الفصل السابع

العالم المادي

داخل الجسد، العظم
تحت الجلد، الدم
فوق الجلد، الفرو
عبر الفرو، اليد
من اليد، النار
قبل النار، الخشب
من الخشب، القطران
يحمل القطران، الحجر
يُخدَش بالحجر، الأحمر
تحت الأحمر، الصَّدفة
داخل الصدفة، السر.

أكثر من ٩٩ في المائة من جميع القطع الأثرية من العصر الحجري القديم الأوسط مصنوعة من الحجر. وعلى عكس الأشياء العضوية لا يمكن للحجر أن يتعفن. تعتبر الأشياء المصنوعة من كائنات حية، سواء كانت حيوانية أو نباتية، نادرة للغاية مقارنة بالحجر؛ فرصة بقاء الأسنان والعظام أفضل من الخشب، ولكن ليس دائمًا. ومع ذلك، فإن تلك المواد تشكل الغالبية العظمى من تقنيات مجتمع الصيد وجمع الثمار، مما يجعل من المحتمل أن يكون هناك عالم «خفي» كامل من أدوات النياندرتال نحن غافلون عنه. في بعض الأحيان نرى آثاره؛ تتطابق آثار التآكُل بالاستخدام على أدوات حجرية من العديد من المواقع مع تلك الخاصة بالخشب أو النباتات. ونادرًا جدًّا، نجت أغراض ثمينة عَبْر آلاف السنين، مما يدل على وجود أعداد هائلة ضائعة.

حتى وقت قريب كانت هذه الأدلة ضئيلة، لكن العقود الثلاثة الماضية شهدت طفرةً في الاكتشافات. ويعتبر الخشب والعظم والصدف في الوقت الحاضر محوريًّا لوجهات نظر جديدة عن النياندرتال كحرفيين تقنيين في مواد أخرى غير الحجر. وما تخبرنا به تلك الاكتشافات عن سلوكهم كان في كثير من الحالات كاشفًا.

لنبدأ بالخشب. لم يعِشْ سوى قلة من النياندرتال في مناطق قاحلة مغطاة بالجليد، وعلى الرغم من عدم وفرة الأشجار دائمًا، لا بد أنها كانت جزءًا من الحياة اليومية. سار السكان في الفترات بين الجليدية تحت أغصان الزان الممتدة، وشاهدوا الأشجار الأرزية الخريفية المزهرة بلونها الذهبي، ومن المحتمل جدًّا أن يكون لديهم معرفة بالأشجار تضاهي معرفتهم بالحجر. في عام ١٩١١ عندما عُثِر على رأس رمح في جروف بالقرب من منتجع كلاكتون-أون-سي الساحلي المزدحم في بريطانيا، كان علماء ما قبل التاريخ قد شكوا في أن أسلاف البشر ما قبل الإنسان العاقل صنعوا أشياء خشبية. ولم يدرك العلماء إلا لاحقًا العمر المذهل لرأس الرمح والذي كان من ٤٥٠ إلى ٥٠٠ ألف سنة، وبعد فترة وجيزة ظهر رمح كامل في ليرينجن بألمانيا. إنه ضخم — إذ يبلغ طوله حوالي ٢٫٥ متر (٨ أقدام) — وسميك جدًّا، ومن المحتمل أنه كان يُستخدَم للطعن. الأهم من ذلك، أنه جاء من فترة الإيميان؛ ومن ثَم كان من عمل النياندرتال. وكأنه بطاقة تعريف خاصة بصياد، كان مطروحًا مهشَّمًا إلى قطع تحت هيكل عظمي لفيل ضخم، لكنه لم يكن قد وُثِّق توثيقًا كاملًا حينها. ولم يظهر دليل مثير حقًّا على إجادتهم استخدام الأخشاب إلا عام ١٩٩٥.

شهد أحد الأيام الرطبة في شهر نوفمبر من ذلك العام سفر باحثين من جميع أنحاء أوروبا إلى منجم الفحم البني الهائل في شونينجن بألمانيا. اجتذبتهم ادعاءات مثيرة حول موقع إنسان نياندرتال مثالي به مواقد وكميات كبيرة من الحيوانات المُقصَّبة وأسلحة خشبية. كان قد عُثِر قبل ثلاث سنوات على أدوات حجرية وبقايا حيوانية ونباتية محفوظة حفظًا رائعًا بواسطة رواسب بحيرة عتيقة، مما أدى إلى الحفاظ على كتلة تبلغ مساحتها ٤ ألف متر مربع (٤٨٠٠ ياردة مربعة) من رواسب المنجم. وبينما كانت الآلات الضخمة تكتنف علماء الآثار الذين بدوا ضئالًا أمام الحفرة المحيطة، كان المشهد الذي يشبه ما بعد دمار العالم بعيدًا كل البعد عن العالم القديم الذي كان يجري الكشف عنه. ظهرت من الرواسب الدقيقة داخل الطبقات التي يبلغ عمقها ٤٠ مترًا (١٣٠ قدمًا) أجسامٌ خشبية صغيرة غامضة، بلغ طول أحدها حوالي متر واحد (١٫١ ياردة) بنهايتين منحوتتين ومدببتين. كان ذلك شيئًا فريدًا من نوعه وقتها، لكنه كان في الواقع مبشرًا بما هو قادم.

عندما وصل علماء الآثار المدعوون بعد ذلك بعامين، تحولت الشكوك إلى عَجَب. تبين أن موقع شونينجن يضم أحد أهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين. فمن الطمي الأسود والرمادي الكثيف في الموقع ١٣ II-4 جاء الدليل على أن المزاعم التي بدت غريبة حول أسلحة النياندرتال كانت صحيحة. فإلى جانب العشرات من الخيول المُقَصَّبة، كانت تنتشر أدوات فنائها؛ رماح خشبية أنيقة مدببة بدقة.

يشكل موقع سبير هورايزون، الذي يعود تاريخه إلى ما بين ٣٣٧ و٣٠٠ ألف سنة، امتدادًا قطريًّا غير واضح يغطي حوالي ٥٠ مترًا مربعًا (٦٠ ياردة مربعة) على طول شاطئ بحيرة قديمة. إنه مجرد طبقة واحدة من بين العديد من الطبقات في شونينجن، التي تحتوي وحدها على أكثر من ١٥ ألف قطعة مكتشَفة. معظمها عبارة عن عظام، ولكن هناك قطعًا عديدة من الخشب بما في ذلك ثمانية رماح مجزأة في منطقة صغيرة نسبيًّا. وكان أكثرها اكتمالًا مكسورًا في مكانين فقط وكان قابعًا بين بقايا أحد الخيول الخمسين التي قُصِّبَت هناك.

