المجهول
لهذا فإن الشياطين بما لهم من خبرة دولية في الصراعات مع العصابات العالَمية، إلا أنهم أقدر من غيرهم على الكشف عن شخصية هذا القاتل المجهول!
ولكن المفاجأة أن قسم المعلومات في «ش. ك. س» … لم يكن عنده معلوماتٌ عن هذا المجهول القادم إلى مصر … وبلا معلوماتٍ فمَن الذي يُمكنه التحرُّك وراء شخص بلا ملامح … ولا صفات … ولا جنسية … ويَقبض عليه؟
لا شيء معروف …
وأَحَسَّ «أحمد» بنوع من التحدِّي … لقد اختارت الأجهزة المُعادية أسلوبًا شديد الدهاء، وعليهم مواجهة هذا الدهاء … باعتبار منظَّمتهم إحدى المنظمات العربية التي تواجه الجريمة والإرهاب وتتصدَّى للمجرمين أينما كانوا.
وكانت الكلمات التي في الملف قليلة … وهي استنتاجات أكثر منها معلومات.
إن هذا النوع من القتلة يعمل عن طريق التليفون … أي يطلب من يشاء للقيام بمهمة … ثم يتفق الطرفان على نوع المهمة … وجميع التفاصيل المتعلقة بها … ثم يطلب المجهول الثمن الذي يحدِّده ويطلب إيداعه في حساب سري في أحد البنوك السويسرية التي تقبل فتح الحسابات السرية … وعندما يتأكَّد المجهول أن المبلغ قد أودع باسمه فعلًا؛ يقوم بتنفيذ المهمَّة … وهو يُغيِّر رقم تليفونه … وأحيانًا يتركه لدى محلٍّ ما … أو فندق ما … أو شخصٍ ما؛ حتى لا يَستطيع أحد متابعته …
وهذا النوع من القتلة يَستعمِل سلاحًا خاصًّا لا يُمكِن تتبُّعه، والمعروف أنَّ لكل سلاح بصمةً مثل بصمة الإنسان … وهذه البصمة تُوجد على الطلقة عند خروجها من ماسورة السلاح القاتل … فإن كل ماسورة تختلف في داخلها عن المواسير الأخرى؛ لهذا فإن القتلة من هذا الطراز يستعملون السلاح مرة واحدة …
هزَّ «أحمد» رأسه وهو يتذكَّر أنهم قابلوا مثل هذا القاتل من قبل، ولكن كانت هناك معلومات … ثم … هل يمكن متابعة رقم التليفون؟! ولكن كيف؟ وأين؟ وهل يمكن متابعة الحساب السري؟ إن هذا أمر مستحيل!
واستلقى «أحمد» على فراشه وهو يتصور تحركات القاتل المجهول … وكانت هذه إحدى التدريبات الهامة التي يتلقَّاها الشياطين، وهي معرفة تحرُّكات العدو بوضع نفسك مكانه … وأخذ «أحمد» يتصور هذا الرجل … كيف يحضر؟
أولًا: سوف ينجح بنسبة ٩٩٪ في الدخول إلى مصر … فمثل هذا القاتل يحمل جواز سفر سليم أو نظيف بلُغة رجال البوليس … وهو ثانيًا شخص ذو مَظهر مُحترم جدًّا … لا يمكن الاشتباه فيه … وهو يتصرف بطريقة لا تثير أي انتباه … وهو عادةً وحيد … ويقوم بزيارة المقاهي، ويتردَّد على الملاهي المحترمة …
وقال «أحمد» في نفسه: إن هذه الصفات التي تبعد عنه الشبهات ربما تكون الطريقة الوحيدة التي يمكن متابعته بها … و…
وقبل أن يسترسل في تأملاته أضاءت اللمبة الحمراء فوق فراشه إضاءات متقطعة وسريعة، فرفع السماعة على الفور، فقد عرف أنه رقم «صفر».
أحمد: نعم يا سيدي … وخطرت لي بعض الأفكار … فليت هناك معلومات!
رقم «صفر»: صحيح … ولعلك تفكر الآن في رجل وحيد محترم يتصرف بطريقة لا تُثير الانتباه.
أحمد: تمامًا يا سيدي!
رقم «صفر»: ما هي المشاكل التي يُمكن أن تواجه مثل هذا القاتل في هذه المهمة؟
أحمد: السلاح يا سيدي.
رقم «صفر»: تمامًا … فكيف يُهرِّبه إلى مصر؟
أحمد: مُمكن أن يحمله كقِطع متفرِّقة وبعد ذلك يمكن تجميعه.
رقم «صفر»: هذا صحيح … ولكن رجال الأمن من الممكن أن يعرفوا شكل هذه القطعة.
أحمد: من الممكن أن يرسل السلاح مع عدد من الأشخاص، كل واحد يحمل قطعة صغيرة في جيبه … ثم تُسلم له القِطع كلها في «القاهرة» فيقوم بتجميعها.
رقم «صفر»: هذا احتمال كبير … وماذا أيضًا؟
أحمد: أن يشترط أن يُسلم له السلاح في القاهرة، وعلى الجهة التي استأجرتْه أن تقوم هي بتهريب السلاح داخل الحقيبة الدبلوماسية مثلًا … والحقيبة الدبلوماسية لا تُفتَّش كما تعرف سيادتك.
رقم «صفر»: هذا صحيح … وقد درسنا هذه الاحتمالات كلها … ولكنك ركزت على شيء واحد.
أحمد: نعم يا سيدي … على مسدس أو بندقية.
رقم «صفر»: لكن هناك طُرق أخرى للقتل … مثل السموم … والخنق.
أحمد: ولكن ذلك يَستدعي قُرب القاتل من القتيل، وهذا طبعًا ما لا تسمح به أجهزة الأمن.
رقم «صفر»: تمامًا … أنت ولد ذكي … والاحتمال الأكبر كما درسناه هو بندقية بعيدة المدى مزودة بجهاز كاتم للصوت، وربما بمنظار أيضًا.
أحمد: لو عرفنا تحركات العالم «فيتز» فربما كان في إمكاننا العثور على القاتل في المكان الذي نعتقد أنه اختاره للوقوف وإطلاق النار.
رقم «صفر»: تمامًا يا بني … إن تحركات العالِم «فيتز» ستكون في انتظاركم في المقر السري بالقاهرة … فخُذ زملاءك وسافروا فورًا.