مغامرات جيون
في الصباح التالي، وأثناء ارتداء جيون فرولو ملابسه ليبدأ يومه، لاحظ أن محفظته فارغة؛ فليست معه نقود.
وجه حديثه لكيس القماش الفارغ قائلًا: «يا للقسوة! لقد فرغتَ تمامًا نتيجة للهوي بالليل.»
ارتدى جيون حذاءه، وقال لنفسه إنه سيضطر للذهاب لرؤية أخيه. فكر: «سيلقي عليّ محاضرة، لكنني على الأقل سأحصل على بعض المال.»
وفي طريقه إلى الكنيسة شم جيون الرائحة الذكية للخبز في المخابز، لكن لم يكن معه نقود لشراء إفطار. وعندما وصل أخيرًا إلى كاتدرائية نوتردام لم يستطع أن يتخذ القرار بدخولها. أخذ يسير جيئة وذهابًا لبضع دقائق وهو يفكر.
أخذ يفكر أثناء سيره جيئة وذهابًا أمام الدرجات الرئيسية للكاتدرائية: «لا أريد أن أظل جالسًا هذا الصباح لأستمع إلى محاضرة طويلة، لكنني بحاجة إلى هذه النقود.»
سأل رجلًا كان ينزل درجات الكنيسة الأمامية: «هل رأيت رئيس الشمامسة؟»
أجاب وهو يسير مبتعدًا: «أظن أنه قد أوصد عليه البرج.»
خلع جيون رداءه، وسار إلى الداخل، وهو يفكر: «أخيرًا، سأرى تلك الغرفة التي يحبس فيها أخي نفسه.»
انقطعت أنفاس جيون عند وصوله إلى الغرفة الموجودة أعلى الدرج. كان المفتاح في الباب، فدفعه جيون ليفتحه. كانت الغرفة مظلمة، وفي منتصفها كرسي بذراعين ومائدة، تحيط بهما مجموعة من البوصلات، وهياكل عظمية لحيوانات، وكرة أرضية كبيرة، وجرار زجاجية مملوءة بجميع أنواع السوائل. كانت الكتب ملقاة مفتوحة بجميع أنحاء أرضية الغرفة، وتعلقت خيوط العنكبوت في كل الأركان.
لاحظ جيون وجود مدفأة كبيرة بأحد الأركان، لكن النيران بها كانت مطفأة. وبجانب المدفأة منفاخان مغبران. امتلأت الجدران بكتابات بجميع اللغات، وبدا أن الغرفة بأكملها كانت متهالكة.
كان كلود فرولو جالسًا على الكرسي ذي الذراعين، ومنحنيًا على كتاب كبير مليء بالصور. كان ظهره للباب، ولم يسمع صوته عندما فُتح. كان يتحدث أيضًا مع نفسه، لم يرغب جيون في مقاطعته، لكنه أراد النقود بلا شك.
فكر جيون: «إن أخي لمجنون»، وأدرك بعد ذلك أنه رأى أشياء ما كان من المفترض أن يراها، فرجع للخلف، وأغلق الباب بهدوء، ثم طرقه بقوة.
قال كلود فرولو: «ادخل، يا سير روبرت! لقد كنت في انتظارك.»
دفع جيون الباب فاتحًا إياه، ودخل الغرفة بجرأة.
صاح رئيس الشمامسة: «جيون! إنه أنت.»
حاول جيون الابتسام، وقال: «نعم.»
بدا الغضب على كلود فرولو لحظة، ثم قال: «ما الذي تفعله هنا؟»
بدأ جيون حديثه: «لقد جئت … جئت لأطلب بعض النقود.» فاندفعت الدماء في وجه كلود فرولو الغاضب. أردف جيون: «وبعض النصح أيضًا؛ فأنا بحاجة للاثنين.»
قال كلود فرولو: «لقد سمعت ما يُقال عن سلوكك المشين بجميع أرجاء باريس. ما حاجتك للنقود؟»
أجاب جيون: «للتبرع بها إحسانًا.»
– «إننا نتبرع بما فيه الكفاية هنا، من الكنيسة. فما القضايا الأسمى التي تريد أن تتبرع بالمال من أجلها؟»
قال جيون: «امممم … سأتبرع بها للعجوز الشمطاء التي تعيش في ثقب الفئران.»
سأل كلود فرولو، منتقلًا بالحديث إلى موضوع آخر: «وكيف حال دراستك؟ أرسطو؟ هوراس؟»
– «فُقدت كتبي وسُرقت.»
– «أنا في شدة الغضب منك يا جيون.»
– «إذن لن تعطيني بعض العملات فقط لأبتاع بعض الخبز.»
– «من لا يعمل لا يأكل.»
اتكأ جيون للأمام، وأخذ يبكي بحرقة، ثم رفع إحدى يديه لأعلى في الهواء، وألقى خطابًا طويلًا مفصلًا باللغة اليونانية.
سأله كلود فرولو: «والآن، ما هذا؟»
– «هذا لإسخيلوس الذي يتناول فيه التعبير عن الأسى بشأن الحياة.»
ضحك كلود فرولو، وقال: «كان ذلك رائعًا، لكنني أصر على عدم منحك أي نقود.»