نسفت الرماح المكتشفة المفاهيم السابقة حول قدرات النياندرتال البدائية في صناعة الأدوات الخشبية؛ فهي بعيدة كل البعد عن أن تكون عِصيًّا مدببة. فهي مصنوعة بدقة من عدة أشجار تنوب رفيعة وشجرة صنوبر اسكتلندي، وتوجد رءوسها كلها في نهاية الجذع: الجزء الأكثر صلابة.١ نُحِتت الأعمدة بطريقة منهجية بعيدًا عن المركز لزيادة القوة، وهي حيلة شوهدت أيضًا بعد حوالي ٢٠٠ ألف سنة في ليرينجن. اعتنى التصميم بتوجيه الوزن نحو الأطراف المدببة للرماح، تمامًا مثل الرماح القصيرة، وربما كان هذا التصميم من أجل طيران فعال ومحكم عند رميها. وقد برز رمح بطول ٢٫٥ متر (٨ أقدام) كونه أطول بكثير، مما يشير إلى نظام متعدد الأسلحة. تُظهِر التجارب أن مدى رماح الرمي الأقصر يصل بسهولة إلى ٣٠ مترًا (٣٣ ياردة)، وأن الرمح الطويل سيتيح القتل الدقيق مع تجنب الاتصال المباشر بالفريسة الهائجة. وبالمثل، فإن رمح ليرينجن طويل، وله قاعدة أكثر سمكًا.

استمر التنقيب عن رواسب شونينجن المذهلة منذ عام ١٩٩٥، حيث أصبح موقع سبير هورايزون الآن واحدًا من أكثر من ٢٠ منطقة تمت دراستها. من الممكن تتبع إنسان نياندرتال عبر المكان على طول شاطئ البحيرة وعبر الزمان، نظرًا إلى أن الآثار موجودة في الطبقات السفلية والعلوية أيضًا. في نهاية المطاف، قد يزداد عدد الرماح، حيث حُدِّدت شظايا مصنوعة أخرى بين الشظايا الممتدة على مساحات كبيرة.

لكن الأسلحة ليست هي الأشياء الخشبية الوحيدة التي يُعرَف الآن أن النياندرتال كانوا يصنعونها. أكدت اكتشافات جديدة في عام ٢٠١٨ في جنوب أوروبا نطاق مهاراتهم. أتت عِصي متعددة ذات نهايات مدببة من موقعين مفتوحين: أران بالتزا في شمال إسبانيا الذي يعود تاريخه إلى حوالي ٩٠ ألف سنة، وبُجيتي فيكي بإيطاليا الذي يبلغ عمره حوالي ٢٠٠ ألف سنة. كانت أقصر بكثير من رماح شونينجن، ويشير طولها، وأنماط تآكلها بالاستخدام، بقوة إلى أنها كانت أدوات حفر، على الرغم من أنها ربما كانت مفيدة أيضًا للوخز والنبش والمساعدة في المشي. وعلى الرغم من أن هذه القطع الأثرية تبدو أقل إثارة من الرماح، فقد صُنعت في الواقع بنفس القدر من الاعتناء.

امتد هذا إلى المواد الخام. كانت إحدى العصاتين المكتشفتين في أران بالتزا من خشب الطقسوس، المعروف جيدًا بأنه خشب متين للغاية ولكنه مرِن. لقد اشتهر باستخدامه في الأقواس الطويلة الإنجليزية المخيفة في العصور الوسطى، وكان أيضًا اختيار صانعي رماح كلاكتون-أون-سي وليرينجن. في الوقت نفسه، في بُجيتي فيكي، كانت جميع شظايا الخشب المشغولة البالغ عددها ٤٠ قطعة — التي تمثل ٦ أدوات على الأقل بناءً على عدد المقابض — من خشب البُوقس: وهو أكثر صلابة وكثافة من خشب الطقسوس، وينمو بفروع طويلة ومستقيمة جدًّا. لا بد أن الأمر استلزم ساعات وساعات لنحت هذا الخشب القاسي، لكن الاختيار كان مقصودًا؛ ففي العديد من المجتمعات التقليدية، يتم اختيار الأصناف الأكثر صلابة المتاحة لعصي الحفر على وجه التحديد لأنها متينة. في المقابل، ربما استُخدمت أخشاب لينة لرماح شونينجن لأنه لم يكن هناك خشب صلب مناسب في الجوار.

تتجاوز الدراية التقنية مجرد اختيار الأنواع. مثلما هو الحال مع الرماح، كشف التصوير المقطعي المحوسب أن أداة أران بالتزا من خشب الطقسوس مصنوعة من خشب داخلي غير متمركز. صُنعت عصي الحفر في كلا الموقعين بعناية بأطراف مدببة ملساء مُصَنفَرة، بينما تُظهر آثار حرق صغيرة أن النار استُخدمت للمساعدة في إزالة اللحاء والخشب الخارجي. هناك أيضًا دليل على إعادة التدوير؛ تبدو عصا أران بالتزا وكأنها مقطوعة من جسم أطول — ربما رمح — في حين قد تكون بعض عصِي بُجيتي فيكي أدوات مُستهلَكة قد جرى التخلص منها.

عُثر على الأخيرة، التي اكتُشفت بمحض الصدفة أثناء تشييد حمام سباحة، مختلطة في الواقع مع كتلة كبيرة من عظام حيوانات، معظمها لأفيال ذات أنياب مستقيمة. بدون علامات تقصيب، يستحيل إثبات وجود صلة أو التأكد من دورها — الملحوظ أنه كان لإحداها طرف حاد ولاثنتين أخريين شقوق غامضة — ولكن يصعب تفسير وجودها بطريقة أخرى.

كانت الأغراض المذكورة حتى الآن تُستخدَم في المناطق الطبيعية، ويرتبط بعضها بوضوح بالصيد. هل كان النياندرتال يمتلكون أنواعًا أخرى من الأدوات الخشبية؟ يوجد في شمال شرق إسبانيا ملجأ صخري ضخم يُعرف باسم أبريك روماني، وهو موقع قدَّم بعضًا من أهم البيانات حول النياندرتال في العقود الثلاثة الماضية. عندما بدأت الأحافير في عام ١٩٠٩، لم يكن هناك سوى القليل من المؤشرات على وجود أرشيف مذهل مخفي تحت نتوء الحجر الجيري الذي كان جذابًا لكنه كان عاديًّا. في الواقع، كانت نفس مياه كربونات الكالسيوم التي شكَّلَت النتوء هي التي تجعل هذا المكان مميزًا: فقد ترسبت طبقات من الحجر الجيري المتدفق بشكل متكرر عبر أرضية الملجأ الصخري. وغطت كلٌّ منها بقايا مستوطنات النياندرتال، وحفظتها بتفاصيل مذهلة.

لو حدث هذا مرة واحدة لكان الأمر مدهشًا جدًّا، لكن هذا حدث ٢٧ مرة على الأقل عبر ١٢ طبقة، على مدار ٤٠ ألف سنة.٢ حُفظت مئات المواقد، وعشرات الآلاف من الأدوات الحجرية والعظام جنبًا إلى جنب مع أشياء قابلة للتلف مثل أوراق شجر وأقماع صنوبر وخشب مُكَربَن.٣ تعفنت أغراض خشبية أخرى لكنها تركت خلفها طبعات مصبوبة في الحجر الكلسي؛ نظائر من العصر الحجري القديم الأوسط لأجسام بومبي.

يمتلك موقع أبريك روماني سجلًّا منقطع النظير للأشياء التي تركها النياندرتال في كل مرة ينتقلون فيها، بما في ذلك مائة أو نحو ذلك من الأغراض الخشبية عبر طبقات متعددة. معظمها وقود للمواقد، وبعضها قطع أثرية مُصنَّعة. يشبه غرض واحد على الأقل عصا أران بالتزا، لكن الأغراض الأخرى مختلفة تمامًا. يبدو غرضان مكربنان منحنيان برفق من طبقة عمرها بين ٤٥ و٥٠ ألف سنة مشابهين جدًّا لصحنين خشبيين، قطرهما وسط بين قطر طبق العشاء والطبق الجانبي. وكان غرض آخر مسطحًا، ولكنه يحتوي على نتوء طويل في أحد طرفيه، ربما ليكون بمنزلة مقبض.

