاءة وبنفس العبقرية البارزة. وهذا موضوع
يمكن تركه جانبًا؛ إذ لم يبت فيه أحد، أو يجد له حلًّا. ويقرِّر علماء
آخرون أن الفرق في الجو عظيم، حتى لا يمكن أن تكون كلٌّ من الإلياذة
والأوديسة من تأليف رجلٍ واحد.
والتاريخ الحقيقي لهوميروس موضع نزاع، وكما نعرف، كُتبت القصيدتان
باللهجة الأيونية، وكُتب بعضها من قبل باللهجة الأيولية، وهذا يعني
أنهما كُتبتا عندما تغلَّبَت القبيلة الأيونية على الشعب الأيولي.
ويقول هيرودوت: «إن هوميروس وُجد قبله بأربعمائة سنة.» وهذا يعني سنة
٨٥٠ق.م.
إذا لاحظت جميع الفروق بين الإلياذة والأوديسة، بدا أن الأوديسة
كُتبت في وقتٍ لاحقٍ للوقت الذي كُتبت فيه الإلياذة؛ إذ نجد أنه
استُعملت فيها ألفاظٌ معنوية في وقتٍ متأخر، كما أن المعلومات
الجغرافيَّة لم تُعرف إلا بعد الوقت الذي كُتبت فيه الإلياذة. وكانت
ديمقراطية الأوديسة في وقتٍ لاحقٍ لأريستوقراطية الإلياذة. وإذا تعرضت
للسؤال الذي يطلب أن يعرف كم سنة بعد الإلياذة، وجدت من العسير تحديدَ
هذه الفترة. ويقول روز Rose إن
الأوديسة كُتبت في وقتٍ لاحق، ولكن لا يمكنك أن تعثر على عبقريَّتَين
عظيمتَين على قيد الحياة في وقتٍ واحد؛ فالذي كتب القصيدتَين رجلٌ
واحد. ولكن الإلياذة كُتبت في فترةٍ مبكرةٍ من حياته، بينما كُتبت
الأوديسة في فترة شيخوخته. وكل ما نستطيع قوله هو أن الأوديسة كُتبت في
وقتٍ لاحق للوقت الذي كُتبت فيه الإلياذة؛ ولذا أحس الناس منذ ألفَيْ
سنة بأن هاتَيْن القصيدتَيْن من تأليف رجلَيْن مختلفَيْن.