– «ولو لشراء حذاء جديد؟ انظر كيف اهترأ نعل حذائي.»
– «سأبعث إليك بحذاء جديد، وليس بالمال.» حينذاك، سمع كلود فرولو فجأة صوت شخص ما يصعد الدرج، فأردف: «يجب أن تختبئ يا جيون. هذا سير روبرت، ويجب ألا يعلم بوجودك هنا.»
– «حسنًا، لن أختبئ إلا إذا أعطيتني النقود.»
قال كلود فرولو، وهو يعطي لأخيه النقود: «حسنًا، حسنًا، هيا ادخل في الخزانة.»
اختبأ جيون، لكن ظل بمقدوره رؤية ما يحدث وسماعه. بعد أن ألقى سير روبرت وكلود فرولو التحية أحدهما على الآخر، أخذا يتحدثان بهدوء لثوانٍ معدودة.
وأخيرًا قال العمدة: «هل أصدر الأوامر للحرس بالقبض على الساحرة الغجرية بتهمة السحر لتتمكن من جلبها إلى هنا في الكنيسة؟»
قال كلود فرولو: «لا، ليس بعد. سأخبرك متى تفعل ذلك.»
في تلك الأثناء عثر جيون على قطعة خبز جافة في الخزانة، فسمع سير روبرت صوت طحن عاليًا، وقال: «يا إلهي، ماذا كان ذلك؟»
نظر كلود فرولو إلى الخزانة، وأجاب: «آه، لا بد أنها القطة، ربما تكون قد عثرت على فأر.» ثم نهض من فوق كرسيه، وأردف: «ما رأيك في أن نتنزه سيرًا حول كاتدرائية نوتردام، ونتفقد الجدران ثانيةً؟»
غادر الاثنان الغرفة، الأمر الذي أسعد جيون كثيرًا لأن ساقيه كانتا قد تخدرتا بحلول ذلك الوقت. أخذ يتأوه أثناء زحفه إلى خارج الخزانة.
هز محفظته، وكان سعيدًا للغاية لسماعه خشخشة النقود بداخلها. ثم نفض التراب عن نفسه، وألقى نظرة أخرى على الغرفة من حوله. كان مكانًا غريبًا حقًّا.
في طريقه إلى الخارج رأى أخاه والعمدة وهما يتفقدان أحد التماثيل الموجودة على جانب الكنيسة، ويتحدثان عن العلامات والتاريخ.
قال جيون: «وما شأني بذلك؟ لقد حصلت على نقودي! يا لنسيم باريس العليل!» أخذ نفسًا عميقًا، ضرب الأرض بقدميه، وقال: «كم أنا سعيد بوقوفي هنا عليك أيها الرصيف الرائع، بدلًا من الجثوم في تلك الخزانة.»
فجأة سمع جيون شخصًا يصيح خلفه.
قال: «يبدو ذلك كصوت القائد فيبس.» واستدار ليرى القائد واقفًا أمامه.
سمع رئيس الشمامسة أخاه ينطق باسم فيبس، وعندما نظر ناحية جيون، رآه يصافح الضابط طويل القامة.
كان ذلك هو الاسم الذي أخبره به بيير! حدث كلود فرولو نفسه قائلًا: «هذا هو الرجل الذي تحبه إزميرالدا … عدوي اللدود!»
صاح جيون: «فيبس! ما سبب صياحك؟»
قال فيبس: «لقد قضيت لتوي صباحًا آخر مع فلور دي ليس وصديقاتها، وهذا يدفعني دائمًا للصياح.»
قال جيون: «هيا، لنذهب إلى مطعم روز آند كراون لتناول الغداء.»
– «لكن ليس معي نقود.»
فنقر جيون على محفظته وقال: «أنا معي!»
سأل فيبس جيون أثناء خشخشته للمحفظة: «من أين لك بكل هذا؟»
– «من أخي، رئيس الشمامسة الأحمق.»
ابتسم فيبس، وقال: «حسنًا! لنذهب وننفق هذه الأموال!»
اعتذر رئيس الشمامسة لسير روبرت، وتبع فيبس وأخاه.
سمع الرجال من بعد صوت رق خافتًا.
صاح فيبس: «يا للهول! علينا بالإسراع.»
سأله جيون: «لماذا؟»
– «لا أريد رؤية تلك الفتاة الغجرية.»
– «تلك التي تصطحب نعجة معها؟»
– «هي بعينها. لقد أقنعتها بمقابلتي الليلة، ولا أريد رؤيتها قبل ذلك الحين.»
غمز فيبس لجيون، ثم ابتسم ابتسامة عريضة.
– «لقد أقنعتها تقريبًا أنني أحبها بالفعل. وإذا رأتني الآن فستظن أنني ألاحقها، ومن ثم لن أتمكن من التخلص منها أبدًا.»
قال جيون: «يا لك من محظوظ!» وربت على كتف صديقه، ثم أردف: «محظوظ بالتأكيد!»
سرت قشعريرة في جسد كلود فرولو؛ فكان آخر ما يبغي حدوثه هو أن يزداد الرجل الذي تحبه إزميرالدا قربًا منها.