حدث الكشف الأثري الأروع في عام ٢٠١١ من مستوًى يرجع تاريخه إلى حوالي ٥٦ ألف سنة. وعلى الرغم من أنه لم تُنشَر تفاصيله بعد، فقد أظهرت البيانات الصحفية أداة كبيرة على شكل ساطور مزودة بشفرة ومقبض مسطحين؛ تمامًا كما قد تجده في مطبخ طاهٍ ماهر. من المفترض أنه كان يُستخدَم في تقطيع أشياء لَيِّنة، ويُظهِر بطريقة مذهلة دور الأدوات الخشبية في الحياة المنزلية اليومية للنياندرتال.

الأدوات المركبة

كان النياندرتال بلا جدال نجارين، لكنهم أيضًا كانوا روادًا في ابتكار أدوات مركبة. يمنحنا الجمع بين أجزاء متعددة في أداة واحدة تحكمًا أكبر، وامتصاصًا أفضل للصدمات، ويوفر الوقت والطاقة من خلال إمكانية إجراء إصلاحات جزئية. تتكون الأدوات المركبة عادةً من جزء حجري «نشِط» يكون هو الطرف العامل، ومقبض خشبي أو عمود. ربما استخدم بعض النياندرتال مقابض بسيطة مثبتة بإسفين، ولكن في حالات أخرى، يشير التآكُل الناتج عن الاستخدام إلى وجود روابط أخرى، مثل الأوتار والأربطة، أو حتى ألياف نباتية. والأكثر إثارة للدهشة أن بعض المواد اللاصقة القديمة قد نجت حتى الآن. تبين أن بقايا سوداء مثيرة للشك على قطع أثرية من العصر الحجري القديم الأوسط في مواقع سورية هي عبارة عن بيتومين عمره ٥٠ ألف سنة، وهو مادة أسفلتية طبيعية جاهزة للالتصاق. كما اكتشف النياندرتال في أماكن أخرى فائدته، كما يتضح من بقايا عُثر عليها في عام ٢٠١٢ في كهف جورا كاي-راشنوف، برومانيا. هذا الكشف يجعل التحديد الكيميائي للبيتومين/الصخر الزيتي في الترسبات الجيرية على الأسنان في موقع إل سيدرون أمرًا مثيرًا للاهتمام للغاية؛٤ علاوةً على ذلك، نظرًا إلى أن الشخص نفسه كان يُعاني من تكسر شديد في الأسنان، فمن المحتمل أنه استخدم فمه لصنع أو إصلاح أدوات ذات مقابض.

هناك أدلة أكثر تعقيدًا على تقنيات النياندرتال في تركيب الأدوات. في سبعينيات القرن الماضي، عثر علماء الآثار الذين كانوا يحفرون في منجم فحم بني آخر في ألمانيا في كونيساو من موقع استيطان على ضفاف بحيرة على كتلتين صغيرتين سوداوين، يعود تاريخهما إلى حوالي ٨٥ إلى ٧٤ ألف سنة. ومن المؤكد أن إحداهما كانت جزءًا من أداة مركبة؛ حيث حملت ثلاثة أسطح آثارًا لأداة حجرية وسطح خشبي ودوارات مميزة لبصمة جزئية لإصبع أحد النياندرتال. ولم يتم تحديد علامات بيولوجية فريدة من أشجار البتولا باستخدام التحليل الكيميائي، وتحديدًا القطران المستخرج من طهي لحاء البتولا في ظروف منخفضة الأكسجين، إلا في عام ٢٠٠١.

اليوم، نعرف مثالين آخرين على الأقل لقطران البتولا الذي صنعه النياندرتال، ينتميان لزمانين ومكانين مختلفين. أحدهما استُخرِج من بحر الشمال قبل أن يُلتقَط على شاطئ هولندي اصطناعي. كانت كتلة كبيرة من قطران البتولا تغطي نصف رقاقة صوانية، وتم تحديد عمرها مباشرةً بحوالي ٥٠ ألف سنة، ومن المدهش للغاية أنها تأتي من نفس منطقة الغواصة التي أنتجت المنطقة البحرية التي أنتجت قطعة جمجمة زيلاند ريدجز. وقبل أكثر من عقد من الزمان، عُثِر على قطعة متطابقة تقريبًا، مع أداة حجرية أخرى ملطخة، في حصى النهر في كامبيتيلو بإيطاليا. إنهما أقدَم بكثير، حيث تعود هذه التقنية إلى أوائل العصر الحجري القديم الأوسط، من حوالي ٣٠٠ إلى ٢٠٠ ألف سنة.

هناك كتل غير محددة حتى الآن ومواد مقابض محتملة في عدد من المواقع، ولكن الحالة الأكثر إثارة للدهشة — والمفاجأة — نُشرت في عام ٢٠١٩. تحتوي رقائق صغيرة جدًّا من كهف فوسيلوني وكهف سانت أجوستينو في لاتيوم، بإيطاليا، على بقايا من راتنج الصنوبر أو الصنوبريات. الرقائق من كلا الكهفين تقريبًا من نفس العمر، حوالي ٥٥ إلى ٤٥ ألف سنة، ولكن من الناحية التقنية، فإن إحداهما أكثر تعقيدًا؛ لأنها مخلوطة بشمع العسل. راتنج الصنوبر أقل مقاومة للصدمات من قطران البتولا، لكن التجارب تُظهِر أن إضافة الشمع تجعله جيدًا تقريبًا.

تسهل ملاحظة راتنج الصنوبر التي هي عبارة عن مادة لزجة تقطر من لحاء الأشجار وتُضفي رائحة مميزة على هواء الغابات في المناطق الدافئة؛ فمجرد الاستناد إلى جذع شجرة للحفاظ على التوازن يمكن أن يجعلك مغطًّى بهذه المادة. ولكن ماذا عن شمع العسل؟ كما سيناقش الفصل الثامن، ربما كان لدى النياندرتال شهية للعسل أدت إلى اهتمامهم بالشمع كمادة. إن إدراجه في وصفة لاصقة لصنع الأدوات المركبة دليل على اهتمامهم بجودة المواد، وقدرتهم على التجربة والابتكار.

لكن إلى أي مدى كان استخدام الأدوات المركبة شائعًا في حياة النياندرتال؟ توجد آثار تلميع ناتجة عن تركيب الأدوات على العديد من القطع الأثرية التي ليست رءوس أسلحة، بدءًا من الأدوات المهذبة إلى الرقائق العادية. ومن المثير للإعجاب أن ما يقرب من نصف القطع الأثرية التي أُخِذت عينات منها في موقع بياش-سان-فاست المفتوح في شمال فرنسا كان يحتوي على آثار مجهرية لتلميع ناتج عن تركيب الأدوات، بينما يظهر العمل على مواقع البيتومين السورية في بعض الحالات أن حوالي الثلث بها يحتوي على بقايا. من المحتمل أن العديد من أنظمة الرقائق والشفرات الصغيرة كانت أدوات متصلة بمقبض، ثم هناك أيضًا راتنج الصنوبريات — ربما المسخن — من بقايا جير أسنان شخص واحد على الأقل في إل سيدرون. وقد يكون الأمر، على الأقل في حالة بعض النياندرتال، أن الأدوات المركبة كانت أكثر شيوعًا بكثير مما توحي به لنا ندرة بقاياها الأثرية.

لفترة طويلة ظلت ندرة بقايا النباتات المحفوظة تشكل عائقًا أمام فهمنا لاستخدام النياندرتال لها، ولكن لم يُقدر دور المواد العضوية الأخرى الأكثر صلابة إلا مؤخرًا. وهذا يشمل الصَّدَف، الذي تشبه خصائصه البيولوجية المعدنية في بعض النواحي خصائص الحجر. توجد قطع أثرية نادرة جدًّا من الصَّدَف من العصر الحجري القديم الأدنى، ولكن ابتداءً من ١٢٠ ألف سنة مضت، طور النياندرتال تقنيات حقيقية تعتمد على الصدف. حتى الآن، أنتج ١٣ موقعًا — كلها في اليونان وإيطاليا — عدة مئات من أدوات الصَّدَف المصنعة. في كهف كافالو، بجنوب إيطاليا، بالإضافة إلى بعض القطع المجزَّأة عبر طبقات مختلفة تغطي حوالي ١٠ آلاف عام، الطبقة الأكثر ثراءً هي طبقة الإيميان التي تحوي ١٢٠ قطعة مهذبة من الصَّدَف. وفي نفس المنطقة والفترة، صنع النياندرتال في كهف موسيريني أيضًا أدوات من الصدف. وإلى جانب الشظايا غير المهذبة، جاءت ١٧٠ أداة مؤكدة من منطقة تنقيب صغيرة جدًّا.٥
مجددًا، تُظهر أدوات الصَّدَف كيف كان النياندرتال يختارون موادهم بعناية. كانت المحار الناعم Callista chione مفضَّلًا بشكل خاص لكونه بحجم مناسب لراحة اليد، وبأسطح لامعة مميزة. ومع ذلك، لم تُستخدَم أنواعٌ مشابهة، بينما من المحتمل أن يكون النياندرتال قد أكلوا بلح البحر في موسيريني ولكن لم يُشَذَّب مطلقًا. وعلى الرغم من أن المحار الناعم صالح للأكل، فلا يوجد على الإطلاق دليل على أنه كان من مخلفات الطعام. في بعض المواقع جُمِع من الشواطئ، ولكن في موسيريني يبدو ما يقرب ربعه وكأنه قد جُمِع طازجًا من الرمال.

لماذا استخدموا الأصداف؟ إنها توفر قوالب مريحة طبيعيًّا، ولكن لكونها غير حادة، فإنها تتطلب تهذيبًا لإنشاء حافة. وعلى الرغم من أن أدوات الصدف تتلف أسرع من الحجر، فهي قابلة للتجديد الذاتي؛ يمكن للنياندرتال تجديد الحواف ببساطة باستخدام الأداة لفترة وجيزة على مادة صلبة. كما أن بعض الأنواع قوية بشكل مدهش، ويؤكد التآكُل الناتج عن الاستخدام أنها كانت تُستخدَم في تقطيع اللحوم والجلود بالإضافة إلى كشط الأخشاب.

يأتي معظمها من تجمعات أدوات شبيهة بتجمعات تقنية الكينا، ويبدو أن النياندرتال لاحظوا التشابه بين تلك الرقائق والحافة الطويلة المنحنية والظهر الأقصر للأصداف. لقد كانوا بالتأكيد قادرين على تطبيق نفس المعرفة التقنية؛ القوة الشديدة غير العادية اللازمة لتهذيب الأدوات بتقنية كينا ضرورية أيضًا في تشذيب الأصداف؛ حتى حركات الجسد متشابهة. ما تشترك فيه جميع مواقع الأصداف هو ندرة الصخور المحلية العالية الجودة، وهو ما اضطر النياندرتال إلى استخدام مواد أقل جودة، بما في ذلك حصى الشاطئ الصغيرة جدًّا. كان ثمة ترشيد واضح، حيث كان يجري تفتيت الأصداف للحصول على قطع صغيرة قابلة للاستخدام على الفور، ويمكن أيضًا إعادة شحذ كلٍّ منها. ومع ذلك، في حالات أخرى، جُلِبَت الصدفة من مصدر على مسافة تصل إلى ١٥ كيلومترًا (١٠ أميال)، الأمر الذي يبدأ في أن يبدو مسألة تفضيل.

يبقى هناك لغز واحد: لماذا لم يُعثَر على مواقع لتشذيب الأصداف خارج المنطقة الوسطى للبحر الأبيض المتوسط؟ المحار الناعم متوفر بكثرة اليوم في أقصى الغرب وعلى طول ساحل المحيط الأطلسي، ولكن ربما كان ذلك بدرجة أقل في الفترات الجليدية. ومع ذلك، فإن غياب الأدوات المصنوعة من الأصداف في شبه الجزيرة الإيبيرية أمر غريب، نظرًا إلى أن النياندرتال كانوا بالتأكيد يبحثون عن الطعام على شواطئ البحر، كما سنرى في الفصل التالي. ربما توجد بعض مجموعات الأصداف في تلك المواقع الغارقة حاليًّا، حيث قد ينزلق سكان كهوف البحر الداكن فوق بقايا أقاربهم المشذبة القديمة.

من الحجر إلى العظم

امتلك النياندرتال بالطبع إمكانية الوصول إلى مورد عضوي ثالث أكثر وفرة بكثير لصنع الأدوات. فقد ربطت أجساد الحيوانات بين ركيزتين أساسيتين في حياتهم: التقنية والعيش، في عمليات الصيد وبعد ذلك أيضًا كمواد خام. لعقود من الزمان، كان الاعتقاد السائد هو أن الأدوات المصنوعة من قرن الوعل أو العاج أو العظام كانت شبه غائبة عن العصر الحجري القديم الأوسط، بحيث أصبحت علامات على ظهور سلوك الإنسان العاقل «الحديث». وبفضل التقدم في التحليل جنبًا إلى جنب مع التوقعات المتغيرة، اكتشف علماء ما قبل التاريخ اليوم صورةً مختلفةً تمامًا. ظهر النياندرتال من عالم العصر الحجري القديم الأدنى حيث كانت بقايا الحيوانات متداخلة بالفعل في إنتاج الأدوات الحجرية، لكنهم عززوا هذه التقاليد الأقدم وبدلوها.

لقد فهم أسلافهم جيدًا فائدة المطارق المصنوعة من العظام أو قرون الوعل لتقنيات التشظيف السطحي اللازمة لصنع الأدوات الحجرية ذات الوجهين. لكن مطلع العصر الحجري القديم الأوسط شهد تحولًا حيث بدأ استبدال شظايا أصغر بالعظام الكاملة أو الكتل الكبيرة، خاصة من أعمدة عظام الأطراف. إنها تُستخدم في الغالب للتشكيل النهائي للأدوات وتعديلها وإعادة شحذها، وهي في بعض المواقع تكون كثيرة للغاية، ولكن غائبة في مواقع أخرى. أتاح البحث المتزايد في هذه الأغراض — التي يُطلق عليها عمومًا اسم «أدوات التهذيب»، على الرغم من أن هذه التسمية قد تعني أيضًا إعادة الشحذ — تفاصيل رائعة حول مهارة النياندرتال التقنية وتقاليدهم.

يأتي دليل بارز على استخدام أدوات العظام من موقع سبير هورايزون في شونينجن. فمن مساحة ٥٠ مترًا مربعًا فقط (٦٠ ياردة مربعة) كان هناك ١٥ مطرقة عظمية ضخمة، بعضها يحمل أضرارًا تُظهر أنها استُخدمت أيضًا لسحق عظام أخرى لاستخراج نخاعها (العديد منها كان هو نفسه يُستخدَم سابقًا لإعادة شحذ الأدوات الحجرية). يتطلَّب الطَّرق والتهذيب مستويات محددة من القوة ومعرفة بكيفية تقدير الثقل وأين ينبغي التصويب؛ لذلك على الرغم من أنه كان من الواضح النياندرتال الأوائل في شونينجن كانوا يستخدمون عظامًا كبيرة لأداء مهام مختلفة، فلم يكونوا يفضلون حتى وقتئذٍ الشظايا لأنشطة معينة.

ومع ذلك، هناك عملية انتقاء واضحة فيما يتعلق ﺑ «أنواع» العظام. في شونينجن، كانت جِيَف الخيول متوفرة بكثرة، وكانت عظام أطرافها السفلية — المعروفة باسم عظام الميتابوديال — مفضلة بالتأكيد للأدوات، وخاصة الأغراض المتعددة الاستخدامات. عظام الميتابوديال ليست غنية باللحوم، لكن أعمدتها السميكة والقوية والمسطحة مثالية لنقل الطاقة الناتجة عن الضربات الطَّرْقية.

خلال فترة ١٠٠ ألف عام في عالم النياندرتال المبكر، تطورت تقنية استخدام العظام لتصبح أكثر دقة. لا تزال عظام الميتابوديال هي المفضلة، ولكن بدلًا من العظام الكاملة، على الدوام تقريبًا تُستخدَم شظاياها. يُعد البحث في موقع «لي براديل» في فرنسا، وهو عبارة عن حفرة انهيار ناتجة عن انهيار كهف، مثالًا على مدى المنهجية التي كان النياندرتال قد وصلوا إليها. حيث كشفت حتى الآن إعادة فحص حديثة لطبقات كينا الغنية بشكل هائل، والتي يعود تاريخها إلى ما بين ٨٠ و٥٠ ألف سنة مضت، عن حوالي ٧٠٠ أداة تهذيب. يأتي ثلثاها من تجمع أدوات واحد فقط، حيث عددها ضعف عدد الأدوات الحجرية.

بصفتهم صيادين، كان النياندرتال على دراية عميقة بالخصائص الفيزيائية للعظام، والتباين بين أنواعها. في لي براديل، كانت معظم الحيوانات المُقصَّبة من غزلان الرنة، ومع ذلك فضل النياندرتال هنا الحيوانات الأكبر لأدوات التهذيب الخاصة بهم؛ فأدوات عظام الخيول والبيسون أكثر وفرة بمقدار ضعفين مما هو متوقع. ويُلاحَظ تفضيلٌ مماثل للأنواع الأكبر حجمًا في العديد من المواقع الأخرى، فعلى سبيل المثال حيث كان يجري اصطياد الغزلان الأوروبية في الغالب، كانت تُختار عظام الموظ أو الأوروخس الأقل شيوعًا.

تجاوز اختيار عظام الأدوات الحجرية حدود النوع وشمل أيضًا جزء الجسم. وعلى غرار الصوان في الأدوات الحجرية، يبدو أن عظام الأطراف الخلفية كانت المفضلة لدى النياندرتال، ولكنهم كانوا يتسمون بالمرونة عند الضرورة. على سبيل المثال، نجد في موقع لي براديل استثناءات ﻟ «قاعدة» عظام الميتابوديال باعتبارها أدوات تهذيب، حيث استُخدمت في بعض الأحيان الفكوك، وألواح الكتف، وعظام الورك، والضلوع وحتى أصابع القدم. وفي سياقات أخرى، اختيرت الأطراف بدلًا من أعمدة عظام الأطراف الكبيرة، والتي تعود إلى أوائل العصر الحجري القديم الأوسط. ولكن في أماكن أخرى، استُخدمت أجزاء مختلفة تمامًا من الجسم؛ اللب العظمي للقرن، وأسنان الخيول وحتى في كهف كولنا الشاسع، في جمهورية التشيك، استُخدِم عاج الماموث. ولم يستنكفوا أيضًا من استخدام بقايا الحيوانات آكلة اللحوم؛ فمن بين بقايا سنور سيفي الأسنان المتفرقة في شونينجن، استُخدم طرف أمامي علوي في موقع سبير هورايزون باعتباره مطرقة وأداة تهذيب.٦

لم تقتصر هذه الانتقائية على نوع العظام، بل شملت أيضًا حجم القطع نفسها. فمن أجل تنفيذ «ضربة المعصم» المناسبة لعملية التهذيب، كان النياندرتال يحتاجون إلى طول مناسب؛ لذلك اختاروا باستمرار قطعًا يزيد طولها على ٥سم (بوصتين). يبلغ متوسط طول أدوات التهذيب في لي براديل تقريبًا ضعف متوسط طول شظايا العظام غير المستخدمة. وكان النياندرتال يعرفون بالضبط ما يريدون، ولم يرضوا بأي شظية عادية وفي بعض المواقع على الأقل، كانوا يستخرجون الأجزاء الجيدة «أثناء» عملية التقصيب بدلًا من غربلة أكوام نفايات عشوائية، وهو أمر منطقي لأن العظام الطازجة تكون أقوى وأكثر مرونة. وتُظهر أعمال الترميم الجديدة هذا على نطاق صغير جدًّا. ففي سكلادينا، ببلجيكا، أثناء تحطيم عظمة الدب المُقصَّبة من أجل النخاع، اختار إنسان نياندرتال بعناية أطول أربع شظايا فقط لاستخدامها باعتبارها أدوات تهذيب.

وعلى الرغم من كونهم مُقيِّمين ممتازين للجودة، اتخذ النياندرتال خياراتٍ غير متوقعة أحيانًا فيما يتعلَّق بأدوات التهذيب. على غرار العديد من المواقع، يمثل موقع سبير هورايزون في شونينجن مجموعةً متراكبة من فترات استيطان؛ لذا فإن حقيقة أن حوالي ٧٥ في المائة من جميع أدوات العظام تأتي من الجانب «الأيسر» للخيول أمرٌ جدير بالملاحظة. قد يكون ذلك مرتبطًا بطريقة تعامل اليد اليمنى والمفصل مع عظام الجانب الأيسر بشكل أفضل، لكن المهم هو أن هذا كان اختيارًا مقصودًا.

ثمَّة حتى ما يُعطينا تلميحًا إلى أن النياندرتال كانت لديهم مهام معينة في الاعتبار لبعض أدوات التهذيب. يكشف التحليل التفصيلي المذهل لموقع وشكل وطبيعة الضرر أن الأدوات الأكبر والأكثر سُمكًا تُستخدم بكثرة. ومع تحول سطح العظم من مسطح إلى مقعر بسبب الضربات، انتقل صانعو الأدوات إلى مناطق مختلفة، وأحيانًا حتى خمس مرات. غالبًا ما كان يُكشَط سطح أدوات التهذيب قبل الاستخدام وأثناءه، وفي موقع لو روزيل، بشمال فرنسا، يكون الكشط أكثر شيوعًا على أدوات التهذيب المستخدمة عدة مرات، مما يشير إلى أن النياندرتال كانوا يعتنون أكثر بإعداد الأدوات التي يتوقعون استخدامها لفترة أطول.

يتبقى لغز واحد. بينما استُخدمت أدوات التهذيب الفردية بشكل مكثف في بعض المجمعات التقنية، وخاصةً كينا، لا يوجد تفسير واضح لسبب وجود أعداد ضخمة في بعض المواقع بينما يكاد يفتقر إليها البعض الآخر. ولا يبدو أن جودة أو توفر الأحجار المحلية مرتبطان بذلك، وكذلك لا يرتبط الأمر بعدد الأدوات الحجرية المهذبة، أو عمر الموقع، أو وظيفته، أو الحيوانات التي يتم اصطيادها. قد تكون الإجابة أن أدوات التهذيب هذه كانت مرتبطة بسياقات وديناميكيات صعب الكشف عنها من الناحية الأثرية، مثل مكان الموقع ضمن دورة استيطان أوسع، أو التركيب الاجتماعي لأعضاء المجموعة.

تُعد أدوات التهذيب أكثر أنواع الأدوات العضوية شيوعًا التي عُثر عليها، لكن النياندرتال استخدموا العظام أيضًا بطرق أخرى. تشير أضرار التكسير المستمرة على نهايات بعض أعمدة العظام الطويلة إلى أنها ربما استُخدمت للتشذيب غير المباشر لأدوات حجرية، حيث تعمل قطعة من العظم باعتبارها «وسيطًا» بين النواة وحجر الطَّرق، مما يركز شدة الطَّرق. ومن الواضح أن العظام الأخرى ذات الأسطح الملساء أو المصقولة قد استُخدمت لفرك المواد بطرق مختلفة. وأحيانًا يكون هذا ملحوظًا على أدوات التهذيب، ولكن غالبًا يكون على شظايا أعمدة العظام العادية. في شونينجن، كان النياندرتال يستخدمون بشكل مكثف رءوس أدوات عظمية حادة على مواد متوسطة الصلابة، ربما حتى باعتبارها «سكاكين» لقطع ألياف عضلية صعبة. وتبين كذلك أن قطعًا أخرى هناك، بما في ذلك قطعة من العاج، كانت قد تآكلت ببطء لتصبح ناعمة ومستوية من الاحتكاك بمادة أكثر ليونة، على الأرجح جلود حيوانات.

مكَّن التحليل التفصيلي لتجمعات أدوات أكبر في أماكن أخرى من تصنيف أدوات العظام المختلفة وفقًا لنوع الضرر واتجاه حركة استخدامها. ففي موقع كومب جرينال، يحتوي بعض أدوات العظام على خدوش تتوازى مع المحور الطويل ونهايات عريضة مصقولة، بينما تظهر على شظايا أقصر ذات نهايات مدببة أنماط تآكُل جانبية مختلفة تمامًا. لا يُعرَف بالضبط الغرض الفعلي من استخدام أيٍّ من هذه الأدوات، ولكن من الواضح أن النياندرتال كانوا يختارون أدوات العظام وفقًا للمهمة التي ستُستخدم من أجلها.

تمامًا مثل الأصداف، كان العظم أحيانًا يُشذَّب ويُشكَّل. يعود هذا النهج إلى العصر الحجري القديم الأدنى، ولكن قد لا نلحظ مدى تكرار قيام النياندرتال بذلك لأن العظام تتضرر عادةً بفعل حيوانات مفترسة أو عمليات طبيعية أخرى. ومع ذلك، فإن أنياب الماموث المشذَّبة غالبًا ما تلفت الأنظار. فقد كشفت عمليات التنقيب التي أجريت في القرن التاسع عشر في «بارم جراند» — وهو واحد من العديد من كهوف الساحل الغنية على الحدود الإيطالية-الفرنسية — عن بقايا متصلة لماموث شاب مُقصَّب، ويبدو أن نابَيه قد قُسِّما وشُظِّفا. وفي أكسلور، بشمال إسبانيا، يبدو أن شظايا العظام قد هُذبت لتصبح أطراف كاشطة و«إزميلية»، وأن آثار التآكل الناتج عن الاستخدام تشير إلى أنها كانت تُستخدم في معالجة الجلود. وفي سياقات أخرى، قام النياندرتال حتى بتشذيب أدوات تهذيب عظمية وأدوات أخرى لتغيير شكلها الخارجي، وهو دليل قوي على رغبتهم في الحصول على «أشكال» محددة بالإضافة إلى الخصائص المطلوبة.

هل صنع النياندرتال أيضًا أسلحة من العظام؟ ربما. تأتي بعض أفضل الأمثلة من موقع زالتسجيتر-ليبنستيد بألمانيا، وهو موقع مفتوح غنيٌّ بمخلفات الرنة يعود تاريخه إلى ما بين ٥٥ و٤٥ ألف سنة على الأقل. يوجد هنا أكثر من ٢٠ قطعة أثرية مصنوعة من العظام، منها أضلاع ماموث مسطحة إلى أشكال مدببة يبلغ طولها حوالي ٠٫٥ متر (١٫٥ قدم).٧ أهم القطع — وأكثرها تفردًا — هي رأس مدبب على شكل إسفين، مصنوع من قرن حيوان رنة. يذكِّرنا طرفها المخروطي وقاعدتها المشطوفة بطرف سلاح ذي مقبض. ويبلغ طولها ٦سم (٢٫٣ بوصة) فقط، ويمكن أن تعمل باعتبارها رأس رمح خفيف، أو ربما رأس سهم أو سهم ذي ريش. يُفترض بشبه إجماع أن هذه التقنيات الأخيرة اخترعها الإنسان العاقل المبكر، لكن هناك تلميحات بأدوات حجرية على وجودها في موقع نياندرتال آخر (سنستكشف هذا في الفصل الخامس عشر). بخلاف ذلك، يظل موقع زالتسجيتر المكان المحتمل الوحيد للأسلحة المصنوعة من العظام من العصر الحجري القديم الأوسط.

من الأدوات إلى العقول

ازداد بشكل كبير نطاق الأدوات العضوية والحجرية التي نعرف الآن أن النياندرتال استخدموها، ولكن ماذا يخبرنا ذلك عنهم؟ إنهم يتفوقون بمراحل على أكثر صانعي الأدوات تعقيدًا من الرئيسيات والطيور والحيوانات الأخرى، وحتى خبراتهم تتفوَّق على خبرات أسلاف البشر الأقدم منهم. ففي حين اعتُبرت تقنية ليفالوا طويلًا قمة التطور لدى النياندرتال، فإن هناك مستويات مماثلة من التعقيد موجودة في مجمعاتهم التقنية الحجرية الأخرى، حتى لو كانت وظائفها تختلف إلى حد ما. فجميعها تتطلب تحكمًا ممتازًا في آليات التشذيب والقدرة على متابعة مشروع متعدد المراحل يتطلب تخطيطًا سابقًا.

خلال العقود الثلاثة الماضية، شهدنا اتجاهًا واضحًا نحو انحسار الحدود التقنية بين النياندرتال والإنسان العاقل المبكر؛ فالأشياء التي يُفترض أنها «حديثة» مثل الأدوات المصنوعة من العظام، لم تكن غائبة تمامًا حتى وإن لم تكن وفيرة دائمًا. إن تقنيات الأدوات الحجرية الوحيدة التي ظهرت في العصر الحجري الأوسط الأفريقي المعاصر لهم ولم تظهر في العصر الحجري القديم الأوسط للنياندرتال هي التسخين المُتحكم فيه لتحسين خصائص الأحجار، وتقنية «التقطيع بالضغط» لعمل رءوس أسلحة مسننة.٨ في الواقع، لم تكن هذه التقنيات منتشرة على نطاق واسع، كما أنها لا تختلف جذريًّا من الناحية الإدراكية عن الأمور الأخرى التي كان النياندرتال يفعلونها.

ونظرًا إلى الحرفية الواضحة في رماح شونينجن وغيرها من الأدوات الخشبية، يجب أن نفكر الآن في النياندرتال على أنهم بارعون في النجارة. في الواقع، تعني هذه الأغراض استثمارًا أكبر للوقت والطاقة من أي أداة حجرية ذات وجهين أو حتى نواة بتقنية ليفالوا. وعلى الرغم من أن أدوات العظام عادةً ما تُعالَج بقدر أقل، فهي تُظهِر أن اهتمام النياندرتال بالاختيار والجودة امتد إلى جميع المواد الخام. وكانوا من أوائل من أدركوا على نحو تام أن أجسام الحيوانات تقدم أكثر من مجرد طعام. وأصبحت الجِيَف تُعامل بشكل متزايد على أنها «محاجر عظمية»، واعتمد استخدام أدوات التهذيب على المعرفة بتشريح الحيوان وكذلك عمَّقها. ولم تُمَكِّنهم أدوات التهذيب من إنتاج أدوات حجرية أكثر تخصصًا فحسب، بل أيضًا عززت بقدر هائل عملية إعادة الشحذ ومن ثَم مدة صلاحية الأدوات.

إن إنتاج مواد ربط المقابض يرفع الأمور إلى مستوًى آخر. يمكن أن تتشكَّل قطرات قطران البتولا بالمصادفة من لحاء الأشجار في نيران المخيمات، ولكن للحصول على كميات قابلة للاستخدام، يحتاج النياندرتال إلى الحفاظ على التحكُّم الدقيق في درجة حرارة النار لفترات طويلة. علاوةً على ذلك، يدعم النقاء الكيميائي لقطران بحر الشمال فكرة أن النياندرتال، قبل ٥٠ ألف سنة، كانوا قد صقلوا تقنيتهم بقدر كبير. أضِف إلى ذلك الطريقة التي كان يهدف بها النياندرتال بوضوح إلى تحسين الجودة الطبيعية لراتنج الصنوبر بإضافة شمع العسل، ولديك تعقيدٌ إدراكيٌّ يعادل وصفات ربط المقابض بالصمغ المعدني النباتي المعروفة من مواقع الإنسان العاقل المبكر في جنوب أفريقيا.

أيضًا تُشير الأدوات المركبة في حد ذاتها إلى قدرة ذهنية رائعة على التخطيط والتصميم والتوقع. فهي تجمع بين مراحل متعددة من الحصول على المواد وتصنيع كل جزء من الأجزاء المكوِّنة، حتى قبل تجميعها. وتُدمَج عملية التجديد في طبيعة الأدوات المركبة: يمكن استبدال الشفرات الحجرية البالية، لكن من المرجح أن تكون المقابض أطول عمرًا وأكثر تنقُّلًا. ومن المحتمل أنهم كانوا يحملون المواد اللاصقة معهم؛ فقد لَفَّ إنسان نياندرتال في كونيساو قطعة ثانية وطواها بعناية، ولكن من المحتمل أن تكون قد صُنعت في مكان آخر.

كلما تمعنَّا أكثر، أمكننا أن نرى بوضوح أكبر أن العديد من الأشياء التي صنعها النياندرتال قد نُقلت لمسافات طويلة. تُظهر بيانات حلقات الأشجار أن رماح شونينجن من خشب التنوب بالتأكيد لم تكن منحوتة بالقرب من البحيرة، بل قُطعت في أحد فصول الصيف على ارتفاع أعلى (ربما في جبال هارز القريبة). كما ظهر على أحد رءوس الرماح علامات إصلاح لأضرار ربما لحقت به في عملية صيد أخرى، ربما لحيوانات أخرى غير الخيول. حتى الآن، لا توجد بيانات قاطعة على أن الأدوات المصنوعة من العظام قد نُقلت، ولكن بالنظر إلى أن النياندرتال كانوا سيحتاجون إلى إعادة شحذ الأدوات الحجرية أثناء التنقل، فمن المحتمل أن تكون الأدوات المصنوعة من العظام قد نُقلت. وهناك تلميح مثير للاهتمام من ملجأ «إل سالت» الصخري بإسبانيا، حيث يبدو أن أدوات التهذيب العظمية كانت قديمة بالفعل عند استخدامها. وقد تعكس الأنواع الغريبة أيضًا هذا الأمر؛ فمن الواضح أن أداة التهذيب المصنوعة من عظم غزال عملاق من موقع مولا-جيرسي في جنوب شرق فرنسا كان مصدرها عظمة مُقصَّبة ومحطمة، لكنها الممثل «الوحيد» لهذا الحيوان في الطبقة المعنية.

إذا نُقل العديد من الأشياء، فهل يمكننا تخيل أن النياندرتال كان لديهم ممتلكاتهم الخاصة؟ من المرجح أن الأشياء التي استغرقت وقتًا طويلًا في صنعها مثل عصي الحفر — أو التي تناسب جسمًا معيَّنًا مثل الرماح — كان يُنظر إليها على أنها تخص الأفراد الذين أنتجوها. وإذا كان الأمر كذلك، فهل اكتسب معظم النياندرتال المهارات اللازمة لإنتاج مجموعة واسعة من الأغراض والمواد، مثل تلك الموجودة في أداة مركبة؟ أم هل يمكن أن تكون هذه الأدوات التي تجسد مستويات متعددة من المعرفة مشاريع جماعية؟ من الممكن أنه كان هناك متخصصون في الحرف في بعض المجالات التقنية على الأقل، مثل التشذيب ونحت الخشب وإنتاج المواد اللاصقة وأنشطة أخرى مثل الصيد ومعالجة الجلود.

ربما عُثِر بالفعل على حِرَفي واحد. كشف التحليل الكيميائي للذكر البالغ من موقع إل سيدرون ١ عن آثار للبيتومين في جير أسنانه. التفسير المحتمل الوحيد هو استخدامه فمه في تصنيع أو إصلاح أدوات مركبة، وهو ما يعزِّزه وجود تكسير مكثف على أسنانه وبقايا نباتية. وهذا أيضًا تذكير بالثغرات الموجودة في السجل الأثري، حيث إنه بدون التحليل الكيميائي، ما كان ليصبح لدينا أي علم بأن البيتومين كان يُستخدم على الأرجح من شبه الجزيرة الإيبيرية عبر شرق أوروبا وصولًا إلى الشرق الأدنى.

يبدو من المستبعد أن يكون أفراد النياندرتال قد اكتسبوا تقنياتهم المتطورة دون سياقات تعلم اجتماعي وتواصل مستفيض بقدر معقول. أحيانًا قد يتعلم النحاتون العصريون ذاتيًّا، لكن هذا عادةً ما يتطلب نوعًا من الكتب التعليمية، إن لم يكن مقاطع فيديو تعليمية. تعتمد الرئيسيات التي تستخدم الأدوات في تعلمها إلى حد كبير على الملاحظة والتقليد، ولكن مجموعة المهارات والإنجازات العظيمة على مواد متنوعة التي يُظهِرها النياندرتال تشير بقوة إلى نوع من التلقين، يتوافق مع حقيقة أن التعليم «الموجه» شائع بين جميع البشر الأحياء. يعد التعليم بالمزج بين العرض والوصف أكثر الطرق فعالية، ومن المرجح أن النياندرتال الشباب لم يتعلموا بطريقة رسمية، بل عن طريق الانغماس الثقافي والجسدي. لعلهم سمعوا كيف تُصدِر حصاة كبيرة ذات بنية جيدة صوتًا مميزًا عند ضربها؛ وشعروا بأجسادهم بالزاوية والقوة المناسبتين لضرب نواة ما بالطريقة الصحيحة.

يجب أن يكون الشباب الذين يضربون الحجارة معًا قد صنعوا جوقات ذات صدى حول المواقع بينما يتداخل إيقاعهم المتردد مع ضربات كبار السن الأكثر ثقة. هذا السياق من التعلم عبر الأجيال المتعاقبة أمر حيوي للحفاظ على التقاليد الثقافية، والتي يمكن تمييزها لدى النياندرتال بما يتجاوز مجمعاتهم التقنية الواضحة من الأدوات الحجرية. إن تقليد تشذيب الأصداف في المنطقة الوسطى للبحر الأبيض المتوسط أو تقنية قطران البتولا اللذين يمتدان على مدى عشرات الآلاف من السنين وعبر ثلاث مناطق في أوروبا مثالان آخران على ذلك. ينطوي موقع شونينجن أيضًا على تقاليد ثقافية على نطاق أصغر. عاد الصيادون مرارًا وتكرارًا إلى نفس الجزء بالضبط من شاطئ البحيرة، واختاروا نفس أنواع الأشجار لرماحهم المصنوعة بشكل متماثل تقريبًا واستخدموا أجزاءً معينة من الخيول التي قتلوها باعتبارها أدوات.

في حين أن العقول تخلق أشياء، فإن الأشياء أيضًا تخلق عقولًا بطريقة تتجاوز الفرد أو حتى الجيل، ويمكن أن تبدل نوعًا بأكمله. فيما يخص النياندرتال، فتحت الخبرات أو اللقاءات الجديدة طرقًا جديدة للتفكير في العالم. ليس من الصعب القول إن ابتكاراتهم التقنية ربما تكون قد أثرت على جوانب أخرى من حياتهم. والأدوات المركبة خير مثال على ذلك؛ إذ لا بد أن تكون عملية «الربط» المتأصلة قد عزَّزت مفهومَي الترابط والتعاون، البالغَي الأهمية للصيد والشبكات الاجتماعية. ونظرًا إلى أن الأدوات المركبة مصنوعة من مواد تربط بين أماكن وأزمنة مختلفة، فقد كان لدى هذه الأدوات قدرة فريدة على العمل كمحفزات قوية، توسع آفاق الذاكرة والخيال.

يوحي قطران البتولا نفسه بأفكار أخرى مثيرة للاهتمام؛ ففهم أن اللحاء سيتحول إلى سائل أسود نفاذ الرائحة يعني في الأساس استيعاب أن المادة يمكن أن تتحول. وبدلًا من أن تدمرها النيران، سوف يُعاد صنعها بالكامل. الخيمياء مصطلح مشحون بالمعاني، لكن من المؤكد أن النياندرتال كان لديهم مفاهيم لا تبتعد كثيرًا عن هذا. ومع طهي القطران وتبريده وتصلبه، ثم إعادة تسخينه وتليينه مرة أخرى، لاحظ النياندرتال دورات التغيير وفهموها. نرى تحولات فيزيائية جذرية مماثلة من المعادن إلى السوائل وأخيرًا إلى مواد صلبة في مواد تسمى المعادن، والتي لن تُخترَع إلا بعد عشرات الآلاف من السنين.

•••

عندما ننظر إلى النياندرتال في سياق ظروفهم الخاصة، فإننا ندرك أنهم كانوا في الأساس خبراء وكذلك مجربين. كانت المعرفة العميقة هي الأساس الذي قام عليه تحديدهم اختيارات المواد وتخطيطهم المستهدف. كخبراء في الحرف اليدوية التي كانوا منغمسين فيها يوميًّا، جمع النياندرتال بين التقليد والقدرة على التكيف. ولقد ابتكروا طرقًا جديدة لتفكيك الأشياء وضمها معًا. وامتدت تأثيرات هذا لما هو أبعد من ذلك، وساهمت في الطريقة التي عاش بها النياندرتال حياة معقَّدة بشكل متزايد ووسعوا نشاطهم في المشهد الطبيعي.

سمحت لهم هذه المرونة العقلية بالتكيف مع أي موقف كان يطرأ، وابتكرت أشكالًا جديدة للإنتاج والاستخدام والتجديد، مع الانخراط في العالم وكل ما فيه بطرق أكثر ثراءً من ذي قبل. ولكن لفعل كل هذا، كان عليهم أن يأكلوا.

١  يتحصل مجتمعا السكان الأصليين الألاسكيين اليوبيك والأثاباسكن على التنوب من الأخشاب الطافية، وتُعتبر جذوع الأشجار مادة رئيسية في النجارة بسبب قوتها ومقاومتها.
٢  أظهرت حفرة بئر أن الرواسب تنخفض إلى ما بعد ٢٠ مترًا (٦٥ قدمًا) وتمتد إلى ما قبل ١٠٠ ألف سنة.
٣  احترق بدون هواء، مثل الفحم النباتي.
٤  مصادر البيتومين الطبيعية ليست شائعة جدًّا في أوروبا، ولكن هناك رواسب من الصخر الزيتي على بُعد ٢٠ كيلومترًا (١٢ ميلًا) من موقع إل سيدرون.
٥  حُفر هذا الموقع عام ١٩٤٩ وهو الآن مدفون تحت الأنقاض المتخلفة من إنشاء الطريق الساحلي السريع بين روما ونابولي.
٦  كونه قد تعرَّض بالفعل للتجوية، من المحتمل أن يكون قد تم التقاطه بدلًا من أخذه من حيوان جرى اصطياده.
٧  بالقرب من الموقع الأصلي في بلدة زالتسجيتر يوجد شارع سكني باسم ماموترينج أي هلال الماموث.
٨  يتضمن التشظيف بالضغط نوعًا من التهذيب حيث يضغط المشذبون الرقائق ليفصلوها بفعالية باستخدام الضغط المركَّز، بدلًا من الطَّرق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